بخورُ عَدنيّ ولحجيّ؛ "عليّ الدرورة" شاعرُ البخورِ وقامُوسه
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
كتب / مجيب الرحمن الوصابي:
إذَا كانَ الإبداعُ في حدودِهِ هو تقديمُ الأشياءِ المألوفةِ بطريقةٍ غيرِ مألوفة، فهذا(الدرورة) يٌقدمُ البخورَ وكأنّنا لا نعْرِفهُ ويقولُ فيهِ ما لمْ يقلْه النواسيّ في الخمرِ، فَقدْ تعدّدتْ عِندهُ أنواعُه .. روائحُهُ ومجالسُه، كراماتُه وأذواقه، فنسجَ للبخور وحده اثني (12) عشر ديوانا، ويهمُّ بإضافةِ ديوانِ آخرَ هذه الأيام .
.. لذا يستحقُ أن يُلقب (عليُّ الدرورة) بشاعرِ البخورِ الأوّلِ في الدُّنيا، وليس البخورُ إلّا واحدًا من ميادينِ الدرورة الأديب المخضرم، .... وما المقامُ هنا لذكرِ فتوحاتِهِ ومنجزاتِهِ الإبداعيّة والأكاديميّة والفنيّة، فهي أكثرُ مِنْ أن تعدّ وتُحصى.
وَالشَاعرُ والباحثُ الأكاديميّ عليّ الدرورة قدْ فٌتن بالطبيعةِ وردًا وأزهارًا، وزنابق ورياحين ، مُروجًا وبساتين وطيورًا وفراشاتٍ؛ إذ تذوقت نفسُه كل تجلّيّات الجمال منذُ نعومةِ أظافره وريعان شبابهِ الذي لا يغادره، فقبلَ أربعينَ عامًا أصدرَ ديوانه الأوّل بعنوانٍ رمزيٍ ومكثفٍ (زهورٌ خضراءُ للموتِ) وطُبع في بيروتَ سنة 1984م.
وَتدفّقتْ دواوينُه بعدَ ذلك تِباعاً، فأصدرَ عشراتِ الدواوين ولا زالَ يُحطِّمُ الأرقام مرتادًا آفاقًا جديدةً، ومسجلاً الريادةَ في فنون شتّى، وليس غريباً أنْ تُنجز عنه عديدُ الدراساتِ النقديّة من نقادٍ لهم أوزانهم في البلاد العربية، إلى جانب طلابِ الدراسات العُليا في الجامعاتِ.
شَاعرُنا الدكتورُ (علي الدرورة) لهُ ظواهرُ ثقافيَةُ ومنجزات مقترنةٌ بِهِ، تميّزَ بِها عن غيره من الكُتاب والشعراء العرب ومنها توظيفه لثيمة ( البخور) في الشعر بطريقة استثنائية، وهو الموضوع الذي نخصص له حوارنا هذا الذي نتمنى أن يتكرر مرات أُخرى.
عِندَ الدرُورةِ للبخورِ ألفُ حكاية إلا حكايةً لن تملَّ سماعها حتى يخيلُ إليك أن الرجل يحيا لأجل البخور متخصصاً فيه ويعرف كل أسراره منذ طفولته فصار رفيقه اليومي في حله وترحاله فيعدّ له (المباخر) أو (المجامر) ليحرقَ البخور فيعطّر الدنيا كما كان الكهّان في المعابد القديمة يحرقونه في طقوسهم العبادية.
سَألتُه عَنِ البخورِ (العدني واللحجي) في اليمن فأدهشتني غزارته الثقافية وسعة اطلاعه؛ فأخذني برحلةٍ تاريخيّةٍ مع (القمندان) يبحثُ عن مجمرةٍ تصلح للبخور، للاحتفال بعد مغادرة الأتراكِ لحجَ في مطلع القرن الماضي، والرجل الأجنبي الذي أصبحت له رائحة في رواية علي المقري الشهيرة (بخور عدني)، وكان قبلُ رجلاً بلا رائحة، بل يعرف أسرار خلطات البخور المشهورة في جنوب اليمن وزباد سقطرى.
درسَ الدرورة ُتقنياتِ صِناعةِ البخورِ بأنواعه العديدة وفنونه، والتي كما قالَ بعد بحثٍ طويلٍ تصلُ إلى (18) نوعًا متداولا في الهند والخليج والجزيرة العربية منذ عصورٍ موغلةٍ في القِدَم.
وَلَم ينسَ في بحثه عن (البخور) أن يتطرق لكل جوانبه الثقافية والتاريخية والأنثروبولوجية، استعمالاته .. خصوصياته ...طقوسه في الحضارات القديمة وعبر العصور إلى وقتنا الحاضر.
الدرورةُ شاعرٌ لا يفارقُه الدخونُ الأزرقُ، إنّه يشعلُ بخورًا ويتنفّس بخورًا ويكتب بخورًا وبه يتعطّر، ...من عالم البخور خرجنا منه بحصيلة هذا اللقاء عن عالم البخور ذلك العالم الجميل بروعته وجمالياته ذلك العالم الذي يعيش فيه الشاعر علي الدرورة.
