انتصار أذربيجان في قرة باغ.. مكاسب تركية على حساب روسيا وإيران
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
يمنح الانتصار الذي حققته أذربيجان في إقليم ناغورني قرة باغ نفوذا جديدا إلى تركيا على حساب روسيا وإيران.
وفي 20 سبتمبر/ أيلول قال رئيس أذربيجان إلهام علييف إن بلاده استعادت السيادة على ناغورني قره باغ المتنازع عليه مع أرمينيا، بعد انسحاب الانفصاليين الأرمن وتسليم أسلحتهم بموجب اتفاق لوقف النار تم التوصل إليه بعد عملية عسكرية شنتها باكو.
من جانبه؛ التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نظيره علييف في منطقة ناختشيفان الأذربيجانية، الواقعة بين أرمينيا وإيران ولها حدود صغيرة مع تركيا، وقال إن انتصار أذربيجان في قره باغ يعزز فرص تطبيع العلاقات في المنطقة، داعيا أرمينيا لاغتنام فرصة الاستقرار والسلام في المنطقة.
وتقول منصة "أسباب" في تقرير إن انهيار الاتحاد السوفيتي مثل نقطة الاشتعال بين الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين أذربيجان وأرمينيا حول إقليم ناغورني قرة باغ الواقع داخل أذربيجان ويسكنه نحو 120 ألف شخص من العرقية الأرمنية، وقد دامت الحرب الأولى بين الدولتين 6 سنوات، وانتهت عام 1994 بسيطرة أرمينيا على كاراباخ وعلى مساحات وذاسعة مجاورة للإقليم.
بينما استعادت أذربيجان في حرب عام 2020 المناطق المجاورة للإقليم بعد صراع استمر 6 أسابيع، انتهى باتفاق لوقف إطلاق نار بوساطة روسية، بموجبه تم نشر قوة حفظ سلام روسية قوامها 1960 جنديا في ممر لاتشين الضيق الواصل بين الإقليم والأراضي الأرمينية.
ويشير التقرير إلى أن باكو فرضت في أبريل/نيسان الماضي نقطة تفتيش على ممر لاتشين، تتحكم في طريق الإمداد الحيوي لمنطقة ناغورني قرة باغ المعزولة، لتأكيد سيطرتها على الأراضي التي تنتمي قانوناً إلى أذربيجان ولكنها تظل خارج نطاق سيادتها بموجب اتفاقية وقف إطلاق النار عام 2020.
فيما جاء الرد الروسي خافتاً على إنشاء نقطة التفتيش، حيث أعربت فقط عن مخاوفها من أن تمثل انتهاكا للهدنة.
اقرأ أيضاً
روسيا منشغلة وإيران مأزومة.. تركيا تعيد نفوذها في جنوب القوقاز من بوابة أذربيجان
عوامل الانتصار
ويضيف التقرير أن أذربيجان قدرت أن المتغيرات الدولية تمنحها فرصة استثنائية لاستعادة الإقليم، وتشمل تلك المتغيرات ما يلي:
- تواجه روسيا صعوبات في ساحة المعركة مع أوكرانيا تحد من قدرتها على التدخل عسكريا في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، فضلا عن ضغوط أمريكا وحلفائها الغربيين لعزلها دوليا، كما أن العلاقات الروسية الأرمينية لم تعد على نفس الدرجة من القوة.
- تعد إيران داعماً لأرمينيا، لكنها ليست في وضع يسمح بتقديم المساعدة العسكرية للانفصاليين الأرمن. في المقابل؛ يظل الدعم التركي لأذربيجان ثابتا وحاسما في دعم جهودها العسكرية.
- تدرك أذربيجان أهميتها الجيوسياسية، حيث تعد أحد مصادر إمدادات أوروبا من الغاز الطبيعي بدلاً من روسيا، عبر ممر الغاز الجنوبي المار بتركيا، كما يمثل خط أنابيب النفط باكو-تبليسي-جيهان أهمية لأمريكا التي تسعى إلى زيادة الإنتاج العالمي وضمان استقرار أسعار النفط، كما تعد أذربيجان بوابة إلى دول آسيا الوسطى وطريق النقل الدولي “الممر الأوسط” TITR))، الذي يربط أوروبا بالصين عبر آسيا الوسطى وجنوب القوقاز، ويوفر بديلاً للمرور عبر روسيا.
ويذكر التقرير: "بالرغم من أن التزام روسيا بالدفاع عن أرمينيا بموجب معاهدة الأمن الجماعي (CSTO)، إلا أن علاقات الجانبين قد شهدت مؤخرا تطورات تشير إلى تدهور محتمل".
ويلفت إلى تطور مهم تمثل في أن أرمينيا إلى تعزيز علاقتها مع أمريكا، حيث أجريت مناورة عسكرية مشتركة للمرة الأولى بين البلدين في الفترة من 11 إلى 20 سبتمبر/أيلول الماضي، كما انتقد رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الدور الروسي المتراجع في جنوب القوقاز، ووصف اعتماد أرمينيا الأمني على روسيا بأنه "خطأ استراتيجي".
