الجزيرة:
2025-02-03@06:10:07 GMT

لماذا أعلن أردوغان عن نيَّته زيارة تل أبيب؟!

تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT

لماذا أعلن أردوغان عن نيَّته زيارة تل أبيب؟!

حالةٌ من الاستياءِ والغضِب تشهدُها بعضُ الأوساط التركيَّة إثر إعلان الرئيس أردوغان مؤخرًا عن نيَّته زيارةَ تل أبيب، والذي جاءَ متزامنًا مع استعدادِ القضاءِ التركيّ لبدْء محاكمة عددٍ من أعضاءِ شبكة التجسّس لصالح الموساد الإسرائيليّ، تمَّ القبض عليهم منذ عدّة أشهر.

تتنوّع الأسبابُ التي يبرّر بها الرافضون لمبدأ التعاون مع إسرائيل غضبَهم من تصريحِ أردوغان، لكنْ ربما يكون أشدُّها سخونةً وتأثيرًا، وأكثرها حداثةً هو الكشف عن قيام إسرائيل بالتجسّس على تركيا، وتشكيل شبكة يترأسها تركيٌّ مهمتُها جمعُ معلومات، ومُراقبة شخصيّات عربيّة وإيرانيّة فاعلة على الساحة الاقتصاديّة التركية، ما يعني أنَّ إسرائيل خطّطت لاستهداف هذه الشخصيات على الأراضي التركيَّة، للإضرار بالحالة الأمنيَّة في البلاد، وتوجيه ضربةٍ قاتلةٍ للاقتصاد التركيّ بالنظرِ إلى حجم الشّركات العربيَّة والإيرانيَّة العاملة بتركيا.

تختلفُ رؤيةُ القيادة السياسيَّة عمومًا للأمور وتقديرها عن غيرِها من الرؤى، حيث تتصدّرُ المصالحُ وتحقيق الأهداف أولويات العمل السياسيّ والتحرُّك الدبلوماسيّ، والتّعاطي مع الأطراف الدوليّة، حتّى وإن كان هناك نوعٌ من الرفض الشخصيّ من جانب المسؤول للعَلاقات مع هذه الدّولة أو تلك، فالأولويةُ دائمًا وأبدًا تكون لمصالح البلاد العُليا.

أهداف ومصالح تركية ترتبط بعودة العَلاقات مع إسرائيل

 

وتركيا تضعُ نُصبَ عينَيها جملةً من الأهداف والمصالح التي تسعى لتحقيقها من وراء تحسين عَلاقاتها بالجانب الإسرائيليّ، أولها وأكثرُها أهميةً قضيةُ شرق المتوسط، فرغم أنَّ لديها اتفاقياتٍ لترسيمِ الحدود البحرية مع كلٍّ من ليبيا وشمال قبرص، إضافةً إلى التفاهمات الخاصة بالتنقيب عن الغاز مع الأخيرة، إلا أنَّها ترغب في عقد اتفاقيتَين لترسيم حدودِها البحرية؛ إحداهما مع مصر، والأخرى مع إسرائيل.

ليكتملَ بهذا عقدُ الاتفاقيات التي تضمن بموجِبها الحصولَ على حصّة كاملة غير منقوصة من ثروات المِنطقة، وإنهاء الجدل الدائر بشأنِها، وتأمين سند قانونيّ دامغ لقيام سفنها بعمليّات التنقيب فيها دون مضايقات أو إدانات من هنا أو هناك.

إلى جانب رغبِتها في الانضمام لمشروع شرق المتوسط لنقل الغاز من إسرائيل إلى أوروبا، المعروف باسم: " إيست ميد"، الذي يضم كلًّا من إسرائيلَ وقبرص واليونان، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة بحُجّة أنه يتنافى مع أولوياتها المُناخية، مفضلةً الدخول في مشروعات قائمة على الطاقة المتجددة التي تتميز برخصِ تكلفتِها وسرعة إنجازِها.

إلا أنَّ العقبة الكبرى أمام تحقيق هذه الرغبة تتمثلُ في استمرار الخلافات التاريخيَّة بين تركيا وكلٍّ من اليونان، وقبرص سواء المرتبط منها بالقضية القبرصية، ووضع القوَّات التركيَّة الموجودة في شطرها الشمالي، الذي تصفه الدولتان بالاحتلال، أو المرتبط بقضية تقسيم الحدود البحريَّة في المناطق الاقتصادية لشرق المتوسط المتنازع عليها بينهم، الأمر الذي يمكن أن يعرقلَ إتمامَ هذا الأمر.

وترى تركيا أنَّ إسرائيل لديها القدرةُ على أن تلعب دورًا مهمًا في هذا الملفِّ، والقيامَ بدورِ وساطةٍ فاعلٍ يفضي إلى قَبولها عضوًا في هذا المشروع إلى جانب كلٍّ من اليونان وقبرص.

