الحريديم في إسرائيل.. نفوذ ديني وسياسي كبير
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
يشكل اليهود المتدينون الحريديم نحو 13.3% من عدد السكان في إسرائيل ومع ذلك فإن نفوذهم بالدولة كبير، حيث تستمد الأحزاب الدينية قوتها من حاجة الساسة الإسرائيليين إليها عند تشكيل الحكومات لنيل ثقة الكنيست (البرلمان).
ومع تشكيل الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو نهاية العام الماضي، عادت الأحزاب الدينية بكل قوتها إلى الساحة السياسية بعد أن تخلت الحكومة السابقة برئاسة نفتالي بينيت ويائير لبيد جزئيا عنها.
وتحاول الأحزاب الحريدية الرئيسية، وفي مقدمتها حزب "شاس" الذي يمثل المتدينين الشرقيين (السفارديم)، وحزب "يهودية التوراة" الذي يمثل المتدينين الغربيين (الأشكناز)، الاستفادة من تأثيرها للحصول على المزيد من الميزانيات المالية لمجتمعاتها ومدارسها.
غير أن تلك الأحزاب تولي أهمية بشكل خاص لمصادقة الكنيست على قانون يستثني المتدينين اليهود من الخدمة العسكرية.
النمو السكانيويقول معهد ديمقراطية إسرائيل (خاص) في دراسة إن معدل نمو السكان الأرثوذكس المتشددين (الحريديم) في إسرائيل هو الأعلى بين جميع السكان في البلدان المتقدمة، ويبلغ حوالي 4% سنويا.
وأضاف أن العوامل الكامنة وراء هذا النمو السريع بشكل خاص هي معدلات الخصوبة المرتفعة، ومستويات المعيشة والطب الحديث، ومتوسط عمر الزواج عند الشباب، والأعداد الكبيرة من الأطفال لكل أسرة.
وتابع المعهد "نتيجة لذلك، فإن السكان الأرثوذكس المتشددين في إسرائيل هم من الشباب، حيث إن حوالي 60% منهم تحت سن العشرين، مقارنة بـ31% من إجمالي سكان البلاد".
ولفت في هذا السياق، إلى أنه في عام 2022، بلغ عدد السكان (الحريديم) حوالي مليون و280 ألف نسمة، مقارنة بـ 750 ألف نسمة في عام 2009، وباتوا الآن يشكلون 13.3% من إجمالي سكان إسرائيل.
ووفق المكتب المركزي للإحصاء، من المتوقع أن يصل حجمهم النسبي إلى 16% (من عدد السكان) عام 2030، وأن يصل عددهم إلى مليوني نسمة عام 2033 كما ذكر المعهد.
ومطلع العام الجاري، قالت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، إن عدد سكان إسرائيل بلغ 9.7 ملايين نسمة بينهم 7.1 ملايين من اليهود أي 73.5%، فيما بلغ عدد السكان العرب مليوني نسمة أي 21%، أما باقي السكان فهم من المسيحيين غير العرب والمهاجرين.
وتفتقد الأحزاب الكبرى في إسرائيل إلى عدد المقاعد المطلوبة في الكنيست لتشكيل حكومة، على الأقل 61 من أصل 120، ولذلك فهي تلجأ إلى الأحزاب الصغرى من أجل استكمال عدد المقاعد المطلوبة للحصول على ثقة البرلمان.
وعادة ما ترى الأحزاب الدينية نفسها حليفة للأحزاب اليمينية عند تشكيل الحكومات ولا سيما لرفض أحزاب الوسط واليسار مطلبها باستثناء المتدينين اليهود من الخدمة العسكرية.
أهمية الحريديموقال يوناثان فريمان أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس للأناضول إن الحريديم -وعلى مدى طويل جدا- أصبحوا أكثر أهمية لأي ائتلاف حكومي يتم تشكيله.
وأضاف "يمكنني القول إن كل من يشكل حكومة من أي حزب، يخوض مفاوضات مع الأحزاب المتشددة دينيا (الحريديم)، وهنا تكمن الأهمية المتزايدة لهم".
