نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"، تقريرا أشارت فيه إلى المساع الإسرائيلية في تهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية، ومن أبرز الوسائل المستخدمة هو ترهيب "الرعاة المستوطنين" لأهالي القرى الفلسطينية.

وقال فلسطينيون إن الرعاة الإسرائيليين، الذين غالبا ما يحملون أسلحة، حاولوا ترهيبهم بالتجول في قريتهم وأحيانا عبر منازلهم ليلا، ما اضطرهم إلى مغادرتها.



وقال محمد مليحات، 59 عاما، أحد زعامات القرية، الذي غادر قريته  إلى وادٍ على بعد خمسة أميال: "كانت مهمتهم استفزازنا". وأضاف: "إنهم يريدون إخلاء المنطقة".

ويقوم المستوطنون الإسرائيليون بإنشاء بؤر استيطانية عشوائية للرعي، غالبا بالقرب من القرى الفلسطينية، وفقا لتقييمات الأراضي التي أجرتها كيرم نافوت، وهي هيئة رقابية إسرائيلية مستقلة تراقب النشاط الاستيطاني.

وتقول المجموعة إنه تم إنشاء ما لا يقل عن 20 موقعا استيطانيا جديدا منذ بداية العام، وقد قام جيش الاحتلال بتفكيك عدد قليل منها قبل إعادة تجميعها.

وكانت النتيجة هي التوسع المتسارع للوجود الاستيطاني الإسرائيلي عبر مساحات كبيرة واستراتيجية من الأراضي (أكثر من 140 ميلا مربعا، وفقا لكيريم نابوت).


وتتلخص نية المستوطنين المعلنة في تقطيع مساحات واسعة من الأراضي التي كانت القيادة الفلسطينية تأمل، عند بدء عملية أوسلو للسلام قبل ثلاثين عاما، أن تشكل العمود الفقري للدولة الفلسطينية المستقبلية.

وقال أرييل دانينو، 26 عاما، وهو مستوطن إسرائيلي يعيش في موقع استيطاني ويساعد في قيادة الجهود لبناء مواقع جديدة: "إن إجلاء السكان ليس أفضل شيء. لكننا نتحدث عن حرب على الأرض، وهذا ما يحدث في أوقات الحرب" على حد قوله.

وهذه الظاهرة هي نهج جديد نسبيا تجاه الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، وفقا لنشطاء المستوطنين ونشطاء حقوق الإنسان والرعاة الفلسطينيين.

منذ عام 1967، عززت دولة الاحتلال سيطرتها على الضفة الغربية من خلال توفير الأراضي والموارد والحماية لأكثر من 130 مستوطنة إسرائيلية جديدة في المنطقة. وأغلبها عبارة عن بلدات صغيرة محاطة بسياج، ويحرسها جنود إسرائيليون، وتعتبرها معظم دول العالم غير قانونية.

ولكن في حين أن تل أبيب لا تزال تسمح ببناء منازل جديدة داخل المستوطنات القائمة، وهي العملية التي تسارعت في ظل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، فإنها لم تبني سوى مستوطنة جديدة واحدة من الصفر هذا القرن.

ولملء هذا الفراغ، قام نشطاء المستوطنين منذ فترة طويلة ببناء بؤرا استيطانية - غير قانونية حتى بموجب القانون الإسرائيلي - على جيوب صغيرة من الأراضي بالقرب من المستوطنات القائمة، على أمل توسيع حدود المستوطنات تدريجيا.

وفي عام 2018 تقريبا، أصبحوا أكثر طموحا. وبدأت مجموعات صغيرة من المستوطنين في إقامة بؤر استيطانية رعوية بشكل منهجي في مواقع نائية. تقوم حفنة من الرعاة الإسرائيليين المتطرفين بالتجوال في سفوح التلال المحيطة مع عدة آلاف من الأغنام، وأحيانا يعتدون على الرعاة الفلسطينيين الذين يعترضون طريقهم، متسببين بتمدد مدني [إسرائيلي] عبر منطقة أكبر بكثير.

