باريس- قبل أيام قليلة من انطلاق السنة الدراسية في فرنسا، أعلن وزير التربية غابرييل أتال، بشكل مفاجئ حظر ارتداء العباءة في المدارس.

وحظي هذا القرار "غير المتوقع" باهتمام كبير من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية ومنصات التواصل الاجتماعي، وأدى إلى تباين آراء السياسيين بين مؤيد ومعارض.

فهل كان موضوع العباءة، التي عُدّت رمزا دينيا، وسيلة لتحويل انتباه الرأي العام، وغطاء لإخفاء مشكلات أهم يعاني منها قطاع التعليم في البلاد؟


وضع متدهور

لا يختلف وضع الأساتذة هذا العام عن سابقه، حيث لا يزال قطاع التعليم عاجزا عن استقطاب مرشحين جدد لهذه المهنة، رغم محاولة وزير التربية السابق جان ميشيل بلانكر، تخفيف جودة نظام التوظيف، وتسهيل الحصول على شهادة الكفاءة للتدريس الثانوي (CAPES).

وكشفت وكالة التعليم والتدريب (AEF) أن عدد المعلمين المغادرين طواعية وصل إلى مستوى غير مسبوق، حيث ترك 2411 موظفا التعليم الوطني خلال 2020 و2021، أي ما يعادل 0.34% من القوى العاملة، وفق بيانات الوزارة.

وتُعدّ ظروف العمل المتدهورة والرواتب المنخفضة وغياب الاعتراف الاجتماعي، أحد أهم الأسباب التي تدفع المعلمين إلى التخلي عن المهنة، وفق ديوان المحاسبة في معهد "إبسوس".

وقال برونو بوبكيويتز، الكاتب العام للنقابة الوطنية لموظفي إدارة التعليم الوطني -للجزيرة نت-، إن الرواتب التي يتقضاها المعلمون "ليست جذابة وظروف التدريس ليست مشجعة للشباب".

وأشار المتحدث ذاته إلى وجود مشكلات كثيرة يعاني منها التعليم في البلاد، وجب تسليط الضوء عليها أكثر في وسائل الإعلام، بدل التركيز حصرا على مسألة منع ارتداء العباءة في المدارس.


صرف انتباه

وأوضحت وزارة التربية والتعليم الفرنسية -للجزيرة نت-، أن هذا القرار يتعلق بتطبيق قانون 15 مارس/آذار 2004 الذي يحظر "ارتداء العلامات الدينية في المدارس تطبيقا لمبدأ العلمانية".

وامتنعت الوزارة عن الرد عمن يتهمها بصرف انتباه الرأي العام عن المشكلات التي تواجه القطاع مع بداية العام الدراسي، معدة أن ذلك ناتج عن "ردود أفعال وخلافات سياسية".

وجُمّدت قيمة نقطة مؤشر الأجور رغم بعض الزيادات التي قدمتها الحكومة. كما تراجعت القدرة الشرائية للمعلمين بنسبة 20% بين عامي 1981 و2004، في وقت تتجه فيه دول أوروبية إلى زيادة بنسبة 11% في متوسط الرواتب، مما يعني أن المدرسين الفرنسيين من بين الأقل أجرا في أوروبا.

وأفاد الخبير الاقتصادي لوكاس شانسيل، في تصريحات إعلامية، أن المعلم المبتدئ كان يتقاضى ما يعادل 2.3 ضعف الحد الأدنى للأجور في بداية الثمانينيات، أما اليوم فيحصل على نحو 1.2 ضعف الحد الأدنى.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وعد، خلال حملته الرئاسية، بزيادة الأجور بنسبة 10%، قبل أن تكشف وثيقة نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية، أن هذه الزيادة المزعومة لا تتجاوز 5.5% في المتوسط.


تمييز اجتماعي

وأشار تقرير نشرته وزارة التربية في يوليو/تموز 2022 إلى أن نسبة الطلاب من خلفيات محرومة، أو فقيرة تبلغ 42.6% في القطاع العام، مقابل 18.3% في القطاع الخاص.

وخلصت دراسة أجرتها مؤسسة الأبحاث حول الإدارات والسياسات العامة (IFRAP)، إلى أن 9 مدارس حكومية فقط ضمن قائمة أفضل 100 مدرسة في فرنسا، مما يعني أن القطاع الخاص يحجز مكانه في المراتب المتقدمة بالأغلبية المطلقة.

