بعد جولتين من الاشتباكات الدامية في مخيم عين الحلوة الفلسطيني جنوب لبنان خلفت أكثر من 32 قتيلا و150 جريحا وتسببت بنزوح أكثر من 2000 عائلة إضافة إلى دمار هائل بالمباني السكنية، يعمل المسؤولون على إعادة الحياة إلى طبيعتها في عاصمة الشتات الفلسطيني جنوب لبنان.

يلملم سكان المخيم جراحهم جراء الأضرار الجسيمة التي أصابت منازلهم ومحالهم التجارية في معظم أحياء المخيم التي شهدت اشتباكات دامية بين حركة فتح وفصائل إسلامية، في سبتمبر / أيلول ويوليو / تموز الماضيين.

ويحيط بالمخيم الأكبر في لبنان سبع حواجز أمنية للجيش اللبناني حيث يخضع الداخلون والخارجون لتفتيش دقيق.

الأناضول جالت في أحياء المخيم التي شهدت اشتباكات عنيفة حيث الدمار في المباني السكنية والمحال التجارية التي احترق معظمها جراء إلقاء القنابل والصواريخ المتوسطة.

ويشهد المخيم بعد شهر على توقف الاشتباكات حركة خفيفة من السكان الباقين الذين لم تتضرر منازلهم ونازحون أتوا لتفقد ممتلكاتهم.

أعادت الاشتباكات المتكررة بين حركة فتح وفصائل إسلامية في المخيم تسليط الضوء على الصراع الأمني والسياسي في المخيمات المكتظة على الأراضي اللبنانية.

وفي نهاية يوليو الماضي، بدأت هذه الاشتباكات في عين الحلوة؛ إثر قيام عنصر من الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم بقتل عنصر من جماعة إسلامية تُدعى "الشباب المسلم"؛ على خلفية قضية اغتيال حدثت في مارس/ آذار الماضي.

وآنذاك، ارتفعت حدة الاشتباكات بين عناصر من "فتح" و"الشباب المسلم"؛ ما أسفر عن مقتل 14 شخصا، بينهم قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا (جنوب)، القيادي في "فتح"، العميد أبو أشرف العرموشي، مع 4 من مرافقيه.

وانتشرت عناصر القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة، الاثنين في 25 سبتمبر/أيلول الماضي في مخيم "عين الحلوة" للاجئين جنوب لبنان تنفيذاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين حركة "فتح" وفصائل إسلامية.

ويعد مخيم عين الحلوة من أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، إلى جانب 11 مخيما آخرا، حيث يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في البلاد بنحو 270 ألفا.

ولا يدخل الجيش أو القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات بموجب اتفاقات ضمنية سابقة، تاركين مهمة حفظ الأمن فيها للفلسطينيين أنفسهم، بينما يفرض الجيش اللبناني إجراءات مشددة حولها.

اقرأ أيضاً

لبنان.. إخلاء مدارس مخيم عين الحلوة من المسلحين

كأنّ إسرائيل مرت من المخيم!

الحاجة خديجة (70 عاما) التي صادفها مراسل الاناضول في حي حطين بالمخيم تتفقد منزلها المدمر بالكامل جراء إصابته بالقذائف ورصاص القنص وهي تبكي على الحال التي وصل إليها المخيم.

وقالت: "أنا أعيش في المنزل بمفردي ولا يوجد مسلحين فيه لماذا كل هذا الحقد بتدميره بالكامل".

وأسفت على وصل إليه الفلسطينيون "لدرجة أن يقوم الأخ بقتل أخيه بدل أن تتوحد البندقية باتجاه واحد فقط وهي إسرائيل"، على حد قولها.

أما جارتها أم كامل (55 عاما)، التي وقفت أمام دكانها المدمر والمحروق بالكامل فتقول: "إذا كان الهدف تهجيرنا مرة ثانية فلن نترك منازلنا وسنعود ونرممها من جديد".

وأضافت: "البندقية الفلسطينية من هنا من عين الحلوة يجب أن تتوجه إلى إسرائيل فقط وليس بين الإخوة ..لا يجوز هذا الدمار وكأن إسرائيل مرت من هنا".

