بينما يضج العالم مع بداية شهر أكتوبر بحملات التوعية والتثقيف بشأن سرطان الثدي وضرورة كشفه المبكر، من خلال التشديد على إجراء الفحوصات الدورية الضرورية، يغيب لبنان للعام الثالث عن أي فعالية رسمية بهذا الشأن، بعدما تخلفت وزارة الصحة اللبنانية منذ انتشار جائحة كورونا (2020) عن إطلاق أي حملة.

نسبة كبيرة من نساء لبنان، كن ينتظرن هذه الحملات لإجراء فحوصات سنوية بتكاليف رمزية وتسهيلات، لاسيما من الفئات الاجتماعية الأكثر حاجة وفقراً، والتي باتت تشمل النسبة الأكبر من الشعب اللبناني، نتيجة الانهيار الاقتصادي الواقع منذ العام 2019.

أدى ذلك إلى تراجع كبير في نسبة النساء اللواتي يقبلن على الفحوصات الدورية الوقائية، ما انعكس انخفاضاً في نسب الكشف المبكر، الذي يلعب الدور الأبرز في علاج سرطان الثدي، بعدما باتت الفحوصات ضرباً من الكماليات، تفوق تكلفتها قدرة الكثير من العائلات اللبنانية، التي تكافح بصورة يومية لتأمين معيشتها وحاجاتها الرئيسية.

ويأتي هذا الواقع فيما يسجل لبنان نحو 2500 إصابة جديدة بسرطان الثدي سنويا، على أقل تقدير، بحسب آخر إحصاء جرى عام 2016 في "السجل الوطني للسرطان"، بينما يرجح هاني نصار، رئيس جمعية "بربارة نصار" المعنية بدعم ومساعدة مرضى السرطان في لبنان، أن يكون العدد اليوم أعلى من ذلك بكثير، دون إمكانية لتحديده بدقة بفعل غياب الإحصاءات الرسمية التي يمكن الارتكاز عليها منذ 7 سنوات.

الأخطر اليوم أن معظم حالات سرطان الثدي التي تسجل يأتي اكتشافها متأخراً، بحسب تأكيد نصار لموقع "الحرة"، بحيث تتوجه السيدات للكشف بعد شعورهن بوجود المرض او الكتلة، وهي مرحلة متقدمة لسرطان الثدي، الذي بات أكثر السرطانات انتشاراً لدى النساء في لبنان.

دراسة تحذر من إهمال الفحص المبكر لسرطان الثدي لدى النساء خلصت دراسة جديدة إلى أن ما يزيد عن 21 بالمئة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 50 إلى 74 عاما في الولايات المتحدة، لا يحصلن على فحوصات الكشف عن سرطان الثدي الموصى بها.

لا يتميز لبنان في ذلك عن الواقع العالمي، بحيث بات سرطان الثدي منذ العام 2020 أكثر أنواع الأورام الخبيثة شيوعا في العالم، بحسب ما أعلنته منظمة الصحة العالمية.

لكن الفرادة في حالة لبنان تكمن في حجم المعاناة التي تتكبدها المريضات، والتي جعلت المرض "أكثر رحمة من رحلة علاجه"، بالنسبة لهن.

"قويات.. ولكن"

وتمتد معاناة مرضى السرطان عموماً في لبنان، على مستويات عدة، بدءاً من توفر الدواء في لبنان، حيث يشهد انقطاعاً حاداً في العلاجات والأدوية منذ العام 2019 ناجماً عن تأثيرات الأزمة الاقتصادية، وآلية استيراد الأدوية ودعمها من ناحية الحكومة اللبنانية، ما يؤدي باستمرار لتأخر تلقي المرضى لجرعاتهم، أو حرمانهم نهائياً منها.

مروراً بقدرتهم على تحمل تكلفة العلاج الباهظة، لاسيما مع رفع الحكومة اللبنانية لدعمها المالي عن معظم أدوية وعلاجات مرض السرطان، والتقشف في تقديم الدعم واعتماد آليات متشددة ومعايير تمييزية "غير عادلة" في توزيع الأدوية المدعومة، تركت المرضى وحيدين في المواجهة، يحملون ما لا يحتملونه من ضغوط مضافة على معاناتهم مع المرض ورحلة علاجه.

