مصر في كف الصبي.. إذا وجدناه وجدناها
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
ونحن نقارن بين الظروف الاقتصادية التي عاشها الشعب المصري في حرب أكتوبر، علينا أن نعي أنه لسنوات كان هذا الشعب قد عرف الأمل وأنار عقله الفن والثقافة وأدرك قيمة الكرامة ورفع الهامة، فصنع سلاحه بيده.. زرع أرضه وأكل من طرحها وأضاءت كهرباء السد الطرق المظلمة أمام أبنائه، لذا حينما ضاقت معايشه كان زاد الروح كافيا وكان يعرف جيدا من أعداؤه لذا كان له أملا وهدفا يسعى إليه.
بعد كل هذه السنوات من النصر نعاني محاولة طمس الهوية وندفع ضريبة الفساد وتجريف الحياة الثقافية والفنية وضياع دور الصحافة والإعلام.. وقبل منهم انهيار المشروع الأهم وهو مشروع التعليم.
تحتاج مصر إلى عبور جديد.. عبور من اليأس إلى الأمل.. من الانكسار إلى الانتصار.. تحتاج الشغف والإيمان ذلك الذي يجعل المستحيل ممكنا، ويفتح نوافذ الأمل لأجيال تاهت خطاها ولا تعرف أين السبيل!
كان عمي عبد الرازق جنديا ينتظر بشارة مولوده الأول، فخرج يحمل سلاحه ليأتى له بصبح مغاير، وحينما وضعت زوجته الولد كان الشغل الشاغل أن يرسلوا إليه خطابا على الجبهة بأن البشارة تحققت ولن تتم الفرحة غير بالنصر، اجتمع الأهل ومعهم ناظر المدرسة ليكتبوا له لكن زوجته كانت أبلغ في التعبير عن ناظر المدرسة، فغمست كف طفلها في مدواة الحبر وطبعتها على ورقة بيضاء، وقالت هذا يكفي، كانت رسالة من نوع خاص تحمل أقوى شفرة لا يفهمها سوى الأب، بألا يعود إلا ومعه نور الصبح، حينما عبر الأب القناة وضع كف الطفل على ثرى سيناء في أطهر لحظة تسليم وتسلم عرفها التاريخ.. عقد مسجل بعبارات النصر أن هذه أرضك قد عادت فاحفظها، عاد الأب شهيدا ودفن وفي جيبه الخطاب ونقش الأصابع هناك في سيناء ساجدا حيثما تجلى الرب.
في كل بيت ما زال عبق العرق يفوح من أفرولات الآباء في خزانات الملابس وتطل الحكايات من براويز الصور على الجدران تتواترها الأجيال كصلاة فرض مع كل آذان وصلاة.. كانوا هنا وكانت مصر.. لكن أين ذهبت!.. يبقى السؤال الذي يدوي صداه مع كل احتفال!.
عقود من التفسخ طالت البيوت.. أناس كالروبوت.. واقع يدهس الحلم.. وحوانيت من اليأس في كل مكان، ببغاوات دون عقل يرددون النشيد دون روح.. سطور الحقائق بهتت وأخرى من زيف كتبت.. ويظل نفس السؤال أين مصر؟.
أنا أقصد مصر.. مصر النسور والعبور والنصر.. مصر ام كلثوم وعبد الوهاب والعقاد والحكيم والمازني وطه حسين وبليغ والأبنودي وعبد الحليم وجاهين وسيد درويش وبيرم ونجيب محفوظ.. مصر التي كانت بداية السطر ونهايته.
لنبحث معا عن مصر.. عن كف الصبي.. عن عزم الأب وبلاغة الأم.. إذا وجدناها.. إذا أعدناها.. عاد الشغف وعاد النصر..
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
"صباح"|ضحية جديدة بسبب التنمر.. زميلتها قتلتها بدم بارد بالدقهلية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صباح وليد عثمان، فتاة فى الرابعة عشرة من عمرها، كانت زهرة عائلتها الأولى وبهجة والديها.
البداية
ولدت فى مدينة العبور بمحافظة القليوبية، حيث عاشت طفولة مليئة بالحب والتفانى وسط أسرة بسيطة، كانت تضع كل آمالها فى ابنتها التى أظهرت منذ صغرها ذكاءً وحماساً للعلم. فى مدرستها الإعدادية، كانت صباح طالبة مجتهدة تحلم بمستقبل مشرق.
لكنها كانت تحمل فى قلبها ثقلاً خفياً شعوراً عميقاً بالوحدة والخوف، سببه تنمر زميلتها مريم التى كانت تصر على إهانتها بأبشع الكلمات، تثقل كاهلها بتعليقات تنزع صفو طموحها بالتعليم.
صباح، هذه الفتاة الهادئة، كانت تُخفى دموعها عن الجميع، وتحاول تجاهل كلمات زميلتها المؤذية لها نفسياً.
وكانت دائماً ما تتلاشى التنمر الذى تتعرض له أملا فى الوصول إلى حلمها وتفوقها.
تنمر وأذى نفسي
رغم الأذى النفسى المتكرر، حاولت صباح أن تتمسك بحلمها، مدفوعة بحبها لوالديها ورغبتها فى أن تكون مصدر فخر لهما.
كانت تساعد والدتها فى الأعمال المنزلية بحب، وتلاعب أشقاءها الأصغر بروح مليئة بالحنان، لكن الألم الداخلى كان يكبر معها.
نهاية مؤلمة
فى صباح أحد الأيام الباردة، وبينما كانت الشمس تتسلل بخجل بين الغيوم، وقفت صباح أمام مدرستها.
لم تكن تدرى أن هذا الصباح سيكون الأخير فى حياتها، وفى لحظة تصعيد جديدة للتنمر، أقدمت مريم على دفع صباح بعنف، لتسقط الأخيرة وترتطم رأسها بمادة صلبة.
توقفت الأنفاس، وتجمع الطلاب حولها، لكن الحياة كانت قد غادرت جسدها الصغير.
أب مكلوم
فى بيتها، جلس وليد عثمان، والد صباح، بين الصور والذكريات، عينيه تفيض بالحزن وهو يقول: "بنتى كانت أول فرحة لي، كانت بتحب إخواتها ومش بتأذى حد، متسائلا: "ليه حصل معاها كده؟".
وأضاف الأب المكلوم: "كانت دايماً تقول إنها تريد تحقيق حلمها وتنهى تعليمها، لكنها كانت تتحمل التنمر وكأنها مش حاسة.
وأردف قائلا: "التنمر جريمة قتل بطيئة، ومفيش حاجة هترجع بنتي، كل اللى عايزه دلوقتى إن حقها يرجع".
كما ألقى اللوم على المدرسة بصفتها المسئول الأول عن الجريمة حيث أنها لم تمنع التنمر الذى تعرضت له ابنته.
وقال الأب إن المدرسة جزء من الجريمة، حيث أنها مؤسسة تعليمية وغضت بصرها عن التنمر، ولا تتدخل قبل أن تقع الكارثة.
وتساءل: "كيف يمكن لمدرسة أن تترك بنتى تتدمر نفسياً وتقتل فى النهاية؟ أين كانوا حين كانت تصرخ من الداخل؟".
النهاية
من جهتها؛ قررت النيابة العامة إيداع الطفلة مريم، المتهمة، فى دار رعاية اجتماعية لمدة أسبوع على ذمة التحقيق.