من جهته، قال محمود (35 عاما) صاحب محل لبيع المواد الغذائية، للأناضول: لقد "دمر مصدر رزقي الوحيد و3 طوابق لي ولإخوتي دُمروا كليا".

وأضاف: "دكاني هذا كان أكبر متجر لبيع المواد الغذائية والحركة به لم تهدئ؛ أما الآن دمر بالكامل وأصبحنا نازحين وبدون عمل".

وعن إمكانية إعادة ترميم ما دمر، قال "لا نستطيع أن نفعل شيئا إذا لم تتوقف الاشتباكات وهذا كل ما نملكه. ذهب ولا نستطيع إعادته من دون مساعدة".

من جانبه، أعرب الطفل رمزي (10 سنوات) عن حزنه للحال في المخيم.

وقال: "عقب بدء الاشتباكات هربنا مع أهلي بعد رؤية القذائف والقنابل والرصاص العشوائي وهذا شيء سيئ للفلسطينيين".

اقرأ أيضاً

كيف خططت الولايات المتحدة لاشتباكات عين الحلوة؟.. وثيقة عربية تكشف التفاصيل

عودة تتطلب إعادة تأهيل ما تهدم

من جهته الحاج أبو وائل (68 عاما) من سكان المخيم، قال لمراس الأناضول: "بعد نجاح وقف إطلاق النار المرحلة المقبلة تتطلب إعادة ترميم ما تهدم".

ولفت أن "الوضع الإنساني حاليا وصل إلى الحضيض والسكان يعيشون وضعا صعبا ومأساويا للغاية".

وأوضح أن "عددا قليلا من أبناء المخيم ممّن نزحوا (إثر الاشتباكات) عادوا، فهناك الآلاف المنازل المدمرة بشكل كامل".

وأشار إلى أنه "رغم تطمين المسؤولين الفلسطينيين للنازحين، إلا أنهم (النازحون) يريدون شيئا عمليا على الأرض يطمئنهم حتى تعود الناس إلى منازلها".

ولفت أن "تنفيذ الخطة لم يكتمل بعد وخاصة عملية الفصل بين المسلحين من قبل القوة الفلسطينية المشتركة".

وأكد أن "عودة الناس إلى منازلها تتطلب إعادة تأهيل البنى التحتية حيث لم يعد هناك مياه ولا كهرباء والمياه الآسنة في الطرقات"، معربا عن أمله في "زوال خطاب الكراهية بين الناس في المخيم".

اقرأ أيضاً

حرب "عين الحلوة" تضع أوزارها.. و"حماس" تكسب سياسيا

معظم بنود اتفاق وقف اطلاق النار نفذت

وفي 14سبتمبر/أيلول الجاري توصلت الفصائل الفلسطينية إلى اتفاق وقف إطلاق النار، بعد أسبوع من الاشتباكات التي تسببت بموجة نزوح كبيرة إلى خارج المخيم.

وفي هذا السياق، قال خالد زعيتر المسؤول السياسي لحركة حماس في مخيم عين الحلوة إنه "بعد جولتين من الاشتباكات وبعد انتشار القوة المشتركة من جمع الفصائل في النقاط المحددة بسحب الاتفاق لها أثرها الإيجابي لطمأنه سكان المخيم".

وأضاف في حديث مع الأناضول: "نرى بعض الذين نزحوا خارج المخيم بدؤوا يعودون".

وأوضح أن "معظم بنود الاتفاق نفذت" معربا عن أمله في "ألا تعود الاشتباكات حتى تصل الأمور الى خواتيمها مع بقاء معضلة واحدة يعمل على حلها من خطة هيئة العمل المشترك وهي تسليم المشتبه بهم الثمانية".

من جهته، صرح عضو هيئة العمل الفلسطيني المشترك، بمنطقة صيدا فؤاد عثمان أن "الأمور تسير بإيجابية وبنود الاتفاق نفذت بالكامل من انتشار امني للقوة المشتركة بمناطق الاشتباكات وتسليم المدارس للأونروا".

وفي حديث مع الأناضول، أضاف عثمان: "يبقى الخطوة الأخيرة وهي تسليم المشتبه بهم (الثمانية) بعمليتي الاغتيال (اللواء أبو اشرف العرموشي قائد الامن الوطني وعبد فرهود (إسلامي) في التاسع والعشرين من تموز الماضي) للقضاء اللبناني عندها تزال العقبات".

