اكتتاب حفر قناة السويس الجديدة نموذج حى لاستعادة الروح الوطنيةالدسوقى: زيادة العمل والإنتاج وترشيد الاستهلاك.. أبرز الحلول
(جاء فى كتاب «قصة الاقتصاد المصرى» للدكتور جلال أمين أستاذ الاقتصاد السياسى أن هزيمة 1967 أدت لانخفاض شديد فى موارد العملات الأجنبية، مما جعل الاستمرار فى تحقيق معدل نمو مرتفع مع تحمل أعباء الإنفاق العسكرى استعدادا لحرب جديدة أمراً فى حكم المستحيل.
وفقدت مصر بعد الحرب آبار البترول فى سيناء، وخربت معامل تكرير البترول فى السويس، وأغلقت قناة السويس التى كانت تدر لمصر فى المتوسط 164 مليون دولار سنويًا فى السنوات الـ7 قبل الحرب، بجانب انخفاض كبير فى إيرادات السياحة التى كانت تدر نحو 100 مليون دولار، فضلاً عن الإنفاق الذى فرضه تهجير نحو مليون شخص من قناة السويس، والتكلفة الاقتصادية الضخمة.
وبحسب رواية الدكتور جلال لم يكن أمام الرئيس جمال عبدالناصر سوى ٣ بدائل، وهى إما أن يضحى بالإنفاق العسكرى ويقبل الهزيمة والصلح وأى عرض للتسوية، فى سبيل الاستمرار فى التسوية، أو أن يضحى بـ«التنمية والحرب»، فى سبيل رفع معدلات الاستهلاك، أو أن يضحى بالاستمرار فى التنمية مع السماح بالحد الأدنى من الزيادة فى الاستهلاك، فى سبيل الاستعداد للمعركة المقبلة، وهو الخيار الذى لم يكن لسواه بديل، ولا لغيره ملجأ أو طريق....فكيف صمدت مصر اقتصادياً؟.
الاقتصاد المصرى كان يتجه إلى الأمام بخطى واثقة رغم بطئها، وحقق نمواً حقيقياً زاد على 6% بحلول عام 1965، وارتفع معدل الاستثمار إلى 17.8% من الناتج المحلى بعد 12.5 فى نهاية الخمسينيات، وزاد نصيب الصناعة فى الصادرات إلى 25% بدلاً من 18%، وزادت العمالة الصناعية خلال سنوات ما قبل حرب ٧٣ من ضعف الزيادة فى إجمالى القوى العاملة، وهى زيادة لم يعرفها الاقتصاد المصرى منذ محمد على.. وتبدل الحال والوضع فيما بعد ٦٧ وواجهت مصر ظروفاً اقتصادية وسياسية غاية فى القسوة والخطورة، انخفضت المعونات والمنح العربية والمقدرة بـ286 مليون دولار سنويا، كانت تضيع فى خدمة الديون على مصر التى حان موعد استحقاقها، والبالغة أقساطها المستحقة الدفع سنوياً نحو 240 مليون دولار.
فانخفض معدل النمو فى الحرب إلى 3 %، وتدهورت المرافق العامة والبنية الأساسية، وتراجع مستوى المعيشة وانخفضت الأجور، وتدهور ميزان المدفوعات.
ورغم ذلك فإنه حتى وفاة عبدالناصر لم تتجاوز ديون مصر المدنية 1 مليار و300 مليون دولار، وهى نسبة لا تتجاوز 25 % من الناتج الإجمالى القومى.
ورغم كل ذلك وارتفاع الديون الخارجية لمصر وتجاوزها 5 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث الأولى من السبعينيات، وتراجع الصادرات، لم يكن أمام مصر سوى خيار واحد، هو الحرب فى مواجهة المستحيل والانكسار..فكان اقتصاد الحرب سيمفونية عزفها الشعب المصرى بكل فئاته فى ملحمة التحدى. وتحقيق انتصار ٦ أكتوبر ١٩٧٣.
فى فبراير 1973، كان إعلان مجلس الشعب «ميزانية المعركة»، وتعنى إجراءات التعبئة الاقتصادية التى سيتم تطبيقها حال نشوب الحرب، وهى تحويل الموازنة العامة إلى موازنة المعركة لتوفير جميع طلبات القوات المسلحة خلال الحرب، وإعادة النظر فى خطة التصدير والاستيراد لتوفير النقد الأجنبى، مع العمل على إحلال المنتجات المحلية بديلاً للمستوردة، وتخفيض الاستثمارات مع تأجيل تنفيذ المشروعات التنموية الطويلة الأجل، أو لا علاقة لها بالمعركة.
كذلك إجراء تخفيض جديد فى أنواع الإنفاق بالمصالح الحكومية والقطاع العام، واستكملت بخفض الاعتمادات المخصصة للمياه والإنارة والانتقالات، سواء بالسكك الحديدية أو بوسائل النقل الأخرى بنسبة 10%، وخفض اعتمادات الدعاية والإعلان والحفلات بنسبة 25%، وتخفيض الاعتمادات المخصصة للأعياد والمواسم بنسبة 75%، وأيضاً مراجعة اعتمادات الصيانة للمرافق التابعة لوزارات الرى والإسكان والبترول وهيئة البريد، على أن تلتزم تلك الجهات بتحقيق خفض إضافى فى المصروفات الخاصة بمستلزمات الشراء 2%، و5% لمستلزمات التشغيل، مع مراجعة جميع المشروعات الاستثمارية المذكورة بموازنة المالية لعام 1973، وتأجيل أى مشروعات لا تخدم المعركة.
