عندما صدح صوت الرئيس السادات في القاهرة إبان حرب أكتوبر المجيدة 1973 م معلنا للعالم أجمع أن قواتنا المسلحة قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكري لم يكن حديثه رجما بالغيب أو دربا من الخيال، إنما كانت منحة ربانية وفق المعطيات الآتية:
أولا- العدو الصهيوني يتمترس خلف ترسانة عسكرية هي الأكبر في الشرق الأوسط آنذاك، لا بل أن خزائنه مليئة من أمريكا القوة الأعظم المساندة لها.
ثانيا- العدو الصهيوني يتمترس خلف أقوى خط دفاعي صناعي طبيعي (خط بارليف - قناة السويس ) عرفه التاريخ منذ نشأته إلى يومنا هذا.
ثالثا- أن العبور إلى سيناء كان يستلزم أوضاع لم تكن موجودة على أرض الواقع بما يعنى تفوق مصر عسكريا، كما أن الانتظار حتى يتحقق ذلك كان أمرا عبثيا، فمثلا يلزم المهاجم أن يكون أقوى بثلاث مرات من المتمترس (المحتل ) خلف خطوطه الدفاعية وهم الصهاينة.
رابعا-قوة وعظمة الشعب المصري والذي أعد جبهته الداخلية خلال ست سنوات للثأر ورد الاعتبار رغم الظروف الاقتصادية الناتجة عن الهزيمة وخروج جزء كبير من قطاع البترول من الخدمة، وبرغم توجه الإقتصاد كله لإعداد الجيش للمعركة وبذل الغالي والنفيس لتحرير الأرض، إلا أن الجبهة الداخلية لم تشكو نقص سلعة أو تدني خدمة.
خامسا- لم يستجب شعبنا العظيم للحملات الدعائية المغرضة بأننا أصبحنا جثة هامدة، فقبلنا أن نأكل الفتات ونربط على بطوننا لإيماننا بالنصر.
سادسا- بشارة النصر العظيم والتي حملها ولى الله فضيلة الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر، عندما جاءه رسول الله صل الله عليه وسلم في المنام وأخبره ببشرى النصر، ورآه الإمام وهو يعبر القناة مع طائفة من الملائكة، وهذه الرواية تأكدت منها من ابنه فضيلة الأستاذ الدكتور منيع عبد الحليم محمود إبان عمادته لكلية أصول الدين بالقاهرة في العام 2006م فقد اتصلت به لتوثيق الرواية، واستقبلني بمكتبه صيف ذلك العام ودار الحديث قرابة ساعة وأكثر.
سابعا - شاء الله تعالى أن يكون هذا النصر تدريبا وتخطيطا وتنفيذا مصريا خالصا ليس لدولة شرقية كانت أو غربية فضل فيه، نصرُ بدأناه بالتكبير والتهليل واختتمناه بالسجود على رمال سيناء.
ثامنا - أعمى الله تعالى أبصار العدو الصهيوني وتابعيهم وراعِهِم جراء خطة الخداع الاستراتيجي والتي نفذها رأس الدولة بنفسه.
القارئ الكريم.. النصر يحتاج إلى سلاح الإيمان قبل سلاح الميدان، فالسلاح وحده لا يحرر أرضاً، إنما يحتاج إلى عقيدة وعدالة قضية وإيمان بالوطن، في غزوة بدر كان المؤمنون قلة قليلة أغلبهم بلا سلاح لكن جُلهم مؤمنون بقضيتهم والدفاع عنها وانتصروا نهاية الأمر، وفي السادس من أكتوبر كان العدو يتباهى بعدته وعتاده لكن النصر تحقق في النهاية لأصحاب الأرض الذين سقوا الرمال بدمائهم، نصر أكتوبر العظيم منحة ربانية لا علاقة لها بالسلاح ولو اجتمع أهل الأرض جميعا.
اقرأ أيضاًغدًا.. فتح حدائق القاهرة بالمجان احتفالا بذكرى نصر أكتوبر الـ50
رئيس البرلمان العربي يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: المطار الإسكندرية محافظ مطروح محافظة البحيرة المحليات محافظة مطروح سيول السيول في مطروح الجهات التنفيذية
إقرأ أيضاً:
بيعُ الأرواح لمالكها.. بـ حياةٍ أبدية
ردينة حسن
(ألسنا على الحق؟ إذن لا نُبالِي بالموت)..
نعم هذا هو قولُ الحُسين يوم عاشوراء، من كان أكبر مثالٍ للشهادة؛ فالشهادة هي ذلك الفوز العظيم، هي الحياة الأبدية هي النعيم الذي لا ينقطع هي تجارة مع الله، أتخافون بيع أرواحكم لمن هو مالكها؟!