والأمر الآخر - حسب التقرير - هو أن باشينيان أرسل مشروع قانون انضمام أرمينيا للمحكمة الجنائية الدولية إلى البرلمان الأرميني الذي أقره يوم 3 أكتوبر/تشرين أول، وهي خطوة تشير إلى الرغبة في تجنب استقبال الرئيس الروسي الصادر بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي دفع موسكو إلى وصف الخطوة الأرمينية بأنها "معادية للغاية".
ويتابع التقرير: "مع ذلك؛ فإنه من المبكر الجزم بأن أرمينيا بصدد تحول استراتيجي كبير بعيدًا عن روسيا".
ويستدرك: "لكن الأرجح أنها لم تعد تراهن على موسكو كحليف دولي وحيد؛ إذ مازالت الروابط الاقتصادية والأمنية بين البلدين متأصلة، ولم تنضم أرمينيا إلى جهود الغرب لعزل موسكو، بل عززت علاقاتها الاقتصادية مع روسيا مستفيدة من حاجة الأخيرة لها بسبب العقوبات الغربية".
اقرأ أيضاً
عبر ممر زانجيزور.. هكذا تغير تداعيات الصراع بين أرمينيا وأذربيجان ميزان القوى بآسيا الوسطى
العلاقات الروسية الأذرية
في الجانب الآخر؛ تطورت العلاقات الروسية الأذرية منذ انتصار باكو في حرب 2020، وأصبحت أذربيجان قناة تجارية مهمة لروسيا مع نمو ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)، والذي يمتد من روسيا إلى الهند ويساهم في الالتفاف على العقوبات الغربية، وبعد أن كانت روسيا تدعو إلى تجميد الأوضاع في إقليم ناغورني قرة باغ، دعمت علناً إصرار باكو على التزام سكان الإقليم بالقوانين الأذرية كجزء من أي تسوية نهائية، حسب التقرير.
وتوضح "أسباب" أن أولوية روسيا تظل هي الحفاظ على هيمنتها الإقليمية، والحد من نفوذ الأطراف المنافسة بما في ذلك تركيا والولايات المتحدة، وحتى إيران.
وتضيف: "لا تزال روسيا أكبر مورد للأسلحة إلى أرمينيا وأذربيجـان، حيث قدمت روسيا 94% و60% من واردات الأسلحة إلى أرمينيا وأذربيجـان، على التوالي، في الفترة من 2011 إلى 2020".
ومن المتوقع أن تدافع روسيا عن نفوذها في البلدين، وأن تسعى للتوازن في علاقاتها بين باكو وياريفان حتى لا تسمح بتسلل القوى الأخرى إلى مجال نفوذها الحيوي.
لكنّ أوجه الضعف التي أظهرتها الحرب الأوكرانية تهدد بتقويض موقع موسكو المهيمن في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، خاصة مع تصاعد جهود الغرب لعزل موسكو، ونشاط قوى أخرى منافسة أهمها الصين وتركيا والولايات المتحدة.
وبينما نجحت تركيا في تطوير شراكة استراتيجية مع أذربيجان، فإن أرمينيا ودول جنوب القوقاز وآسيا الوسطى تسعى بصورة متزايدة للاستفادة من الفرص الاقتصادية والأمنية التي يوفرها التنافس الدولي والإقليمي.
اقرأ أيضاً
بالتزامن مع نزوح أرمن قره باغ.. أردوغان يلتقي رئيس أذربيجان
دور ممر زنغزور
يعزز هذا الانتصار العسكري موقع أذربيجان وتركيا إزاء إنشاء طريق يعبر منطقة سيونيك جنوب أرمينيا، وتشغيل ممر زنغزور، وهو طريق يمر عبر جنوب أرمينيا ويبلغ طوله 40 كم ويربط بين أذربيجان وإقليم ناخيتشيفان التابع لها والمنفصل جغرافيّاً عن باقي أذربيجـان.
ويمنح ممر زنغزور لأذربيجان وتركيا طريقاً مباشراً للتجارة يربط بين آسيا الوسطى وأوروبا دون المرور بإيران، ويحد من النفوذ الذي تتمتع به طهران على باكو بشأن وصول الأخيرة إلى إقليم ناختشيفان.
ومن المرجح أن يكون التنافس الجيوسياسي بين تركيا وإيران أكثر وضوحا في المرحلة المقبلة، وتعزز التطورات في أذربيجـان هذا التقدير؛ حيث يتمتع الأتراك الآن بنفوذ على الجناح الشمالي لإيران، وهو أمر لم يتمكن حتى العثمانيون من تحقيقه على الإمبراطورية الفارسية.
