حورية مشهور: اليمن يمر بأسوأ حالاته والحقوق خاضعة للتسيس
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
تحدَّثت وزيرة حقوق الإنسان السابقة حورية مشهور، عن واقع حقوق الإنسان في ظل الحرب باليمن، والصراع الدائر منذ نحو تسع سنوات، وقالت إن "اليمن يمر بأسوأ حالاته".
وأوضحت مشهور في تصريح لموقع "بلقيس": "الوضع الحالي ألقى بظلاله وتداعياته على وضع حقوق الإنسان في اليمن، حيث إن انهيار مؤسسات الدولة وانقسامها وشل فاعليتها أثر بصورة كبيرة جداً على عدم قدرة المواطن في الحصول والوصول إلى حقوقه الأساسية، وأولها الحق في الحياة؛ بسبب انعدام الأمن والأمان، أو بسبب تدهور الخدمات الصحية، وعدم توفر نظام للتأمين صحي، خاصة للفئات الفقيرة، ناهيك عن صعوبة وصول الناس للغذاء والدواء؛ بسبب انقطاع معاشاتهم، وعجز صناديق الضمان الاجتماعي عن تقديم الحد الأدنى من المساعدات الاجتماعية للفقراء والمحتاجين".
وأضافت: "الحق في التعليم أيضا تدهور بصورة غير مسبوقة، بينما لن أخوض في الحقوق السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية، التي قد يعتبرها البعض ترفاً في هذه الأوضاع، مع أنها الأساس في معالجة الكثير من المشكلات خاصة، وأشير هنا -على سبيل المثال لا الحصر- إلى الحقوق السياسية والحق في التعبير، التي تلعب دوراً كبيراً في بناء وتعزيز الديمقراطية، وفيها تُحفظ وتُحمى الحقوق والحريات".
وأشارت وزيرة حقوق الإنسان السابقة إلى أن "انتهاكات حقوق الإنسان طالت الصغار والكبار، النساء والرجال، المسنين والمعاقين والأقليات والمهمشين".
وردا على سؤال إن كان ملف حقوق الإنسان قد يدفع باتجاه تحقيق سلام عادل في اليمن؟! قالت مشهور: "العكس هو الصحيح، تحقيق السلام سيفضي بالضرورة إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان، لأن أوضاع الصراع والنزاع تفاقم من انتهاكات حقوق الإنسان، التي ترقى بعضها للتوصيف بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وبالتالي مهما نرصد ونرفع من تقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان فلا مجيب، وللأسف فإن الجماعات المسلحة تسعى لإعاقة أي توجهات نحو السلام؛ لأنها الآن ترتكب تلك الجرائم والانتهاكات دون رقيب أو حسيب، أو مساءلة، وحتماً سيختلف الأمر في وضع السلام والاستقرار، واستعادة أجهزة الدولة فعاليتها، واستنادا على النظام والقانون في حماية حقوق الإنسان".
وبحسب حديث حورية مشهور فإن ملف حقوق الإنسان يخضع للتسيس، ويجري لصالح أطراف دون أطراف أخرى، بينما يسعى كل طرف من خلال هذا الملف لاتهام الطرف الآخر.
وعن الانتهاكات بحق النساء، أكدت مشهور أن "هناك منظمات نسوية قوية وفاعلة، استطاعت إيصال أصوات النساء المعنفات والمنتهكة حقوقهن إلى المنصات الدولية، ومنها مجلس حقوق الإنسان، كما قدمت أشكالا من الحماية للنساء كالحماية القانونية، أو بعض أشكال الدعم المادي وفقاً لقدراتها المتاحة"، مشيرة إلى أن "قضايا المرأة وظيفة الدولة ومؤسساتها إلا أن هذه المؤسسات -بسبب الحرب- إما غائبة أو لا تعمل بكامل طاقاتها".
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
عُمان وسياسة الحكمة والاعتدال.. اليمن نموذجًا
د. محمد بن خلفان العاصمي
وسط هذه المنطقة الجغرافية من العالم ليس من السهل أن تحافظ الدول على استقرارها، فمهما كانت حريصة لا بُد من أن تتأثر، خاصة عندما تستمر هذه الأزمات فترة زمنية طويلة، وهو ما يحدث في الشرق الأوسط منذ أكثر من 100 عام تقريبًا، وفي منطقة الخليج العربي منذ اكتشاف النفط فيها.
