العدوان يكتب .. ماذا قال المشير الجمسي في مذكراته عن حرب أكتوبر؟
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
ماذا قال #المشير_الجمسي في مذكراته عن #حرب_أكتوبر؟
#موسى_العدوان
تطلّ علينا يوم 6 أكتوبر الجاري ذكرى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973. وبهذه المناسبة أرغب أن أذكّر القراء الكرام، بما قاله المشير عبد الغني الجمسي في مذكراته عن تلك الحرب العظيمة، والتي عَبَرَتْ خلالها القوات المصرية المسلحة، أكبر مانع عسكري في التاريخ.
يقول المشير عبد الغني الجمسي، والذي أشغل وظيفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973 ما يلي، وأقتبس :
” لكل حرب من هذه الحروب الثلاث ( السابقة ) ظروفها السياسية وأهدافها الاستراتيجية ونتائجها، في إطار صراع القوتين العظميين في الشرق الأوسط. إلاّ أن المقاربة بين قدرات الخصمين المتحاربين – العرب وإسرائيل – لا تعكس من الناحية العسكرية تلك الصورة، التي انتهت إليها هذه الجولات الثلاث. وكانت القوة العسكرية للطرفين المتحاربين هي العامل الحاسم، فيما وصلت إليه حالة العرب السيئة، في الجولة الثالثة في يونيو 1967.
مقالات ذات صلة الحكم على مروجي أخبار كاذبة الأسبوع المقبل 2023/10/05ثم جاءت حرب أكتوبر 1973، فكانت حربا مختلفة تماما عن الحروب الثلاث السابقة لها، بعد أن تعمقنا في معرفة العدو الإسرائيلي، لتحديد مصادر قوته ومواطن ضعفه تحديدا دقيقا، مهد لنا الطريق في الصراع العسكري الدائم والمستمر بين العرب وإسرائيل.
لقد خاضت قواتنا المسلحة حرب يونيو 1967 وحرب أكتوبر 1973 ضد نفس العدو، واختلفت النتيجة اختلافا واضحا بين الهزيمة والنصر. وأغلب الرجال الذين اشتركوا في حرب يونيو هم أنفسهم الذي اشتركوا في حرب أكتوبر، بفاصل زمني حوالي 6 سنوات. وهي فترة زمنية قصيرة، لا يمكن أن يُقال أن جيلا حل محل جيل. فضلا عن ذلك فإن الموقف العسكري الاستراتيجي في أكتوبر1973، كان أصعب من الموقف في حرب يونيو 1967. وبرغم ذلك عبَرت قواتنا الهزيمة، وحققت النصر العسكري في ظروف سياسية أعقد مما كانت عليه في يونيو.
ومن الملفت للنظر أيضا، أن إسرائيل انتصرت في حرب يونيو من حدود اعتبرتها غير آمنة، وانتصرنا عليها – نحن العرب – في حرب أكتوبر من حدود اعتبرتها آمنة . . . فصراع القوى الكبرى لن يهدأ في هذه المنطقة، والصراع العربي الإسرائيلي لن يتوقف “. انتهى.
* *التعليق : في #حرب #حزيران عام 1967، كانت الهزيمة للجيوش العربية الثلاث أمام القوات الإسرائيلية، وفي أكتوبر 1973 كان النصر للقوات المسلحة المصرية على العدو، الذي انتصر على الجيوش العربية في حرب حزيران.
وهنا أطرح التساؤل التالي : ما هو السرّ في هذه المفارقة، التي تمكن بها #الجيش_المصري وحده تقريبا، أن يحوّل الهزيمة إلى نصر، على العدو نفسه خلال فترة زمنية قصيرة ؟
يقول الفيلسوف الصيني صن تزو قبل 24 قرنا : ” إن كنت تعرف عدوك وتعرف نفسك، فلا تخاف من نتائج مئة #معركة، وإن كنت تعرف نفسك ولا تعرف عدوك، فإنك ستلقى هزيمة مع كل انتصار تجنيه، أما إذا كنت لا تعرف عدوك ولا تعرف نفسك، فستُهزم في كل معركة “.