وصولاً إلى المعاناة النفسية الناجمة عن شعور المرضى بالتخلي من ناحية المسؤولين وفشل السياسات الصحية القائمة في مواكبة المشكلة على مدى السنوات الماضية، وانعدام الأمل في أي حلول قريبة للوضع القائم، في ظل ازدياد الضغط على عائلات ومحيط المرضى، الأمر الذي يترك لديهم شعوراً بالذنب واليأس وميل نحو الاستسلام.

يفتك بمئات آلاف النساء.. دعوات لاعتماد "نهج نسوي" في مكافحة السرطان دعا خبراء صحيون إلى اعتماد "نهج نسوي" في مقاربة موضوع السرطان، حيث تكشف دراسات أن حوالي 800 ألف امرأة تموت سنويا "بلا داع" لأنهن محرومات من الرعاية الصحية المثلى.

يقول نصّار "هناك سيدات قويات إلى أقصى الحدود وعلى استعداد لمواجهة المرض، ولكن ما النفع إذا ما حجبنا عنهن العلاج والأدوية؟ ما نفع المعنويات القوية؟ أي قوة ستبقى وهي محرومة من دوائها؟".

ويلفت إلى أن الضغط النفسي الذي يعانيه مريض السرطان في لبنان مرتفع.

"أولادي أحق بالحياة"

روزيت، فاطمة، وروى، 3 نساء مصابات بسرطان الثدي، لكل منهن قصة مع المرض ورحلة علاجه في لبنان، تجمعهن الإصابة بالسرطان للمرة الثانية، ومعاناة متعددة الأوجه، دفعت بكل سيدة إلى اتجاه في رحلة علاجها، لكنها أوصلتهن إلى نتيجة واحدة، مفادها أن "حق المريض في العلاج في لبنان، رهن بما يملكه من أموال".

أمضت روى سنوات طويلة من حياتها في خدمة مؤسسات الدولة اللبنانية، من خلال وظيفتها العامة، إلى أن أصيبت عام 2021 بسرطان الثدي، فيما كان لبنان يتداعى على وقع الانهيار الاقتصادي، ما حرمها من التقديمات التي كانت من حقها الوظيفي، بتلقي علاجاتها على نفقة الضمان الاجتماعي، الذي فقد قدرته على التغطية الصحية مع فقدان العملة اللبنانية لأكثر من 90 في المئة من قدرتها.

وفي ظل انقطاع أدوية السرطان، اضطرت روى للحصول على أدويتها من خارج البلاد، بسعر السوق العالمي دون القدرة على الاستفادة من الدعم الحكومي على أسعارها في لبنان، الأمر الذي أدى إلى استنزاف العائلة مادياً.

إلا أنها وبعد رحلة علاج شاقة، أظهرت الفحوصات الدورية عودة المرض للظهور مجدداً في بقع مختلفة من محيط الثدي، ما عرضها لصدمة نفسية حادة، وأعادها "إلى نقطة الصفر" وفق ما تروي لموقع "الحرة".

الصدمة الأكبر كانت في عدم قدرتها على الحصول على أدويتها المقطوعة، رغم قبولها في برنامج وزارة الصحة اللبنانية الخاص بتوزيع أدوية مرضى السرطان المدعومة حكومياً، وتلقيها لجرعتين من علاجها، إلا أن تراكم ديون الدولة اللبنانية لدى شركات استيراد الأدوية، دفع بالشركات إلى عدم استيراد كميات إضافية لصالح وزارة الصحة، ما يحرم آلاف المرضى من علاجاتهم.

ولأن الوضع الصحي لروى ما كان يحتمل تأخيراً في حصولها على جرعاتها، اضطرت عائلتها للبحث عن الدواء في السوق اللبناني من خارج إطار الدعم الحكومي، وكانت المفاجأة بسعره الذي يبلغ 440 مليون ليرة (نحو 4000 دولار) لحقنتين تحتاجهما كجرعة واحدة كل 3 أسابيع على مدى 10 جلسات، أي بتكلفة شاملة تناهز الـ 40 ألف دولار.

"إحباط على إحباط، ويأس تام دفعني لملازمة غرفتي، والاستسلام الكامل للمرض"، تقول روى التي رفضت كلياً أن تتلقى العلاج بهذا الثمن، كونه سيضع أسرتها تحت ضغط الاستدانة لتأمين المبلغ المطلوب كل 3 أسابيع.