وقال زئيف هيفر، زعيم المستوطنين الذي قاد هذه الاستراتيجية، في خطاب ألقاه في عام 2021، وحصلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية على تسجيل له: "هذه هي الطريقة التي سيتم بها تجنيد الدولة للمهمة".


وقال هيفر: "سوف نتصرف كما لو كانت هذه الأرض هي آخر شيء نملكه في هذه الحياة"، مضيفا: "وستكون هذه هي الطريقة التي ستتعامل بها الدولة أيضا مع هذه الأرض".

بحلول أوائل عام 2021، قدر هيفر أن استراتيجيته ضاعفت الانتشار الجغرافي للمشروع الاستيطاني – بزيادة قدرها حوالي 40 ميلا مربعا في ثلاث سنوات تقريبا.

وتحتل أراضي الرعي في المزارع الآن 100 ميل مربع أخرى، ليصل المجموع إلى حوالي 6% من مساحة الضفة الغربية، وفقا لتقديرات كيرم نافوت.

وقال شاؤول أرييلي، العقيد السابق في جيش الاحتلال الذي شارك بشكل كبير في عملية أوسلو ويعارض الجهود المبذولة لعرقلة السيادة الفلسطينية: "الهدف هو تعزيز الوجود اليهودي في المناطق الرئيسية في الضفة الغربية من أجل منع إمكانية قيام الدولة الفلسطينية"، وكان التأثير غير المباشر هو الزيادة الحادة في تهجير الرعاة الفلسطينيين.

حتى الآن هذا العام، تخلت ثلاث مجتمعات فلسطينية بأكملها – تضم حوالي 370 ساكنا – عن قراها، بسبب الترهيب المتزايد من قبل المستوطنين الإسرائيليين القريبين، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وقال المكتب إن أكثر من 700 ساكن من مجتمعات أخرى فروا أيضا إلى مناطق أكثر أمانا منذ العام الماضي.

كانت القرى الفلسطينية المهجورة، التي زارها مراسلو صحيفة نيويورك تايمز، عبارة عن أماكن بسيطة وفقيرة بلا شوارع أو متاجر. كانت عبارة عن مجموعات صغيرة من المباني المكونة من طابق واحد، وأكواخ مصنوعة من الألواح المعدنية، وخيام متناثرة بشكل عشوائي عبر سفوح الجبال، وتم تشييدها دون تراخيص بناء ومفصولة عن شبكات المياه والكهرباء.

ولكن مثل العديد من المجتمعات الفلسطينية النائية، كانت هذه القرى تتمتع بموقع استراتيجي. وحافظ سكانها وقطعان الماشية المتجولة على وجود مترامي الأطراف عبر مساحات واسعة من الضفة الغربية، مما زاد من صعوبة بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأماكن الرئيسية.

الآن، لم يبق سوى عدد قليل من المباني. وأخذ السكان معهم معظم الجدران المعدنية لبناء منازل جديدة أقرب إلى المدن الفلسطينية.

قال مليحات، الراعي الذي فر من البقعة: "تخيل معنى مغادرة المكان الذي عشت فيه لمدة 40 عاما".

سبب رحيلهم اقتصادي جزئيا، حيث ترعى قطعان المستوطنين العشب الذي كانت تأكله في السابق أغنام الفلسطينيين فقط، مما يتسبب بندرة. كما أنهم يمنعون الوصول إلى الينابيع والبرك التي كان من الممكن أن تصل إليها أغنام الفلسطينيين بسهولة. ومع قلة العلف والمياه، يجد الفلسطينيون صعوبة في العيش.

لكن الفلسطينيين يقولون بشكل رئيسي إنهم يغادرون بسبب الخوف. وفي المقابلات، روى فلسطينيون من أربع قرى كيف كان رعاة المستوطنين يدخلون قراهم بشكل متكرر وهم يحملون أسلحة ويصرخون في وجه السكان ويهينونهم.


