ميزانية 2024 بالسعودية.. زيادة الإنفاق يرفع المخاطر المالية ويقلل من مصداقية الإصلاحات
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
ألقى تحليل نشره "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" الضوء على ما كشفه بيان وزارة المالية السعودية، الذي صدر قبل أيام، عن ميزانية 2024، والتي سيتم نشرها علانية في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهو البيان الذي كشف عن عجز، رغم ارتفاع أسعار النفط، وذلك بسبب الزيادة الكبيرة للإنفاق.
وكان بيان الوزارة كشف عن وجود عجز (زيادة النفقات عن الإيرادات) بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي (82 مليار ريال ، أو حوالي 22 مليار دولار) في عام 2023 بعد عرض فائض صغير من 0.
وهذا يعني أن فائض الميزانية المسجل في عام 2022-المملكة العربية السعودية الأولى منذ عام 2013-يبدو وكأنه لمرة واحدة.
زيادة المخاطر الماليةويعتبر التحليل، الذي كتبه تيم كالين، الزميل الزائر بالمعهد، وترجمه "الخليج الجديد"، أن زيادة الإنفاق الكبيرة التي كشفت عنها ميزانية 2024 يرفع المخاطر المالية، ويقلل من مصداقية الإصلاحات في المملكة.
وفي الوقت الذي يتم فيه تعزيز الإيرادات بالميزانية السعودية من خلال الأداء القوي للاقتصاد المحلي ، الذي يوفر إيرادات ضريبية أعلى ، وتوزيعات إضافية "مرتبطة بالأداء"، لا سيما من "أرامكو"، فإن الصعود الهائل للإنفاق من شأنه أن يؤدي إلى تآكل سريع لهذه الإيرادات، كما يقول التحليل.
اقرأ أيضاً
السعودية.. عجز بعد فائض في توقعات ميزانية 2024 بسبب زيادة المصروفات
وفي وقت إصدار ميزانية عام 2023، خططت السعودية لإنفاق 1.1 تريليون ريال (حوالي 293 مليار دولار) في عام 2023 ، لكنها تتوقع الآن إنفاق 1.26 تريليون ريال (حوالي 336 مليار دولار).
مجالات زيادة الإنفاقالمجالات الرئيسية التي يتم فيها تعيين الإنفاق لتجاوز الميزانية هي مشاريع الإنفاق الرأسمالي ؛ الرعاية الصحية والاجتماعية ، التي تتلقى تمويلًا إضافيًا لبرنامج حساب المواطنين والبرامج الاجتماعية الأخرى؛ وفئة "العناصر العامة" غير المحددة ، والتي تعد بمثابة صندوق أسود للميزانية.
وبشكل عام، من المقرر أن يكون الإنفاق الحكومي المركزي أعلى بنسبة 21% في عام 2023 عن عام 2021، وهو الأمر الذي من شأنه أن يجعل الميزانية أكثر عرضة للانكماش في سوق النفط.
اقرأ أيضاً
سباق مع الزمن.. الإنفاق السعودي على كرة القدم يستهدف تنويع الاقتصاد
فك الارتباط بين الإنفاق وارتفاع أسعار النفطوعلى سبيل المثال، إذا كان الضعف في النمو الاقتصادي العالمي يقوض الطلب على النفط في عام 2024 ، فسيتأثر إيرادات النفط سلبًا ، مما يؤدي إلى عجز أكبر بكثير مما لم يتم تقليص الإنفاق.
ويقول الكاتب إنه من المعروف أن السعودية لديها موقف مالي قوي، مع انخفاض الديون العامة، وقدرة الاقتراض الكبيرة، وأصول مالية كبيرة منتشرة في القطاع العام.
ومع ذلك، فإن العجز المالي الذي تم تشغيله لمعظم السنوات العشر الماضية قد قلل من ودائع الحكومة في البنك المركزي، وهو مصدر رئيسي للتأمين ضد المخاطر المالية.
