هل كانت العباءة كبش فداء لتغطية عيوب نظام التعليم الفرنسي؟
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
باريس- قبل أيام قليلة من انطلاق السنة الدراسية في فرنسا، أعلن وزير التربية غابرييل أتال، بشكل مفاجئ حظر ارتداء العباءة في المدارس.
وحظي هذا القرار "غير المتوقع" باهتمام كبير من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية ومنصات التواصل الاجتماعي، وأدى إلى تباين آراء السياسيين بين مؤيد ومعارض.
فهل كان موضوع العباءة، التي عُدّت رمزا دينيا، وسيلة لتحويل انتباه الرأي العام، وغطاء لإخفاء مشكلات أهم يعاني منها قطاع التعليم في البلاد؟
وضع متدهور
لا يختلف وضع الأساتذة هذا العام عن سابقه، حيث لا يزال قطاع التعليم عاجزا عن استقطاب مرشحين جدد لهذه المهنة، رغم محاولة وزير التربية السابق جان ميشيل بلانكر، تخفيف جودة نظام التوظيف، وتسهيل الحصول على شهادة الكفاءة للتدريس الثانوي (CAPES).
وكشفت وكالة التعليم والتدريب (AEF) أن عدد المعلمين المغادرين طواعية وصل إلى مستوى غير مسبوق، حيث ترك 2411 موظفا التعليم الوطني خلال 2020 و2021، أي ما يعادل 0.34% من القوى العاملة، وفق بيانات الوزارة.
وتُعدّ ظروف العمل المتدهورة والرواتب المنخفضة وغياب الاعتراف الاجتماعي، أحد أهم الأسباب التي تدفع المعلمين إلى التخلي عن المهنة، وفق ديوان المحاسبة في معهد "إبسوس".
وقال برونو بوبكيويتز، الكاتب العام للنقابة الوطنية لموظفي إدارة التعليم الوطني -للجزيرة نت-، إن الرواتب التي يتقضاها المعلمون "ليست جذابة وظروف التدريس ليست مشجعة للشباب".
وأشار المتحدث ذاته إلى وجود مشكلات كثيرة يعاني منها التعليم في البلاد، وجب تسليط الضوء عليها أكثر في وسائل الإعلام، بدل التركيز حصرا على مسألة منع ارتداء العباءة في المدارس.
صرف انتباه
وأوضحت وزارة التربية والتعليم الفرنسية -للجزيرة نت-، أن هذا القرار يتعلق بتطبيق قانون 15 مارس/آذار 2004 الذي يحظر "ارتداء العلامات الدينية في المدارس تطبيقا لمبدأ العلمانية".
وامتنعت الوزارة عن الرد عمن يتهمها بصرف انتباه الرأي العام عن المشكلات التي تواجه القطاع مع بداية العام الدراسي، معدة أن ذلك ناتج عن "ردود أفعال وخلافات سياسية".
وجُمّدت قيمة نقطة مؤشر الأجور رغم بعض الزيادات التي قدمتها الحكومة. كما تراجعت القدرة الشرائية للمعلمين بنسبة 20% بين عامي 1981 و2004، في وقت تتجه فيه دول أوروبية إلى زيادة بنسبة 11% في متوسط الرواتب، مما يعني أن المدرسين الفرنسيين من بين الأقل أجرا في أوروبا.
وأفاد الخبير الاقتصادي لوكاس شانسيل، في تصريحات إعلامية، أن المعلم المبتدئ كان يتقاضى ما يعادل 2.3 ضعف الحد الأدنى للأجور في بداية الثمانينيات، أما اليوم فيحصل على نحو 1.2 ضعف الحد الأدنى.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وعد، خلال حملته الرئاسية، بزيادة الأجور بنسبة 10%، قبل أن تكشف وثيقة نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية، أن هذه الزيادة المزعومة لا تتجاوز 5.5% في المتوسط.