"أولادي أحق بهم، وأحق بالحياة، ابنتي تستعد لدخول الجامعة وابني في الثانوية، هم أولى بهذه الأموال،"، بحسب روى، التي خضعت قبل أيام لضغط العائلة وتلقت الجرعة في موعدها على أمل الاستحصال على باقي الجرعات عبر وزارة الصحة اللبنانية، وتضيف "بتنا نشحد للبقاء على قيد الحياة، الموت أفضل".

تعبّر بغصة عن شعورها بأن المال "سيذهب سداً" في ظل انقطاع الدواء، ويقينها بعدم قدرة العائلة على تأمين كامل تكاليف العلاج على مدى الجلسات المطلوبة، لكنها ترضخ "على مضض" لرغبة زوجها وأولادها.

يتكرر الموقف بحذافيره مع، فاطمة عقل، وروزيت حداد، اللتان عاشتا المفاضلة نفسها ما بين مستقبل عائلاتهما وبين بقائهما على قيد الحياة، نتيجة الضغط المادي الهائل الذي باتت تشكله رحلة العلاج في لبنان.

تتكرر مقولة "إبني أحق بهذا المال" على لسان روزيت التي لم يكن لديها القدرة على تأمين المال اللازم لأدويتها، بحيث تتأخر لليوم الحادي عشر عن موعد جرعتها بانتظار حصولها على الدواء عبر وزارة الصحة.

"لن أتعالج مجدداً"

عند إصابتها في المرة الأولى، كان بمقدور روزيت تأمين أدويتها من خارج لبنان خلال انقطاعها، دون أن تتمكن من المواظبة على الجرعات في موعدها، "كان سعرها ألف دولار ومطلوبة شهرياً".

إلّا أن رحلة علاج لخمس سنوات كانت كفيلة باستنزاف روزيت مادياً، اختبرت خلالها شتى أوجه المعاناة التي تواجه مرضى السرطان، بحيث ما عاد أمامها اليوم إلا انتظار وصول الدواء من وزارة الصحة.

سبق لروزيت أن عرضت معاناتها في تحقيق لموقع "الحرة" قبل عام، وفي إطلاع على المتغيرات التي طرأت على واقعها وبالتالي على واقع مرضى سرطان الثدي في لبنان تؤكد أن شيئاً لم يتغير، "اضطررت فقط لتغيير طبيبي بسبب ارتفاع كلفة الفحص لديه إلى 125 دولاراً، فاتجهت إلى طبيب يتقاضى أقل".

"ألم لا يمكن لقواميس العالم وصفه".. معاناة لبنانيات في مواجهة سرطان الثدي "صدفة كشفت إصابتي بأخبث الأمراض، لأبدأ رحلة علاج في بلد الاستشفاء فيه بات حكرا على الأغنياء، الدواء مفقود ويباع في السوق السوداء، والمريض يترك لمصيره وهو يصارع الموت على حلبة الأوجاع".. كلمات قالتها ثريا حلبي تعكس ما يعانيه مرضى السرطان في لبنان.

وفيما كانت قد شارفت العام الماضي على إنهاء علاجها، إلا أن المعاناة النفسية وعدم انتظام تلقي الجرعات أدى إلى تراجع حالتها، ولا يزال أمامها اليوم 5 أشهر أخرى من العلاج، قبل أن تعيد فحوصاتها، "وإن شفيت سيتبقى فحوصات دورية وقائية، وأدوية هرمونية لمدى الحياة، وإبرة كل 22 يوماً كلفتها 6 ملايين ليرة مع دعم الوزارة، هذا عدا عن أدوية المناعة وإبر الحديد، آلاف الدولارات لا يزال علي دفعها، فيما راتبي 300 دولار فقط".

وتضيف "حتى لو أردت الشفاء هذه الأمور تعيدك إلى الخلف وتزيد الوضع سوءاً، هذا هو الضغط بحد ذاته، تكلفة البقاء على قيد الحياة".

