استخلص الاتحاد الأوروبي درساً مهماً من الحرب في أوكرانيا مفاده أنه إذا لم يتوسع، فإن روسيا ستفعل ذلك، ولكن الخوف من تراجع دعم من الحلفاء كان بمثابة تذكير بحجم التحدي الذي تفرضه خطوة مماثلة.

هناك إجماع واسع على ضرورة التوسع لمواجهة روسيا وحلفائها، وهي أنباء جيدة لكييف وعواصم أخرى.

وتقول الكاتبتان إميلي روهالا، وبياتريس روتز في مقال مشترك في  "واشنطن بوست" إنه بسبب قلقه من الصراع على عتبة بابه، يبحث الاتحاد الذي تشكل من رماد الحرب العالمية الثانية في فكرة تاريخية يمكن أن تغير أوكرانيا وتعيد تشكيل المنطقة.

مستقبل أوروبا

ويأتي الحديث عن مستقبل أوروبا في لحظة حساسة. وأثار التقدم البطيء الذي أحرزته أوكرانيا في ساحة المعركة المخاوف من تجميد الصراع، فيما دعمت دولة عضو، للتو حزباً شعبوياً موالياً لروسيا. والأمر الأكثر إثارة لقلق الكثيرين أن دعم الولايات المتحدة، أكبر داعم لأوكرانيا، أصبح فجأة هشاً بعض الشيء.

Headlines? It isn't "US support" wobbling--it is pro-Putin GOP officials who want Ukraine to fail. As U.S. support wobbles, E.U. looks to long-term strategies on Ukraine https://t.co/tyXtlifxfv

— Sara Dillon (@sara_dillon) October 5, 2023

وعشية محادثات حول مستقبل أوروبا، أجرى الرئيس الأمريكي بايدن مكالمة هاتفية مع الحلفاء الرئيسيين لطمأنتهم على أن الولايات المتحدة لا تزال تدعم أوكرانيا، رغم أن الكونغرس أقر مشروع قانون تمويل حكومي قصير الأجل،  لم يتضمن مساعدة لأوكرانيا، المحاصرة.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الخميس، إنها "واثقة جداً" من الدعم الأمريكي لأوكرانيا. وقالت لدى دخولها الاجتماع في غرناطة: "ما تعمل عليه الولايات المتحدة، هو التوقيت".
وفي اجتماعات اليوم وغداً، سيدرس الزعماء الأوروبيون دعوات لتقريب المزيد من الدول، والتوسيع المحتمل للاتحاد الأوروبي، من 27 إلى أكثر من 30 عضواً، وقد يتوسع ليضم أوكرانيا، ومولدوفا، وجورجيا، فضلا عن العديد من بلدان غرب البلقان.

تحديات في الأفق

وهناك إجماع واسع على ضرورة التوسع لمواجهة روسيا وحلفائها، وهي أنباء جيدة لكييف وعواصم أخرى. ولكن اجتماع الزعماء في إسبانيا لبدء مداولاتهم، يتزامن مع ظهور تحديات مقبلة في أفق الاتحاد، أكبر من أي وقت مضى.
وتجاهل المسؤولون والدبلوماسيون الأوروبيون في الأسابيع الماضية الأسئلة عن الدعم الأمريكي، وأصروا على أن الزعماء الجمهوريين سيقبلون، في الوقت المناسب، نظريتهم القائلة بأن النصر الأوكراني يشكل جوهر المصالح الأمريكية، وذلك جزئياً بسبب الرسالة التي يوجهها مثل هذا النصر  إلى تايوان.

