الشوربجي: انتصارات أكتوبر عكست عبقرية العسكرية المصرية العريقة فكراً وتخطيطاً وتنفيذاً
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
أكد رئيس الهيئة الوطنية للصحافة المهندس عبد الصادق الشوربجي، أن انتصارات حرب أكتوبر، عكست عبقرية العسكرية المصرية العريقة فكرا وتخطيطا وتنفيذا.
وقال رئيس الهيئة - في مقاله بمجلة (الهلال) اليوم /الخميس/ تحت عنوان "50 عاما.. التحية واجبة" - خمسون عاما مضت على ذكرى الانتصار العظيم في السادس من أكتوبر 1973، تلك الملحمة الوطنية الخالدة التي ضرب خلالها جيش مصر المنتصر أروع الأمثلة في التضحية والفداء، وسطر عبرها أعظم البطولات؛ لتعكس عبقرية العسكرية المصرية العريقة فكرا وتخطيطا وتنفيذا.
وأضاف: "نحتفل بذكرى معركة عظيمة ستبقى نقطة تحول وعلامة فارقة في تاريخنا المعاصر، ذكرى ستظل رمزاً للفخر والاعتزاز والكبرياء الوطني؛ بسواعد أبطال شجعان أعلوا قيم الشجاعة والإقدام والتضحية، وسطروا بحروف من نور بطولاتهم في العاشر من رمضان 1393هـ، لاسترداد الأرض وحفظ الشرف وصون العرض.. التحية والتقدير والاحترام واجبة لشعب مصر العظيم البطل الذي اصطف خلف قواته المسلحة الباسلة داعما وسندا وظهيرا قويا لا يلين لتطهير ثرى الوطن الغالي من دنس الاحتلال والعدوان، التحية والتقدير لهذا الشعب الضارب بحضارته ورقية وأصالته في جذور التاريخ، هذا الشعب القوي العنيد الذي لا يرضى بديلا عن الانتصار وبعزيمة لا تلين ساند جيشه ومؤسساته الوطنية بمختلف قطاعاتها ومهامها داعما قويا لاسترداد الكرامة الوطنية وتحرير أرض الفيروز الغالية".
وتابع الشوربجي بالقول "خمسون عاما مضت على معجزة العبور بكل ما تحمله الكلمة من معان، يوم تحدت مصر كل الظروف وقهرت ما كان يظنه البعض مستحيلا بقوة وعزيمة وإصرار لا يملكه سوى هذا الشعب الأبي الكريم وقواته المسلحة الباسلة التي سجلت ووثقت يوم نصر عظيم خلده التاريخ -وسيظل- بأحرف من ذهب ليكون شاهدا على صمود الأبطال وعزم الرجال وقهر الصعاب وعبور التحديات، السادس من أكتوبر سيظل يوما مصدر فخر واعتزاز ليس لمصر وشعبها وجيشها فقط بل للأمة العربية والإسلامية ولكل شعوب العالم المحبة للحق والعدل والسلام والأمن والاستقرار".
وأكد أن التحية والتقدير واجبة لشهدائنا الأبرار لشجاعتهم وبطولاتهم النادرة وقهرهم الصعب، والذين جاهدوا وضحوا بأرواحهم حماية لتراب هذا الوطن الغالي ونزفت دمائهم الطاهرة صونا لهذه الأرض المباركة التي كرمها الله في كتابه العزيز، فتحية فخر وتقدير وإجلال واحترام لهؤلاء العظام كبار القدر والقيمة ومبعث الفخر والعزة وأيقونة حرب استرداد الكرامة، سنذكرهم وسنظل نذكرهم بأسمى معاني التقدير والاحترام؛ سلاما على أرواحكم الطاهرة.
وأردف الشوربجي "في الذكرى الخمسين ليوم الكرامة، السادس من أكتوبر 1973؛ سلاما منا وتحية واجبة لأبطال قواتنا المسلحة، الذين رفضوا الانكسار أو الاستسلام وواجهوا تحديات جسام وتحملوا ضغوطا وتحدوا واقعاً صعباً مريراً وظروفاً قاهرة، وكانوا نموذجاً لأعظم جيوش العالم".
