كتب / مجيب الرحمن الوصابي:

إذَا كانَ الإبداعُ في حدودِهِ هو تقديمُ الأشياءِ المألوفةِ بطريقةٍ غيرِ مألوفة، فهذا(الدرورة) يٌقدمُ البخورَ وكأنّنا لا نعْرِفهُ ويقولُ فيهِ ما لمْ يقلْه النواسيّ في الخمرِ، فَقدْ تعدّدتْ عِندهُ أنواعُه .. روائحُهُ ومجالسُه، كراماتُه وأذواقه، فنسجَ للبخور وحده اثني (12) عشر ديوانا، ويهمُّ بإضافةِ ديوانِ آخرَ هذه الأيام .

.. لذا يستحقُ أن يُلقب (عليُّ الدرورة) بشاعرِ البخورِ الأوّلِ في الدُّنيا، وليس البخورُ إلّا واحدًا من ميادينِ الدرورة الأديب المخضرم، .... وما المقامُ هنا لذكرِ فتوحاتِهِ ومنجزاتِهِ الإبداعيّة والأكاديميّة والفنيّة، فهي أكثرُ مِنْ أن تعدّ وتُحصى.

وَالشَاعرُ  والباحثُ الأكاديميّ عليّ الدرورة قدْ فٌتن بالطبيعةِ وردًا وأزهارًا، وزنابق ورياحين ، مُروجًا وبساتين وطيورًا وفراشاتٍ؛ إذ تذوقت نفسُه كل تجلّيّات الجمال منذُ نعومةِ أظافره وريعان شبابهِ الذي لا يغادره، فقبلَ أربعينَ عامًا أصدرَ ديوانه الأوّل بعنوانٍ رمزيٍ ومكثفٍ (زهورٌ خضراءُ للموتِ) وطُبع في بيروتَ سنة 1984م.

وَتدفّقتْ دواوينُه بعدَ ذلك تِباعاً، فأصدرَ عشراتِ الدواوين ولا زالَ يُحطِّمُ الأرقام مرتادًا آفاقًا جديدةً، ومسجلاً الريادةَ في فنون شتّى، وليس غريباً أنْ تُنجز عنه عديدُ الدراساتِ النقديّة من نقادٍ لهم أوزانهم في البلاد العربية، إلى جانب طلابِ الدراسات العُليا في الجامعاتِ.

شَاعرُنا الدكتورُ (علي الدرورة) لهُ ظواهرُ ثقافيَةُ ومنجزات مقترنةٌ بِهِ، تميّزَ بِها عن غيره من الكُتاب والشعراء العرب ومنها توظيفه لثيمة ( البخور) في الشعر بطريقة استثنائية، وهو الموضوع الذي نخصص له حوارنا هذا الذي نتمنى أن يتكرر مرات أُخرى. 

عِندَ الدرُورةِ للبخورِ ألفُ حكاية إلا حكايةً لن تملَّ سماعها حتى يخيلُ إليك أن الرجل يحيا لأجل البخور متخصصاً فيه ويعرف كل أسراره منذ طفولته فصار رفيقه اليومي في حله وترحاله فيعدّ له (المباخر) أو (المجامر) ليحرقَ البخور فيعطّر الدنيا كما كان الكهّان في المعابد القديمة يحرقونه في طقوسهم العبادية.

سَألتُه عَنِ البخورِ (العدني واللحجي) في اليمن فأدهشتني غزارته الثقافية وسعة اطلاعه؛ فأخذني برحلةٍ تاريخيّةٍ مع (القمندان) يبحثُ عن مجمرةٍ تصلح للبخور، للاحتفال بعد مغادرة الأتراكِ لحجَ في مطلع القرن الماضي، والرجل الأجنبي الذي أصبحت له رائحة في رواية علي المقري الشهيرة (بخور عدني)، وكان قبلُ رجلاً بلا رائحة، بل يعرف أسرار خلطات البخور المشهورة في جنوب اليمن وزباد سقطرى.

درسَ الدرورة ُتقنياتِ صِناعةِ البخورِ بأنواعه العديدة وفنونه، والتي كما قالَ بعد بحثٍ طويلٍ تصلُ إلى (18) نوعًا متداولا في الهند والخليج والجزيرة العربية منذ عصورٍ موغلةٍ في القِدَم.

وَلَم ينسَ في بحثه عن (البخور) أن يتطرق لكل جوانبه الثقافية والتاريخية والأنثروبولوجية، استعمالاته .. خصوصياته ...طقوسه في الحضارات القديمة وعبر العصور إلى وقتنا الحاضر.

الدرورةُ شاعرٌ لا يفارقُه الدخونُ الأزرقُ، إنّه يشعلُ بخورًا ويتنفّس بخورًا ويكتب بخورًا وبه يتعطّر، ...من عالم البخور خرجنا منه بحصيلة هذا اللقاء عن عالم البخور ذلك العالم الجميل بروعته وجمالياته ذلك العالم الذي يعيش فيه الشاعر علي الدرورة.

في أثناءِ الحديثِ تفاجأت بالباحث "الدرورة" يسردُ عليّ بعضَ الأمثالِ اليمنيّة وهو المتخصص أيضا في الأدب الشعبي وله مؤلفات فيه كثيرة، شارحا لها ولمعانيها.

