يحاول بعض النازحين القادمين من الخرطوم للولايات مقابلة الضائقة الاقتصادية الناجمة عن الحرب بطرق أبواب (البزنس) بعد توقف مصادر دخلهم منذ أبريل الماضي. 

التغيير _ عبد الله برير

و مع دخول الحرب شهرها السادس لم يتسلم غالبية الموظفين رواتبهم والتي كانت لا تكفي مسبقاً لمجابهة الإحتياجات اليومية.

وفقد معظم صغار وكبار التجار محالهم التجارية التي تعرضت للنهب أو التخريب ونزحوا لعدة ولايات ابرزها الجزيرة.

وفكر النازحون في إيجاد مصادر دخل تسد رمقهم وتساهم مع الأسر التي تستضيفهم أو تمثل دفعه لهم في دور الايواء.

وطرق بعض الفارين من الحرب انواعاً مختلفه من الأعمال أبرزها نقل مطاعمهم للمدن غير المتاثرة بالحرب أي أنهم واصلوا نفس البزنس الذين كانوا يمارسونه سابقاً. وتعددت أنواع الأعمال التجارية للنازحين والنازحات لتشمل صناعة الصابون التقليدية وصناعة الشعيرية وبيع الآيس كريم وغيرها.

وفيما يختص بالعنصر النسائي فقد أقبلت السيدات على دخول ورش تصميم الثياب وصناعة الحلويات والمواد التجميلية والتسويق الالكتروني.

وأنتشرت في مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي بفيسبوك الخاصة بمدينة ود مدني اعلانات لكورسات وورش تدريبية بأسعار مناسبة تشجيعا للنازحين والنازحات على اكتساب مهارات تعينهم في بعض الحرف.

وما زاد حماس المتقدمين للكورسات والورش هو وجود بعض الدورات التدريبية “آون لآين” مما يوفر الوقت والجهد والمال المهدر في التنقل.

وتمتلئ دفاتر مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما فيسبوك بقصص العديد من النازحين والنازحات الذين نقلوا البزنس إلى ود مدني أو انشأوا أعمالاًجديدة من العدم بأقل التكاليف وباقل رأس مال مُتاح.

ومضى هؤلاء في سرد قصصهم تشجيعا لزملائهم القادمين من الحرب وبثاً للطاقة الإيجابية وعدم الاستسلام للظروف المعيشية القاسية.

والتقت «التغيير» بالمواطنة بالقادمة من الخرطوم أمل عباس التي كشفت أنها بدأت البزنس الخاص بها منذ أقل من شهر.

ونبهت أمل إلى أنها في هذه المرحلة اعتمدت على رأس مال قليل كان بحوذتها وبدأت به نشاطها التجاري.

التسويق

وقالت عباس إن أكبر مشكله تواجهها هي التسويق لمنتجاتها مشيرة إلى أنها لا تمتلك سوى صفحة شخصية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك والتي تحتوي على أصدقائها فقط وعدد قليل من المتابعين.

و أضافت :المعضلة الحالية هي كيفية إيجاد منصات أخرى للتسويق لأن فيسبوك يحتوي على عدد من الحسابات غير الجادة والتي (تضيع الزمن) ولا تساهم في انتشار المنتج.

وكشفت أمل عباس  أنها تعمل في الأساس معلمة في المرحلة الثانوية بولاية الخرطوم قبل أن تجبرها الحرب الحالية على امتهان بيع العطور وبعض المنتجات لمواجهة متطلبات الحياة.

التاقلم مع الواقع

وعن النقلة التي حدثت لها من التدريس للتجارة تقول أمل :الوضع الحالي يحتم عليك مواجهة كل الظروف والتاقلم مع كافة الخيارات.

و أضافت: في البداية كان الموضوع في غاية الصعوبة ولكن رويدا رويدا بدأت في التاقلم ثم شعرت بحماس عال تجاه عملي الجديد.

وارسلت عباس نصيحة لكل المقبلين على بزنس خاص سواء من النازحين أو المقيمين وقالت: أنصح الجميع بأن يجتهدوا وكأنهم يبدأون حياتهم (من الأول).

وزادت : لا جدوى من تقييد انفسنا بالحرب وتداعياتها والانتظار حتى تضع اوزارها حتى نعود إلى ديارنا، علينا أن نفكر في إخراج أنفسنا من الأزمة الحالية و أن نفكر  خارج الصندوق.