خاصةً أنَّ نقاط التوافق بين رؤية أنقرة للمِنطقة الاقتصادية الخاصة بها، وبين المِنطقة الاقتصادية التي تمَّ تحديدها من جانب قبرص واليونان، يمكن البناءُ عليها إذا أُريد التوصل لاتفاق بين الدول المطلّة على شرق المتوسط، وهي: إسرائيل، واليونان، ومصر، وتركيا، وقبرص، مع الأخذ في الاعتبار أنَّ الخط الذي يجري إنشاؤُه حاليًا بالتعاون مع إيطاليا يمرُّ عبر هذه المنطقة تحديدًا.

أنقرة، وفي إطار خُططها الرامية للاستفادة القصوى من إعادة عَلاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، صاغت رؤيةً أخرى تحسبًا لفشلِ تنفيذ هذا المقترحِ، حيث ترى أن هناك إمكانيةً للتعاون المشترك بصيغة أخرى بينها وبين كلٍّ من إسرائيلَ ومصرَ في مجال الطاقة.

وفي هذا الإطار، تقترحُ إنشاء خط لتصدير الغاز المصري والإسرائيلي إلى أوروبا عبر أراضيها، وهو المشروع الذي يمكنه منافسةُ مشروع " إيست ميد"، خاصةً أنه أقل تكلفة وأسرع في التنفيذ.

وزيادة في الفائدة المرجوّة من وراء هذا المشروع ترى أنقرةُ إمكانيةَ ضمِّ كلٍّ من سوريا ولبنان إلى هذا المشروع لاحقًا، وذلك بعد الانتهاء من ترسيم حدودهما البحرية مع إسرائيل.

وفي حال تحقق أيّ من الهدفَين على أرض الواقع، تكون تركيا قد نجحت في تحويل حُلم أن تصبح أكبر مركز في الشرق الأوسط يقوم بتصدير الطاقة لأوروبا إلى حقيقة، خاصة أنها تقوم بالفعل بنقل الغاز الروسي والغاز الأذربيجاني إلى أوروبا عبر خطَّي أنابيب تورك ستريم، والأناضول.

لتضمن بذلك تعزيزَ مكانتها إقليميًا ودوليًا، وزيادة قوتها الاستراتيجية، إلى جانب المكاسب الاقتصادية الضّخمة التي يمكن أن تجنيها من وراء ذلك بما يمكّنها من حلّ أزمتها الاقتصادية ولو جزئيًا.

مكاسب إسرائيل السياسية من عودة العلاقات

 

أمَّا على الجانب الإسرائيلي، فهناك تيار سياسيّ قويّ يرى أهمية الحفاظ على عَلاقات جيدة مع تركيا، وضرورة الاستفادة منها بشكل يخدم المصالح الإسرائيلية إقليميًا ودوليًا، خصوصًا مع هذا العدد الكبير من الملفّات التي تجمعهما، وتتقاطع مصالحُهما فيها.

أبرزُها يتمحورُ حول عَلاقة كل منهما الاستراتيجية مع أذربيجان، صحيح أنَّ الأهداف ليست واحدةً إلا أنَّ العَلاقات الجيدة بينهما ستؤمّن لإسرائيل على وجه الخصوص التواجدَ بكثافة أكبر لمواجهة إيران، وتحقيق مصالحها هناك برعاية تركيا، ما يمهد لمزيدٍ من التعاون بينهما.

إلى جانب إمكانية التنسيق والتعاون الأمني بينهما فيما يخصُّ الملفَّ السوري، فتركيا تواجه حزبَ العمال الكردستانيّ، ووَحدات حماية الشعب الانفصاليين في شمال وشمال شرق سوريا، بينما تسعى إسرائيل لوقف الانتشار الإيرانيّ على الساحة السوريَّة، وترغب في تقويض وجوده، من خلال استهداف أماكن تجمُّع قوَّات الحرس الثوري الإيراني في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام بشّار الأسد، وبالتالي فالتنسيق الأمني، وتبادل المعلومات بينها وبين تركيا سيضمنان لها التواجدَ كطرفٍ فاعل في التطورات المستقبلية التي يمكن أن تشهدها القضية السورية.

مكاسب اقتصاديّة سريعة

 

أمَّا على الصعيد الاقتصادي، فيبدو مقترح مشروع نقل الغاز من مصرَ وإسرائيلَ إلى أوروبا عبر تركيا أكثر ملاءمةً لها، كونه يزيحُ عن كاهلها عبء مدّ خطوط أنابيب جديدة لإيصال الغاز إلى أوروبا، الأمر الذي قد يستغرق وقتًا طويلًا، وميزانية ضخمة، ما يعني تأجيلَ مرحلة جني الأرباح التي تطمح لتحقيقها، كما أنَّه يزيد من حجم التعاون الاقتصادي بينها وبين مصر في مراحله الأولى، ثم بينها وبين كل من سوريا ولبنان لاحقًا.