تجزم روزيت بغصّة أنها لن تتعالج "لو عاد المرض مجدداً"، مشددة على أن المعاناة الصحية مع المرض "أرحم بكثير" من الضغط النفسي والمادي للعلاج في لبنان، "علبة الدواء بـ 3200 دولار، إن جمعتها لولدي سيعيش حياةً أفضل مما لو صرفتهم على العلاج، بكل ما تحمله هذه المفاضلة من ألم، خاصة أن ابني سبق أن فقد والده بسبب السرطان".

"ليست مشكلتنا وحدنا"

تروي مروى عليق، إبنة فاطمة عقل، كيف حاولت والدتها أن تتحمل المسؤولية لوحدها عندما جرى تشخيصها بسرطان الثدي في المرة الثانية، "كان الأمر قاسياً جداً عليها، أصيبت باكتئاب حاد وما عادت تغادر غرفتها".

سبق لعائلة فاطمة أن اضطرت لبيع ممتلكاتها ومنزلها، كي تتمكن من تأمين كلفة علاجها عند إصابتها في المرة الأولى، كذلك تلقت مساعدة من الأقارب والأصدقاء، إلا أن ذلك ما عاد ممكناً في المرة الثانية، في ظل تدهور الأحوال المعيشية في لبنان، واحتجاز أموال الناس في المصارف.

كل الأمور تغيرت في المرة الثانية، فراتب زوج فاطمة التقاعدي والذي كان يساوي 1600 دولار، باتت قيمته اليوم 160 دولاراً، كذلك خسر امتيازات صحية وتقديمات كان يحصل عليها من الضمان الصحي لمتقاعدي قوى الأمن الداخلي، بعدما بات علاج مرضى السرطان حصراً على نفقة وزارة الصحة، ما زاد الآلية صعوبةً، وبدل المعايير جذرياً عما سبق واختبرته العائلة.

حصلت فاطمة على دواء واحد من أصل 4 من وزارة الصحة اللبنانية، وتركت لمصيرها في تأمين باقي الأدوية باهظة الثمن.

بحسب مروى، كانت العائلة مضطرة للتفتيش عن أساليب جديدة أكثر فعالية، وفي ظل غياب الدولة والجهات الضامنة والمنظمات الداعمة عن واجبها، "كان علينا البحث عن جو من التكافل والتضامن ووجدناه في المواقع المخصصة لهذا النوع من الدعم والتمويل".

لجأت عائلة فاطمة إلى موقع "غو فاند مي" لجمع تبرعات لرحلة علاجها، بعدما باتت على قناعة بأن المشكلة ليست ذو طابع شخصي، وفق مروى.

وتشير مروى إلى أن هذا الخيار كان محاولة لنقل الأمر من الحيز الخاص إلى الحيز العام، "لأنها في الحقيقة مشكلة عامة، ولو بدت بالشكل شخصية، يتقاطع بها أكثر من عامل متعلق بالوضع العام، ما جعل حجم المشكلة أكبر من أن يحمل وزرها فرد أو عائلة من 4 أفراد، بات الأمر مستحيلاً، مادياً ومعنوياً".

        View this post on Instagram                      

A post shared by Marwa Olleik (@marwa.olleik)

وتضيف أن العبء الملقى على عاتق مريض السرطان في لبنان، هو مسؤولية دولة تعجز بنفسها عن القيام بها، فترميها على المرضى.

وفي ظروف كالتي يعيشها لبنان، ترى مروى أن التكافل والتضامن هو ما يبقي الناس على قيد الحياة، "ويعيدهم من مراحل اليأس التي يبلغونها وجلد الذات والتخلي والاستسلام، هذا ما جرى مع والدتي".

استعادت فاطمة معنوياتها ونشاطها بعدما لمست حجم التفاعل على رابط الدعم، حيث عادت خطوة العائلة بنتيجة إيجابية وانتشرت الدعوة لدعم فاطمة على نطاق أوسع مما كان متوقعاً، "ما أعاد إليها أملاً بوجود اشخاص إلى جانبها ربما لا تعرفهم، لكنهم مستعدون لدعمها ومساعدتها، وليست وحيدة"، بحسب مروى.

إلا أنه ورغم تأمين قسم من المبلغ المطلوب للعلاج، تواجه عائلة فاطمة نوعاً آخرا من المعاناة مع المستشفيات في لبنان، التي ورغم انقطاع الدواء وعدم دعمه أو توفره في الصيدليات، لا زالت تعترض على استخدام أدوية مستوردة من الخارج، وتلزم المرضى بشراء الأدوية منها مباشرةً بأسعار أعلى من السوق العالمي.