ثم جاء الانتصار يوم السادس من أكتوبر 1973، عندها طرحت الحكومة المصرية «سندات الجهاد»، وهى شهادات استثمارية الهدف منها دعم الدولة والقوات المسلحة فيما يخص الحرب والمتطلبات الناتجة عنها، وتم طرحها للمواطنين، تحت شعار «شارك فى ملحمة النضال الوطنى»، فى البنك المركزى وفروعه وجميع البنوك التجارية وفروعها، وتضمنت الفئات المالية «50 قرشاً، وجنيهاً واحداً، و5 جنيهات، و10 جنيهات، و100 جنيه»، بفائدة 4.5% سنوياً ومعافاة من الضرائب.
كما لا يجوز الحجز عليها، ويمكن الاقتراض بضمانها من البنوك، وبلغت حصيلة تلك السندات بعد شهر واحد فقط من بدء الحرب 7 ملايين جنيه، وفى وقت لاحق من العام نفسه أعلنت الحكومة عن أن الاكتتاب فى «سندات الجهاد» إجبارى، باستثناء محدودى الدخل من المواطنين، ولم تكن «سندات الجهاد» هى المشاركة الوحيدة للمواطنين فى دعم القوات المسلحة، حيث أعلنت وزارة المالية بتاريخ 18 نوفمبر عن زيادة الإيرادات الضريبية بمصلحة الضرائب بواقع 23.5 مليون جنيه على عام 1972، ليصل إجمالى الحصيلة الضريبية لـ150 مليون جنيه، وهو ما أرجعته الوزارة إلى إقبال المواطنين على دفع المستحقات الضريبية الخاصة بهم بدافع الوطنية.
وبنهاية عام 1973، أعلن عبدالعزيز حجازى، نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، فى بيان له أمام مجلس الشعب حول الموازنة المالية لعام 1974، عن أن الدولة دعمت القوات المسلحة بالموازنات المالية منذ عام 1967 وحتى عام 1973 بحوالى 5 مليارات جنيه، بينها 760 مليون جنيه خلال حرب أكتوبر، تم تخصيصها للقوات المسلحة والدفاع المدنى والطوارئ، موضحا أن الموازنة الخاصة بعام 1974، التى أطلق عليها «ميزانية التضحية والأمل»، تبلغ 5981 مليون جنيه، مقابل 4808 ملايين لعام 1973، وتم تخصيص 25 مليون جنيه علاوات للعاملين بالحكومة رغم ظروف الحرب، مع تخصيص 564 مليون جنيه لمشروعات التنمية.. ولوحظ مع استمرار حالة الحرب المستمرة على مدى 7 سنوات، شهد عام 1973 عددا من المشروعات الصناعية الطموحة، على رأسها بدء إنتاج السيارة «نصر 125» بمصانع النصر للسيارات، والإعلان عن مشروعات تنموية مثل مترو الأنفاق، وتنفيذ خطوط أنابيب بترولية لنقل البترول من السويس للإسكندرية، وإنشاء 8 محطات كهرباء بتكلفة 10 ملايين جنيه، للحد من مشكلات انقطاع الكهرباء.
الدكتور صلاح الدين الدسوقى، رئيس المركز العربى للدراسات التنموية والإدارة.. فى حديث له أكد أن مصر اليوم بحاجة ملحة لإجراءات ٧٣ الاقتصادية، عن زيادة العمل والإنتاج، والنمو فى الناتج المحلى الإجمالى لمصر، وترشيد الاستيراد من الخارج، والاتجاه لتشجيع شراء المنتج المحلى بدلًا من الطلب على المنتجات المستوردة التى تدعم اقتصاديات الدول الأجنبية، وإصلاح الأوضاع المالية العامة، وتجاوز المشكلات الاقتصادية الهيكلية التى يعانى منها الاقتصاد حاليًا.