واطلق عثمان نداء عاجلا لوكالة الأونروا لتأمين الأموال اللازمة لإعادة ترميم ما دمرته الحرب البشعة في المخيم من أجل عودة أهلنا والاستقرار لحياة لائقة وكريمة لهم".

اقرأ أيضاً

برعاية بري.. اتفاق وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة يدخل حيز التنفيذ

2000 منزل مدمر

عثمان كشف أن "هناك كمّا هائلا من المنازل داخل المخيم مدمرة ومحروقة ومتضررة جزئيا وكليا قد يصل عددها ما بين 1500 إلى 2000 منزل".

ولفت أن هناك "ما يقارب 2000 عائلة خرجت من المخيم بسبب الاشتباكات خوفا على أطفالها" .

وأشار إلى أن "الخسائر المادية كبيرة جدا ولكن البشرية أهم إذ فقد أكثر من 30 شابا في هذه الاشتباكات".

وقال: "عودة الحياة إلى طبيعتها تطلب إعادة تأهيل المنازل ومعالجة الأوضاع الإنسانية التي تطلب إعطاء الأمن والأمان لأهلنا وشعبنا حتى يعودوا بشكل كامل الى المخيم".

المصدر | الأناضول

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مخيم عين الحلوة لبنان اللاجئين الفلسطينيين المخيمات الفلسطينية عين الحلوة مخیم عین الحلوة وقف إطلاق النار فی المخیم اتفاق وقف اقرأ أیضا فی مخیم

إقرأ أيضاً:

خبير دولي: حكومة إسرائيل تقف أمام مفاوضات التهدئة.. ونتنياهو انتهى «سياسيا»

قال الدكتور أشرف سنجر، خبير السياسات الدولية بالقاهرة الإخبارية، إن رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته يقفوا ضد كل المفاوضات التي بشأنها تعمل على وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن نتنياهو مصمم على إفشال مساعي الإدارة الأمريكية في تهدئة الأوضاع ووقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

مغادرة بنيامين نتنياهو الحكومة الإسرائيلية

وأضاف «سنجر» خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن هناك أصداء وتداول أقاويل في الشارع الأمريكي بأن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لها القدرة على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، موضحًا أن الحزب الديمواقراطي في أمريكا يريد مغادرة بنيامين نتنياهو الحكومة الإسرائيلية.

ولفت إلى أن خبر إصدار المحكمة الدولية الجنائية مذكرة اعتقال بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت جاء كالصاعقة على تل أبيب، موضحًا أن أهم نقطة بشان إصدار المذكرة هي موافقة معظم الدول الأوروبية على القرار.

الدول الأوروبية محظورة الدخول على نتنياهو

وأشار إلى أن الدول الأوروبية أصبحت محظورة الدخول على نتنياهو، علاوة على ذلك فإنه سيقيد حركة نتنياهو وجالانت في التحرك للعواصم الأوروبية لاسيما في بعض العواصم الإفريقية والأسيوية، ويعتبر نتنياهو انتهى سياسيًا.

مقالات مشابهة

  • دمار هائل في غارة إسرائيلية على منطقة البسطة ببيروت
  • يونامي تؤكد على إعادة النازحين العراقيين من مخيم الهول
  • دمار هائل.. فيديو يوثق آثار الغارات ليلا على الشياح
  • تجدد الاشتباكات اليوم بين الجيش والدعم السريع بالعاصمة السودانية الخرطوم
  • خبير: حكومة إسرائيل تقف أمام مفاوضات التهدئة.. ونتنياهو «انتهى» سياسيًا
  • خبير: حكومة إسرائيل تقف أمام مفاوضات التهدئة.. ونتنياهو «انتهى» سياسيا
  • خبير دولي: حكومة إسرائيل تقف أمام مفاوضات التهدئة.. ونتنياهو انتهى «سياسيا»
  • محافظ إب يدشّن المخيم الطبي الجراحي والعلاجي المجاني بمستشفى يريم لأسر وأبناء الشهداء
  • «القاهرة الإخبارية»: فشل الاحتلال الإسرائيلي في دخول «البياضة» بعد الاشتباكات
  • دمار كبير جراء الغارة الإسرائيلية على الشهابية ليلا