ويوضح التاريخ، مؤخرًا في عامي 2014 و 2020، أن الانخفاض الرئيسي في أسعار النفط سيؤدي إلى تدهور كبير وسريع في الرصيد المالي، والذي سيحتاج إلى تمويله عن طريق الاقتراض المحلي أو الدولي.
ويؤكد الكاتب أنه يجب على الرياض السيطرة بشكل أفضل على الإنفاق الحكومي، وفصل الإنفاق عن حركات أسعار النفط، وتعزيز عملية الميزانية، بصفتها أعمدة رئيسية للإصلاحات في رؤية السعودية 2030.
اقرأ أيضاً
عجز ميزانية السعودية يتسع في الربع الثاني من 2023 إلى 5.3 مليار ريال بسبب تراجع إيرادات النفط
تغير في سلوك الإنفاقويرصد الكاتب ما يصفه بتغيير واضح في السلوك فيما يتعلق بالإنفاق منذ عام 2021، عندما كان الإنفاق يتم التحكم فيه جيدًا على الرغم من الانتعاش القوي في أسعار النفط مع ظهور العالم من التباطؤ الاقتصادي الناجم عن فيروس "كوفيد-19".
ويقول إنه في عامي 2022 و 2023، تُرجمت إيرادات النفط القوية إلى زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي، وهو ما لا يتوافق مع الرغبة في إزالة الإنفاق من الحركات في إيرادات النفط.
ويضيف أن إن الارتفاع في الإنفاق من قبل الحكومة المركزية والتوسع المستمر في الإنفاق من قبل صندوق الاستثمارات العامة يعني أن البصمة الاقتصادية المباشرة للقطاع العام السعودي تنمو مرة أخرى.
ومن الصعب الحصول على صورة واضحة لإنفاق صندوق الاستثمارات العامة في الاقتصاد المحلي، لكنه حدد هدفًا لإنفاق ما لا يقل عن 150 مليار ريال (40 مليار دولار) سنويًا.
وبافتراض تحقيق هذا الهدف، فإن إنفاق الحكومة المركزية وصندوق الاستثمار العام مجتمعين سيبلغ حوالي 56% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في عام 2023.
وهذا أقل بكثير من مستويات الإنفاق (كحصة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي) في الفترة 2011-2014 ولكن لا يزال يمثل تدخلا كبيرا جدا في الاقتصاد، كما يقول الكاتب.
اقرأ أيضاً
الإنفاق السعودي الضخم يعيد تشكيل كرة القدم في الشرق الأوسط
أزمة متوقعة في صندوق الاستثمارات العامةوكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قد اقترح في وقت سابق أن صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني يمكن أن يحصلا على عائدات الفوائض المالية التي تحققها الحكومة المركزية.
ومع ذلك، يقول الكاتب، إنه إذا لم يكن هناك ما يمكن تحويله من الميزانية، فإن عمليات صندوق الاستثمارات العامة ستكون أكثر اعتمادا على تحويلات الأصول من أماكن أخرى في القطاع العام، واقتراضه الخاص، واستنزاف أصوله السائلة، وإعادة تدوير رأسماله الحالي.
ونظراً للسداد المبكر هذا العام للسندات الإذنية التي أصدرتها "أرامكو" لصندوق الاستثمارات العامة لتمويل الاستحواذ على الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، فإن توافر التمويل لن يشكل مشكلة على المدى القريب، لكن خطط صندوق الاستثمارات العامة الطموحة ستحتاج إلى مستويات عالية مستمرة التمويل لسنوات عديدة.
اقرأ أيضاً
تقرير: زيادة الإنفاق يعيد الميزانية السعودية إلى المنطقة الحمراء
مخاوف مثارةويشكل الوضع المالي للمملكة العربية السعودية موضع حسد العديد من الدول التي تتعامل مع أعباء الديون المرتفعة وارتفاع أسعار الفائدة العالمية.
ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة تثير مخاوف من عودة الحكومة إلى السياسة المالية المسايرة للدورة الاقتصادية التي كانت تتبعها في الماضي، حيث يتوسع الإنفاق بسرعة في أوقات ارتفاع أسعار النفط.