ولكن في ظل الفوضى التي تشهدها السياسة الأمريكية، بعد الإطاحة برئيس مجلس النواب كيفن مكارثي، سيصعب على أوروبا تجاهل احتمال تحول في موقف واشنطن، وما قد يعنيه ذلك لآفاق أوكرانيا في ساحة المعركة وخارجها.
وعند وصوله إلى غرناطة اليوم، أصدر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بياناً ركز  فيه على المعركة الحالية، وعلى السنوات المقبلة، قائلاً: "هدفنا المشترك هو ضمان أمن واستقرار بيتنا الأوروبي المشترك.الأولوية الرئيسية لأوكرانيا، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، تعزيز الدفاع الجوي"

عملية معقدة

.وحتى في أفضل الأوقات، فإن توسيع الاتحاد الأوروبي ليضم أوكرانيا ودولاً أخرى سيكون عملية معقدة ومكلفة ومحفوفة بالمخاطر السياسية.
وتقول الكاتبتان إن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، عملية تستغرق سنوات طويلة. وتتحادث مجموعة كبيرة من الدول، بينها صربيا، ومونتينيغرو، ومقدونيا الشمالية، وألبانيا، والبوسنة، على العضوية مع التكتل منذ سنوات. وتظل تركيا، التي تقدمت بطلب الانضمام في 1987، مرشحة فنياً له، رغم أن آفاقها تبدو ضئيلة.
وخلال العملية يدرس النظام السياسي والقانوني بأكمله للعضو المحتمل، وتقييمه ومن ثم يتباطأ امتثاله لكتاب قواعد كبير إلى حد ما في بروكسل.
وفي العام الماضي، عملت أوكرانيا بشكل وثيق مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي على الإصلاحات التي يمكن أن تقربها من العضوية. وفي ديسمبر(كانون الأول)، سيقرر الاتحاد الأوروبي إذا كان سيفتح محادثات لضم كييف.
وسيكون التحدي في بروكسل معقداً، وأدى احتمال ضم أوكرانيا وأعضاء جدد آخرين، إلى تجديد التساؤلات عن كيفية إدارة الكتلة بـ 27 عضواً، فضلاً عن إدارتها مع أوكرانيا وغيرها من الدول الأعضاء.
وكتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في رسالة إلى الزعماء قبل اجتماع الجمعة "من الضروري أن نفكر في ديناميكيات مستقبل اتحادنا، وسياساتنا وصنع القرار لدينا، من بين أمور أخرى، لضمان نجاح الاتحاد الأوروبي المستمر".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الاتحاد الأوروبی

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا.. فرصة أوروبا لزيادة السكان؟

تُعتبر الحرب الروسية- الأوكرانية واحدة من أبرز الأحداث الجيوسياسية في القرن الحالي، لكنّها في الوقت ذاته أثارت تساؤلات جدلية تتجاوز الأهداف السياسية والعسكرية الواضحة للصراع. ومن تلك التساؤلات احتمال أن تكون الحرب جزءا من "مخطط خفيّ"، يهدف إلى خلق توازن ديموغرافي في القارة الأوروبية، وذلك من خلال الاستفادة من هجرة الأوكرانيين من أجل تعويض نقص السكان في القارة الأوروبية.

وعلى الرغم من أنّ الفرضية تبدو مثيرة للجدل، ولا توجد أدلة مباشرة تدعم القول إنّ الحرب استُخدمت كوسيلة مباشرة من أجل بلوغ هذا الهدف بواسطة تراجع أعداد الرجال الأوكرانيين. إلا أنّ نزوح النساء الأوكرانيات الكبير صوب القارة الأوروبية واندماجهن في دول أوروبا قد يبدو، من منظور ديموغرافي، وكأنه يخدم احتياجات القارة الأوروبية لتعويض نقص السكان.

تأثير الحرب على التركيبة السكانية قد تساهم في تقليل أعدادهم بشكل كبير على المدى الطويل، أما إصرار أوروبا وضغطها على أوكرانيا للاستمرار في الحرب ربّما يعزّز هذه الفرضية.

نزوح النساء الأوكرانيات الكبير صوب القارة الأوروبية واندماجهن في دول أوروبا قد يبدو، من منظور ديموغرافي، وكأنه يخدم احتياجات القارة الأوروبية لتعويض نقص السكان
وبينما لا توجد أدلة قاطعة على أنّ الحرب الروسية- الأوكرانية، كانت مرسومة للتخلص من الرجال الأوكرانيين واستقدام النساء كحلّ ديموغرافي لأوروبا، فإن النتائج التي ترتبت على النزاع تخدم بشكل غير مباشر هذا الكلام.    