يذكر أن المؤسسات الخاصة تُموّل من الدولة والأموال العامة. وخصصت الحكومة 8 مليارات يورو السنة الماضية لدفع رواتب 142 ألف معلم، وتكاليف أخرى في المدارس الخاصة المتعاقد معها.

ويتفق بوبكيويتز مع علماء الاجتماع التربويين الذين يقولون، إن المدرسة الفرنسية تعيد إنتاج التفاوتات الاجتماعية، ويؤكد أن "هذه الفجوة آخذة في الاتساع بين القطاعين العام والخاص، ولا يُناقش ذلك بشكل كاف، وقد رأينا أن الوزير بابندياي الذي أراد الاهتمام بالأمر، كان معزولا تماما داخل الحكومة".

وتُظهر دراسة أُجريت بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن فرنسا واحدة من البلدان التي يعتمد فيها التقييم على الأصل الاجتماعي، وأن "الطلاب من الخلفيات المحرومة، هم أكثر عرضة للصعوبات بضعف 5 مرات من أولئك الذين ينتمون إلى خلفيات ميسورة".

وصار تصحيح عدم المساواة أمرا هشا، في ظل معدلات التضخم المرتفعة التي وصلت إلى 10%، ويتجلى ذلك في أسعار المستلزمات المدرسية التي قفزت في المتوسط بنسبة 11.3% مقارنة بالعام الماضي.


"الوزير المليونير"

وبرزت عناوين كثيرة في الصحف الفرنسية فور الإعلان عن غابرييل أتال وزيرا للتربية، وهناك من وصفته "بالتلميذ النموذجي لماكرون"، بينما رأته أخرى "وزير ماكرون المفضل".

وأصبح "الوزير المليونير" (34 عاما)، مسؤولا عن واحدة من أهم الوزارات في البلاد وأكبرها ميزانية، ويشرف على قرارات تخص 12 مليون طالب، وإدارة طاقم عمل يضم قرابة 900 ألف موظف.

وينحدر الوزير الأصغر في تاريخ الجمهورية من عائلة ميسورة، وتلقى كل مراحل دراسته في القطاع الخاص بالمدرسة الألزاسية النخبوية. وأثارت خلفيته التعليمية وابلا من الانتقادات على منصات التواصل.

وكتب مؤرخ التعليم كلود ليليفر، في صحيفة لونومد أنه "في السابق، كان تعيين وزير أتم جزءا على الأقل من دراسته في التعليم الخاص أمرا نادرا جدا، وبين عامي 1958 ـتاريخ بداية الجمهورية الخامسةـ و2004، لم يكن هناك سوى وزيرين (جوزيف غونتانيت، وآلان سافاري) من بين 21 وزيرا في هذا المسار الوظيفي".

ويقول الكاتب العام لنقابة موظفي التعليم الرئيسة، إن أتال ليس مسؤولا عن اختيار والديه للذهاب إلى مدرسة خاصة، متسائلا حول ما إذا كان يتعين اختيار الوزير بناء على مصالح التربية الوطنية أو الإستراتيجية السياسية؟

من جهة أخرى، يبدو أن ماكرون يريد الاحتفاظ بالسيطرة على وزارة التعليم مثل الدفاع أو العلاقات الدولية، حيث قال في مقابلة مع صحيفة لوبوان في أغسطس/آب الماضي، إن التعليم "مجال محجوز للرئيس".

وبين نقص تمويل المؤسسات العامة، ونقص المعلمين الذي يحرم الطلاب من 15 مليون ساعة دراسية كل عام، فضلا عن غياب المساواة بين المدارس والمناطق الجغرافية المختلفة؛ يدق العاملون في مجال التعليم ناقوس الخطر لسنوات، دون العثور على استجابة سياسية مناسبة حتى الآن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی المدارس

إقرأ أيضاً:

التعليم: المعلمون إجازة غدا مع الطلاب .. وتأجيل الامتحانات للأسبوع المقبل

حسمت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني ، موقف المعلمين من إجازة غدا الاربعاء التي تم إقرارها للطلاب منذ قليل لسوء الاحوال الجوية .

حيث قالت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني : أنه تحسبا لسوء الأحوال الجوية تقرر رسميا أن يشمل قرار محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بمنح غدا الأربعاء أجازة كافة المعلمين العاملين بالمدارس والطلاب .