الوسومعطور معلمة نازحين ود مدني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: عطور معلمة نازحين ود مدني

إقرأ أيضاً:

حكايات المكبِّرين الأوائل.. الجامع الكبير ساحة المعركة الأولى (الحلقة الثانية)

يمانيون../
في قلب صنعاء القديمة، حَيثُ يتشابك عَبَقُ التاريخ مع نبض الحاضر، يقف الجامعُ الكبير شاهدًا على أحداث جِسام؛ ففي بدايات العَقدِ الأول من الألفية الثالثة، وبينما كانت رياحُ الغزو الأمريكي تهبُّ على المنطقة، كان هذا الصرحُ الروحاني العريق مسرحًا لانطلاق صرخة إيمانية مدوية، لم تكن مُجَـرّدَ كلمات عابرة، بل كانت شرارةً لمعركة طويلة الأمد.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/01.mp4
جعفر المرهبي، مجاهدٌ من أبناء صعدة، وجد نفسَه منجذبًا إلى صوتِ الحق الذي كان يصدحُ به الشهيدُ القائدُ السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوانُ الله عليه” في تلك المرحلة التي كانت اليمنُ ترزحُ تحتَ نفوذ السفارة الأمريكية، وقراراتُها السيادية تتشكَّلُ في دهاليزها، لكن في المقابل، كانت هناك قلوبٌ شابَّةٌ مؤمنة، ترى في التحَرّك الأمريكي تهديدًا واضحًا، وتستشعرُ نداءَ الواجب الديني والوطني لمواجهة هذا الخطر.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/02.mp4
في السابِعِ والعشرينَ من مارس عام 2003م، وبعد أَيَّـام قليلة من الغزو الأمريكي للعراق، قرّر المرهبي ورفاقُه التوجُّـهَ إلى الجامع الكبير، حَيثُ لم تكن لديهم قوةٌ مادية أَو دعمٌ لوجستي، بل كان دافعُهم إيمانًا خالصًا بالله، وشعورًا بالمسؤولية تجاه دينِهم ووطنهم.

ويروي المرهبي بصوتِه الهادئ: “كان الكل يلومك، الكل ينتقدك، الكل يحتج، حتى من داخل أسرتك.. لكن شعورنا بعظمة المسؤولية، وواجبنا أمام الله بأن يكون لنا موقف، وهو أن نتحَرّك”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/03.mp4

وصل المرهبي ورفاقُه إلى الجامعِ الكبير متوكِّلين على الله، وعزموا على إطلاق صرختهم، مهما كانت العواقب، ويتذكَّرُ المرهبي تلك اللحظاتِ قائلًا: “أثناءَ الخطبة، وأنت تلاحظُ كُـلَّ العساكر يمرون من حولك في كُـلّ مكان، وفي أياديهم عصي (هراوات)، كنا نستغرب، كيف هذا؟ ونحن في بيت من بيوت الله”، حتى أثناءَ صلاة الجمعة، كانت أعين السلطة تراقبهم، والمخبرون يتجولون بين صفوف المصلين، يتربصون بمن يرفعُ صوتَه بالصرخة.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/04.mp4

في الجمعة، التي سبقتهم، اعتُقل ثمانيةُ مكبِّرين؛ بسَببِ الصرخة، وفي الجمعة، التي وصلوا فيها، كان المرهبي واثنانِ من رفاقه على موعدٍ اختاروه بعناية، فكانت توجيهات السيد حسين واضحة: “إذا بدأنا الصرخة في أي جامع، لا تتوقف، وَإذَا تعرضنا للضرب لا نقاوم العسكر”، بل ذهب الشهيد القائد السيد حسين -رضوان الله عليه- أبعدَ من ذلك، حَيثُ قال للسلطة حينها: “اتركوا الشبابَ يصرخون وبعد الانتهاء من الصرخة افتحوا لهم أبوابَ السجن وسيتوجّـهون بأنفسِهم إليكم لتحبسوهم”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/05.mp4

