ألقى تحليل نشره "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" الضوء على ما كشفه بيان وزارة المالية السعودية، الذي صدر قبل أيام، عن ميزانية 2024، والتي سيتم نشرها علانية في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهو البيان الذي كشف عن عجز، رغم ارتفاع أسعار النفط، وذلك بسبب الزيادة الكبيرة للإنفاق.

وكان بيان الوزارة كشف عن وجود عجز (زيادة النفقات عن  الإيرادات) بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي (82 مليار ريال ، أو حوالي 22 مليار دولار) في عام 2023 بعد عرض فائض صغير من 0.

4% من الناتج المحلي الإجمالي عندما تم إصدار ميزانية 2023.

وهذا يعني أن فائض الميزانية المسجل في عام 2022-المملكة العربية السعودية الأولى منذ عام 2013-يبدو وكأنه لمرة واحدة.

زيادة المخاطر المالية

ويعتبر التحليل، الذي كتبه تيم كالين، الزميل الزائر بالمعهد، وترجمه "الخليج الجديد"، أن زيادة الإنفاق الكبيرة التي كشفت عنها ميزانية 2024 يرفع المخاطر المالية، ويقلل من مصداقية  الإصلاحات في المملكة.

وفي الوقت الذي يتم فيه تعزيز الإيرادات بالميزانية السعودية من خلال الأداء القوي للاقتصاد المحلي ، الذي يوفر إيرادات ضريبية أعلى ، وتوزيعات إضافية "مرتبطة بالأداء"، لا سيما من "أرامكو"، فإن الصعود الهائل للإنفاق من شأنه أن يؤدي إلى تآكل سريع لهذه الإيرادات، كما يقول التحليل.

اقرأ أيضاً

السعودية.. عجز بعد فائض في توقعات ميزانية 2024 بسبب زيادة المصروفات

وفي وقت إصدار ميزانية عام 2023، خططت السعودية لإنفاق 1.1 تريليون ريال (حوالي 293 مليار دولار) في عام 2023 ، لكنها تتوقع الآن إنفاق 1.26 تريليون ريال (حوالي 336 مليار دولار).

مجالات زيادة الإنفاق

المجالات الرئيسية التي يتم فيها تعيين الإنفاق لتجاوز الميزانية هي مشاريع الإنفاق الرأسمالي ؛ الرعاية الصحية والاجتماعية ، التي تتلقى تمويلًا إضافيًا لبرنامج حساب المواطنين والبرامج الاجتماعية الأخرى؛ وفئة "العناصر العامة" غير المحددة ، والتي تعد بمثابة صندوق أسود للميزانية.

وبشكل عام، من المقرر أن يكون الإنفاق الحكومي المركزي أعلى بنسبة 21% في عام 2023 عن عام 2021، وهو الأمر الذي من شأنه أن يجعل الميزانية  أكثر عرضة للانكماش في سوق النفط.

اقرأ أيضاً

سباق مع الزمن.. الإنفاق السعودي على كرة القدم يستهدف تنويع الاقتصاد

فك الارتباط بين الإنفاق وارتفاع أسعار النفط

وعلى سبيل المثال، إذا كان الضعف في النمو الاقتصادي العالمي يقوض الطلب على النفط في عام 2024 ، فسيتأثر إيرادات النفط سلبًا ، مما يؤدي إلى عجز أكبر بكثير مما لم يتم تقليص الإنفاق.

ويقول الكاتب إنه من المعروف أن السعودية لديها موقف مالي قوي، مع انخفاض الديون العامة، وقدرة الاقتراض الكبيرة، وأصول مالية كبيرة منتشرة في القطاع العام.

ومع ذلك، فإن العجز المالي الذي تم تشغيله لمعظم السنوات العشر الماضية قد قلل من ودائع الحكومة في البنك المركزي، وهو مصدر رئيسي للتأمين ضد المخاطر المالية.

ويوضح التاريخ، مؤخرًا في عامي 2014 و 2020، أن الانخفاض الرئيسي في أسعار النفط سيؤدي إلى تدهور كبير وسريع في الرصيد المالي، والذي سيحتاج إلى تمويله عن طريق الاقتراض المحلي أو الدولي.

ويؤكد الكاتب أنه يجب على الرياض السيطرة  بشكل أفضل على الإنفاق الحكومي، وفصل الإنفاق عن حركات أسعار النفط، وتعزيز عملية الميزانية، بصفتها أعمدة رئيسية للإصلاحات في رؤية السعودية 2030.

