كرستوفر مارلو.. أشهر الأدباء في العصر الإليزابيثي
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
كريستوفر مارلو، أديب وشاعر وكاتب مسرحي إنجليزي، يعد أشهر أدباء العصر الإليزابيثي (عصر الملكة إليزابيث الأولى)، اتسمت شخصيات مسرحياته بالجرأة والتمرد، وكانت انعكاسا لحياته الشخصية التي يصفها كثير من النقاد بأنها "مثيرة للجدل"، وكذلك كان مقتله عام 1593.
ومع أن اسمه ليس شهيرا بقدر ويليام شكسبير، فإن كلا الأديبين عاش في الفترة ذاتها وكانا من أشهر الشعراء وكتاب المسرح في إنجلترا.
لم يعرف الكثير عن السنوات الأولى من حياة كريستوفر مارلو سوى أنه ولد عام 1564 وأنه الابن الأكبر لصانع أحذية يعيش في مدينة كانتربري ويدعى جون مارلو.
على الرغم من شهرة مارلو فإنه كان رجلا يكتنفه الغموض، وبسبب قلة الوثائق التي تؤرخ حياته – فيما عدا أعماله الأدبية – أحاطت بالرجل لاحقا العديد من الأساطير. وتكهن المؤرخون والكتاب لرسم ملامح شخصيته وحياته، فوصف بأنه "جاسوس" و"مهرطق" و"مشاكس" و"مثلي الجنس"، حتى إن بعضهم ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك فوصفه بـ"الساحر".
وقيل عن مارلو أيضا إنه كان مبارزا وعاشقا للتبغ، كما قيل إنه عمل في تزوير العملات. وقد جادل بعض المؤرخين بأن كثيرا من هذه الاتهامات قد تكون باطلة، لكن آخرين قالوا إنه لا يمكن تصنيف كل ما قيل عنه بأنها أساطير، وقالوا إن هناك أدلة على أن بعضها حقيقي، استنادا إلى عدد من الأدلة التي تشير إلى أن مارلو قد عمل جاسوسا بالفعل، بالإضافة لأدلة أخرى تدل على إلحاده وتكهنات قوية تدل على مثليته الجنسية.
كريستوفر مارلو تميز بمسرحياته وكان أشهرها "ديدو" و"تمبورلين" (غيتي) الدراسة والتكوين العلميالتحق بمدرسة الملك في كانتربري عام 1579 ثم ذهب بعد ذلك إلى كلية كوربوس كريستي في كامبريدج.
حصل كريستوفر على درجة البكالوريوس في الآداب عام 1584، وأقام بعدها في كامبريدج، لكن في عام 1587 ترددت الجامعة في منحه درجة الماجستير بسبب انتشار إشاعة بنيته الذهاب إلى ريمس بشمال فرنسا لكي يصبح كاهنا كاثوليكيا.
وفي ذلك الوقت، كانت العداوة بين البروتستانت والكاثوليك على أشدها، لذلك اعتبر هذا الفعل انتهاكا مباشرا للمرسوم الملكي الصادر عن الملكة إليزابيث الأولى عام 1585، والذي يجرم أي محاولة من قبل مواطن إنجليزي للالتحاق بالكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
وعلى الرغم من تلك الشائعات، مُنح مارلو شهادته في الموعد المحدد عندما تدخل مجلس الملكة الخاص، وأمر الجامعة بمنحه درجة الماجستير وأثنى على "تعامله المخلص" و"خدمته الجيدة" للملكة. ولم يحدد المجلس طبيعة خدمات مارلو، وقد أثار هذا فيما بعد العديد من التكهنات حول هذا الأديب الذي قيل إنه كان يعمل جاسوسا.
حصوله على شهادته، جعلت كثيرا من المؤرخين يؤمنون أن مارلو كان جاسوسا يعمل لصالح الحكومة، وقد جند في الفترة التي كان فيها في كامبريدج. فطالما أن مجلس الملكة الخاص أمر رئاسة جامعة كامبريدج بمنح مارلو درجة الماجستير في الآداب نافيا شائعات بأنه ينوي الذهاب إلى الكلية الكاثوليكية في ريمس، فقد تم تفسير ذلك بأن مارلو كانت له مكانة رفيعة بالفعل لدى الحكومة آنذاك.