الأزمة الديموغرافية في أوروبا

تواجه أوروبا أزمة ديموغرافية واضحة، حيث تعاني معظم الدول الأوروبية من معدلات خصوبة منخفضة للغاية، تبلغ في المتوسط نحو 1.5 طفل لكل امرأة، وهو أقل بكثير من معدل الإحلال السكاني البالغ 2.1 طفل لكلّ امرأة، لأنّ النساء الأوروبيات يفضلن التركيز على التعليم والعمل قبل التفكير في الزواج وتكوين الأسرة.

هذه الأرقام تعني أنّ السكان الأصليين في أوروبا يتناقصون تدريجيا، وهو ما يؤدي إلى شيخوخة سكانية متسارعة وزيادة الضغط على الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية في سائر الدول الأوروبية.

الحلول المطروحة: الهجرة والتنوع السكاني

في مواجهة هذا التحدي، لجأت العديد من الدول الأوروبية إلى الهجرة كحل لتعويض نقص السكان. وقد تكثّف تدفق اللاجئين الأوكرانيين، وخصوصا النساء، صوب أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا. فبحلول عام 2023، استقبلت العالم أكثر من 8 ملايين لاجئ أوكراني، بين هؤلاء نحو 6 ملايين قصدوا القارة الأوروبية. ويشير تحليل للجنس أجرته الأمم المتحدة في العام 2022، أنّ 90 في المئة من جميع اللاجئين الذين تم استقبالهم هم من النساء أو الأطفال، بينما ما يقرب من 10 في المئة من جميع اللاجئين هم من الذكور. وإذا اعتبرنا أنّ كل عائلة خرجت من أوكرانيا تحتوي على 3 أفراد (أم وولدين)، فهذا يعني أنّ عدد النساء اللاجئات قد يصل إلى نحو مليوني إمرأة، وهذا الرقم قابل إلى الارتفاع إذا استمرت الحرب ونشأ الأطفال في أوروبا واندمجوا في المجتمعات الجديدة. وهذا بالمحصلة يعني أنّ تقديرات عدد النساء الأوكرانيات في القارة الأوروبية ربما يتخطى 3 ملايين وقد يصل إلى نحو 4 أو 5 ملايين امرأة أوكرانية مع الوقت.

وفي دول مثل بولندا وألمانيا، أصبح وجود النساء الأوكرانيات ملموسا بشكل كبير، حيث اندمجن بسرعة في سوق العمل والمجتمعات. ويُنظر إلى النساء الأوكرانيات في بعض الأوساط الأوروبية على أنهنّ شريكات حياة مثاليات.

بالنساء الأوكرانيات المرغوبات

تقارير عدّة في أوروبا، تشير إلى أنّ عدد كبير من الرجال الأوروبيين يفضلون النساء الأوكرانيات لأسباب كثيرة منها:

- التقارب الثقافي: أغلب الشعب الأوكراني يعتنق الدين المسيحي وهذا العامل يعزز من فرص الانصهار المجتمعي، بخلاف اللاجئين المقبلين من دول إسلامية.

- القيم العائلية: تُعرف النساء الأوكرانيات بتمسكهن بتكوين الأسرة وميلهن نحو الإنجاب، وهو ما يتماشى مع طموحات بعض الرجال الذين يبحثون عن شريكات ملتزمات بالقيم العائلية، وذلك بخلاف النساء الأوروبيات اللاتي يفضلن الانخراط في سوق العمل على تكوين الأسر.

- العمل المشترك والصبر: الكثير من النساء الأوكرانيات يعبرن عن استعدادهن لمواجهة صعوبات الحياة والعمل مع أزواجهن كشركاء حقيقيين.

- الاعتناء بالنفس: يُعتقد أنّ النساء الأوكرانيات يولين اهتماما كبيرا بمظهرهن الخارجي، مما يجعلهن جذابات في نظر بعض الرجال.

- التواضع: مقارنة بالنساء الأوروبيات الغربيات اللواتي يطالبن غالبا بالمساواة التامة في العلاقات، يُنظر إلى النساء الأوكرانيات على أنهن أكثر استعدادا لتقديم تنازلات من أجل الحفاظ على استقرار الأسرة.