رسميًا.. غدا إجازة لطلاب المدارس على مستوى الجمهورية لسوء الأحوال الجويةماذا قررت المدارس حرصا على سلامة الطلاب من عاصفة الغد؟.. تفاصيل وصورالتعليم تمنع أية جهة من زيارة المدارس دون تنسيق وموافقة مسبقةتوضيح عاجل من التعليم بشأن الاعتداء على طفل في مدرسة بالبحيرة

 كما أكدت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني ، أنه تقرر كذلك أن يتم تأجيل امتحانات شهر ابريل التي كان مقرر عقدها غدا ببعض المحافظات للأسبوع المقبل وفقا لظروف كل مديرية

وكان قد طالب أولياء أمور طلاب المدارس عبر جروب حوار مجتمعي تربوي ، بإصدار قرارا رسميا بـ تعليق الدراسة في المدارس غدا الأربعاء ، لحماية الطلاب من مخاطر المنخفض الخماسيني والعاصفة التي ستشهدها مصر.

وقالت منى أبو غالي مؤسس جروب حوار مجتمعي تربوي : نناشد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني ، بإصدار قرار بـ تعليق الدراسة في المدارس غدا  الأربعاء تجنبا لأي مشاكل أو حوادث أو أمراض بسبب العاصفة المقرر حدوثها.

وتوالت تعليقات أولياء الأمور على جروب حوار مجتمعي تربوي تأييدا لهذا المطلب ، حيث قال الجميع : “ يا ريت الوزارة تاخد القرار في الوقت المناسب حرام الاولاد تتبهدل عشان امتحانات شهر ، في انتظار القرار الصائب لمصلحة ولادنا و معلمينا”.

الأرصاد تحذر من منخفض جوي خماسيني ونشاط رياح مثيرة للرمال والأتربةتحذير عاجل من الأرصاد.. منخفض خماسيني وأتربة تضرب البلاد خلال ساعاتالأرصاد: منخفض خماسيني ورياح تصل لـ90 كم/س وأتربة وأمطار خلال ساعاتتحذير الأرصاد: الأربعاء يوم الخماسين.. استعدوا للعاصفةتحذيرات من سواء الأحوال الجوية غدا 

وحذرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية ، من منخفض جوي خماسيني يصيب مصر غدا الأربعاء ، يصاحبه نشاط رياح تصل سرعتها من 60:40 كم/س وتكون مثيرة للرمال والاتربة على أغلب الانحاء ، مؤكدة أنه قد يصاحبها هبات رياح تتراوح 70 : 80 كم/س قد تؤدي لتدهور الرؤية الافقية إلى أقل من 1000 متر وقد تصل لحد العاصفة على مناطق من شمال الصعيد وجنوب وشرق القاهرة الكبرى ومدن القناة وخليج السويس وسيناء,

كما أكدت الهيئة العامة للأرصاد الجوية أن هناك فرص أمطار متوسطة قد تكون غزيرة ورعدية ومصحوبة بحبات البرد أحيانا على مناطق محافظة مطروح تمتد خفيفة وقد تكون متوسطة ورعدية أحيانا على مناطق من السواحل الشمالية والوجه البحري وقد تكون خفيفة ورعدية أحيانا على القاهرة الكبرى وشمال الصعيد ومدن القناة وسيناء.

وقدمت الهيئة العامة للأرصاد الجوية نصائح وارشادات للمواطنين تنص على :
-القيادة بهدوء وحذر على الطرق اثناء الأتربة والرمال المثارة.
-الابتعاد عن أعمدة الانارة واللوحات الاعلانية والأشجار .
-يفضل ارتداء الكمامات أثناء الخروج.
-متابعة تحديثات النشرات.

طباعة شارك وزارة التربية والتعليم التربية والتعليم التعليم اجازة

مقالات مشابهة

  • محافظ المنوفية يتفقد مشروعات إنشاء وتطوير المدارس ضمن خطة رفع كفاءة التعليم
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • الوزير الشيباني يلتقي بنظيره الفرنسي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك
  • التعليم: المعلمون إجازة غدا مع الطلاب .. وتأجيل الامتحانات للأسبوع المقبل
  • كانت معدّة للتهريب.. شاهدوا كميات البنزين الكبيرة التي تم ضبطها في عكار (صورة)
  • محمد الشرقي يستقبل السفير الفرنسي والقنصل العام الإيطالي
  • الوزير الشيباني يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في نيويورك
  • تفاصيل لقاء حسين الشيخ مع القنصل العام الفرنسي بالقدس
  • أزمة التعليم تتفاقم في اليمن مع استمرار إضراب المدارس
  • العباءة الزينبية.. أسرار عقائدية وتراث عراقي أصيل (صور)