نشر موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت" الأمريكي تقريرا شدد خلاله على تأثير الانقلابات في القارة الأفريقية على الاستقرار الإقليمي والسياسات الدولية، مشيرا إلى ضرورة أن تكون واشنطن أشد وضوحا في إدانة تلك الانقلابات "فلن تكون مكروهة مثل باريس".

وشهدت أفريقيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة 8 انقلابات عسكرية أطاحت برؤساء منتخبين وآخرين قضوا عقودا في سدة الحكم، كما مرت بعض البلدان بانقلابات متتالية خلال أشهر قليلة، مثل بوركينا فاسو ومالي.

 

وقال الموقع، في تقريره الذي أعده الكاتب أليكس ثورستون، وترجمته "عربي21"، إن الحكومة العسكرية في مالي أعلنت يوم 25 أيلول /سبتمبر أنها ستؤجل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في شباط /فبراير من خلال التذرع بأسباب فنية إلا أنها لم تحدد موعدا بديلا.

ونظرا إلى أن هذا التأخير يعود إلى مناورات المجلس العسكري منذ توليه السلطة في سنة 2020، فإنه الأحدث في سلسلة من المناورات التي يقوم بها المجلس العسكري لتمديد حكمه حتى مع فشل المجلس العسكري بشكل فادح في وعوده باستعادة الأمن، بحسب الموقع.


وأضاف الموقع أن الولايات المتحدة لم يكن لها تأثير يذكر على ما يحدث في باماكو، ولكن من خلال اتخاذ موقف واضح وعلني ضد الحكم العسكري المفتوح في مالي ودول أخرى في المنطقة، يمكن لواشنطن تعزيز مصداقيتها على المدى الطويل. وقد شملت الموجة الأخيرة من الانقلابات في منطقة الساحل وأماكن أخرى في أفريقيا ضباطا لم يظهروا أي استعداد جدي لتسليم السلطة إلى المدنيين.

وذكر أن الضباط العسكريين استولوا على السلطة في مالي (2020)، وتشاد (2021)، وبوركينا فاسو (2022)، والنيجر (2023) ناهيك عن الانقلابيين في غينيا (2021) والسودان (2021). وفي ظل تواتر الحديث عن "عدوى الانقلابات"، كان لكل انقلاب أسبابه المحلية في المقام الأول، ولكن ما كان معديا هو قواعد اللعب التي يتبعها صانعو الانقلابات.

وأشار الموقع إلى أن العقيد المالي عاصمي غويتا ورفاقه كانوا الأطراف الرئيسية في وضع قواعد اللعبة هذه، حيث قاموا بتمديد "عمليتهم الانتقالية" مرارا وتكرارا. وقد وصل غويتا ورفاقه إلى السلطة في آب /أغسطس 2020، وقاموا بتعيين عملية انتقالية بقيادة مدنية، وأطاحوا بمن عينوهم من المدنيين في "انقلاب داخل انقلاب" في أيار /مايو 2021، وتحدوا العقوبات التي فرضتها الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

في الواقع، كشف منفذو الانقلاب في مالي مدى ضعف الدبلوماسيين الإقليميين والغربيين. لقد سعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لأول مرة إلى فرض جدول زمني مدته 18 شهرا في آب /أغسطس 2020 ، ما يعني أن الانتخابات المزمع عقدها في شباط /فبراير 2024 كان يجب أن تجرى بدلا من ذلك في شباط /فبراير 2022. وما يحدث في مالي له تداعيات خطيرة على كيفية تنفيذ الضباط في البلدان الأخرى، الذين يعد بعضهم على اتصال وثيق مع المجلس العسكري في مالي، مع أجنداتهم الانتقالية، بحسب "ريسبونسبل ستيت كرافت" .


وأكد الموقع أنه ليس لدى الولايات المتحدة سوى القليل من الخيارات الجيدة في مالي أو في أي مكان آخر في المنطقة. وفي واشنطن، هناك مخاوف من أن انتقاد المجالس العسكرية واستعداءها من شأنه أن يقلل من أي تأثير قد تمارسه الولايات المتحدة في منطقة الساحل. وتفضل واشنطن التعامل مع دول المنطقة وانقلاباتها  كل على حدة، حيث تستهجن الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو بينما تظهر موقفا أكثر تساهلا تجاه الانقلابات في تشاد والنيجر.

وأوضح الموقع أن "نفوذ" الولايات المتحدة في المنطقة مبالغ فيه، فبعد 20 عاما من برامج التدريب العسكري، ليس لدى الولايات المتحدة أي إنجازات تذكر في مجال مكافحة الإرهاب. فعلى الصعيد السياسي، إذا تجنبت الولايات المتحدة رد الفعل العنيف الذي رحبت به فرنسا، فإنها لم تتمكن أيضا من إقناع جنودها بالعودة إلى ثكناتهم، أو حتى التخفيف من تجاوزات بعض قادتها المدنيين المفضلين.