ولا شكّ بأن هناك أسبابا عديدة، جعلت القوات المسلحة المصرية تحقق النصر، من أهمها :
معرفة القوات المسلحة المصرية لقدراتها الذاتية، وقدرات القوة والضعف لدى العدو الإسرائيلي. توفر الإرادة السياسية والعسكرية لدى القيادة العليا المصرية، لتحقيق النصر وتحريك الموقف العسكري الجامد وتحرير أرض سيناء. الثأر لهزيمة حزيران 1967 والتي لم تكن الجيوش العربية مستعدة لها، ولم تتمكن من أخذ فرصتها العملية في القتال لعدم توفر غطاء يوفر السيطرة الجوية في سماء المعارك. التعبئة النفسية وبث الروح القتالية بين الضباط والجنود، وإثبات قدرتهم على القتال واسترداد أرضهم المحتلة. الاقتناع بأن الصراع مع الإسرائيليين سيبقى مستمرا لكبح أطماعهم التوسعية غير المحدودة. فعالية خطة التدريب التي مارستها وحدات القوات المسلحة، وتطبيقها على أهداف مشابهة لما سيواجههم في الحرب القادمة. خطة الخداع المحكمة التي استطاعت تطبيقها القوات المسلحة، قبل بدء الحرب، وتحقيق المفاجأة. الحسابات الدقيقة في اختيار التوقيت المناسب لشن الحرب، فيما يتعلق بطبيعة المد والجزر في قناة السويس، ويصادف عيد الغفران اليهودي الذي يخف به توقع الحرب.ولا شك أيضا بأن الرئيس السادات – اتفقنا أو اختلفنا معه – قد تحمل مسؤولية كبيرة في قرار الحرب، وقد كتب هيكل في هذا المجال قائلا : ” أتذكّر حوارا مع أنور السادات جرى مساء يوم الجمعة 21 سبتمبر 1973، في شرفة استراحة برج العرب المطلة على البحر. حيث كان جالسا في صمت لبعض الوقت، وكان فيما بدا يتأمل منظر غروب الشمس، في هذه البقعة الجميلة من شاطئ مصر الغربي، لكنه فجأة شدّ نظره عن مشهد الطبيعة المهيب ليقول لي :
” إن القرار بالنسبة لغيري تعامل مع الأفكار والتقديرات والاحتمالات، وأما بالنسبة لي، فإن القرار تعامل مع الحياة والموت، والمسألة لا تتعلق بشخصي، فقد عرفت الحياة وواجهت الموت، ولكنها تتعلق بآلاف . . مئات الآلاف من الرجال، سوف يأخذون الكلمة مني . . وفوق ذلك هناك كرامة ومستقبل وحياة أمة في الميزان “.
وبغضّ النظر إن كانت تلك الحرب هي حرب تحرير أم حرب تحريك كما يقال، إلا أنها على الصعيدين السياسي والعسكري صنعت تاريخا مشرّفا، اعترف به العالم وأقرّ به العدو والصديق. وإن كان قد شاب تلك الحرب أخطاء عسكرية استراتيجية، فقد كان ذلك نتيجة لتدخل القيادة السياسية في مجرى العمليات العسكرية، والتي تبعها لاحقا ( خطايا ) سياسية تتعلق بسوء مصير الأمة العربية.
رحم الله شهداء أكتوبر وجميع شهداء الأمة العربية، الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة في ميادين الشرف، دفاعا عن اوطانهم وشعوبهم.
التاريخ : 5 / 10 / 2023
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: المشير الجمسي حرب أكتوبر حرب حزيران الجيش المصري معركة القوات المسلحة حرب أکتوبر أکتوبر 1973 حرب یونیو فی حرب
إقرأ أيضاً:
سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (4)
تخيل عزيزى المواطن أن أحدهم هتف فى واحد من شوارع القاهرة وهو يصرخ: «خدلك ساتر إحنا فى حرب». فإذا نظرت إلى السماء لم ترَ طائرات ولا مُسيَّرات ولم تسمع أصوات طلقات البنادق، فهل ستصدق ما يقول؟!
فماذا لو أخبرتك أننا نحارب بالفعل منذ سنوات، وأن تلك الحرب ممكن أن يصبح سلاحها كتاباً وفيلماً ومسلسلاً، بل من الممكن أن يكون رواية وقصصاً وأشعاراً وأغنيات؟!