وتابع رئيس الهيئة: "سيناء الغالية هي عنوان لتاريخ طويل من كفاح الشعب المصري العظيم.. سيناء عبر التاريخ مطمع للغزاة ومحط أنظار الطامحين والطامعين وهي كذلك المستهدف الأول بأشرس وأخطر موجة إرهاب مرت على مصر في تاريخها كله".. التحية واجبة لصاحب هذه الكلمات؛ الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليست مجرد كلمات عابرة قالها سيادته بمناسبة الذكري الـ 41 لتحرير سيناء، في الخامس والعشرين من أبريل الماضي؛ بل كلمات تحمل دلائل وإشارات ورسائل قوية.
وأكد أن اليوم تنعم سيناء أرض الفيروز المباركة بثمار تحريرها بالدم والعرق والجهد والكفاح، إنجازات غير مسبوقة تشهدها في جميع القطاعات والمجالات؛ بعد معركة شرسة لتطهيرها من براثن الإرهاب البغيض الغاشم، هذه المعركة التي لا تقل أهمية عن حرب أكتوبر المجيدة، شهدت سيناء ولا تزال تحقيق طفرة كبرى بمشروعات عملاقة وضخمة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، صناعيا، زراعيا، تعليميا، صحيا، خدميا، ومجتمعات عمرانية جديدة وفي كافة المجالات باستثمارات بالمليارات، وينتظرها مستقبلا أفضل بإذن الله.
واختتم رئيس الهيئة الوطنية للصحافة بالقول:"التحية واجبة للسيد وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة والقادة والضباط وضباط الصف والصناع العسكريين والجنود؛ في يوم النصر وذكراه الخمسين التي تذكرنا جميعا بحجم بطولات وتضحيات الأبطال البواسل الذين ضربوا أروع الأمثلة في الدفاع عن تراب الوطن واستقلاله والحفاظ على مقدراته في معركة الشرف التي مهدت الطريق لتطهير الوطن الغالي من دنس الاحتلال والعدوان.. وكما عبرت مصر في يوم النصر؛ سنعبر معا بتكاتف الجميع - مستلهمين روح أكتوبر -الأوضاع الصعبة التي خلفتها أزمات عالمية متتالية، والتي أثرت سلبا على غالبية دول العالم المتقدم منه والنامي، سنعبر ومستبشرون خيرا، حفظ الله مصرنا الغالية آمنة مستقرة".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رئیس الهیئة
إقرأ أيضاً:
حصن السنيسلة بولاية صور .. عبقرية المبنى المستدام وذكاء البنّائين القدامى
عندما دخلنا الحصن بصحبة المظلة الشمسية في الظهيرة الحارقة التي لا تشي بليل بارد في صور. بناء مربع وعلى كل واحدة من الزوايا الثلاث يستقر برج دائري وفي الرابعة برج مربع.
في البداية، أوحت لي الباحة الخارجية الواسعة لحصن السنيسلة بولاية صور أن الحصن ممتد لمسافات بعيدة، وتوقعت أن المدخل إليه أيضا بعيد. هذه المرة الأولى التي أدخل فيها حصنا بفناء واسع جدا، ويضم الكثير من مواقف السيارات، وظننت أنه يجب أن أتأهب للمشي لساعات طويلة، لكن ما أبحث عنه كان موجودا أمامي. مدخل حصن على هضبة صخرية ينام أمامه البحر وبينهما تلعب المدينة لعبة الحياة وتتنفس.