اقرأ أيضاً

عجز ميزانية السعودية يتسع في الربع الثاني من 2023 إلى 5.3 مليار ريال بسبب تراجع إيرادات النفط

تغير في سلوك الإنفاق

ويرصد الكاتب ما يصفه بتغيير واضح في السلوك فيما يتعلق بالإنفاق منذ عام 2021،  عندما كان الإنفاق يتم التحكم فيه جيدًا على الرغم من الانتعاش القوي في أسعار النفط مع ظهور العالم من التباطؤ الاقتصادي الناجم عن فيروس "كوفيد-19".

ويقول إنه في عامي 2022 و 2023، تُرجمت إيرادات النفط القوية إلى زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي، وهو ما لا يتوافق مع الرغبة في إزالة الإنفاق من الحركات في إيرادات النفط.

ويضيف أن إن الارتفاع في الإنفاق من قبل الحكومة المركزية والتوسع المستمر في الإنفاق من قبل صندوق الاستثمارات العامة يعني أن البصمة الاقتصادية المباشرة للقطاع العام السعودي تنمو مرة أخرى.

ومن الصعب الحصول على صورة واضحة لإنفاق صندوق الاستثمارات العامة في الاقتصاد المحلي، لكنه حدد هدفًا لإنفاق ما لا يقل عن 150 مليار ريال (40 مليار دولار) سنويًا.

وبافتراض تحقيق هذا الهدف، فإن إنفاق الحكومة المركزية وصندوق الاستثمار العام مجتمعين سيبلغ حوالي 56% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في عام 2023.

وهذا أقل بكثير من مستويات الإنفاق (كحصة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي) في الفترة 2011-2014 ولكن لا يزال يمثل تدخلا كبيرا جدا في الاقتصاد، كما يقول الكاتب.

اقرأ أيضاً

الإنفاق السعودي الضخم يعيد تشكيل كرة القدم في الشرق الأوسط

أزمة متوقعة في صندوق الاستثمارات العامة

وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قد اقترح في وقت سابق أن صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني يمكن أن يحصلا على عائدات الفوائض المالية التي تحققها الحكومة المركزية.

ومع ذلك، يقول الكاتب، إنه إذا لم يكن هناك ما يمكن تحويله من الميزانية، فإن عمليات صندوق الاستثمارات العامة ستكون أكثر اعتمادا على تحويلات الأصول من أماكن أخرى في القطاع العام، واقتراضه الخاص، واستنزاف أصوله السائلة، وإعادة تدوير رأسماله الحالي.

ونظراً للسداد المبكر هذا العام للسندات الإذنية التي أصدرتها "أرامكو" لصندوق الاستثمارات العامة لتمويل الاستحواذ على الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، فإن توافر التمويل لن يشكل مشكلة على المدى القريب، لكن خطط صندوق الاستثمارات العامة الطموحة ستحتاج إلى مستويات عالية مستمرة التمويل لسنوات عديدة.

اقرأ أيضاً

تقرير: زيادة الإنفاق يعيد الميزانية السعودية إلى المنطقة الحمراء

مخاوف مثارة

ويشكل الوضع المالي للمملكة العربية السعودية موضع حسد العديد من الدول التي تتعامل مع أعباء الديون المرتفعة وارتفاع أسعار الفائدة العالمية.

ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة تثير مخاوف من عودة الحكومة إلى السياسة المالية المسايرة للدورة الاقتصادية التي كانت تتبعها في الماضي، حيث يتوسع الإنفاق بسرعة في أوقات ارتفاع أسعار النفط.

ويختم الكاتب تحليله بالتأكيد على أن الفشل في فك الارتباط بين عائدات النفط والإنفاق الحكومي يعني أن المخاطر المالية، رغم أنها لا تزال محدودة، آخذة في الارتفاع، وأن خطط الإنفاق لكل من الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة معرضة للتراجع في أسعار النفط.

وكان من المفترض، بحسب الكاتب، أن يتم استخدام الفترة الحالية من ارتفاع أسعار النفط لسداد الديون وإعادة بناء الودائع لبناء هوامش مالية أقوى لحماية خطط الإنفاق في حالة حدوث تباطؤ اقتصادي عالمي.

وقد اقترح صندوق النقد الدولي إدخال قاعدة مالية تحد بشكل أكثر صرامة من النمو السنوي في الإنفاق الحكومي من أجل السيطرة بشكل أفضل على مسايرة التقلبات الدورية.

وفي حين أن مثل هذه القاعدة سوف تنطوي على تحديات التنفيذ الخاصة بها، فإن الرسالة الأوسع هي أن الأمر يتطلب بذل المزيد من الجهد للسيطرة على الإنفاق الحكومي.