-اللاجئات الأوكرانيات غالبا ما يكنّ أصغر سنا وأكثر تعليما، مما يجعل اندماجهن في المجتمعات الأوروبية أسرع من غيرهن.

التحديات الثقافية والاجتماعية
ما يحدث اليوم في القارة الأوروبية، يمكن أن يكون تقاطع ظروف الحرب، التي تصب في صالح الاحتياجات الديموغرافية والاجتماعية موجودة بالفعل في أوروبا، خصوصا إذا ما تم عطف هذه النتيجة على إصرار الأوروبيين على الاستمرار بالحرب وتشجيع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي على الاستمرار في زج رجال أوكرانيا في "محرقة" الحرب ضد روسيا
لكن كلّ ما سبق ذلك لا يعني أنّ الأمر لا يشوبه التحديات، وأغلبها التحديات ثقافية واجتماعي، نذكر منها:

1- صعوبة التكيف الثقافي: على الرغم من التناغم الديني، فإنّ القيم العائلية التقليدية للنساء الأوكرانيات، قد تتعارض في بعض الحالات مع القيم الليبرالية السائدة في أوروبا الغربية.

2- التأثير على مؤسسة الزواج: تزايد أعداد النساء الأوكرانيات قد يعيد تشكيل ديناميكيات العلاقات العاطفية والزواج في أوروبا، ويدفع نحو بعض الأزمات المجتمعين، مثل الخيانات، والجرائم.

الحرب هدف ديموغرافي؟

برغم تلك التحديات، يمكن القول إن النساء الأوكرانيات قد يجلبن معهن قيما وأدوارا اجتماعية قد تكون مطلوبة في مجتمعات تعاني من تغيرات ديموغرافية وثقافية عميقة. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين القيم المختلفة وضمان التعايش والاندماج السلمي في المجتمعات المضيفة. فالنساء الأوكرانيات اللواتي يملن لتكوين عائلات والاندماج بسرعة في المجتمعات المضيفة، قد يُنظر إليهن كحل لهذه التحديات السكانية.

وعليه، فإن ما يحدث اليوم في القارة الأوروبية، يمكن أن يكون تقاطع ظروف الحرب، التي تصب في صالح الاحتياجات الديموغرافية والاجتماعية موجودة بالفعل في أوروبا، خصوصا إذا ما تم عطف هذه النتيجة على إصرار الأوروبيين على الاستمرار بالحرب وتشجيع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي على الاستمرار في زج رجال أوكرانيا في "محرقة" الحرب ضد روسيا. هذه النتجية قد تثير الشكوك والريبة في النفوس، خصوصا أنّ كل التقارير تتحدث عن استحالة تحقيق أي مكاسب على أي من جبهات القتال.. وإلا لماذا الإصرار على استمرار الحرب؟

مقالات مشابهة

  • بنما ترفض مناقشة مستقبل القناة مع وزير الخارجية الأمريكي
  • الأسواق الأوروبية ترتفع مع ترقب قرار بنك الفيدرالي الأوروبي وبيانات النمو الإقليمية
  • الجيش الأمريكي ينقل صواريخ “باتريوت” من “إسرائيل” إلى أوكرانيا
  • الاتحاد الأوروبي يكشف عن خطة اقتصادية لمواجهة تهديدات ترامب
  • أمريكا تنقل صواريخ «باتريوت» إلى أوكرانيا و«زيلينسكي» يطلب مزيداً من الدعم
  • أوكرانيا تبحث مع الاتحاد الأوروبي بدائل المساعدات الأمريكية
  • مستقبل القبائل العربية بعد هزيمة الدعم السريع في السودان
  • عاجل| أكسيوس عن مصادر: الجيش الأمريكي نقل نحو ٩٠ صاروخ باتريوت من مخازنه في إسرائيل إلى بولندا لتسليمها إلى أوكرانيا
  • أكسيوس: الجيش الأمريكي نقل 90 صاروخًا من طراز باتريوت إلى أوكرانيا
  • أوكرانيا.. فرصة أوروبا لزيادة السكان؟