آخر بخورك يا عجوز، اتبخروا بعظامي لو.....، اللي مش والفه تتبخر تحرقه،... فوّح الشيطان يقومْ يروح ، فأدهشني بغزارةِ معارفِه وقلت في نفسي هذا ليس شاعرُ البخور فحسب بل موسوعته وقاموسه تمشي على قدمين 

وبإذنِ اللهِ نقومُ بنشر الحوارِ الماتعِ مع شاعرِ البخورِ الأوّلِ في الدنيا

 



 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: بخور ا

إقرأ أيضاً:

الانتصار لغزة عزة

 

 

أيةُ حياة تحلو وأي عيشٍ يطيبُ لحكام العرب والمسلمين كمساءَلين أمام الله وأمام شعوبهم وإنسانيتهم في المقدمة وشلالات الدماء تموج كالأمواج الهائجة في قطاع غزة!
أية حياة كريمة وأية عزة وَكرامة نتغنى بها وقد خذلنا ذلك القطاع الأعزل المهدّد كُـلّ سكانه بالانقراض والزوال، والذي يذبح أبناؤه بالسكاكين الإسرائيلية والأمريكية؛ فلا يكاد يمر يوم إلا وقد ارتكب المجرم الإسرائيلي مجزرة بشعة يروح ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ؟
أي ضمائر نتكلم عنها وقد بدا الضمير العربي والإسلامي متنصلاً عن دمويته وإنسانيته ليقف متفرجاً، دون أن يحرك ساكناً أو يتخذ موقفاً يعفيه عن المساءلة أمام الله!!
ماذا ينتظر حكام الشعوب العربية والإسلامية إزاء صمتهم وخنوعهم أن يقدم لهم الأمريكي الداعم والمساند والإسرائيلي المجرم وَالمباشر لعمليات الإجرام الوحشية اليومية والتي تبدو في غاية البشاعة والظلم بحق الفلسطينيين؟
وهل تعلق الآمال للمستقبل الذي يرجوه حكام العرب والإسلام الأجلاء على أمثال هؤلاء المجرمين؟
ألا تربطهم ولو بجزء بسيط من العلاقة بكتاب الله الذي يحذرهم من عدم الركون إلى الظالمين!! وهل هناك ظلم أبشع مما يعمله الظالمون في غزة؟
(وَلَا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَـمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أولياء ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)، (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهل الْكِتَابِ وَلَا الْـمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
ألا تثير ضمائركم مثل هذه الآيات وأنتم تعرجون على قراءتها، أم أنكم تعهدتم للأمريكان وأوليائهم وقطعتم لهم وعداً بهجر القرآن الكريم حتى لا يثيركم فتخسروا علاقاتكم مع رؤوس الإجرام وأئمة الكفر؟!
هَـا هو الشعب اليمني، وثلة من المجاهدين في دول محور المقاومة، أبوا إلا أن يكون لهم موقف تجاه العدوان الظالم والمستكبر على غزة، في الوقت الذي أظهرتم فيه عجزكم وتنصلكم وخوفكم على المجهول؛ باعتبَاركم تعرفونهم على حقيقتهم حق المعرفة بأنهم ظالمون ومستكبرون و… إلخ.
لُكم أن تستفيدوا من تجربة اليمن الذي استنهض إنسانيته وتحَرّك بإمْكَانيته وقدراته المحدودة مستمداً العون من الله بعد خروجه من حروب توالت عليه لحوالي عشر سنوات مضت، إلا أنه عزّ عليه أن يظل كما أنتم للأسف صامتاً وخانعاً!
بل إنه ارتدى رداء العزة والكرامة والحضور اللائق والمشرّف ليحضر بكل قواه في معركته المفصلية مع الشبح الأمريكي المتهاوية أركانه، والإسرائيلي الخاوية بنيانه على عروشها، في هزيمة ساحقة سيسجلها التاريخ بأحرف من نور بإذن الله تعالى.
فلا تكترثوا أيها الحكام من هؤلاء الذين استطاعوا بخبثهم ومكرهم أن يحولوكم إلى عبيد لهم، واستيقظوا من سباتكم، واستنفروا جيوشكم الرابضة التي باتت لا تسمن ولا تغني من جوع!!
هلموا لننقض على أعداء الإسلام والقرآن والإنسان العربي والمسلم، لنبني حضارة الإسلام الرائدة بهدي القرآن وراية الجهاد الخفاقة في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا هو السبيل الأوحد والطريق الاضمن للخلاص والنجاة والسعادة والفوز في الدنيا والآخرة، ومن يطلب لنفسه العزةَ عليه أن يتحَرّك لدفع الظلم عن غزة، والله من وراء القصد.

مقالات مشابهة

  • طبيب أردني يقبل الزواج من ملكة الجن.. ما القصة؟
  • مشعوذ بالأردن يفضح زبائنه
  • قناص القسام في غزة يقتبس أبيات شاعر سوداني.. تعرف عليه (شاهد)
  • النطاقات المعرفية والإحالات المرجعية في شعر الأوقيانوس أنس الدغيم
  • هيئة قصور الثقافة تنعي الشاعر محمد خميس
  • الأهلي يتسلم درع تكريم من منصة تيك توك
  • هيئة قصور الثقافة تنعى الشاعر محمد خميس
  • ورحل الشاعر محمد خميس.. آخر ضوء للإخلاص
  • الانتصار لغزة عزة
  • ذعر وفزع بين المصطافين بالساحل الشمالى بسبب حيوان نافق بغرب الإسكندرية