وخلال هذه السنوات تعددت الأزمات والقضايا التي واجهت دول المنطقة، ولعل المعضلة الكبرى التي واجهتها هي وجود الكيان الصهيونى الغاصب الذي يقف خلف 99% من صراعات المنطقة، ولن يتوقف هذا الكيان اللقيط عن افتعال الأزمات حتى يحقق أهدافه السياسية الاستعمارية التوسعية التي يسعى إليها. وهذه حقيقة لا بُد أن تكون حاضرة في أذهان العرب والمسلمين، خاصة عندما يتعاطون مع قضية فلسطين، وكأنها أزمة مفاوضات وتقسيم وتوافقات، وهو التسطيح السياسي للقضية والذي نجحت فيه إسرائيل وأقنعت العرب به.
لقد وجدت سلطنة عُمان الحديثة منذ بزوغ فجر النهضة نفسها في صراع مباشر مع جارة شقيقة، وهي ما كان يعرف- وقتها- باليمن الجنوبي، بسبب أطماع غربية وصراعات دولية لا ناقة لها فيها ولا جمل، ولولا لُطف الله تعالى بهذه البلاد أن سخَّر لها قائدًا حكيمًا جاء في توقيت مناسب، لكُنَّا نتحدث اليوم عن صراعات مستمرة، وبفضل الله وشجاعة هذا القائد السلطان قابوس بن سعيد- رحمة الله عليه- وبسالة وإخلاص شعبه، استطاع أن يدحر المُعتدين ويُفسد مخططاتهم ويفضح أطماعهم، ويحافظ على دولته موحدة.
وبعد انتهاء الحرب مدَّ سلطان الحكمة يده البيضاء للأشقاء في اليمن، وترك الحرب والصراع والخلاف خلف ظهره، واعتبر كل ذلك من الماضي، ووقَّعت سلطنة عُمان اتفاقية مع اليمن الجنوبي في عام 1982 تُنهي حالة الحرب وتطوي صفحة من صفحات التاريخ، وتعلن بداية جديدة في علاقتها مع الدولة الجارة.
وقد ساهمت سلطنة عُمان بجهودها السياسية في ملف توحيد اليمن الشقيق، وعملت على تقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية منذ بداية فكرة الوحدة إلى أن تحققت في عام 1989، معتبرةً أن هذه الخطوة هي الطريق الصحيح الذي يخدم أبناء الجمهورية اليمنية. وعندما حاولت بعض الدول وسَعَتْ لتفكيك هذه الوحدة، فيما بعد، وقفت سلطنة عُمان بحزم أمام هذا التوجه، ورفضت- من خلال مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية- التدخل في شؤون اليمن الذي سعت له بعض الدول التي كانت ترى في الوحدة ضربًا لمصالحها وأطماعها.
استمرت سلطنة عُمان في تقديم الدعم والمساندة لجهود الوحدة، وحتى عندما نشبت الحرب الأهلية وفَرَّ بعض قادة الصراع وطلبوا اللجوء السياسي، لم تغلق عُمان أبوابها؛ بل مدَّت يد السلام لمن أراد السلام، وسعت لاحتواء الأزمة واستمرار الوحدة اليمينة واستقرار النظام السياسي في اليمن، ومنعت أي شكل من أشكال الممارسة السياسية للفصائل اليمنية من داخل أراضي سلطنة عُمان، وكانت مسقط مدينة مرحبة دائمًا بهذه الأطراف للتفاوض وتقريب وجهات النظر وحل الخلافات. وبذلت سلطنة عُمان جهودَ وساطةٍ مشهودة بين القوى السياسية اليمنية على مدى السنوات الثلاثين الماضية، كل ذلك إيمانًا منها بأن استقرار اليمن يمثل جزءًا أساسيًا من الاستقرار السياسي في المنطقة.
