عربي21:
2024-07-03@15:31:34 GMT

الدين بين الثورة والانقلاب

تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT

لعبت المقولات والشعارات الدينية الإسلامية دورا مركزيا في تشكيل وعي الشعوب وردود أفعالها خلال الأحداث الأخيرة التي عرفتها المنطقة فهما وقراءة وتأويلا. لا يقتصر الأمر هنا على الحركات والأحزاب الإسلامية الصناعية منها والطبيعية بل يتنزل هذا الحضور الكثيف خاصة في الوعي الجمعي للجماهير العريضة في المشرق والمغرب.



لحظتان أساسيتان صاغتا خصائص الواقع الذي نعيشه اليوم وهما لحظة الثورة إن جاز التوصيف ولحظة الانقلاب على الثورات الذي دُشّن رسميا في صيف 2013 في مصر. نعيش اليوم لحظة التمكين للانقلابات التي أعادت المشهد العربي إلى ما كان عليه قبل الانفجار التونسي الكبير مع اعتبار الحجم الهائل للخسائر في الأرواح والقناعات.

الآن يمكن للقارئ أن يستقرئ الدور الذي لعبته المقولات الدينية في كلا الطورين بعد أن استكملت اللحظتان دورتهما الحضارية والتاريخية. كيف يمكن تقييم الدور الذي لعبه الدين في الطور الثوري؟ وكيف حسمت المقولات الدينية معركة الانقلاب على الثورة؟ ولماذا فشلت نفس هذه المقولات في منع انزلاق مسارات التغيير؟

الدين والثورة

إذا كانت هناك حقيقة ثابتة خلال انطلاق الثورات فهي أن الشعارات الدينية لم تكن حاضرة فيها ولا هي كانت موجّهة لها. فلم تكن الأحزاب والحركات الإسلامية محركا للثورات التي نجحت في التخلص من الأصباغ الأيديولوجية بسبب طبيعتها الفجائية وهو ما يمثل حسب كثيرين أحد أهم أسباب نجاحها.

بعد سقوط واجهة النظام في مصر وتونس وليبيا خاصة وجدت الشعارات الدينية طريقها إلى ساحات الفعل السياسي فنجح الإسلاميون سريعا في التموقع في قلب المشهد الثوري. لكن لا بد أن نميّز هنا بين الحضور الإسلامي في شكله الانتخابي السلمي في تونس ومصر حيث نجح الإخوان في الوصول إلى السلطة وبين الحضور المسلح للمجموعات الإسلامية في ليبيا ومن بعدها سوريا التي فرض فيها السلاح نفسه في مواجهة قمع النظام.

صحيح أن ما لحق بالقيادات الإسلامية من قمع وتنكيل خاصة في مصر لا يزال يحفظ لها قدرا من التعاطف الطبيعي لكنه لم يعد يحفظ لها الثقة في القدرة على الفعل السياسي كما كان الأمر قبل الثورات.سيطر الاستقطاب الديني على طبيعة المشهد الذي أعقب الثورات وتحرك عبر مسارين: أما المسار الأول فيتثمل في قدرة التنظيمات الإسلامية وخاصة الإخوان على تعبئة قواعدها والفوز في كل الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها مصر وتونس خاصة. أما المسار الثاني فظهر من خلال قدرة الشعارات الدينية على التعبئة في مواجهة عنف النظام والثورة المضادة في كل من سوريا وليبيا بشكل ساهم في تركيز مسارات التغيير داخل دائرة العنف والعنف المضاد.

هنا أخذت المسارات الثورية اتجاهات دامية ستكون السبب في توفير الأرضية الخصبة للتدخلات الخارجية والأجندات الإقليمية والدولية التي تحولت إلى فاعل أساسي داخل المسرح الثوري. بناء عليه فإذا كانت لحظة الانطلاق الثورية خالية من الفاعل الديني فإنه سرعان ما استحوذ على المشهد بعد سقوط واجهة النظام.

الدين والانقلاب

بخلاف المرحلة السابقة فإن لحظة الانقلابات التي يمكن رصدها انطلاقا من لحظة سقوط النظام نفسه كانت مشبّعة بالخطاب الديني. سريعا جدا ما حركت الدولة العميقة ممثلة في أركان النظام القديم الذين لم تلمسهم الثورة حركات دينية مختلفة الخطاب لكنها متسقة الهدف والحركة مثل حزب النور في مصر أو فرق المداخلة في ليبيا أو مختلف الأذرع السلفية في تونس.