وقال إنه بعد أن أقام المستوطنون معسكرا بالقرب من قرية مليحات في حزيران/ يونيو، دخلت مجموعات من ثلاثة أو أربعة مستوطنين منزله الصغير، مسلحين بالبنادق، في الساعات الأولى من الصباح.

وقال مليحات: "لقد دخلوا بابنا الأمامي عدة مرات، محاولين تقليد الطريقة التي يداهم بها الجيش الإسرائيلي المنازل"، مضيفا: "لقد أرادوا منا مهاجمتهم حتى يكون لدى الأجهزة الأمنية سببا لاعتقالنا".

وفي بعض القرى، حطم المستوطنون النوافذ وسرقوا الحيوانات وأدوات الزراعة، بحسب رعاة فلسطينيين ونشطاء حقوقيين إسرائيليين. وفي حالتين على الأقل هذا العام، قام المستوطنون بضرب الفلسطينيين، مما استدعى نقلهم إلى المستشفى.

ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، بلغ عنف المستوطنين في أنحاء الضفة الغربية أعلى مستوياته على الإطلاق. وفي المناطق الفلسطينية الأكثر اكتظاظا بالسكان، أشعل مشعلي الحرائق الإسرائيليون النيران في مئات المنازل والسيارات حتى الآن هذا العام.

لذلك، عندما يقيم المستوطنون مخيما بالقرب من قرية فلسطينية، كما قال الحاخام أشرمان، فإن "وجودهم يثير الخوف".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة تهجير الفلسطينيين الضفة المستوطنين بؤر استيطانية الاحتلال الاحتلال الضفة تهجير الفلسطينيين المستوطنين صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة بالقرب من

إقرأ أيضاً:

الضفة الغربية في مواجهة المجهول!

خلال الخمسة عشر شهرا المريرة من حرب غزة كانت غالبية وسائل الإعلام، العربية والعالمية، مُنشغلة بمجريات الحرب «الإسرائيلية» ضد المدنيين العزل، وتحاول جاهدة نقل بعض الحقيقة، ولكن غالبية تلك الوسائل الإعلامية تغاضت «مرغمة» عمّا يجري في الضفة الغربية لانشغالها بنقل بعض المجازر الصهيونية في قطاع غزة!

وتُشكّل الضفة أكثر من 20 بالمائة من مساحة فلسطين، وتضمّ الجزء الشرقي من مدينة القدس، ومدن الخليل، ونابلس، وجنين، وطولكرم، ورام الله، وبيت لحم وأريحا، وطوباس وتقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس!

والهجمات «الإسرائيلية» بالطائرات المسيّرة والصواريخ والاقتحامات مستمرّة ضد الضفة وبقسوة كبيرة، وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في الثالث من الشهر الجاري، عن سقوط (905) شهداء في الضفة بينهم (182) طفلا منذ السابع من أكتوبر 2023!

ويبدو أن الجهد العسكري «الإسرائيلي»، بعد غزة، توجّه للضفة، وقد وَثّقت «هيئة مقاومة الاستيطان» (2161) اعتداء صهيونيا خلال يناير الماضي في الضفة!

والتركيز «الإسرائيلي» على «جنين، وطولكرم، وطوباس» ومخيّماتها دليل على خطّة استيطانية جديدة، وبالذات مع تهجير غالبية السكان!

وقد ركّز الاحتلال في مجازره بوضوح على جنين، ومجازره هناك لا تقلّ بشاعة عن تلك التي وقعت في غزة إلا من حيث عدد الشهداء وحجم التدمير!

ونفّذت «إسرائيل» في جنين في الأول من هذا الشهر، أكبر عملية تفجير لمربّعات سكنية منذ العام 2002 وطالت (20) منزلا، ولهذا لم يَبْق في جنين سوى (70) عائلة دون أي تواصل مع الخارج، فيما أُجبر نحو 48 بالمائة من سكان مخيّم طولكرم على النزوح، منذ «طوفان الأقصى»!