يا للعجب حَقًّا عندما نتأمل إلى واقع البشر نجدهم بعيدين كُـلّ البُعد عن المعنى الحقيقي للشهادة عندما نتساءل: لماذا؟
نجد أنهم وقعوا فيما سعَت له أمريكا منذ أعوام؛ أي طمس الحقائق حتى وإن كانت بإثباتات وشواهدَ قرآنية تحت مسميات أتعتقدون أنها شهادةً وأنت تقتل أخاك المُسلم؟
عن أي مسلم تتحدثون؟ هل عن ذلك الذي حرم الطفلَ من أمه، أم ذلك الذي تسبب بصراخات الفتاة عندما رأت والدتها وأخاها وَوالدها لم يعودوا سوى أشلاء؟!
ماذا عن قلب الأم الذي ودعت طفلتها الصباح بعد أن أعدت لها وجبة الإفطار وقبّلتها قبل ذهابها ليصل إليها اتصالٌ “تم قصف مدرسة ابنتكم احضروا للتعرف على جثتها”، أم عن ذلك الشاب الذي مات وهو ينتظر وصول الدواء ولم يصل نتيجة الحصار؟ ماذا عن أُولئك الأطفال الذين استعدوا لرحله اختتام المراكز الصيفية بكل حب وشغف ثم يأتي طيران العدوّ يستهدفهم فيرتقون إلى ربهم شهداء ولدانًا مخلدين أم عن النساء التي اغتصبن وسُلبت منهن كرامتهن؟!
بالله أخبروني أهذا هو الإسلام الذي تتحدثون عنه أيها العرب ولكن استبدلتم عينَ العروبة بالغين فأصبحتم غربًا أنجاسًا عليكم غضب من الله إلى يوم تبعثون؟
وكل هذا؛ مِن أجلِ إرضاء قشة (أمريكا)؟
الشهداء عندما تحَرّكوا هم من منعوا مواصلةَ هذه الجرائم بحق شعبنا، وبتضحياتهم وبطولاتهم صنعوا مجد هذا الأُمَّــة وهذا الشعب؛ فكانت في شهادتهم حياتان: فالأولى هي حياة الكرامة والعزة والإباء لمن تركوا خلفهم، والثانية هي حياتهم الأبدية التي وعدهم الله في قوله: “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون” هم وصلوا إلى ذلك الفضل والجزاء العظيم من الله تعالى.
فوراء كُـلّ شهيدٍ بطولةٌ أُسطورية جعلت من العدوّ رميمًا.
أتعلمون لماذا؟
لأن شهداءَنا عندما تحَرّكوا تحَرّكوا بعشق للشهادة ولقاء الله، تحَرّكوا غير مبالين بالموت وهم يدركون عظمة الموقف الذي هم فيه؛ وذلك نتيجة الإيمان، كانت دعواتهم بأن يتقبلهم الله شهداءَ على طريق الحق لا تُفارِقُ أفواههم، كان ذكر الله لا ينقطعُ عنهم؛ فجعلوا زادهم التقوى، وجعلوا من بردهم دفئًا ومن جوعهم شبعًا ومن كُـلّ الصعاب سِهالًا.
نعم هذا هو الحب الحقيقي فكما قال الشهيد السيد/ حسن نصر الله: (حينما تتخلّى عن حب الدنيا وشهوات الدنيا ومتاع الدنيا حينها تُصبِحُ عاشقًا).
لذلك فليعلم العدوُّ وليعلمْ كُـلّ أُولئك الخونة والجبناء والمتخاذلين أننا لا نخشى الموت؛ لأَنَّنا لا نموت؛ ولأن الشهادة هي أعظم أمانينا، نحن من نخاف أن نموت ميتتكم، أن نموتَ وليس لنا موقف وليست لنا كرامة ولسنا إلا كالماشية تُساق متى ما أراد راعيها، نحن نأبى ذَلك ونحن من يفرحُ لقادتنا باستشهادهم؛ لأَنَّهم استحقوا ذلك الفوز؛ فلن نسقطَ نتيجة سقوط قاداتنا بل نزداد قوة وصلابة وتشتعل لظى أكبادِنا للانتقام، فنحن من يدعو اللهَ ليلَ نهارَ أن يجعلَ الشهادة من نصيبنا.
اعلموا جيِّدًا أننا تربّينا على مبدأ (عندما ننتصر ننتصر وعندما نستشهد ننتصر).
فباب الشَّهادة مفتوح على مصراعيه.
والتجارةُ التي لا تبور قد ازداد الطلبُ عليها.
وكأننا في فصلِ العُروج، فهنيئًا لمن يعبر.
هنيئًا لمن باع من الله نفسهُ وأشترى منه.
هنيئًا لمن تنالهُ قطرات الرحمة في موسمِ الارتقاء، حَيثُ السَّماء تُمطِرُ شهادةً.