إن التقدّم على طريق بناء خطاب مجتمعي ناجع يقطع مع الشعارات العاطفية ويؤسس لمشاريع إجرائية مباشرة قادرة على تجميع أشلاء المختلِف المتصارِع وفرض نسق المتنوع الثابت هي السبيل الأسلم لكسر دورة الفشل التي تشل حالة الوعي العربي.كان الخطاب الديني يقف في مواجهة خطاب ديني آخر ويحاول إسقاطه من الداخل مستفيدا من حالة الفوضى التي أعقبت الثورات ومن العجز الكبير في الأداء السياسي لخصومهم الإسلاميين في السلطة.  تحوّلت المقولات الدينية مثل الفتنة والخروج والولاء والطاعة.. إلى أدوات أساسية في تحريك الوعي الجمعي للجماهير التي وجدت نفسها بعيدة عن المطالب الأساسية التي اندلعت من أجلها الثورات ممثلة في المطالبة بالعدل والشغل والحرية والكرامة.

استفادت بقايا النظام القديم من الفاعل الديني في ضرب كلا المكونين ببعضهما البعض وسط تغلغل عميق لأجندات القوى الخارجية في داخل المشهد الثوري. ثم تطوّر الأمر في مصر وليبيا وسوريا وحتي في تونس إلى مرحلة ظهور الجماعات العقائدية المسلحة وطغيانها على المشهد مثل تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق خاصة.

هنا وجد النظام العالمي بما هو الراعي الخفي للانقلاب على المسارات الديمقراطية فضاءات مفتوحة لفرض مقولة "الخريف الإسلامي" في مقابل مقولة " الربيع العربي". وسط هذا الصراع العنيف بين المقولات الدينية استحكمت حالة الفوضى والعنف وبدأ الجمهور العربي يطرح أسئلة كثيرة حول مصير التغيير وحول جدواه. وهو الأمر الذي منح الانقلابات شرعية شعبية باعتبارها المنقذ من حالة الفوضى التي ألغت مطلب الحرية وفرضت مطلب الأمن.

مآلات الخطاب الديني 

لا يمكن أن ننكر اليوم التراجع الكبير لقيمة الشعارات الدينية في تصوّر الخروج من حالة الانسداد السياسي عربيا بعد أن برهن الإسلاميون عن عجز كبير وفشل ذريع في تحقيق ما كانت الجماهير تعتقد أنهم قادرون على تحقيقه. صحيح أن ما لحق بالقيادات الإسلامية من قمع وتنكيل خاصة في مصر لا يزال يحفظ لها قدرا من التعاطف الطبيعي لكنه لم يعد يحفظ لها الثقة في القدرة على الفعل السياسي كما كان الأمر قبل الثورات.

لكن من جهة أخرى لم تطوّر الساحة العربية أية بدائل جديدة تسمح بصياغة مشاريع سياسية أو فكرية قادرة على ملء الفراغ الذي تركه المكوّن الديني في الخطاب السياسي اليوم. فبعد أن انحسر بريق الأطروحات الأيديولوجية الكلاسيكية من قومية عروبية ويسارية شيوعية ولبرالية علمانية وإسلامية إخوانية أضحت الساحة الفكرية العربية شبه قاحلة من كل إطار مرجعي يمكن أن يكون رافعة تؤطر مسارا ممكنا للتغيير السياسي والاجتماعي.

هل انقضت فعلا مرحلة الأيديولوجيات السياسية؟ وهل يمكن اعتبار الخطاب الديني جزءا من هذه الأيديولوجيات؟ هل يمكن أن ننتظر خروج منوالات وأطر فكرية جديدة؟ هل تنجح نخب جديدة في صياغة مشاريع فكرية قادرة على إخراج خطابات ناجعة لا تتصادم مع أفق انتظار الوعي الجمعي؟

إن صياغة خطاب سياسي جديد متصالح مع ثوابت المجتمعات وهويتها الحضارية دون إنكار السياقات الإقليمية والدولية قد يكون واحدا من المخارج الممكنة من حالة الانحباس السياسي عربيا. إن التقدّم على طريق بناء خطاب مجتمعي ناجع يقطع مع الشعارات العاطفية ويؤسس لمشاريع إجرائية مباشرة قادرة على تجميع أشلاء المختلِف المتصارِع وفرض نسق المتنوع الثابت هي السبيل الأسلم لكسر دورة الفشل التي تشل حالة الوعي العربي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الدينية العربي الدور سياسة عرب رأي دين دور مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخطاب الدینی قادرة على من حالة ما کان فی مصر

إقرأ أيضاً:

هل هي ثورة على حكم الإخوان.. أم ثورة مضادة لثورة يناير؟!