وتؤكد مروى في هذا السياق أن الأدوية نفسها بالإسم والعيارات ذاتها في دول أخرى كمصر وتركيا، ينخفض سعرها عن مستشفيات لبنان بنسب تتجاوز الـ 50 في المئة وأحياناً تصل إلى 70 في المئة".

وبالتالي "رحلة العلاج التي يمكن أن تكلف في الخارج 8000 دولار، تتراوح كلفتها في لبنان بين 25 و35 ألف دولار بحسب المستشفيات، وعليه يستمر بحث العائلة عن عن مستشفى يقبل باستخدام الأدوية نفسها من خارج لبنان"، بحسب مروى.

وفي هذا الشأن يوضح نصار أن بعض المستشفيات ما عادت ترضى بالأدوية التي يعود مصدرها إلى بعض الدول مثل تركيا، بسبب ارتفاع نسبة الأدوية المزورة "لذا لا يتحملون مسؤولية إجراء العلاج، وهناك مستشفيات أخرى ترفض مطلقاً أن يتم شراء الدواء من الخارج لأنها تريد التربح من أسعارها غير المدعومة".

"يقررون من يعيش ومن يموت"

ويذكر أن مريضان سرطان الثدي يخضعن لمراحل علاج عدة ومختلفة، منها العلاج الكيميائي والعلاج بالأشعة، والعمليات الجراحية (الاستئصال).

وتمتد المعاناة على مختلف تلك المراحل بعدما اعتمدت وزارة الصحة سياسات صحية غير محسوبة الأثر في رفعها للدعم عن الأدوية وعدم تغطيتها لباقي العلاجات.

ويلفت نصار إلى أن وزارة الصحة رفعت الدعم عن أدوية العلاج الكيميائي التي تمتد على جلسات طويلة باتت تكلف الواحدة منها ما بين 700 و1200 دولار.

قلة من المرضى يستطيعون تدبر تلك التكاليف، لكن النسبة الأكبر عاجزة عن ذلك بحسب نصار، ما أدى إلى خسارة عدد كبير من النساء ممن لم يحصلن على العلاج وكان إنقاذهن ممكناً.

وبينما تبدأ كلفة العلاج بالأشعة من 2500 دولار وتصل إلى 8 آلاف، لا تغطي وزارة الصحة هذه العلاجات، فيما تتوفر ثلاث آلات تستخدم لهذه العلاجات في المستشفيات الحكومية، اثنتان منها معطلة في بيروت والنبطية، وواحدة منها تعمل في طرابلس، وعلى نفقة المريض حيث تغطي الوزارة جزءاً لا يذكر من التكلفة، بحسب نصار.

أما كلفة عملية استئصال الثدي فلا تقل عن 2000 دولار، وهو مبلغ "ليس بمتناول قسم كبير من سيدات لبنان ليخضعن للعملية"، وفق تأكيدات رئيس جمعية "بربارة نصار".

ولفت إلى أن وزارة الصحة والهيئات الضامنة وشركات التأمين الصحي تنظر لعملية ترميم الثدي بعد الاستئصال كعملية تجميلية لا يجري تغطيتها، "وهذا أمر خاطئ جداً بكون الترميم جزء رئيسي من علاج السيدات لاستعادة ثقتهن بأنفسهن وشكل أجسادهن".

بجمع هذه التكاليف، يمكن بحسب نصار فهم لماذا تفضل سيدات اتخاذ خيار الاستسلام على تحمل كلفة العلاج، "كي لا تجبر عائلتها على بيع المنزل الذي يقطنون فيه".

في ظل كل تلك المعاناة، يزداد تشدد وزارة الصحة اللبنانية في شروط قبولها منح الدواء للمرضى، بسبب تراجع إمكاناتها المالية، فتضع مواصفات للاستفادة، تصل إلى حد التمييز بين المرضى المستحقين، إما على أساس تكرار الإصابة أو نوعها أو بحسب الفئات العمرية، حيث تعطى الأفضلية للأصغر سناً، وتصل المفاضلة حتى إلى نسبة الأمل بالشفاء، ما يظلم بحسب نصار عددا كبيرا من المرضى الذين يحرمون حتى الأمل بالعلاج أو الشفاء.