تمييز اجتماعي
وأشار تقرير نشرته وزارة التربية في يوليو/تموز 2022 إلى أن نسبة الطلاب من خلفيات محرومة، أو فقيرة تبلغ 42.6% في القطاع العام، مقابل 18.3% في القطاع الخاص.
وخلصت دراسة أجرتها مؤسسة الأبحاث حول الإدارات والسياسات العامة (IFRAP)، إلى أن 9 مدارس حكومية فقط ضمن قائمة أفضل 100 مدرسة في فرنسا، مما يعني أن القطاع الخاص يحجز مكانه في المراتب المتقدمة بالأغلبية المطلقة.
يذكر أن المؤسسات الخاصة تُموّل من الدولة والأموال العامة. وخصصت الحكومة 8 مليارات يورو السنة الماضية لدفع رواتب 142 ألف معلم، وتكاليف أخرى في المدارس الخاصة المتعاقد معها.
ويتفق بوبكيويتز مع علماء الاجتماع التربويين الذين يقولون، إن المدرسة الفرنسية تعيد إنتاج التفاوتات الاجتماعية، ويؤكد أن "هذه الفجوة آخذة في الاتساع بين القطاعين العام والخاص، ولا يُناقش ذلك بشكل كاف، وقد رأينا أن الوزير بابندياي الذي أراد الاهتمام بالأمر، كان معزولا تماما داخل الحكومة".
وتُظهر دراسة أُجريت بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن فرنسا واحدة من البلدان التي يعتمد فيها التقييم على الأصل الاجتماعي، وأن "الطلاب من الخلفيات المحرومة، هم أكثر عرضة للصعوبات بضعف 5 مرات من أولئك الذين ينتمون إلى خلفيات ميسورة".
وصار تصحيح عدم المساواة أمرا هشا، في ظل معدلات التضخم المرتفعة التي وصلت إلى 10%، ويتجلى ذلك في أسعار المستلزمات المدرسية التي قفزت في المتوسط بنسبة 11.3% مقارنة بالعام الماضي.
"الوزير المليونير"
وبرزت عناوين كثيرة في الصحف الفرنسية فور الإعلان عن غابرييل أتال وزيرا للتربية، وهناك من وصفته "بالتلميذ النموذجي لماكرون"، بينما رأته أخرى "وزير ماكرون المفضل".
وأصبح "الوزير المليونير" (34 عاما)، مسؤولا عن واحدة من أهم الوزارات في البلاد وأكبرها ميزانية، ويشرف على قرارات تخص 12 مليون طالب، وإدارة طاقم عمل يضم قرابة 900 ألف موظف.
وينحدر الوزير الأصغر في تاريخ الجمهورية من عائلة ميسورة، وتلقى كل مراحل دراسته في القطاع الخاص بالمدرسة الألزاسية النخبوية. وأثارت خلفيته التعليمية وابلا من الانتقادات على منصات التواصل.
وكتب مؤرخ التعليم كلود ليليفر، في صحيفة لونومد أنه "في السابق، كان تعيين وزير أتم جزءا على الأقل من دراسته في التعليم الخاص أمرا نادرا جدا، وبين عامي 1958 ـتاريخ بداية الجمهورية الخامسةـ و2004، لم يكن هناك سوى وزيرين (جوزيف غونتانيت، وآلان سافاري) من بين 21 وزيرا في هذا المسار الوظيفي".
ويقول الكاتب العام لنقابة موظفي التعليم الرئيسة، إن أتال ليس مسؤولا عن اختيار والديه للذهاب إلى مدرسة خاصة، متسائلا حول ما إذا كان يتعين اختيار الوزير بناء على مصالح التربية الوطنية أو الإستراتيجية السياسية؟
من جهة أخرى، يبدو أن ماكرون يريد الاحتفاظ بالسيطرة على وزارة التعليم مثل الدفاع أو العلاقات الدولية، حيث قال في مقابلة مع صحيفة لوبوان في أغسطس/آب الماضي، إن التعليم "مجال محجوز للرئيس".