ويختم الكاتب تحليله بالتأكيد على أن الفشل في فك الارتباط بين عائدات النفط والإنفاق الحكومي يعني أن المخاطر المالية، رغم أنها لا تزال محدودة، آخذة في الارتفاع، وأن خطط الإنفاق لكل من الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة معرضة للتراجع في أسعار النفط.
وكان من المفترض، بحسب الكاتب، أن يتم استخدام الفترة الحالية من ارتفاع أسعار النفط لسداد الديون وإعادة بناء الودائع لبناء هوامش مالية أقوى لحماية خطط الإنفاق في حالة حدوث تباطؤ اقتصادي عالمي.
وقد اقترح صندوق النقد الدولي إدخال قاعدة مالية تحد بشكل أكثر صرامة من النمو السنوي في الإنفاق الحكومي من أجل السيطرة بشكل أفضل على مسايرة التقلبات الدورية.
وفي حين أن مثل هذه القاعدة سوف تنطوي على تحديات التنفيذ الخاصة بها، فإن الرسالة الأوسع هي أن الأمر يتطلب بذل المزيد من الجهد للسيطرة على الإنفاق الحكومي.
المصدر | تيم كالين / معهد دول الخليج العربية في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: ميزانية السعودية عجز الميزانية ميزانية 2024 زيادة الإنفاق أسعار النفط أرامكو من الناتج المحلی الإجمالی صندوق الاستثمارات العامة المخاطر المالیة الإنفاق الحکومی زیادة الإنفاق إیرادات النفط ملیار دولار أسعار النفط میزانیة 2024 فی الإنفاق الإنفاق من اقرأ أیضا فی عام 2023
إقرأ أيضاً:
وزراء الطاقة بالسعودية والعراق وليبيا يبحثون استقرار الأسواق
ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بحث مع نظيريه العراقي حيان عبد الغني والليبي خليفة عبد الصادق في الرياض أمس الاثنين الجهود الرامية لدعم استقرار أسواق الطاقة العالمية.
ومن المقرر أن يعقد تحالف أوبك+، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء من بينهم روسيا، اجتماعاً للجنة المراقبة الوزارية المشتركة في الثالث من فبراير (شباط).
التقى #وزير_الطاقة_السعودي الأمير #عبدالعزيز_بن_سلمان في #الرياض، بعدد من نظرائه الإقليميين، حيث ناقش مع نائب رئيس الوزراء وزير النفط العراقي حيّان عبدالغني، ووزير النفط الليبي خليفة رجب عبدالصادق، ووزير البترول المصري كريم بدوي، سبل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، ودعم استقرار… pic.twitter.com/gftfE8Mrci
— العربية Business (@AlArabiya_Bn) January 28, 2025ودعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علنا السعودية وأوبك إلى خفض أسعار النفط، قائلاً إن ذلك من شأنه أن ينهي الحرب في أوكرانيا.
ولم يرد تحالف أوبك+ بعد على دعوة ترامب. ولدى المجموعة بالفعل خطة لبدء زيادة إنتاج النفط اعتباراً من أبريل (نيسان)، والتخلي عن التخفيضات السابقة تدريجياً.
"أوبك" قلقة من زيادة إنتاج أمريكا من النفط في عهد ترامب - موقع 24قال ممثلون لدول من تحالف أوبك+، إن التحالف قلق من زيادة جديدة في إنتاج الولايات المتحدة من النفط عندما يعود دونالد ترامب للبيت الأبيض، لأن تلك الزيادة ستعني أن حصة أوبك+ من السوق ستشهد تراجعاً أكبر وستقوض جهود التحالف لدعم الأسعار.وتأجلت هذه الخطة عدة مرات بسبب ضعف الطلب.
وعندما سُئل وزير الاقتصاد السعودي فيصل الإبراهيم الجمعة خلال ندوة بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عن تصريحات ترامب، قال إن "السعودية وأوبك تسعيان إلى استقرار سوق النفط على المدى الطويل".