لذا من المتوقع أن تشهد العلاقات التركية – الإسرائيلية تطورًا لافتًا، في مجالات التبادل التجاريّ، وزيادة عدد السيّاح الزائرين لتركيا، إلى جانب التعاون في مجال الطاقة، وهو ما سيتمُ الكشف عن تفاصيله كافةً خلال الزيارة المؤجّلة لبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال الفترة المُقبلة، وهي الزيارة التي ستعقبها زيارة أردوغان المُنتظرة لتلّ أبيب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: شرق المتوسط مع إسرائیل إلى أوروبا بینها وبین إلى جانب

إقرأ أيضاً:

لماذا اختار "الشرع" السعودية أولاً؟: زيارة الرئيس السوري تحمل رسائل غير متوقعة

الرئيس السوري أحمد الشرع (وكالات)

كشف عدد من المحللين السياسيين عن السبب الرئيسي لاختيار الرئيس السوري أحمد الشرع المملكة العربية السعودية كوجهته الأولى في أول زيارة له إلى الخارج بعد توليه منصب الرئاسة في سوريا.

وأكدوا أن هذه الزيارة تحمل دلالات سياسية عميقة تشير إلى العلاقة الاستراتيجية والتاريخية التي تربط بين سوريا والمملكة.

اقرأ أيضاً صدمة في محطات الوقود: الإمارات ترفع أسعار البنزين 2 فبراير، 2025 أكسيوس يكشف عن فحوى مكالمة ترامب والسيسي: هل تطرقا لنقل أهل غزة؟ 2 فبراير، 2025

مكانة المملكة السياسية وأثرها الدولي وأوضح المحللون أن قرار الرئيس الشرع بزيارة السعودية أولاً يعكس التقدير الكبير الذي تحظى به المملكة في أوساط القيادة السورية الجديدة، خصوصاً فيما يتعلق بمكانتها السياسية على الساحة الدولية.

وأشاروا إلى أن المملكة العربية السعودية تعد لاعباً رئيسياً في السياسة الإقليمية والدولية، ولها دور محوري في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وتعتبر الزيارة بمثابة رسالة من القيادة السورية الجديدة إلى العالم بأنها تدرك أهمية الدور الذي تلعبه الرياض في قضايا المنطقة وعلى رأسها الصراع السوري.

دور رؤية 2030 في تعزيز العلاقات الثنائية كما لفت المحللون إلى أن زيارة الرئيس الشرع جاءت في وقت حاسم تتجه فيه المملكة نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 التي وضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وأكدوا أن القيادة السورية ترى في هذه الرؤية فرصة كبيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين، وكذلك الاستفادة من المشاريع التنموية الضخمة التي تقوم بها المملكة والتي تتوافق مع احتياجات سوريا في مرحلة إعادة البناء والنهوض بعد سنوات من الصراع.

وأشاروا إلى أن القيادة السورية الجديدة تولي اهتمامًا خاصًا لرؤية 2030 باعتبارها استراتيجية شاملة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد لتشمل أيضاً تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة.

وقد بدا واضحًا أن هذه الزيارة تعكس رغبة سوريا في بناء شراكات اقتصادية وتحقيق مصلحة مشتركة مع المملكة بما يعود بالنفع على الشعبين والدولتين.

التشاور والتنسيق حول التحديات الإقليمية أما على الصعيد السياسي، فإن الزيارة تكتسب أهمية كبيرة من خلال التشاور والتنسيق بين البلدين حول مجموعة من القضايا الإقليمية والدولية.

حيث يرى المحللون أن هذه الزيارة تأتي في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للمنطقة، بما تشهده من تحديات كبيرة وصراعات معقدة.

ولذلك، يهدف الرئيس الشرع من خلال زيارته إلى استكشاف سبل التعاون مع المملكة في مواجهة هذه التحديات، والاستفادة من مكانتها الدولية للضغط من أجل تحقيق السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة.

واختتم المحللون بأن الزيارة لا تقتصر فقط على بحث القضايا السياسية، بل أيضًا على فتح أفق التعاون بين البلدين في مجالات متعددة من أبرزها الاقتصاد والأمن، بالإضافة إلى الاستفادة من العلاقات التاريخية بين الرياض ودمشق لتجاوز الأزمة التي تعصف بسوريا منذ سنوات طويلة.

مقالات مشابهة

  • هل تذهب تركيا إلى الحرب مع إسرائيل من أجل سوريا؟
  • لماذا اختار "الشرع" السعودية أولاً؟: زيارة الرئيس السوري تحمل رسائل غير متوقعة
  • تركيا.. برلماني سابق عن حزب أردوغان يدعو لإنهاء سياسة التصادم
  • غدًا.. نتنياهو يغادر إلى واشنطن في زيارة تستمر أسبوعا
  • وزير الخارجية: نقف إلى جانب الشعب السوري.. ولدينا علاقات مشتركة مع تركيا
  • تجاوز 570 دولار.. سعر الغاز في أوروبا يسجّل أرقاماً قياسية
  • رسائل “حماس” الصريحة لتل أبيب والعالم لكسر جانب من هيبة الجيش الإسرائيلي (صور)
  • سعر الغاز في أوروبا يتجاوز الـ 570 دولارا لكل ألف متر مكعب للمرة الأولى منذ عام 2023
  • للمرة الأولى منذ 2023..سعر الغاز في أوروبا يتجاوز الـ 570 دولارا لكل ألف متر مكعب
  • «الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