وتشير استطلاعات الرأي العام التي جرت بالأشهر الأخيرة في إسرائيل إلى اختلاف في قوة الغالبية العظمى من الأحزاب منذ الانتخابات الأخيرة التي جرت نهاية عام 2022 إلا الأحزاب الدينية التي يلاحظ أنها تحافظ على مكانتها.
وأشار فريمان إلى أن أحد أهم الأمور التي تميز هذه الأحزاب هو الولاء الكبير لها بين أنصارها، فهم يصوتون ككتلة واحدة وبذلك فهم يحصلون بسهولة على هذه الأصوات وهم ليسوا بحاجة لتنظيم الكثير من الحملات الانتخابية، إذ تأتي الأصوات من قاعدتهم.
وبينما يتودد حزب الليكود -وهو الحزب الأكبر في إسرائيل ويقوده بنيامين نتنياهو- عادة لهذه الأحزاب، فإنها دائما ما تجد نفسها محل انتقاد من أحزاب الوسط مثل "هناك مستقبل" برئاسة يائير لبيد و"العمل" برئاسة ميراف ميخائيلي وحزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المعارض برئاسة أفيغدور ليبرمان.
وتعتبر هذه الأحزاب أن الأحزاب الدينية تشكل عالة على المجتمع الإسرائيلي لأسباب تتعلق برفضها الخدمة العسكرية بداعي التفرغ لدراسة الدين أو الاعتماد على المساعدات المالية من الدولة بدلا من العمل.
أحزاب متشددةوقال فريمان إن العديد من الأحزاب العلمانية تتحدث بشكل متزايد في حملاتها الانتخابية وتصريحاتها بأن هذه المجموعة من السكان لا تقدم مساهمتها العادلة في الحياة هنا، بما في ذلك الخدمة العسكرية والعمل أو أنهم لا يقومون بما فيه الكافية لتعزيز المساواة بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالصلاة وما يطلبون من القطاعات العلمانية القيام به.
وتضغط الأحزاب الدينية من أجل تشريع احترام السبت، بما في ذلك وقف المواصلات العامة وإغلاق جميع المرافق خلال عطلة السبت والأعياد اليهودية.
وفي الأماكن السكنية لليهود المتدينين مثل حي "مئة (بوابة) شعاريم" بالقدس الغربية ومدينة بني براك، وسط إسرائيل، وغيرهما تمنع الحركة تماما خلال عطلة السبت، وتغلق الشوارع بالحواجز.
كما يمنع بيع الأجهزة الخلوية الذكية وتختفي البارات ودور السينما والمسارح وتكاد تقتصر الحركة على النساء الملتزمات بالزي الطويل المحتشم في مناطقهم.
والسبت هو عطلة رسمية في إسرائيل تغلق خلاله المؤسسات والمراكز التجارية، ولكن في المدن ذات الغالبية السكانية "العلمانية" مثل تل أبيب وحيفا وهرتسيليا وغيرها تفتح المطاعم والمقاهي والأكشاك الصغيرة والمسارح ودور السينما.
ويحترم الإسرائيليون اليهود بشكل عام الدين اليهودي كتقليد ولكن غالبيتهم العظمى ترفض تطبيقه كتشريع حياة.
دولة الهالاخاهويشير فريمان إلى أن المجتمع الإسرائيلي هو إلى حد كبير مجتمع تقليدي، فمثلا في يوم الغفران تتوقف السيارات عن الحركة رغم أنه لا يوجد قانون يمنع السياقة، ورغم أن 70% من الشعب اليهودي ليسوا متدينين، فإنهم لا يفعلون ذلك بسبب المخاوف من المتشددين دينيا وإنما بسبب التقاليد.
ولكن زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق يائير لبيد حذر في أكثر من مناسبة من أن هذه الأحزاب تدفع لفرض الشريعة اليهودية على إسرائيل.
وفي 25 ديسمبر/كانون الأول 2022، كتب لبيد في تغريدة على منصة إكس جاء فيها "نتنياهو ضعيف ويقودنا إلى دولة الهالاخاه (الشريعة اليهودية) المظلمة".