رسَّخت الدراما المصرية فى عقولنا أن الكتب لن نراها سوى مع شخصيات مثقفة، وتعريف مثقفة هنا أى شخصيات لا (تستحم) ضربها الجنون تهيم فى الأرض دون رابط أو ضابط. وأغلبنا يذكر المشهد الكوميدى للفنان الراحل «أحمد راتب» فى فيلم «يا رب ولد» وهو يقول: «أنا مثقف بوهيمى يفعل ما يحلو له»، وكيف رفض أن (يستحم) لأنه مثقف!
ربما يرد قارئ أنه لا يعرف القراءة أصلاً ولا خطر عليه بالتالى، وإلى ذلك المتحدث نقول إن الكتاب أصبح بصيغة صوتية ومتاحاً بكل سهولة على هاتفك. وأصبح فيلماً تشاهده، أو محاضرة دينية يقدمها داعية يرتدى ملابس أنيقة ويظهر أمامك فى كل وسيلة مسموعة أو مرئية حتى يقدم لك الأفكار التى يرى من وجهة نظره أنها الدين الصحيح!
ذكرنا فى مقال سابق أن أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية قررت تجنب خطأ الإنجليز، والألمان، والفرنسيين، والروس؛ بعد ما شاهدت إمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس وهى تنهار بسبب الحروب التى دمرتها، وبدأنا نسمع مع الأمريكان عن الحرب الثقافية الباردة، وهناك تفصيلات أكبر لمن يحب أن يقرأ كتاب «من الذى دفع للزمار؟» لـ«ف. س. سوندرز».
الأمريكان أدركوا مبكراً حجم الخطأ فى إرسال جنودهم للموت فى دول أخرى، وفكروا فى وسائل مختلفة أوصلتهم إلى فكرة شيطانية؛ سنحارب الدول بشعوبها! وأسهل طريقة للسيطرة خلال تلك الفكرة هى اللعب فى أدمغة الشعوب المراد التحكم بها.
أدركت أمريكا متأخراً أن خطر الجماعات الإرهابية التى صنعوها فى أفغانستان ضد الروس ليس بعيداً عنهم، وأن تلك المجموعات من الضرورى السيطرة عليها، وأسهل طريقة لذلك هو توجيه تلك الطاقة العدوانية إلى داخل المنطقة العربية بعيداً عن المواطن الأمريكى.
فى تلك المرحلة أصدر مركز أبحاث تابع لوزارة الدفاع الأمريكية تقريراً شديد الخطورة حول كيفية احتواء خطر الجماعات الإرهابية. والاحتواء هنا لا يُقصد به القضاء على الإرهاب بشكل عام، لكن المقصود توظيف تلك المجموعات داخل الدول العربية نفسها، فمن جانب سيتخلص الأمريكان من تكرار توجيه سلاح القاعدة للداخل الأمريكى، ومن جانب آخر تصبح تلك المجموعات ورقة ضغط ضد أى دولة عربية تحاول مواجهة الغرب على أى مستوى!
تقرير مركز الأبحاث الأمريكى هدف إلى تكوين شبكة تحالفات داخل الدول العربية تروج للثقافة الأمريكية، وتدفع الناس لمشاهدة الحياة بعين أمريكا وليس بعيونهم الشرقية دون الانتباه لقدم تاريخ الفكر الشرقى الموجود قبل نشأة أمريكا نفسها بآلاف السنين!
من أجل تقريب المسألة سنعطى نموذجاً لتبسيط المسألة وتقريبها للأذهان؛ فى عام 2006 منحت هيئة المعونة الأمريكية 20 مليون دولار لشركات نشر مصرية فى مقابل تأسيس مكتبات فى مدارس التعليم الابتدائى، حيث تدفع الهيئة كامل تكاليف الكتب والورق والطباعة، والمقابل المقدم من الشركات فى سبيل تنفيذ تلك المنحة هو طبع قصص أطفال تعمل على تهيئة عقل من يقرأها إلى قبول الثقافة الأمريكية عموماً، بمعنى أن ذلك العقل الخام سوف يصبح مهيأ مستقبلاً لاستقبال أفكار أكثر (أمركة) وتقبلاً للحريات بمفهومها الغربى!
فى تلك الفترة، بالتحديد عام 2005، وصل عدد المدونات التى دشنها شباب مصرى إلى 150 ألف مدونة على الإنترنت يكتبون من خلالها أفكارهم، ثم بمرور الوقت أصبح هناك فيس بوك والذى يستخدمه الآن أكثر من نصف الشعب المصرى!