سام برس:
2024-12-26@18:48:22 GMT

أزمة هوية؟

تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT

أزمة هوية؟

بقلم/ توفيق السيف
كرَّس الدكتور محمد الرميحي مقالته المنشورة بهذه الصحيفة، يوم السبت الماضي، للتعليق على جدل عنيف، نتج عن موقفه من دعوة بعض البرلمانيين لإلغاء الفصول المختلطة في التعليم الجامعي. اتَّسم هذا الجدل بعنفٍ لفظي واضح من جانب الذين يدَّعون الدفاع عن الفضيلة. عنف لا يقف عند تسفيه الرأي المخالف؛ بل يتعداه إلى شتم صاحب الرأي، واتهامه بالخيانة والجهل والمروق من الدين، وما أشبه.



وقد سبق للرميحي وغيره من أهل الرأي أن تعرضوا لاتهامات من هذا القبيل. لكن المقال آثار نقطة جوهرية، تستحق مزيداً من المعالجة، وهي إشارته إلى أن هذا الجدل وأمثاله يعبر عن «أزمة هوية»، تتجلَّى كلما برزت على سطح الحياة اليومية تحديات الانتقال من عصر التقاليد إلى عصر الحداثة.

وفقاً لتعريف إريك إريكسون، عالم النفس الأميركي، فإن أزمة الهوية تعبير عن إخفاق الشباب في الموازنة بين تطلعاتهم الشخصية ومتطلبات الحياة الاجتماعية؛ خصوصاً في المجتمعات التي تمر بتحولات متسارعة، ثقافية واقتصادية، تؤدي بالضرورة لتغيير مواقع الأشخاص ودوائر علاقاتهم، والأعراف التي تنظم هذه العلاقات.

وقد لاحظت أن أهم تحولات الهوية الفردية في مجتمعنا، نتج عن انفتاحه على مصادر تأثير ثقافي وأنماط حياة جديدة، تعارض ما ورثناه عن الأسلاف. وأميل للاعتقاد بأن بداية التحول العميق ترجع للعقدين الأخيرين من القرن العشرين، وساهمت فيها بشكل متوائم برامج تحديث الاقتصاد وتغيير سياسات التعليم، إضافة للتوسع في إلحاق الطلاب بالجامعات الأجنبية. أما ذروة التحول فقد حدثت –وفق تقديري– في السنوات الخمس الماضية، نتيجة لوصول الإنترنت السريع إلى كل قرية وبلدة في أنحاء المملكة.

وفَّر الإنترنت فرصة للشباب للانفتاح المباشر على عوالم جديدة. ولم يعد للعائلة والمدرسة والنظام الاجتماعي بمجمله، إلا القليل من التأثير على ذهنية الفرد، أما المساهم الأعظم فقد بات هو الفرد نفسه الذي يختار بوعي ومن دون وعي، من موائد لا أول لها ولا آخر، موائد بعيدة تماماً عن التجربة التاريخية لمجتمعنا.

كل من هذه التغيرات يواجه الذهنية التقليدية بتحدٍّ جديد، يدعمه نمط حياتي أكثر تقدماً وأكثر يسراً وجاذبية، الأمر الذي يضع الفرد على المحك: إما التخلي عن عالمه القديم، وإما الحرمان من ثمرات الحياة الجديدة.

وفقاً لرؤية إريكسون، فإن التحول المشار إليه، يؤدي لعسر في التفاهم بين جيل الشباب وآبائهم؛ ليس لأنهما يرفضان التفاهم؛ بل لأن اختلاف المشارب الثقافية يجعل كلاً من الآباء والأبناء ينطلق من خلفية مختلفة؛ بل عالم مفهومي ومعنوي مباين للآخر. إن حاجة الأب والابن للحفاظ على العلاقة القائمة، تؤدي بالضرورة إلى قدر من التكلف والعناء الذي ينعكس على شكل أزمة نفسية، هي ما نسميها أزمة الهوية.

رؤية إريكسون تنطبق على الشباب؛ لكني وجدت أزمة الهوية عند شريحة واسعة من الآباء أيضاً. وهي تتجلى في صورة رفض داخلي للقديم مع قبوله في الظاهر، أو رفض داخلي للحديث مع رغبة قوية في التمتع بخيراته. ينتج هذا التنافر ازدواجية في القيم، تمثل مظهراً آخر لأزمة الهوية.

أظن أن مرجع التأزم عند كلا الطرفين: الشباب والآباء، هو بطء التفاعل بين تراثنا الثقافي، الديني وغير الديني، وبين متغيرات العصر الثقافية؛ لا سيما منظومات القيم الجديدة، وما يترتب عليها من علائق بين الناس، وتموضعات اجتماعية مختلفة عما ساد في الماضي.

أعتقد أن شريحة واسعة من أبناء مجتمعنا، من الآباء خصوصاً، يعانون من عسر شديد في التوفيق بين قناعاتهم القديمة وحياتهم الجديدة. ولو نظرنا للسبب العميق وراء كل هذا، لرأيناه في حقيقة أن تراثنا الثقافي يريد للفرد أن يكون تابعاً مطيعاً، لا مشاركاً أو صانعاً للقيم التي تقود حياته. وهكذا يتوجب عليه البقاء منفعلاً ومتأثراً، إن أراد التمتع بفضائل النظام القديم.