وبينما شعر الإيرانيون بالارتياح سابقا لسيطرة أرمينيا على ناغورني قرة باغ والعديد من المناطق على طول الحدود مع إيران، فإن استعادة أذربيجان سيطرتها على المنطقة يضع طهران في مواجه أكثر مع أذربيجان المتحالفة مع إسرائيل، والتي تتمتع بعمق استراتيجي عرقي في شمال إيران، حيث ينتمي حوالي ربع الإيرانيين إلى العرق الأذري ويسكنون محافظتي أذربيجان الغربية والشرقية على طول الحدود الشمالية.
اقرأ أيضاً
بعد تحرير أذربيجان لناجورنو كاراباخ.. هل تبدأ الحرب في زانجيزور وما موقف روسيا والغرب؟
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أذربيجان أرمينيا تركيا إيران روسيا ناغورني قرة باغ ممر زنغزور ناغورنی قرة باغ جنوب القوقاز اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
كان رابع أكبر بحيرة.. أسباب جفاف بحر آرال في آسيا الوسطى
لم يكن جفاف بحر آرال في آسيا الوسطى كارثة بيئية فحسب، بل أثر أيضًا على حركة الصخور على عمق عشرات الكيلومترات تحت سطح الأرض، بحسب دراسة نشرت يوم الاثنين.
يقول سايمن لامب، الباحث في علوم الأرض لدى جامعة ويلينغتون في نيوزيلندا، في مقال مصاحب للدراسة المنشورة في مجلة "نيتشر جيوساينس": يبدو أن البشرية عطلت الصفائح التكتونية فقط من أجل تحسين إنتاج القطن.
أخبار متعلقة مشغولات الفضة.. أناقة تبرز المكونات الثقافية المتنوعة للمملكةموروث شعبي.. زراعة الفل بجازان تنتعش في أجواء الربيعيقع بحر آرال بين كازاخستان وأوزبكستان، وكان رابع أكبر بحيرة في العالم حتى أواخر خمسينيات القرن العشرين.
وأدى تحويل رافديه، سير داريا وأمو داريا، لزراعة القطن والأرز في مرحلة الاتحاد السوفييتي، إلى جعله صحراء من الرمال والملح.
بين عامي 1960 و2018، انخفضت مساحة سطحه بنسبة 90%، وانخفض حجمه بنسبة 93%.
تأثيرات بيئية واقتصاديةويقول معدو الدراسة إن "تشرنوبيل صامتة" كان لها تأثيرات بيئية واقتصادية عميقة، إذ قضت على أنواع حيوانات كثيرة ووضعت حدًا للأنشطة البشرية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } جفاف بحر آرال أثر على حركة الصخور في أعماق الأرض - maxresdefault
ولم تقتصر آثار هذه الكارثة على سطح الأرض فحسب، بل امتدت إلى أعماق كوكبنا.
وحلل المحاضر الأول في كلية علوم الأرض والفضاء في جامعة بكين تنغ وانغ وزملاؤه تشوه الأرض في حوض بحر آرال بين عامي 2016 و2020.
وباستخدام رادارات، قاسوا بدقة ملليمترية الاختلافات في وضعية الأرض خلال المرور المتكرر فوق منطقة أقمار "سينتينيل -1" التابعة لبرنامج كوبرنيكوس الأوروبي.
قبل أن يتقلص حجم بحر آرال، كان وزن الماء كبيرًا بما يكفي للتسبب في غرق قشرة الأرض تحته.
في غضون بضعة عقود فقط، تبخر ألف مليار طن من المياه، لذلك توقع العلماء أن تعود القشرة الأرضية إلى وضعها الطبيعي مع جفاف البحيرة، "كنبع مضغوط جرى إطلاقه"، حسب تعبير لامب.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } جفاف بحر آرال أثر على حركة الصخور في أعماق الأرض - Got2Globe
لكن وانغ وزملاءه وجدوا أن قاع البحيرة القديم استمر في الارتفاع بمعدل متوسط يبلغ نحو 7 ملليمترات في السنة، حتى بعد جفافه.
ولوحظ هذا الارتفاع على مساحة واسعة تمتد على 500 كيلومتر من مركز البحر الأصلي.
وبحسب محاكاتهم، يكمن تفسير هذه الظاهرة على عمق أكثر من 150 كيلومترًا تحت سطح الأرض، في نطاق الانسياب، وهي طبقة تقع تحت القشرة الصلبة للأرض، تتشوه الصخور الساخنة فيها ببطء تحت الضغط، مما يحرك الصفائح التكتونية العائمة فوقها.
وأدى الضغط الطويل الأمد لبحر آرال إلى إزاحة جزء من نطاق الانسياب.
وبعد أن أصبحت سائلًا شديد اللزوجة، بدأت هذه الصخرة تعود راهنا إلى الموقع الذي كانت فيه قبل وجود البحيرة، بسرعة مماثلة لحركة الصفائح التكتونية، وسيستمر الأمر على هذا النحو لعقود عدة.
وتظهر هذه النتائج كيف يمكن للنشاط البشري أن يؤثر على الأرض وصولًا إلى الوشاح العلوي، ويسبب بالتالي تغييرات على السطح، وفق معدي الدراسة.