وقال الدسوقى إن ترشيد استخدامات النقد الأجنبى الذى يوجه نحو الاستيراد، ولتصبح المنتجات المصرية أكثر تنافسية فى مواجهة الإنتاج الأجنبى، ويجب أن نعمل على تطوير المنتج المحلى وجعله منافسًا لأن ذلك يرشد الاستيراد من الخارج.. ويرفع شعار المقاطعة لكل ما هو مغالى فى سعره وهو ما حدث لكافة السلع والتى شهدت ارتفاعات فى الأسعار استغلالاً لظروف حرب أكتوبر، وكذلك على القطاعين العام والخاص والانتظار كما سبق فى الحرب الداخلية، حرب الإنتاج والإنتاجية العالية والمتنوعة لتوفير احتياجات المعركة الحالية معركة الوجود والجمهور الجديدة بتوفير احتياجات الشعب المصرى والتصدير للخارج لتوفير العملة الصعبة، كما حدث فى ١٩٧٣ وكان عدد السكان وقتها 34 مليون مواطن..وقت أن بيجامات المحلة المقلمة أزرق وبنى فى كل بيت، وثلاجات إيديال وسخانات المصانع ومنتجات قها عبر منافذ صيدناوى وبنزايون وعمر أفندى وهانو وبيع المصنوعات..وفى وقت لم يتغيب عامل عن شركته أو مصنعه، وحتى فى الإجازات الرسمية قومية كانت أو دينية.. الكل كان فى معركته الداخلية، تزامناً مع معركة الانتصار.. وهو ما يتطلب منا الآن استحضار روح أكتوبر ورفع شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة... ومعركتنا اليوم وما يحيط بنا من مستجدات إقليمية وعالمية.. تجعلها المعركة الكبرى.
ما يمر به العالم حالياً من أزمات بشكل عام ومصر بشكل خاص.. مع ما تشهده المنطقة والعالم من أزمات وحروب يعزز مفهوم اقتصاد الحرب، وهو ما يتطلب إجراءات صارمة للخروج من الأزمة، ويستدعى تكاتف الجميع والاتفاق حول ومن أجل الدولة المصرية، من أجل العبور الجديد للجمهورية الجديدة وهو ما حدث خلال حرب الكرامة والعزة...حرب ٦أكتوبر والتى استعدنا جانباً من روح أكتوبر عند طرح اكتتاب حفر قناة السويس الجديدة.. وهو ما يعنى إمكانية تحقيق المستحيل
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قناة السويس الرئيس جمال عبدالناصر الاقتصاد المصرى الحكومة المصرية قناة السویس ملیون دولار ملیون جنیه عام 1973 وهو ما
إقرأ أيضاً:
سور الاردن العظيم ثاني اطول سور بالعالم واقدم سور في العالم
#سواليف
أطلق خبراء آثار وأكاديميون أردنيون حملات توعوية وتثقيفية للترويج لـ “سور الأردن العظيم” المعروف محلياً باسم “خط شبيب”، الذي يقع في منطقة رأس النقب ، باتجاه وادي رم، وإدخاله ضمن منظومة المسارات السياحية المحلية، لتطوير المنطقة، وزيادة دخلها.
ودعت الحملة إلى الاستمرار بتوثيقه، ونشر المعلومات حول أهميته وتاريخه، وفق موقع “العربي الجديد”.
ويقول باحثون الآثار إن “سور الأردن العظيم”، يعد ثاني أطول سور في العالم بعد سور الصين العظيم. كما يعتبر أقدم أسوار العالم قاطبة من فئة الأسوار الطويلة، حيث يرجع تاريخه إلى العصر النبطي، أي ما يعادل القرن الثالث قبل الميلاد، بينما نجد سور الصين العظيم يؤرخ للقرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين.
وتشير المعلومات إلى أن السور المكتشف يمتد من خربة الداعوك في رأس النقب مروراً بخربة المريغة وصولاً إلى وادي الحسا شمالاً، بطول يقارب 140 كيلومتراً. وهو بذلك أطول الأسوار في منطقة الشرق الأوسط.
وبدأت الدراسات والتوثيق لهذا السور عام 1996 ضمن مشروع اكتشاف حضارات رأس النقب في مواقع الحييض والحياض، وعين جمام، وخربة أبو النسور، ودبة حانوت، ولا تزال أعمال النشر العلمي مستمرة، حيث تم إصدار كتاب عن قصر شبيب، ونُشر عدد من المقالات حوله وسيتم نشر عدد من الكتيبات.
ووثق الخبراء السور الممتد من خربة الداعوك الى خربة المريغة بطول 5 كم، واطلعوا على أهم الجوانب التفصيلية، من نظامه الهندسي، وأنواع الصخور المستخدمة في بنائه تمهيداً لنشر التقارير العلمية حوله.
وقال الأستاذ في جامعة آل البيت محمود عبد العزيز، إن اكتشاف سور الأردن العظيم المعروف محلياً باسم خط شبيب وتوثيقه يعتبران أولوية قصوى، مؤكداً ضرورة نشر المعلومات حوله، وتنظيم زيارات ميدانية إليه، بالإضافة لضرورة المحافظة عليه من التعديات.
من جهتها، أشارت الباحثة في مجال السياحة الدكتورة جمانة دويكات، إلى ضرورة تطوير المنتج المحلي في رأس النقب، وتمكين المرأة من المساهمة برفد الاقتصاد من خلال الجمعيات والتشاركيات الفاعلة.
كما أكد رئيس الجمعية التعاونية للاستدامة والتطوير السياحي جمعة الخطيب، أن اكتشاف السور العظيم يفتح آفاقاً جديدة في مجال السياحة، تضاف إلى الكنوز الأردنية.
وأكد عضو جمعية أدلاء السياح الأردنية محمد حماد، ضرورة نشر المعلومات عن السور، وتزويد المتحف بمعلومات عنه باعتباره اكتشافاً مهماً
كل شيءقديم..