والجدير بالذكر أن القرار الذي اتخذه الرئيس السنغالي ماكي سال بعدم الترشح لولاية ثالثة في عام 2024 يعد نقطة تحول في المنطقة، وقد يعكس الضغوط الدولية التي تُبذل في الخفاء لكن سال يواصل قمع المعارضة بشدة، وفقا للتقرير.

وأشار الموقع إلى أن النفوذ الأمريكي لم يحدث تغييرات ملحوظة فيما يتعلق بانعدام الأمن أو عسكرة السياسات، لذلك سيكون من الأفضل للولايات المتحدة أن تكون متسقة وصريحة وواضحة عندما يتعلق الأمر بإدانة الانقلابات والجدول الزمني للعمليات الانتقالية. فعلى سبيل المثال، لم تُصدر الولايات المتحدة أي بيان بشأن تأخير المجلس العسكري في مالي للانتخابات.

فضلا عن ذلك، رأى الموقع أن الولايات المتحدة لم توضح بعد مرور أكثر من شهرين على الانقلاب في النيجر ما إذا كانت تعتبر ما حدث انقلابا من الناحية القانونية، وهو قرار من شأنه أن يؤدي إلى تعليق قدر كبير من مساعداتها الموجهة للنيجر.


وأضاف أن أحد المحللين علق مؤخرا على أن السماح للغموض بالتفاقم عندما يتعلق الأمر بموقف الولايات المتحدة من النيجر خطوة تغذي نظرية المؤامرة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى تدعم بالفعل الانقلابات في المنطقة.

ومن مصلحة الولايات المتحدة على المدى الطويل، بحسب الموقع، تقديم الدعم المعنوي للثقافة الديمقراطية الشعبية الحقيقية في المنطقة. وفي الوقت الحالي، ينبغي للولايات المتحدة ألا تدعم المنظمات المدنية التي تسعى إلى تحدي المجالس العسكرية سياسيا لأن ذلك يمكن أن يشكل مخاطر كبيرة على هؤلاء المدنيين، ويهدد مصداقية الولايات المتحدة نفسها.

وخلص الموقع إلى أن انتقاد الحكام العسكريين في المنطقة علنا والضغط عليهم سرا لا يعني أن واشنطن سوف تكون مكروهة مثل باريس، ذلك أن واشنطن  ليس لديها ماض استعماري في المنطقة على خلاف الفرنسيين الذين لم يأبهوا لمخاوف منطقة الساحل. ويمكن للولايات المتحدة أن تنتقد السياسات الأفريقية بشكل أكثر ودية من خلال توضيح أنها لا توافق على قرارات المجلس العسكري ولكن مع ترك باب الحوار مفتوحا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة أفريقيا مالي امريكا أفريقيا مالي الانقلابات الافريقية صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة المجلس العسکری الانقلابات فی فی المنطقة الموقع أن فی مالی إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحولات في الموقف الإيراني تجاه واشنطن.. تصريحات خامنئي تثير الجدل حول إمكانية "عقد صفقة" مع الولايات المتحدة.. وردود فعل غاضبة من التيار المتشدد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أشار السياسي المحافظ البارز محمد مهاجري إلى أن التصريحات الأخيرة للمرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بشأن "عقد صفقة" مع الولايات المتحدة قد تعكس تحولًا في نهج طهران في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها.

ورغم ذلك، أوضح مهاجري، وهو رئيس تحرير سابق لصحيفة "كيهان" المتشددة، أن هذه التصريحات من المرجح أن تثير ردود فعل غاضبة من التيار المتشدد ومن المتحفظين على أي تقارب محتمل مع واشنطن.

وفي مقابلة مع موقع "جماران" الإخباري، المرتبط بالرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي من التيار الإصلاحي، أشار مهاجري إلى أن استخدام خامنئي لمصطلح "عقد صفقة" قد يعني فتح المجال أمام إمكانية التوصل إلى اتفاق. 

وأضاف أن هذا التلميح قد يكون دعمًا لجهود الرئيس مسعود پزشكيان الساعية إلى تخفيف العقوبات المفروضة على البلاد.

وقال مهاجري: "لن يكون الأمر سهلًا، وسيستغرق وقتًا، لكن هذا التصريح قد يكون بداية لاستراتيجية جديدة."

