حكايات الحرب والنزوح بالسودان .. من مُعلمة ثانوي إلى بائعة عطور بود مدني
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
يحاول بعض النازحين القادمين من الخرطوم للولايات مقابلة الضائقة الاقتصادية الناجمة عن الحرب بطرق أبواب (البزنس) بعد توقف مصادر دخلهم منذ أبريل الماضي.
التغيير _ عبد الله برير
و مع دخول الحرب شهرها السادس لم يتسلم غالبية الموظفين رواتبهم والتي كانت لا تكفي مسبقاً لمجابهة الإحتياجات اليومية.
وفقد معظم صغار وكبار التجار محالهم التجارية التي تعرضت للنهب أو التخريب ونزحوا لعدة ولايات ابرزها الجزيرة.
وفكر النازحون في إيجاد مصادر دخل تسد رمقهم وتساهم مع الأسر التي تستضيفهم أو تمثل دفعه لهم في دور الايواء.
وطرق بعض الفارين من الحرب انواعاً مختلفه من الأعمال أبرزها نقل مطاعمهم للمدن غير المتاثرة بالحرب أي أنهم واصلوا نفس البزنس الذين كانوا يمارسونه سابقاً. وتعددت أنواع الأعمال التجارية للنازحين والنازحات لتشمل صناعة الصابون التقليدية وصناعة الشعيرية وبيع الآيس كريم وغيرها.
وفيما يختص بالعنصر النسائي فقد أقبلت السيدات على دخول ورش تصميم الثياب وصناعة الحلويات والمواد التجميلية والتسويق الالكتروني.
وأنتشرت في مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي بفيسبوك الخاصة بمدينة ود مدني اعلانات لكورسات وورش تدريبية بأسعار مناسبة تشجيعا للنازحين والنازحات على اكتساب مهارات تعينهم في بعض الحرف.
وما زاد حماس المتقدمين للكورسات والورش هو وجود بعض الدورات التدريبية “آون لآين” مما يوفر الوقت والجهد والمال المهدر في التنقل.
وتمتلئ دفاتر مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما فيسبوك بقصص العديد من النازحين والنازحات الذين نقلوا البزنس إلى ود مدني أو انشأوا أعمالاًجديدة من العدم بأقل التكاليف وباقل رأس مال مُتاح.
ومضى هؤلاء في سرد قصصهم تشجيعا لزملائهم القادمين من الحرب وبثاً للطاقة الإيجابية وعدم الاستسلام للظروف المعيشية القاسية.
والتقت «التغيير» بالمواطنة بالقادمة من الخرطوم أمل عباس التي كشفت أنها بدأت البزنس الخاص بها منذ أقل من شهر.
ونبهت أمل إلى أنها في هذه المرحلة اعتمدت على رأس مال قليل كان بحوذتها وبدأت به نشاطها التجاري.
التسويقوقالت عباس إن أكبر مشكله تواجهها هي التسويق لمنتجاتها مشيرة إلى أنها لا تمتلك سوى صفحة شخصية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك والتي تحتوي على أصدقائها فقط وعدد قليل من المتابعين.
و أضافت :المعضلة الحالية هي كيفية إيجاد منصات أخرى للتسويق لأن فيسبوك يحتوي على عدد من الحسابات غير الجادة والتي (تضيع الزمن) ولا تساهم في انتشار المنتج.
وكشفت أمل عباس أنها تعمل في الأساس معلمة في المرحلة الثانوية بولاية الخرطوم قبل أن تجبرها الحرب الحالية على امتهان بيع العطور وبعض المنتجات لمواجهة متطلبات الحياة.
التاقلم مع الواقعوعن النقلة التي حدثت لها من التدريس للتجارة تقول أمل :الوضع الحالي يحتم عليك مواجهة كل الظروف والتاقلم مع كافة الخيارات.
و أضافت: في البداية كان الموضوع في غاية الصعوبة ولكن رويدا رويدا بدأت في التاقلم ثم شعرت بحماس عال تجاه عملي الجديد.
وارسلت عباس نصيحة لكل المقبلين على بزنس خاص سواء من النازحين أو المقيمين وقالت: أنصح الجميع بأن يجتهدوا وكأنهم يبدأون حياتهم (من الأول).
وزادت : لا جدوى من تقييد انفسنا بالحرب وتداعياتها والانتظار حتى تضع اوزارها حتى نعود إلى ديارنا، علينا أن نفكر في إخراج أنفسنا من الأزمة الحالية و أن نفكر خارج الصندوق.
الوسومعطور معلمة نازحين ود مدنيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: عطور معلمة نازحين ود مدني
إقرأ أيضاً:
رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس|"خالتى صفية والدير"… دراما الصعيد والإنسانية فى أروع صورها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص، حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ، كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.
من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة.
لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.
رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث اجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية.
واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.
في قلب صعيد مصر، حيث العادات والتقاليد تحكم كل شيء، جاءت قصة "خالتي صفية والدير" لتحكي عن الحب والانتقام والتسامح في آنٍ واحد. المسلسل المستوحى من رواية الأديب بهاء طاهر، نجح في تقديم دراما إنسانية راقية تعكس صراع المشاعر في بيئة محافظة، حيث تتحكم العادات في مصائر البشر.
تدور الأحداث حول صفية، الفتاة الصعيدية الجميلة التي تحب حربي، لكن القدر يحمل لها صدمة عندما تُجبر على الزواج من الباشا، رغم أن قلبها ظل متعلقًا بحربي. بعد مقتل الباشا في ظروف غامضة، يتحول الحب القديم إلى نار انتقام، وتبدأ صفية في مطاردة حربي معتقدةً أنه القاتل. وسط هذه الأجواء المشحونة، يلعب الدير، وهو المكان الذي يعيش فيه الرهبان المسيحيون، دورًا محوريًا في القصة، حيث يكون الملجأ لحربي ويكشف عن قيم التسامح والتعايش التي تسود رغم نيران الثأر.
ما جعل "خالتي صفية والدير" مميزًا هو عمقه الإنساني، حيث يتناول فكرة الصراع بين الحب والثأر، وبين العادات القاسية والقيم الإنسانية.
قدم المسلسل مشاهد درامية مؤثرة، خاصة تلك التي جمعت بين شخصيات الصعيد والرهبان في الدير، مما عكس مزيجًا نادرًا من التقاليد والتسامح الديني.
لاقى المسلسل نجاحًا كبيرًا عند عرضه، حيث أثنى الجمهور على الأداء القوي للممثلين، خاصة بوسي في دور صفية، وممدوح عبد العليم في دور حربي.
والإخراج كان للمبدع إسماعيل عبد الحافظ، الذي نجح في تقديم أجواء الصعيد بأدق تفاصيلها، بينما جاء السيناريو من إبداع محفوظ عبد الرحمن، مما أعطى العمل طابعًا أدبيًا مميزًا.