بهذه الإجراءات إنما تحدد وزارة الصحة "من يستحق الحياة ومن لا يستحقها، للأسف"، وفق نصار، فيما يترك غير المستفيدين لمصيرهم دون حتى علاجات بديلة، واصفاً الأمر بأنه "عملية قتل لهم".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: على قید الحیاة مرضى السرطان بسرطان الثدی سرطان الثدی فی المرة من خارج علاج فی إلا أن ما کان إلى أن

إقرأ أيضاً:

فشل الغرب في الحرب التي شغلت العالم

 

– لا يستطيع قادة الغرب وكيان الاحتلال إنكار أن هذه الحرب التي تشارف على نهايتها في قطاع غزة، كانت حربهم معاً، وأنه لولا حجم انخراط الغرب مباشرة فيها إضافة إلى التمويل والتسليح والاستنفار وجلب الأساطيل لما استطاع الكيان الصمود حتى هذه الأيام، ولا يستطيع أيّ منهم إنكار أنهم وضعوا ثقلهم معاً سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً ومالياً للفوز بهذه الحرب التي تدور على مساحة 360 كيلومتراً مربعاً فقط، ما يعادل حياً صغيراً في أي مدينة كبرى، وأن الضربة الأولى في هذه الحرب يوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م كانت كافية لزعزعة عناصر قوة الكيان، ما أجبر الغرب كله على الهرولة إلى المنطقة بقادته وجيوشه وماله وسلاحه، واستنفار آلته الإعلاميّة والدبلوماسية لضمان أفضل مستويات الدعم والإسناد لجبهة الكيان بوجه غزة.
– تحوّلت الحرب قضية أولى على جدول أعمال الساسة والقادة والإعلام والشعوب على مساحة العالم، ورغم الخذلان العربي والإسلامي لغزة على مستوى الحكومات والشعوب، فقد نجحت غزة باستنهاض حلفاء لها يساندونها بجبهات قاتلت قتالاً ضارياً بلا هوادة، وتحمّلت تضحيات جساماً، خصوصاً في جبهتي لبنان واليمن، حيث تكفلت جبهة لبنان بإنهاء قدرات جيش الاحتلال على خوض حرب برية، وأجبرته على المجيء إلى وقف إطلاق للنار بدون مكاسب وهو يعترف ببقاء المقاومة على سلاحها، وما يعنيه ذلك من قبول مبدأ العودة إلى التساكن مع قوى المقاومة المسلحة على الحدود، رغم دروس الطوفان التي أجمع عليها قادة الكيان لجهة أن هذا التساكن يعني أن الخطر الوجودي على الكيان قائم وأن المسألة مسألة وقت، ومَن يقبل بالتساكن على الحدود الشمالية يقبل مثله على الحدود الجنوبيّة.
– نجح اليمن بتحدّي القوة الأمريكية والغربية البحرية بكل ما لديها من حاملات طائرات وسفن حربية ومدمرات وغواصات، وفرض إرادته رغماً عنها منجزاً حصاراً بحرياً على ميناء إيلات حتى تمّ إقفاله، وتسببت صواريخ اليمن وطائراته المسيّرة بتأكيد ما فرضته صواريخ لبنان وطائراته المسيّرة، لجهة عجز القبة الحديديّة بكل تقنياتها المتطورة رغم تدعيمها بشبكة صواريخ ثاد الأمريكية، فبقي المستوطنون يهرولون بمئات الآلاف إلى الملاجئ، وسقطت نظرية الأمن الإسرائيلية، وفشلت كل محاولات إخراج اليمن من موقعه كجبهة إسناد لغزة، بل إن أحد أسباب السير باتفاق ينهي الحرب كان اليقين بأن هذا هو الطريق الوحيد المتاح للتخلص من العقدة اليمنية وما تسببه لواشنطن وتل أبيب من إحراج.