نقلاً عن الشرق الاوسط

المصدر: سام برس

إقرأ أيضاً:

غدًا.. بدء التصويت لاختيار الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عُمان

تبدأ غدًا الخميس حملة التصويت لاختيار الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عُمان وحتى يوم الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤، حيث يُمكن للمواطنين العُمانيين والمقيمين في سلطنة عُمان زيارة الموقع الإلكتروني الرسمي للهوية الوطنية لسلطنة عُمان www.omanbrand.om والتصويت على الهوية البصرية المفضلة لهم من بين ثلاث هويات مطروحة ويعد هذا التصويت جزءًا من سلسلة من مراحل المشاركة المجتمعية التي تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية ضمن مشروع تطوير الهوية الوطنية الترويجية وتجسد كل هوية بصرية شعارًا مميزًا يجمع بين عناصر التصميم العُماني التقليدي والمعاصر، وذلك بعد أبحاث مكثفة أجرتها لجنة إبداعية تضم نخبة من خبراء عُمانيين في المجال الإبداعي.

تمثل هذه الحملة دعوة مفتوحة لجميع أبناء سلطنة عمان للمشاركة الفاعلة في صياغة هوية وطنهم، واختيار الشعار الذي سيُمثلُهم في المحافل الدولية. سيكون هذا الشعار جزءًا أساسيًا من استراتيجية الهوية الوطنية الترويجية طويلة المدى لسلطنة عُمان، والتي تمثل فصلًا جديدًا ومميزًا في قصة الوطن، يعتز بها أبناء سلطنة عمان ويشاركونها مع العالم.

وقد صُممت عملية التصويت لتكون سهلة وملائمة للجميع. كل ما يحتاجه المشاركون هو زيارة الموقع الإلكتروني عبر هواتفهم المحمولة أو حواسيبهم المكتبية؛ ثم تسجيل بياناتهم الشخصية؛ واختيار الشعار الذي يرونه الأنسب والأكثر تعبيراً عن القصة الأصيلة لسلطنة عمان. تم اختيار هذه الشعارات بعد سلسلة من مبادرات الشراكة المجتمعية التي أجريت في مختلف أنحاء سلطنة عمان ضمن مشروع تطوير الهوية الوطنية للسلطنة.

وفي حديثها عن الحملة، صرّحت المهندسة عائشة بنت محمد السيفية - مديرة مشروع الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عُمان، ونائبة رئيس البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية (نزدهر): "أدعوكم جميعًا، وأُناشد كل عُمانيّ ومقيم، للمشاركة الفاعلة في صناعة هويتنا الوطنية. صوتكم هو صوت عُمان، وهو الذي سيُشكل ملامح هويتنا التي نفاخر بها أمام العالم، كل صوت يمثل لبنة أساسية في بناء مستقبلنا الزاهر، بهذه المشاركة المجتمعية، سنُظهر للعالم قصة عُمان الأصيلة ووحدة شعبها".

وبعد التصويت، سيتم الإعلان عن الشعار الفائز للجمهور في أوائل عام ٢٠٢٥؛ وسيتم استخدامه لاحقًا كهوية بصرية لاستراتيجية الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عُمان بأكملها.

وقد جاء تطوير خيارات الهوية البصرية الثلاثة المختارة للحملة نتيجة تعاون وثيق بين خبرات عُمانية ودولية، ومرحلة بحث وتطوير مكثفة استمرت ١٢ شهرًا، شملت ٥٠٠ استبيان و١٢٨ مقابلة، بالإضافة إلى العديد من المجموعات البؤرية والمقابلات العامة مع المواطنين والمقيمين في جميع أنحاء سلطنة عمان.

كما تم إجراء ٥,٥٠٠ استبيان دولي، وتم تحليل أكثر من ٣,٨ مليون كلمة مفتاحية في محركات البحث لفهم التصورات الذهنية الحالية عن سلطنة عُمان، وتحديد أفضل السبل لتنفيذ استراتيجية الهوية الوطنية لسلطنة عُمان.

وتُشكل حملة التصويت على الهوية الوطنية البصرية إحدى المبادرات الأولى ضمن سلسلة من مبادرات الشراكة المجتمعية المخطط لها ضمن استراتيجية الهوية الوطنية طويلة المدى لسلطنة عُمان، والتي تهدف إلى تعزيز مكانة سلطنة عمان على المستوى العالمي، والاستفادة من ذلك لصالح اقتصاد البلاد ومجتمعها، ونموها وتطورها على المدى الطويل.

كما ستُسهم الاستراتيجية في تمييز سلطنة عُمان عن الدول الأخرى، وإبراز صورتها الحقيقية للجمهور الدولي.

مقالات مشابهة

  • افتتاح المؤتمر السنوي الرابع لوحدة السكان في الأقصر
  • نائب محافظ الأقصر يفتتح المؤتمر السنوي الرابع لوحدة السكان بعنوان " شباب الأقصر.. الاستدامة واقع وحلول"
  • طفلة بلا هوية تحيّر القضاة في العراق
  • الهوية الترويجية لعُمان.. "صوِّت لقصتنا"
  • ننشر هوية الصحفيين الـ 5 .. شهداء القصف الإسرائيلي بالنصيرات.. الأسماء والصور
  • اخيرا انكشف القناع.. مصدر من الموسيقيين يكشف هوية تووليت
  • غدًا.. بدء التصويت لاختيار الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عُمان
  • السوداني: الجميع مدعو لخلق هوية عراقية عابرة للأطياف والأديان
  • العربية للتصنيع: تشكيل لجنة مشتركة لتطوير المنشآت الرياضية
  • سيكلوجية السماح