في أثناءِ الحديثِ تفاجأت بالباحث "الدرورة" يسردُ عليّ بعضَ الأمثالِ اليمنيّة وهو المتخصص أيضا في الأدب الشعبي وله مؤلفات فيه كثيرة، شارحا لها ولمعانيها.
آخر بخورك يا عجوز، اتبخروا بعظامي لو.....، اللي مش والفه تتبخر تحرقه،... فوّح الشيطان يقومْ يروح ، فأدهشني بغزارةِ معارفِه وقلت في نفسي هذا ليس شاعرُ البخور فحسب بل موسوعته وقاموسه تمشي على قدمين
وبإذنِ اللهِ نقومُ بنشر الحوارِ الماتعِ مع شاعرِ البخورِ الأوّلِ في الدنيا
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: بخور ا
إقرأ أيضاً:
خامنئي: لا تفاوض مع ترامب الذي مزق الاتفاق النووي
بغداد اليوم - متابعة
أكد المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، يوم الجمعة (7 شباط 2025)، عن عدم الحاجة للتفاوض مع الولايات المتحدة، مؤكدًا على ضرورة الحذر والوعي في التعامل مع الأطراف الأخرى، مشيراً إلى أن التفاوض مع الولايات المتحدة لن يحل مشاكل إيران.
وقال خامنئي في خطاب أمام حشد من قوات الدفاع الجوي وتابعته "بغداد اليوم": "علينا أن نكون حذرين في تعاملاتنا ومفاوضاتنا مع الآخرين، وأن نبرم الاتفاقيات بناءً على ذلك"، مبيناً أن التفاوض مع الولايات المتحدة لن يؤدي إلى حل مشاكل البلاد، مستشهداً بتجارب سابقة لم تسفر عن نتائج إيجابية.
وأشار إلى أن إيران التزمت بتعهداتها في الاتفاق النووي لعام 2015، بينما لم تفِ الولايات المتحدة بالتزاماتها، بل انسحبت من الاتفاق وأعادت فرض العقوبات.
وأضاف خامنئي أن أي مفاوضات مع الولايات المتحدة يجب أن تكون مبنية على القوة والعزة الوطنية، مشدداً على أن إيران لن تقبل بأي ضغوط أو تهديدات تمس سيادتها واستقلالها
وقال خامنئي في إشارة إلى دعوة الرئيس دونالد ترامب للتفاوض مع إيران "نفس الشخص الذي هو في السلطة حاليًا هو الذي مزق الاتفاق النووي، وقال أنه سوف يمزقها وقد فعل؛ ولم يتحركوا".
وأضاف "قبل مجيئه (ترامب)، لم يقم أولئك الذين عقدوا معهم هذا العهد بتنفيذه (الاتفاق النووي)"، في إشارة إلى الأطراف الاوروبية.
وتابع خامنئي "كان الهدف من المعاهدة رفع العقوبات الأميركية، لكن العقوبات الأميركية لم تُرفع. العقوبات، وأما الأمم المتحدة فقد تركت ندبة على الجرح، وكأنها تهديد دائم يخيم على إيران. كانت هذه المعاهدة نتاجًا لمفاوضات استغرقت عامين - أو أكثر أو أقل".
وقال خامنئي "لا ينبغي أن تكون هناك مفاوضات مع مثل هذه الحكومة (حكومة ترامب)، فالمفاوضات ليست حكيمة ولا ذكية ولا شريفة"، مضيفاً "إذا اعتدى الأمريكيون على أمن الشعب الإيراني فسنهاجم أمنهم دون تردد".
وأوضح خامنئي "إذا هددنا الأميركيون فسوف نهددهم، وإذا نفذوا تهديدهم ضدنا فسوف ننفذ تهديدنا، وإذا هاجم الأميركيون أمن الأمة الإيرانية فإننا بلا شك سنهاجم أمنهم".
وختم خامنئي القول "حسنًا، هذه تجربة أخرى؛ دعونا نستخدم هذه التجربة، لقد قدمنا تنازلات، وتفاوضنا، وقدمنا تنازلات، وتوصلنا إلى حلول وسط، ولكننا لم نحقق النتيجة التي كنا نهدف إليها، لقد دمر الطرف الآخر، وانتهك، ومزق هذه المعاهدة نفسها، مع كل عيوبها، ولا ينبغي أن تكون هناك مفاوضات مع مثل هذه الحكومة، فالمفاوضات ليست حكيمة ولا ذكية ولا شريفة".
وتأتي هذه التصريحات في وقت أعرب فيه مسؤولون إيرانيون عن استعدادهم لمفاوضات "عادلة" مع الولايات المتحدة.
وأشار عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، إلى أن إيران مستعدة للاستماع إلى مقترحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنه أكد أن الظروف الحالية أصعب بكثير من السابق لإقناع طهران ببدء مفاوضات جديدة.
من جانبه، دعا حميد رضا حاجي بابائي، نائب رئيس البرلمان الإيراني، إلى ضرورة أن تكون المفاوضات عادلة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تطالب بأن لا تكون لإيران حضور دولي أو قدرات نووية، وهذا النوع من المفاوضات غير عادل.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التطورات تأتي في ظل توترات مستمرة بين إيران والولايات المتحدة، مع استمرار العقوبات الأمريكية على طهران وتصاعد الضغوط الدولية بشأن برنامجها النووي.