وكرر نتنياهو مرارا أن إسرائيل لن تصبح دولة شريعة يهودية، وقال في خطاب متلفز في 23 يوليو/تموز الماضي: ستبقى إسرائيل دولة ديمقراطية، وستستمر في كونها دولة ليبرالية، لن تصبح دولة شريعة يهودية وستحمي الحقوق الفردية للجميع.
ولكن فريمان قال إن هناك جدية من قبل بعض الأحزاب العلمانية في التحذير من هذا الأمر ولكن لا توجد مطالب جدية بتطبيق الشريعة اليهودية.
ولا ترى أحزاب وطنية دينية مثل القوة اليهودية برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير والصهيونية الدينية برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش غضاضة في تطبيق الشريعة اليهودية.
ففي 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، نقلت صحيفة إسرائيل اليوم الإسرائيلية عن المستشار الروحي لحزب الصهيونية الدينية الحاخام حاييم دروكمان قوله إنه لا توجد مشكلة في وجود دولة هالاخاه (شريعة يهودية).
وأضاف لا أحد يتحدث عن إيذاء الحياة الشخصية للناس، كيف سيتم المساس بحقوق الناس؟ لا أفهم ما المشكلة، نحن نتحدث عن دولة يهودية.
ولكن فريمان رأى أنه لن تكون هناك أغلبية لمثل هكذا قوانين لا في الكنيست ولا في الحكومة الإسرائيلية.
وكانت أزمات عديدة برزت في إسرائيل خلال الأشهر الماضية بما فيها دعوات الفصل بين الرجال والنساء في الحافلات والصلوات والأماكن العامة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الخدمة العسکریة هذه الأحزاب عدد السکان فی إسرائیل بما فی
إقرأ أيضاً:
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج النووي الإيراني في عهد ترامب
#سواليف
أفاد مصدر دفاعي إسرائيلي كبير لصحيفة “جيروزاليم بوست” أنه يؤيد قرار رئيس الوزراء بنيامين #نتنياهو #مهاجمة #إسرائيل #البرنامج_النووي_الإيراني في عهد الرئيس الأمريكي المنتخب #ترامب.
وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تهاجم البرنامج النووي الإيراني في 26 أكتوبر الماضي، فمن المرجح أكثر من أي وقت مضى أن تفعل ذلك في المستقبل، وخاصة في ظل إدارة ترامب القادمة، كما نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” عن مصدر دفاعي كبير يوم الخميس، مؤيدٍ لتصريح سابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الاثنين.
وأوضح المصدر أن “هذه هي المرة الأولى منذ سنوات عديدة التي يتوفر فيها شرطان” فيما يتعلق بمهاجمة البرنامج النووي الإيراني، أي أن مثل هذا الهجوم “ضروري… وممكن”.
مقالات ذات صلة مسيرة كبيرة من المسجد الهاشمي .. أمريكا رأس الإرهاب / فيديو 2024/11/22وبعد ذلك، أشار المسؤول الدفاعي إلى أن “مؤسسة الدفاع بأكملها متفقة على هذا” على عكس فترة 2009 عندما عارض جزء كبير من مؤسسة الدفاع اقتراح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضرب البرنامج النووي لطهران.
ووفقا للمسؤول، فإن هذا يعني أن مؤسسة الدفاع تعمل على القضايا العملية تحضيرا لمثل هذا الهجوم وتنفيذه في النهاية أكثر منها في أي وقت مضى.
وقال المسؤول الدفاعي الكبير إن فشل الحكومة في مهاجمة البرنامج النووي الإيراني في 26 أكتوبر كان فرصة ذهبية ضائعة للقيام بذلك.
في حين رأى المسؤول أن الفرصة الذهبية لا تزال قائمة وستظل قائمة لبعض الوقت في المستقبل لأن أفضل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية دمرت ولأن “درعها” من الوكلاء، مثل “حزب الله” و”حماس”، قد تم إضعافها إلى حد كبير من حيث النِسَب.
وأضاف المصدر الدفاعي لـ”جيروزاليم بوست” أن أهم مسألة يجب على إسرائيل معالجتها من أجل مهاجمة إيران في المستقبل هي الاستمرار في تحسين قدراتها.