ليس دفاعا عن الإخوان المسلمين، وليس تبريرا لأخطائهم، وما أكثرها، إنما هو دفاع عن مصر كلها، وعن كرامتها وشرفها.. دفاع عن مصر الحاضر والمستقبل.. دفاع عن التاريخ الذي يجري تزويره، وعلى رأسه تاريخ "ثورة يناير"، أشرف وأطهر وأنقى ثورة عرفتها مصر في تاريخها الحديث والمعاصر.. دفاع عن الجغرافيا التي جرى تبديدها في "تيران وصنافير" و"نهر النيل" شريان حياة مصر منذ الآلاف السنين، والذي تم إهدار قيمته التاريخية، والتفريط فيه كأهم مصدر للحياة على أرض مصر، لصالح أعدائها.

فبرغم الفشل الواضح على مدى أكثر من عشر سنوات، وفي كل المجالات، إلا أنهم سنويا، وبمناسبة مُركب (6/30 – 3/7) من كل عام، يحاولون أن يخطفوا العقول والأذهان، ليذهبوا بها بعيدا -وبشكل هزلي ساخر- نحو عام يتيم أسموه "عام حكم الإخوان"! ومن المساخر أيضا، أنهم يتعاملون معه وكأنه قرن كامل من الحكم!

كما أنهم إمعانا في التضليل لا زالوا يعتبرون ذلك ثورة! فهل يمكن أن يصدق أحد أن هناك ثورة يقودها "أحمد موسى"، و"مصطفى بكري"، و"لميس الحديدي"؟! أم يمكنه أن يصدق أن هناك ثورة يتصدرها كل رموز النظام الذي قامت عليه "الثورة الحقيقة"؟! وإن صدق ذلك يوما، فهل يمكنه أن يقول بذلك اليوم؟!

إننا إذا صدقنا وسلمنا بأنها ثورة، فهي الثورة التي هبطت بالجنيه المصري مهاوي سحيقة، لا يعلم أحد حتى الآن كيف يخرج منها ومتى! إنها الثورة التي رفعت سعر رغيف الخبز أضعافا مضاعفة، برغم تشويه شكله وتهديد وزنه!!

النظرة السريعة للخريطة السياسية التي أنتجتها "ثورة 30/6 – 3/7"! تكشف الحقيقة المرة، حيث انصرف عنها كل الشرفاء الذين خُدعوا بها، بعد أن ذاقوا ويلاتها، ولم يبق معها سوى المنتفعين، والمرتزقة، ورموز الثورة المضادة، كما انصرفت عنها بالضرورة، قطاعات الشعب التي ضُللت، والتي استُخدمت ستارا لتمريرها
وإذا كان هناك من لا يزال يصدق أنها ثورة، فهي الثورة التي باعت الأرض في تيران وصنافير، لصالح إسرائيل، وهي الثورة التي فرطت في نهر النيل، لصالح إحكام قبضة الكيان الصهيوني على مصر وشعبها، حاضرا ومستقبلا، وهي الثورة التي باعت سيناء وفرطت فيها بأشكال مختلفة، كما جعلتها مركزا لصفقة القرن، التي أصبحت بؤرة التغيرات الكبرى التي يجري تخطيطها لمنطقتنا، حيث أصبح المستفيد الرئيس من هذه الثورة هو الكيان الصهيوني ومشروعه في المنطقة! وهي الثورة التي كبلت مصر بديون ثقيلة لم تشهدها على طول تاريخها، ولم يسلم من تبعاتها الجيل الحالي، كما تهدف لتركيع الأجيال القادمة.. وهي الثورة التي تنازلت عن المليارات المكعبة من غاز المتوسط، لكي تضيء كل مدن وشوارع إسرائيل، ولو أظلمت مصر، ومات أهلها من شدة الحرّ، أو في "الاسانسيرات" (المصاعد)، أو رسب طلاب ثانويتها العامة.

لقد زعموا أنهم أخرجوا مصر من حكم الإخوان، لكنهم في الحقيقة أردوا أن يرهنوا سيادتها، ويوقعوها في حكم كل من هب ودب في المنطقة.. لقد زعموا أنهم أنقذوها من اختطاف التنظيم الدولي، لكنهم في الحقيقة أرادوا أن يوقعوها في حضن الكيان الصهيوني، ومشروعه العالمي!!