«الحصن يتنفس أيضا! أترين البقع على الجدران؟!» هذا أول ما قاله المهندس المعماري أحمد بن محفوظ العلوي المختص في الآثار بمديرية التراث في وزارة التراث والسياحة -الذي كان يقود الجولة-، ألن نبدأ بعمر الحصن على الأقل؟! قلت في نفسي: يقول لورانس فيشبورن في دوره الذي مثله في فيلم «باب القبو»: «المنهدسون المعماريون يكتشفون المشاكل أو يتسببون فيها»، لم يكن «الحصن يتنفس» وصفا مجازيا بل كان حقيقة، والبقع التي يخلّفها هذا التنفس هي «مشكلة» كما قال لي، وتعلمت فيما بعد كيف يمكن أن تُقرأ وتُفهم وتُحل، لأنه وبطريقة ما جعل للحصن عينين ولسانا وشفتين، ساردا قصة المواد الخام التي قام عليها بناء عمره أكثر من 300 عام في واحدة من أقدم الموانئ والمدن البحرية في العالم، وهذا ما يحدث عندما يتحدث عما يحب ويتقن «العمارة».
هندسة الحماية في العمارة التراثية: عبقرية الدفاع والهجوم
كانت الأسوار في الحصن عالية، فإذا كان طولك لا يتجاوز 160 سم، ستضطر إلى الوقوف على أطراف قدمك لتنظر خلف السور، أو من بين الشرفات المسننة كما تسمى، مشيرا إلى أنه ليس علوّا عشوائيا، بل يتجلى من خلال عبقرية التصميم الدفاعي كباقي الحصون والمباني التراثية في عُمان، التي صممت بعناية لتلائم القتال. وقال العلوي: «هذه الشرفات، التي تُشبه الأسنان، توفر حماية كبيرة للمدافعين، وتمنحهم القدرة على التصويب بسهولة. الفتحات المستطيلة والدائرية الموجودة في الجدران ليست مجرد فتحات للتهوية، بل صُممت خصيصًا لتكون صغيرة من الخارج وكبيرة من الداخل، مما يسمح بالتهوية والمراقبة الفعالة، مع تعزيز الدفاع ضد أي هجوم محتمل».
وعن فتحات مائلة تخترق السقف عند المدخل علمت فيما بعد أنها «مصبات الزيت» فكانت أدوات دفاعية حيوية تستخدم لصب المواد الساخنة على المهاجمين. وهذا ما أصر العلوي على تأكيده بقوله: «التفاصيل الصغيرة تعكس استراتيجية متكاملة في التصميم، حيث يتشابك الجانب الدفاعي مع الراحة التشغيلية للمدافعين».
تقنيات التسقيف والبناء: استغلال الموارد المحلية بذكاء
الأبواب في الحصن ضيقة، لم يكن ممكنا أن أدخل والمظلة مفتوحة، وإن كان كذلك فسيلزم أن أدخل قبلها. جمال السقف المعقد بجذوع سوداء جعلني أتساءل: من جاء أولا، فتحة الباب أم السقف؟
أعلمني العلوي أن تلك الجذوع هي أخشاب الكندل وجذوع النخيل التي اعتمد البناؤون القدامى عليها كمواد محلية لتستخدم في التسقيف، حيث يتم تقسيمها إلى قطع صغيرة، لتحديد أبعاد الغرف وفق أطوال هذه الجذوع، ويصل طول خشب الكندل إلى 3.8 متر، مما يجعل عرض الغرف لا يتجاوز 3.6 متر بعد تثبيت الجذوع داخل الجدران.
وأشار إلى أن شبكة التسقيف هذه تُعزز باستخدام طبقات متعددة من المواد الطبيعية لضمان تصريف المياه بكفاءة. وأيضا مثل الارتفاع في الأسوار هذه التقنيات ليست عشوائية، بل هي ثمرة خبرة طويلة تُراعي الظروف البيئية المحلية، مثل درجات الحرارة المرتفعة ومخاطر الأمطار وغيرها من العوامل الطبيعية.
الزوايا المصقولة وغير الحادة كانت سؤالا أيضا، فأوضح أنها صممت كذلك لتجنب الكسر، وهو تصميم يعكس براعة المهندسين القدامى في استخدام مواد البناء المتوفرة بحكمة على حد تعبيره. ولفت إلى أن بلاط الجدران صمم بأسلوب يُشبه «الكوب» لتوجيه مياه الأمطار إلى نقاط تصريف محددة تُعرف بـ«التقطير»، مما يمنع تآكل الجدران ويحميها من الرطوبة.