ولم يكن موقف أهالي الضفة أقل بطولة وبسالة من الغزّيين، وشهدت الضفة خلال الشهر الأول من العام الحالي تصعيدا نادرا من المقاومة الشعبية، وكانت حصيلتها، وفقا لمركز معلومات فلسطين «معطي»، مقتل ستة جنود «إسرائيليين» وجرح (40) آخرين!

ووثّق المركز (522) عملاً مقاوماً وشعبياً، وكذلك (50) اشتباكاً مسلّحاً و(20) عملية إطلاق نار، و(94) عملية زرع عبوات ناسفة، وإعطاب سبع آليات عسكرية.

وبخصوص المظاهرات وأعمال المقاومة الشعبية، قال المركز إنها بلغت (346) عملاً، فيما تَصدّت المقاومة لنحو (45) اعتداءً من المستوطنين!

وتواصل المسيّرات الصهيونية قصفها للمدنيين في جنين، وبمعدّل شهيدين يوميا خلال الأسبوعين الماضيين، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، ودمّرت أكثر من (150) منزلا بشكل كلّي!

ويبدو أن التعطّش الصهيوني للدماء لا يمكن إشباعه بسهولة، فبعد مذابحها في غزة عادت «إسرائيل» لنقل تجاربها الإرهابية إلى مدن فلسطينية أخرى، وكأنّ قتلها لأكثر من (50) ألف مدني غَزّيّ لم يَرْو إرهابها وعطشها من دماء الفلسطينيين!

ومع ازدياد هذه الهجمات حذّرت الرئاسة الفلسطينية من انفجار لا يمكن السيطرة عليه، وخصوصا مع إصرار «إسرائيل» على توغّلها البرّيّ في الضفة، وتفجيرها لأحياء كاملة في المخيّمات وتهجيرها للمدنيين العزل، وكأنها تنفّذ خطّة استيطانية جديدة ومدروسة!

وطالب الرئيس عباس، يوم الثاني من شباط/فبراير الحالي، بعقد جلسة طارئة وعاجلة لمجلس الأمن الدولي، لوقف «العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني»!

وأعتقد أن الأيام القليلة المقبلة، وبالذات مع زيارة نتنياهو الحالية لواشنطن، والدعم المذهل الذي أظهره الرئيس ترامب «لإسرائيل»، ستكون الفيصل في معرفة المخطّطات «الإسرائيلية» الجديدة بالمنطقة، والتي تحاول من خلالها «تغيير» شَكْل الشرق الأوسط!

إن «إسرائيل» تحاول، وبخطط متنوّعة ومتجدّدة، كسر إرادة الشعب الفلسطيني وقهره، وقلب حياتهم إلى جحيم مستمرّ، ورُعْب مُمِيت لتحقيق أهدافها التوسعية!

المخطّطات الصهيونية مصيرها الفشل لأن إيمان الفلسطينيين أكبر من مؤامراتهم الخبيثة، والنصر سيتحقّق لفلسطين وأهلها ولو بعد حين!

الشرق القطرية

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية تُحذر من اعتماد الاحتلال تسمية"يهودا والسامرة" بدلا من الضفة الغربية
  • “الخارجية الفلسطينية” تدين اعتماد الاحتلال الإسرائيلي تسمية “يهودا والسامرة” بدلًا من الضفة الغربية
  • “الخارجية الفلسطينية” تدين تسمية إسرائيل “يهودا والسامرة” للضفة الغربية
  • الدمار يلاحق الفلسطينيين.. ماذا يحدث في الضفة الغربية الآن؟ (فيديو)
  • تصعيد إسرائيلي يجبر مئات الفلسطينيين على النزوح في الضفة الغربية المحتلة
  • تسارع الاستيطان الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية
  • وزير الخارجية: مصر تتمسك بوحدة الضفة الغربية وغزة تحت رئاسة السلطة الفلسطينية
  • ملك الأردن: نرفض أي محاولات لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية
  • أستاذ علاقات دولية: إسرائيل تسعى لتحقيق حلم الاستيطان وضم الضفة الغربية (حوار)
  • الضفة الغربية في مواجهة المجهول!