إن النظرة السريعة للخريطة السياسية التي أنتجتها "ثورة 30/6 – 3/7"! تكشف الحقيقة المرة، حيث انصرف عنها كل الشرفاء الذين خُدعوا بها، بعد أن ذاقوا ويلاتها، ولم يبق معها سوى المنتفعين، والمرتزقة، ورموز الثورة المضادة، كما انصرفت عنها بالضرورة، قطاعات الشعب التي ضُللت، والتي استُخدمت ستارا لتمريرها.

إن نظرة عابرة لذات الخريطة في محاولة للبحث عن رموز "ثورة يناير"، لن تجدهم اليوم سوى شهداء: قتلتهم مدرعات الثورة المضادة في ميدان التحرير، في كل ميادين مصر عام 2011 إبان انطلاقها، أو قتلوا في مواجهة طائرات ورشاشات 3 تموز/ يوليو في الشوارع والميادين عام 2013.. إن نظرة عابرة على سجون وعنابر وزنازين مصر اليوم، على كثرتها، تكشف كم هي مكتظة بثوار يناير، ومفجريها، ومنظريها، وكل من شارك فيها، أو تعاطف معها.. إن نظرة سريعة للمنفيين والمطاردين خارج مصر، تكشف أنهم: ما بين مشارك في حلم يناير، أو من تأثر بها فلحق بها لشرفها وكرامتها، ومن يدافع عنها وربط مصيره بنجاحها، فضلا عمن يدفعون ثمن ذلك تضحية وملاحقة لا تتوقف، من قبل قادة الثورة المزعومة والخديعة الكبرى!

إن الحقيقة التي يجب أن تكون واضحة اليوم، بعد كل الذي جرى، وما وصلنا إليه، هو أن اعتبار مظاهرات 30 حزيران/ يونيو، وما أعقبها يوم 3 تموز/ يوليو، ثورة على حكم الإخوان، إنما هي كذبة كبرى لطمس أم الحقائق، وهي أنها كانت -في العمق- ثورة مضادة "لثورة يناير"، وبالأحرى كانت انقلابا عليها، وأنها قد اتخذت من شعار "إسقاط حكم الإخوان" ستارا لهذا الانقلاب، حيث استغلت أخطاءهم الكثيرة في الحكم وعلى جانبيه، وهي كثيرة، كما وظفت هذه الأخطاء في حشد وتعبئة الكثيرين، بل ووظفت كل خصوم الإخوان في مواجهتهم، وعبّأت من خلال ذلك قطاعات شعبية كبيرة، تضررت من تعطيل المرافق والمصالح المتعمد، والذي كانت تديره الدولة العميقة بشكل واضح، والتي لا يمكن أن تديره بطبيعة أحوال الاستبداد المتحكم في بلادنا أي جهة غيرها.

ومن المفارقات التي يجب أن يلتفت إليها كل متابع لإعلام سلطة اليوم، الذي يُضرب به المثل في الدنيا كلها، أنهم بعد أن اكتشفوا وقوعهم في كل ما عابوه على حكم الإخوان، وأنهم أسقطوا البلاد عمدا في كل ما كالوه اتهاما جزافيا للإخوان، إذا بهم اليوم يحصرون ويقصرون أهداف ثورتهم على "الهوية"! الهوية المنزهة عن المصالح والمرافق والخدمات! وكأنها كانت في قلب الخطر، بينما أصبحت اليوم في مأمن! وكأن ثورتهم لم تكن لها أية علاقة بالخدمات التي عطلها الإخوان! ولا المرافق التي تدهورت في عهد "ثورة 30 يونيو"! ولا الدولار الذي تبغدد في ظل حكمها! ولا البنزين والسولار الذي اختفى مع ظهورها، ولا الكهرباء التي غادرت البلاد على طلتها!

والحقيقة التي تغيب عن البعض اليوم، ويجب أن نستحضرها إبراء للذمة، وأداء لأمانة الكلمة وواجب الشهادة، أن الأهداف التي أسقطتها مظاهرات 30 يونيو -التي كانت مجرد مظلة سياسية ضرورية لانقلاب 3 يوليو- هي كل أهداف ثورة يناير، ابتداء من "العيش"، ومرورا "بالحرية"، ووصولا لـ"العدالة الاجتماعية" و"الكرامة الإنسانية"، كما أن الشعارات التي أهانتها وسخرت منها هي شعارات ثورة يناير، وأهمها "الدولة المدنية الديمقراطية" في مقابل "الدولة العسكرية"، التي أصبحت اليوم تتخلل كل مسام الدولة والمجتمع، وتسمم كل مظاهر الحياة السياسية كما الاقتصادية.