وأشار إلى أن المواد المستخدمة في البناء التراثي، مثل الطين والصاروج، هي مواد «حية» وتتنفس، مما يسمح للجدران بامتصاص الرطوبة وإطلاقها، وكل هذه الخصائص تحمي المباني من التآكل وتمنحها عمرًا أطول بسبب تكيفها مع البيئة المحيطة، على عكس المواد الحديثة مثل الإسمنت التي قد تؤدي إلى تدهور المباني التراثية إذا لم تُستخدم بحذر.
وقال: «الصاروج، على سبيل المثال، يحتاج إلى أن يُستخرج ويُستخدم من المنطقة نفسها التي يقع فيها الحصن أو القلعة لضمان التكيف مع البيئة. النماذج التجريبية في عمليات الترميم، مثل تلك التي نُفذت في حصن بركاء، أكدت أهمية استخدام مواد محلية لضمان نجاح الترميم واستدامة المباني».
وأضاف: «الهندسة المعمارية الحديثة يمكن أن تستفيد من دروس العمارة التقليدية في تصميم مبانٍ مستدامة تتكيف مع البيئة. فالمهندس المصري أحمد شكري، على سبيل المثال، نجح في تصميم منازل بسيطة تعتمد على التهوية الطبيعية دون الحاجة إلى أجهزة تكييف، من خلال أشكال هندسية خاصة للأسقف، وهكذا يعزز الربط بين الماضي والحاضر في العمارة الهوية المعمارية ويوجد تصاميم مستدامة تتماشى مع الموارد والمناخ المحلي. هذه التفاصيل الصغيرة، التي قد يغفلها البعض، تشكل الأساس لبناء مبانٍ تدوم لقرون، كما أثبتت التجربة في الحصون والمنازل التراثية في الخليج العربي».
النوافذ التراثية: تحكم ذكي بالتهوية والخصوصية
ندخل أحد الأبراج لنستظل من الحرارة المرتفعة، فتنساب النسمات بخفة من النوافذ التي يتسلل معها ضوء الشمس، وأنا ألتقط صورة للأشعة المتسللة، قال العلوي: إن النوافذ في المباني التراثية لم تكن مجرد فتحات للضوء، بل أدوات للتحكم في التهوية والخصوصية. وأنها غالبًا تتكون من أربعة أجزاء يمكن فتحها بشكل مستقل، مما يمنح سكان المنزل تحكمًا كاملًا في تدفق الهواء. وشرح: «في الصيف، تُفتح النوافذ المواجهة للرياح وتُغلق الأخرى لتجنب حرارة الشمس، بينما تُفتح النوافذ الجنوبية في الشتاء لاستقبال أشعة الشمس الدافئة، حتى ارتفاع النوافذ كان مدروسا، حيث تبدأ من مستوى القدم وتصل إلى مستوى الركبة، مما يسمح بتهوية مباشرة للجلوس الأرضي ويوفر الخصوصية دون كشف الأشخاص داخل الغرفة».
التفاعل مع المناخ: فهم حركة الشمس والرياح
لن تعمل النوافذ بشكل صحيح إن لم تُفهم حركة الشمس والرياح، وهذا ما يؤكده العلوي في أن العمارة التقليدية اعتمدت على دراسة حركة الشمس والرياح لتوزيع المرافق داخل المنزل. وأوضح: «في الخليج العربي، كانت الجهة الشمالية تُخصص للمداخل والمرافق المهمة لتجنب حرارة الصيف. أما الجدران الجنوبية فكانت تُستخدم للمطابخ والغرف والمخازن الأقل استخداما، نظرا لتعرضها المباشر للشمس».
وأضاف: «في الحصون، كانت الواجهات تُبنى باتجاه الشمال أو البحر للاستفادة من الرياح الباردة، مع إعطاء الظهر للجهات الحارة. الجدران السميكة، التي يتجاوز سمكها مترا في بعض الأحيان، كانت توفر عزلًا طبيعيًا للحرارة، مما يجعل المباني باردة في الصيف ودافئة في الشتاء، وهكذا تتنفس».