– عوّضت التداعيات التي ترتبت على حرب غزة عالمياً عن الخذلان العربي والإسلامي، مع ظهور حركة الجامعات الغربية بحيويتها وحضورها المميز، وتطورها نحو إطلاق مد ثقافي فكري تاريخي لإثبات الحق الفلسطيني بكامل التراب الوطني الفلسطيني، وتوسّعت حركات المقاطعة الاقتصادية، وتسبّبت بتغييرات هيكلية في شبكة علاقات الشركات العالمية الكبرى بالكيان، وامتلأت شوارع عواصم الغرب بالملايين تهتف بالحرية لفلسطين، كما شهد العالم إعادة تموضع سياسية ودبلوماسية ونهوض حركة مساءلة قانونية بوجه جرائم الكيان ووحشيته، رغم التهديدات الأمريكية بالعقوبات، فقطعت دول علاقاتها بالكيان وأغلقت سفاراتها لديها وسحبت سفراءها من عاصمته، واعترفت دول أخرى بالدولة الفلسطينية، وذهبت دول لمقاضاة الكيان أمام المحاكم الدولية، وتحرّكت المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق قادة الكيان.
– عادت القضية الفلسطينية إلى وهجها كقضية دولية إنسانية وقانونية، لكن أيضاً كقضية استراتيجية يتوقف على حلها بصورة يقبلها الشعب الفلسطيني استقرار الشرق الأوسط، وتالياً سوق الطاقة واستقرار العالم، ولم يعُد العالم كما لم تعُد القضية الفلسطينية بعد هذه الحرب كما كان الحال قبلها، وهكذا حقق الطوفان أهدافه، وكانت عيون العالم على الطريقة التي سوف تنتهي من خلالها الحرب، لتحديد سقوف السياسة ومقدار القوة التي سوف ينجح الفلسطينيون في انتزاعها في ظل الضوء الأخضر الممنوح للكيان بتدمير كل ما يتصل بالحياة في غزة، وها هم يفرضون اتفاقاً لا يطال سلاح مقاومتهم، ولا يمنح الاحتلال أي امتيازات أمنية وجغرافية في قطاع غزة، ويجد أنه مجبر على إعلان انتهاء الحرب، وسوف يكون سقف تباهي حكام واشنطن وتل أبيب بما أنجز في غزة ولبنان واليمن هو ما قاله أنتوني بلينكن عن إنجازات أميركا وإسرائيل في لبنان، وسقفها إبعاد حزب الله عن الحدود، وقطع إمداده عبر سورية، لكن قوته باقية ولذلك فالإنجاز كما يقول إنه تمّ حرمان حزب الله من تشكيل تهديد راهن؛ بينما بعض الحمقى والمهابيل في لبنان يحتفلون بأن نزع سلاح حزب الله على الطاولة، وهكذا سوف يقولون عن غزة، تحييد التهديد الراهن؛ بينما يحتفل بعض مهابيل وحمقى الأجهزة في السلطة الفلسطينية بالحديث عن هزيمة المقاومة وحتمية نزع سلاح المقاومة.. ويبقى الأهم ما تقوله واشنطن وتل أبيب لا ما يردده أيتام الوحدة 8200، إن القضية هي منع التهديد اليوم وليس آلة القوة وأسباب القوة، لكن ماذا عن الغد، والاحتلال لن يحلم في أي منازلة مقبلة، وهي مقبلة حكماً، ما يشبه ما ناله في هذه الحرب ولم ينجح بتحقيق النصر؟.
رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية

مقالات مشابهة

  • صحة غزة: 25 ألف مصاب في القطاع يحتاجون إلى العلاج في الخارج
  • في بودكاست جو روغان.. ما العلاجات التي زعم ميل غيبسون أنها شفت أصدقاءه من السرطان؟
  • علماء يفسرون سبب تزايد السرطان بين الشابات أكثر من الشباب
  • دراسة تكشف سر زيادة إصابة النساء في سن الشباب بالسرطان
  • صحة المنيا: ضبط 329 منشأة غذائية بدون ترخيص خلال عام 2024
  • دعم قسم العلاج الطبيعي بمستشفى قنا العام بأجهزة طبية حديثة
  • 4 أطعمة تحميكِ من الإصابة بسرطان الثدي.. احرصي على تناولها
  • فشل الغرب في الحرب التي شغلت العالم
  • ننشر خارطة القوافل الطبية المجانية في قرى محافظة دمياط
  • الذكاء الاصطناعي يتنبأ بدقة بمرض السرطان والعلاج الفعال