لم يعد هنا شك أن ذلك لم يكن ثورة ضد حكم الإخوان، ولا ينبغي أن نصدق ذلك، وإن كان حكم الإخوان وأخطاؤهم بطبيعة الحال هي الذريعة التي بني عليها هذا الحراك وهذا الانقلاب، بينما أنتج هو كل هذه الكوارث التي يعيشها الشعب المصري اليوم
كما أن الجيل الذي سحقته مظاهرات 30 يونيو، وما ترتب عليها في 3 يوليو، هو جيل الشباب الذي فجر ثورة يناير، والذي بث أملا منقطع النظير في كل أرجاء مصر، بل وفي مناطق كثيرة من العالم، كانت تتطلع للتغيير، وتتعاطف مع شعب مصر الذي عانى كثيرا من ويلات الاستبداد والديكتاتورية، لهذا أصبحت يومها تقاليد "ميدان التحرير" هي التقاليد المعتبرة والمميزة لكل حراك جماهيري معارض، في أي مكان من العالم، بما في ذلك مدن الولايات المتحدة وإسرائيل.

كما أن نتائج 30 يونيو وما أعقبها في 3 يوليو، انتقلت بمصر من نظام مبارك إلى نسخة معدلة -وصفت بأنها الأردأ- من ذات النظام الذي أسقطته ثورة يناير، وما لم يكن واضحا بالأمس أصبح واضحا اليوم، كما أصبحت كل المؤامرات والخيالات التي نسبوها لحكم الإخوان حقيقة مع حكمهم، وثيقة الصلة بسلطتهم، لا تنفك عنها بحال، ابتداء من التفريط في مياه النيل، ووصولا للتفريط في سيناء، وبينهما انهيار الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع الأسعار، وقطع الكهرباء تحت مظلة العنوان الساخر "تخفيف الأحمال"!

وبعد أن أصبح من المقطوع به أن مشروع 30 يونيو، وما أنتجه يوم 3 يوليو، إنما هو لهدم كل منتجات ثورة يناير، لم يعد هنا شك أن ذلك لم يكن ثورة ضد حكم الإخوان، ولا ينبغي أن نصدق ذلك، وإن كان حكم الإخوان وأخطاؤهم بطبيعة الحال هي الذريعة التي بني عليها هذا الحراك وهذا الانقلاب، بينما أنتج هو كل هذه الكوارث التي يعيشها الشعب المصري اليوم.

وإذا كان حكم الإخوان قد ارتكب كل هذه الآثام، وتسبب في كل هذه الأزمات خلال عام يتيم، فماذا فعل الإنقاذ والمنقذون، خلال أكثر من عشر سنوات؟! هل أنقذوا مصر فعلا؟ أم أصابوها بما لم تصب به من الكوارث والأزمات على مدى عقود، بل قرون طويلة؟! هل حموا مصر فعلا ودافعوا عن أمنها القومي، أم عرضوها لسرقة حاضرها ومستقبلها، بل وسرقة تاريخها وتبديد جغرافيتها، لأول مرة منذ فجر التاريخ؟!

مقالات مشابهة

  • الإمام الخامنئي يدعوا الى مشاركة فعالة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية
  • هل هي ثورة على حكم الإخوان.. أم ثورة مضادة لثورة يناير؟!
  • «الأوبرا» تحتفل بالعام الهجري الجديد في معهد الموسيقى العربية
  • الدرعي يبحث مع رئيس الجمعية الإسلامية الصينية تعزيز علاقات التعاون
  • في حالة نادرة.. نحلة تلدغ رجلا في عينه وتترك مضاعفات خطيرة
  • مصر: الشعب بين غشم النظام وخرس النخبة
  • دراسة: النظام الغذائي للآباء يمكن أن يمنع السمنة لدى نسلهم
  • بكين: على واشنطن التوقف عن التدخل في شؤوننا الداخلية
  • أوقاف ظفار تختتم برنامج حلقات الإرشاد الديني
  • تجنيد "الحريديم" يزيد انقسام إسرائيل