المصدر | تيم كالين / معهد دول الخليج العربية في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: ميزانية السعودية عجز الميزانية ميزانية 2024 زيادة الإنفاق أسعار النفط أرامكو من الناتج المحلی الإجمالی صندوق الاستثمارات العامة المخاطر المالیة الإنفاق الحکومی زیادة الإنفاق إیرادات النفط ملیار دولار أسعار النفط میزانیة 2024 فی الإنفاق الإنفاق من اقرأ أیضا فی عام 2023

إقرأ أيضاً:

إسبانيا تستقبل أكثر من 200 ألف زائر من الإمارات في 2024

 

قال كارلوس رويز غونزاليس، مدير المكتب السياحي الإسباني لدول مجلس التعاون الخليجي، إن إسبانيا استقبلت خلال عام 2024، أكثر من 200 ألف زائر من دولة الإمارات العربية المتحدة “إماراتيون وغير إماراتيين”، مشيرًا إلى أن هذا الرقم يعكس زيادة بنسبة تقارب 17% مقارنة بالعام 2023، في مؤشر على استمرار الانتعاش التدريجي في الحركة السياحية بين البلدين بعد سنوات الجائحة.
وأوضح غونزاليس، خلال تصريحات إعلامية على هامش مشاركته في فعالية “قمة اكتشف أوروبا تلتقي فعالية مرحبا 2025″، التي اختتمت أعمالها في دبي أمس، أن مستويات إنفاق السياح من دولة الإمارات ودول الخليج عامة تفوق معدلات الإنفاق العامة.
ولفت إلى أن هذه الفئة من الزوار بين الأعلى إنفاقًا، إذ يُقدر متوسط الإنفاق لكل سائح بنحو 3000 يورو في الرحلة الواحدة، وهو ما يعادل ضعف ما ينفقه السائح الأوروبي الذي يشكل الغالبية العظمى من زوار إسبانيا.
وأوضح أن نحو 90% من زوار إسبانيا يأتون من داخل أوروبا، لا سيما من المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، ولكن الإنفاق من دول الخليج يتجاوز ما ينفقه بقية السياح.
وأشار مدير المكتب السياحي، إلى أن اهتمام المكتب يتركز حالياً على جذب الزوار من دول الخليج إلى إسبانيا، مؤكداً أن الجهود التسويقية والترويجية تتنوّع ما بين المشاركة في المعارض السياحية الدولية مثل ATM، وتنظيم فعاليات ترويجية خاصة في المنطقة، إلى جانب تنظيم رحلات تعريفية تأخذ وكلاء السفر إلى إسبانيا للتعرف عن قرب على أبرز الفنادق والمرافق والخبرات السياحية الجديدة.
وقال، نعمل باستمرار على إبراز ما تقدمه إسبانيا من تجارب سياحية متنوعة، ونحرص على أن يرى وكلاء السفر في الخليج هذه التجارب بأنفسهم، لكي يستطيعوا نقلها بدقة إلى عملائهم، ونقوم بحملات دعائية عبر وسائل الإعلام المتخصصة، مما يساعد على إيصال الرسالة إلى الشريحة المستهدفة من المسافرين.
وشدد غونزاليس، على أن اهتمام الإسبان بالمنطقة، وخاصة بالإمارات، في تزايد، رغم أن أغلب الإسبان اعتادوا قضاء عطلاتهم داخل إسبانيا أو في دول أوروبية مجاورة.
وأكد على الأهمية المتزايدة لسوق الخليج العربي، وتحديدًا دولة الإمارات، بالنسبة للسياحة الإسبانية، سواء من حيث حجم الزوار أو نوعيتهم، مضيفا نعمل على مواصلة تطوير علاقاتنا في المنطقة، لأننا نرى إمكانيات كبيرة للنمو في السنوات القادمة.وام

 


مقالات مشابهة

  • حرب غزة ترفع الإنفاق العسكري الإسرائيلي 65% في 2024
  • مدبولي: الحكومة وضعت 3 سيناريوهات للاقتصاد.. ومستمرون في الإصلاحات
  • الفيومي: الإصلاحات الاقتصادية ساهمت في كسب ثقة المؤسسات المالية الدولية
  • نقطة ومن أول السطر... المالية تكشف حزم التسهيلات والإصلاحات الضريبية
  • 2.72 تريليون دولار.. الإنفاق العسكري العالمي نحو أعلى زيادة منذ الحرب الباردة
  • النفط يرتفع رغم الضبابية الاقتصادية وترقب زيادة إمدادات أوبك+
  • زيادة قياسية في الإنفاق العسكري العالمي خلال 2024
  • إسبانيا تستقبل أكثر من 200 ألف زائر من الإمارات في 2024
  • تضاعف أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى قرابة 5 أضعاف منذ إطلاق رؤية 2030
  • أستاذ اقتصاد: الانقسام السياسي يؤخر الإصلاحات ويضغط على العملة الليبية