وعندما انطلقت الصرخة الأولى في أرجاء الجامع، شعر المرهبي ورفاقُه بسكينة عجيبة تغمر قلوبهم، ويقول المرهبي عن هذا الشعور: “أول ما تُردِّدُ الشعار، تشعُرُ بشيء يربطُ على قلبك، وتشعر بسكينة وطمأنينة، ويذهب عنك كُـلُّ ذلك الخوف والقلق، والإرباك، يذوبُ ويتلاشى”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/06.mp4

لم تكن ردةُ فعل السلطة بطيئةً، الضربُ والاعتقالات أصبحت سمةً ملازمة لمن يرفع هذا الشعار، لكن المرهبي يرى في هذا القمع دليلًا على قوةِ تأثير صرختهم: “لولا أن مشروعَنا مؤثر عليهم، لما ضربونا واعتقلونا وأخذونا إلى السجون، هذه الصرخة مؤثِّرةٌ ومرعبة للأمريكي”.

شاهد عيان:

شهاداتٌ من داخل الجامع الكبير ترسُمُ صورةً حيةً لتلك الأيّام، أحد المصلين يتذكر: “أول ما يسمعون كلمةَ “الله أكبر، الموت لأمريكا” يتحَرّك الكل لضربِ الشخص الذي يصدر صوت الشعار؛ مِن أجلِ ألَّا يُكمِّلَ إطلاق عبارات الصرخة”، حتى أن بعض المصلين كانوا يشاركون الأمن في قمع هؤلاء الشباب، دون أن يدركوا أبعادَ ما يحدث.

شاهد عيان آخر يروي بحسرة عن تدنِّي الوعي الشعبي في ذلك الوقت، وكيف كان المواطنون شركاءَ في ظلم المكبِّرين دون قصد، ويتذكَّر كيف كان الأمنيون ينتظرون بعد صلاة الجمعة، لاعتقالهم، وكيف كان المكبِّرون في بعض الأحيان يرفعون أصواتَهم قبل الصلاة.

في إحدى الجمع، سمع شاهد العيان صوتَ رصاص داخل الجامع، وشاهد الدماء تسيل، والعساكر يخرجون شابًّا مكبِّرًا، بل وصل الأمر بالعساكر إلى اختلاق الأكاذيب لتبرير قمعهم، حَيثُ كانوا يقولون: إن المكبِّرين لصوص يريدون سرقةَ أحذية المصلين.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF%20%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86.mp4

لكن رغم كُـلّ هذا القمع، والتشويه، كان عددُ المكبِّرين يتزايدُ مع مرور الأسابيع، وبدأ الإعلام المعارِضُ ينقل الصورةَ الحقيقية لما يحدث، بل وصل إلى نقلِ قلقِ الإدارة الأمريكية وحرص سفارتها في صنعاء على الحصول على مِلفَّات هؤلاء الشباب.

وفي تلك الساحة المقدَّسة، الجامع الكبير، انطلقت صرخةُ الحق الأولى، صرخةٌ هزَّت أركانَ الظلم، وكانت بذرةً لمسيرةٍ طويلة من الصمود والتضحية، مسيرةٍ بدأت بإيمانٍ خالصٍ وشجاعةٍ نادرة في وجه قوىً طاغيةٍ.

منصور البكالي | المسيرة

مقالات مشابهة

  • حماس ترد على سباب عباس.. إصرار مشبوه
  • استشهاد مدني إثر انفجار لغم زرعته مليشيا الحوثي في الجوف
  • بالسباب والشتم.. عباس يقترح تسليم الأسرى وإيقاف الحرب (فيديو)
  • العدالة تنتصر لطالب ثانوي صدمه باب شاحنة مفتوح في طنطا.. والمحكمة تؤيد حبس السائق شهراً مع الغرامة
  • التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
  • حكايات المكبِّرين الأوائل.. الجامع الكبير ساحة المعركة الأولى (الحلقة الثانية)
  • مناظرة العيدروس للوليد مادبو التي ارجات احمد طه الى مقاعد المشاهدين
  • ليلة تأمل وأمل: عرض خاص لفيلم الخرطوم في لندن
  • تنذكر وما تنعاد.. حكايات مصوري حرب أهلية لا يتمنى اللبنانيون عودتها
  • رفض تشجيع الأرجنتين ولم يشاهد التلفاز منذ 30 سنة.. 3 حكايات عجيبة عن البابا فرنسيس