وبين نقص تمويل المؤسسات العامة، ونقص المعلمين الذي يحرم الطلاب من 15 مليون ساعة دراسية كل عام، فضلا عن غياب المساواة بين المدارس والمناطق الجغرافية المختلفة؛ يدق العاملون في مجال التعليم ناقوس الخطر لسنوات، دون العثور على استجابة سياسية مناسبة حتى الآن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی المدارس
إقرأ أيضاً:
أسيوط: مبادرة المدارس الزراعية لتوفير السلع تؤكد أهمية دور التعليم الفني
أكد اللواء دكتور هشام أبو النصر محافظ أسيوط، على أهمية دور التعليم الفني في المجتمع وهو ما يظهر جلياً في الجهود التي تقوم بها المدارس الفنية ككيانات إنتاجية تساهم في تحقيق التنمية والمشاركة المجتمعية على كافة المستويات والتي تعمل عليها الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لافتاً إلى التعاون المثمر البناء، والنجاح الذي حققه معرض تعليم أسيوط "بنكمل بعض" معاً لمحاربة الغلاء والذي نظمته مديرية التربية والتعليم بأسيوط أمام ديوان عام المحافظة لعرض منتجات مدارس التعليم الفني الزراعي من السلع الغذائية والزراعية بأسعار مخفضة تتراوح بين 30 : 50 % مقارنة بالأسعار التقليدية بالأسواق وذلك في إطار الجهود المبذولة لتوفير السلع الأساسية وتلبية احتياجات المواطنين مشيراً إلى استغلال كافة الإمكانيات المتاحة والكوادر القادرة لدى المحافظة بالقطاعات المختلفة لخدمة المواطنين وتعزيز جهود الدولة لضبط الأسواق والحفاظ على الأمن الغذائي لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل المواطنين.
وأوضح محافظ أسيوط أن المعرض الذي نظمته مديرية التربية والتعليم يهدف إلى ضبط الأسعار وتوفير السلع مباشرة للمستهلكين بأسعار أقل من مثيلتها بالأسواق التقليدية مما يسهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء عن الأسر الأسيوطية مقدماً الشكر والتقدير للوزير محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم و التعليم الفني على دعمه ورعايته للمعرض .
الذى شهد حضور الدكتورة راندا حلاوة رئيس الإدارة المركزية للتعليم المجتمعي بوزارة التربية والتعليم ومشاركة محمد إبراهيم دسوقي وكيل وزارة التربية والتعليم بأسيوط ومحمد النمر مدير عام التعليم الفني بمديرية التربية والتعليم بأسيوط، وسيد الشريف مدير عام الشؤون التنفيذية بمديرية التربية والتعليم مشيداً بمنتجات 7 مدارس للتعليم الزراعي على مستوى المحافظة من اللحوم والألبان ومنتجاتها والخضروات والحلوى وشتلات زينة ومثمرة طوال فترة المعرض مشيراً إلى حرصه على متابعة جودة السلع المتوافرة ومدى توافقها مع احتياجات المواطنين خاصة الفئات الأكثر احتياجاً لتحقيق الإستقرار في الأسواق.
كان محافظ أسيوط قد أفتتح ـ في وقت سابق ـ معرض بيع سلع غذائية وزراعية من منتجات المدارس الزراعية التابعة لمديرية التربية والتعليم ضمن مبادرة "بنكمل بعض.. معاً لمحاربة الغلاء" وتفقد أقسام المعرض الذي يتضمن باكيات لبيع اللحوم البلدية بسعر 290 جنيهاً للكيلو فضلاً عن منتجات مزارع المدارس للخضروات والفاكهة الطازجة الأورجينك بأسعار أقل من الأسواق بنسبة تتراوح بين 30 : 50% بالإضافة إلى منتجات الألبان والمخبوزات وعسل النحل والحلويات والشتلات الزراعية للخضار والفاكهة للمزارعين وغيرها من المنتجات الزراعية.