لقد رفضت سلطنة عُمان المشاركة بأي شكل من الأشكال للتدخل في الشأن الداخلي اليمني، ووقفت بحزم أمام محاولات جرِّها إلى هذا الجانب، ورفضت بشكل صريح المشاركة في "عاصفة الحزم"، ورفضت التدخل لمصلحة أطراف معينة في الصراع الداخلي اليمني، ولم تدعم أي قوى من القوى السياسية اليمنية، ووقفت على الحياد والتزمت بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن، وهذا مبدأ أساسي للسياسة الخارجية العُمانية، ينطلق من فكرة أساسية وهي أن التدخل في شؤون الآخرين يفتح الباب لتدخل الآخر في شؤونك الداخلية؛ وهو ما ترفضه سلطنة عُمان بشكل مُطلق نتيجة معرفة ودراية وخبرة حول آثر ذلك على الأمن الوطني والاستقرار الداخلي.
مواقف سلطنة عُمان وسياستها المعتدلة أغضبت أصحاب الأطماع والأهداف السياسية والاقتصادية، الذين يرون في اليمن المُتناحِر المُتصارِع فرصةً لتحقيق أطماعهم، ويسعون بكل قوة إلى استمرار حالة الفوضى والصراع وإطالة أمدها؛ تحقيقًا لمصالحهم، وهو ما جعلهم يشنون حربًا قذرة ضد سلطنة عُمان التي سعت وتسعى إلى تحقيق الاستقرار في اليمن.
وما نشاهده من حملة مسعورة مستمرة تحاول زج اسم سلطنة عُمان في هذا الصراع وتتهمها بدعم قوى معينة وتهريب الأسلحة والذخائر واحتضان قيادات هذه الفصائل، ما هي إلّا جزء من محاولة الانتقام من مواقف سلطنة عُمان وسياسة الاعتدال والنأي عن الصراعات السياسية، وجهودها لاستقرار اليمن وإنهاء حالة الحرب والفوضى التي تعصف بهذا الشعب منذ عقود طويلة.
لقد سُخِّرت جميع الإمكانيات لهذه المجموعة المُنظَّمة لتفتري الكذب على وطننا، وكل ذلك بسبب مواقفنا الثابتة، وخاصة موقف سلطنة عُمان من القضية الفلسطينية، ويبدو أن هذا الموقف هو الأشد إيلامًا لأعداء العدالة والحرية والصهاينة وأتباعهم الذين أخذوا على عاتقهم مهمة إرضاء هذا الكيان الغاصب. كما إن موقف سلطنة عُمان المُعتدل ورفضها التدخل في شؤون الآخرين وضع أصحاب الأطماع السياسية في موقف مُحرج، رغم أن ما قامت به قيادتنا الرشيدة هو حق أساسي من سيادة الدولة واستقلالية قرارها، وهو أمر تعوَّدنا عليه في عُمان؛ إذ لم ولن تكون سلطنة عُمان تابعًا لأحد في يوم من الأيام؛ فالدول العريقة التي ترتكز على تاريخ عريق وحضارة عميقة وماضٍ مجيد لا تكون إلّا هكذا.
لن تكون هناك دولة أكثر سعادة باستقرار الأوضاع في جمهورية اليمن أكثر من سلطنة عُمان، والأسباب عديدة وكثيرة ويعلمها أهل اليمن الشرفاء قبل كل أحد، ولن تجد دولة تسعى لاستقرار اليمن أكثر من سلطنة عُمان؛ ولذلك ظلَّت الحكومة تبذل جهودًا دبلوماسية مستمرة طوال أربعة عقود ونصف العقد، دون كلل أو ملل؛ وذلك لأهمية هذا الاستقرار في إعادة ضبط مستقبل المنطقة واستقرارها، ولتجنُّب الحروب والصراعات التي لا تأتي بخيرٍ، ولمعرفةٍ حقيقةٍ بأهداف الطامعين الذين يريدون تحقيق أهدافهم في المنطقة. كما لن تتوقف سلطنة عُمان عن دعم عملية السلام في اليمن الشقيق حتى يتحقق لشعبها الاستقرار والأمن والازدهار.