وعلاوة على ذلك، اعتبر المسؤول أن “الولايات المتحدة عامل رئيسي”، لافتة إلى أن إدارة ترامب القادمة من المتوقع أن تقدم المزيد من الدعم لأي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو الأمر الذي أوضحه نتنياهو بالفعل في خطابه أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست يوم الاثنين.
وفي الحادي عشر من نوفمبر، قال وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس إن الوضع الدبلوماسي والعملياتي والتكتيكي لمهاجمة البرنامج النووي الإيراني لم يكن أبدا قابلا للتنفيذ وواقعيًا ومحتملا كما هو الحال الآن.
وأشار كاتس إلى أن الضربتين الإسرائيليتين السابقتين على إيران هذا العام ــ اللتين كانتا في واقع الأمر هجومين مضادين في أعقاب هجمات ضخمة شنتها طهران على إسرائيل في 13-14 أبريل و1 أكتوبرــ أوضحتا مدى تفوق سلاح الجو الإسرائيلي حتى على أكثر جوانب أنظمة الدفاع الجوي للجمهورية الإسلامية تقدما، على حد قوله.
وتابع كاتس: “هناك فرصة لتحقيق الهدف الأكثر أهمية .. إحباط وإزالة التهديد بالدمار الذي يخيم على إسرائيل… واليوم هناك إجماع واسع النطاق في المؤسسة الوطنية والدفاعية على أننا بحاجة إلى إحباط البرنامج النووي الإيراني وهناك فهم بأن هذا ممكن، ليس فقط على الجبهة الأمنية، بل وأيضا على الجبهة الدبلوماسية”.
ورغم تصريح كاتس، فقد دعا العديد من المسؤولين، بما في ذلك رئيسا الوزراء السابقان نفتالي بينيت ويائير لابيد، سلاح الجو إلى توجيه ضربة إلى البرنامج النووي الإيراني في 26 أكتوبر.
ولكن بدلا من ذلك، أمرت الحكومة سلاح الجو بضرب نحو 20 موقعا لإنتاج الصواريخ الباليستية والدفاع الجوي في إيران.
بالإضافة إلى ذلك، قبل الانتخابات وحتى 26 أكتوبر، اقترح الرئيس المنتخب دونالد ترامب صراحة على الحكومة الإسرائيلية الرد على هجوم إيران في الأول من أكتوبر بمهاجمة المنشآت النووية في طهران.
وفي حين يمكن لترامب أن يتراجع نظريا بمجرد توليه الرئاسة، فإن كل الإشارات التي قدمها، حتى بعد الانتخابات، أسعدت حكومة نتنياهو وحفزتها على اتخاذ موقف صارم ضد إيران.
وعلاوة عليه، لفت المصدر الدفاعي إلى أن إسرائيل تعمل بجد خلف الكواليس لحمل الدول في جميع أنحاء العالم على دعم إعادة فرض عقوبات عالمية على إيران قبل انتهاء صلاحية الآلية في أكتوبر 2025.
يذكر أن إعادة فرض العقوبات هي آلية مدرجة في الاتفاق النووي لعام 2015، وهي تسمح للأطراف الموقعة على الاتفاق، في تجاوز لحق النقض الروسي أو الصيني، بإعلان “انتهاك” من قبل إيران، مما يتسبب تلقائيا في عودة العقوبات العالمية الكاملة إلى حيز التنفيذ كما كانت قبل عام 2015.
وأردف المصدر أن هذا يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحريك إيران في اتجاه أفضل بشأن القضية النووية.
ولكن في الوقت نفسه، اعتبر المصدر أن مهاجمة البرنامج النووي الإيراني أفضل من ذلك بكثير، لأن هذا قد يؤدي إلى تدمير البرنامج أو إنهائه بدلا من عرقلته أو إبطائه.
من ناحيتهم، رأى المنتقدون أن إسرائيل قد تفتقر إلى القدرة على تدمير البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية لأن جوانبه مبنية تحت جبل، وأن نجاحها في ذلك لن يؤدي إلا إلى تأخير إيران لمدة عام أو عامين لأنها قادرة على إعادة بناء أي شيء يتعرض لهجمة، وأن الهجوم قد يحفز إيران أكثر على الانطلاق نحو امتلاك سلاح نووي.