وكان مهاجري يشير إلى خطاب خامنئي في 28 يناير، حيث قال المرشد الأعلى: "وراء الابتسامات الدبلوماسية، هناك دائمًا عداءات وأحقاد خفية وشريرة. يجب أن نفتح أعيننا ونتوخى الحذر مع من نتعامل ونتاجر ونتحدث." وأضاف خامنئي: "عندما يعرف الشخص خصمه، قد يعقد صفقة، لكنه يعرف ما الذي يفعله."

وألقى خامنئي هذه التصريحات أثناء جلوسه بجانب الرئيس پزشكيان، الذي كان قد أبدى علنًا انفتاح طهران على إجراء محادثات. 

وقد فسرت وسائل الإعلام تصريحات المرشد الأعلى على أنها "ضوء أخضر" لبدء المفاوضات.

وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت تصريحات خامنئي تشير إلى موافقته على بدء المحادثات، قال مهاجري: "لا أحبذ استخدام هذا التعبير، لكنني أعتقد أن هذه التصريحات تعكس استراتيجية جديدة." 

وأضاف: "كان من اللافت أنه بينما كان المتشددون يتوقعون من خامنئي أن يؤيد مواقفهم، لم يعبر عن أي معارضة للمفاوضات، لكنه حذر المسؤولين من خداع العدو."

وأشار مهاجري إلى أن تصريحات خامنئي أثارت غضب التيار المتشدد، مضيفًا أنهم قد يلتزمون الصمت في الوقت الحالي، لكنهم سيجدون قريبًا ذريعة جديدة لمهاجمة الحكومة.

وقال: "قبل وقت طويل، ستجدهم يهاجمون قضايا أخرى." كما حذر من أن المتشددين قد يستهدفون المفاوضين، بمن فيهم وزير الخارجية عباس عراقجي، الذي من المقرر أن يقود المحادثات.

وفي الأسابيع الأخيرة، تعرض وزير الخارجية السابق والمستشار الحالي للرئيس پزشكيان، محمد جواد ظريف، لهجمات متزايدة من المتشددين، الذين اتهموه بتقديم اقتراح لإجراء مفاوضات مع إدارة ترامب.

لكن ظريف نفى هذه المزاعم، قائلًا لموقع "جماران": "لم نقدم أي اقتراح. لقد قمنا فقط بالرد على اقتراحهم بالتفاعل."

وفي حين أن وسائل الإعلام المحسوبة على التيار الإصلاحي دافعت بشدة عن ظريف، فإن بعض المحللين في طهران يرون أن موقفه داخل الحكومة ليس بالقوة التي يتم تصويرها.

وفي السياق ذاته، علق عدد من الشخصيات المحافظة في إيران، بمن فيهم رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق ووزير السياحة عزت الله ضرغامي، على الدعوات الأخيرة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة.

وكان ضرغامي قد صرح سابقًا لوسائل إعلام إيرانية بأن مثل هذه المقترحات تسببت في "حالة استقطاب ثنائية" داخل البلاد، لكنه كتب في منشور على منصة "إكس" بعد تصريحات خامنئي: "الإجراء الذكي الذي اتخذه القائد أنهى حالة الاستقطاب بين مؤيدي ومعارضي التفاوض مع الولايات المتحدة."

 

 

مقالات مشابهة

  • ترامب: الولايات المتحدة "ستسيطر على قطاع غزة وتمتلكه"
  • السلفادور تفتح أبوابها لـ "المجرمين الخطرين" المرحّلين من الولايات المتحدة
  • تحولات في الموقف الإيراني تجاه واشنطن.. تصريحات خامنئي تثير الجدل حول إمكانية "عقد صفقة" مع الولايات المتحدة.. وردود فعل غاضبة من التيار المتشدد
  • قلق متزايد في الولايات المتحدة من سيطرة إيلون ماسك على الحكومة الأميركية
  • ساعد كارلون غُصن على إخفاء أمواله..اليابان: إدانة مسؤول أمريكي سابق في نيسان
  • الرئيس الشرع: يجب أن نبتعد عن سياسة إطفاء الحريق لأن هذه السياسة تستنفد الدولة بشكل كبير ويجب أن تكون أهداف الدولة واضحة
  • لبحث التواجد العسكري.. مسؤول أمريكي رفيع المستوى يزور بغداد قريباً
  • أخبار العالم| كوريا الشمالية تهاجم روبيو وتتوعد واشنطن وترامب يعلن قطع المساعدات الأمريكية عن جنوب أفريقيا ويخطط لاستهداف المنتجات الأوروبية
  • مصر تقدم رؤية واضحة لإعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين
  • ترامب: كندا يجب أن تكون من الولايات الأمريكية وتحظى بحمايتنا العسكرية