وقد ورد في خطاب المجلس أن مارلو قد تغيب عن الجامعة لأنه كان يشارك "في أمور تخدم مصلحة بلاده"، وقد فسر البعض هذا الخطاب بأن مارلو كان جاسوسا، خاصة وأنه تغيب عن الجامعة كثيرا بشكل انتهك لوائحها، كما تظهر سجلات الجامعة التي لا تزال موجودة حتى الآن أن مارلو كان ينفق الكثير من الأموال على الطعام والشراب، وهذا ما لا يتناسب مع اعتباره طالبا محدود الدخل.
الإلحاد والمثلية الجنسيةبعد أن حاز درجة الماجستير انتقل مارلو إلى لندن، حيث عمل هناك في الكتابة المسرحية، وبنى سمعة أقل ما يقال عنها إنها "مثيرة للجدل" بسبب إشاعات إلحاده، ومع تصاعد المخاوف العامة بشأن ما يسمى "مدرسة الليل" أو "مدرسة الإلحاد" في أواخر القرن السادس عشر، ارتبطت الاتهامات بالإلحاد ارتباطا وثيقا بعدم الولاء للملكية البروتستانتية في إنجلترا، وكان ينظر للملحد حينها أنه "عدو لله وللدولة".
واعتبر بعض المؤرخين المعاصرين أن إعلان مارلو الإلحاد، ليس أكثر من خدعة للتمويه عن عمله كجاسوس حكومي، كما هو الحال مع مزاعم تحوله للكاثوليكية.
الإلحاد لم يكن التهمة الوحيدة التي لاحقت مارلو خلال حياته وبعد وفاته، فقد اتهم أيضا بأنه مثلي الجنس، لكن بعض المؤرخين يجادلون أيضا بأن الأدلة على ذلك غير حاسمة، وأن القصص عن المثلية الجنسية لمارلو قد تكون مجرد إشاعات قيلت بعد وفاته، وقد تكون من أعمال مارلو الأدبية التي تناول فيها المثلية الجنسية.
ويليام شكسبير تأثر بمسرحيات كريستوفر مارلو وظهر ذلك في عدد من أعماله مثل مسرحية "أنطوني كيلوبترا" (شترستوك) ملهم شكسبيرعلى الرغم من أن كريستوفر مارلو كان شخصية جدلية في ما يتعلق بحياته الشخصية، فقد أجمع الجمهور والنقاد على براعته الأدبية. واشتهر بشكل أساسي بكتاباته المسرحية، إذ تميزت بأبطالها المتمردين وواقعيتها، ومن أشهرها "ديدو" و"تمبورلين"، التي عرضت عام 1587، وكانت أول مسرحية باللغة الإنجليزية مكتوبة في أبيات شعرية، ويعتقد النقاد أنها كانت من أعظم نجاحات مارلو.
وألف مارلو أيضا أعمالا أخرى شهيرة مثل "دكتور فاوستوس" و"يهودي مالطا". وكان فنانا محبوبا ومؤثرا بالنسبة لمعاصريه من الأدباء، وقد أثر بشكل خاص على الشاعر الإنجليزي الشهير ويليام شكسبير الذي يصغر مارلو ببضعة أشهر فقط.
وقد ظهر تأثر شكسبير بمارلو في أشهر أعماله المسرحية بما في ذلك "أنطوني وكليوباترا" و"تاجر البندقية" و"ريتشارد الثاني" و"ماكبث".
وفاتهكما كانت حياة مارلو القصيرة مثيرة للجدل، كذلك كان موته، إذ مات مقتولا عام 1593، لكن قاتله مجهول وأسباب قتله بقيت غامضة.
وهناك العديد من النظريات التي حيكت حول مقتله، إذ رجح البعض أن سيدة تدعى أودري والسينغهام، قد أمرت بقتله بسبب غيرتها من علاقة زوجها توماس بمارلو.
بينما قال آخرون إن أعضاء من مجلس الملكة قد أمروا بقتله خوفا من أن يفضح ميولهم الإلحادية، وقيل أيضا إن أحد اللوردات قد أمر بقتله لأن مسرحياته تحتوي على ترويج للكاثوليكية، في حين اعتقد البعض أنه قتل بسبب عداءات شخصية بينه وبين بعض اللوردات تتعلق بأموال لم يسددها لهم.
وهناك فرضية أخرى تقول إنه قتل بأمر من الملكة إليزابيث بسبب إلحاده، بينما تقول فرضية معاكسة تماما إن قتله كان مزيفا وإنه كان مجرد خدعة لينجو من المحاكمة بتهمة الإلحاد.
أما الفرضية التي لا تحمل أي شكل من أشكال المؤامرة فتقول إن مارلو كان مخمورا وتشاجر -ببساطة- مع أحدهم في الحانة فطعنه ذلك الشخص ثم هرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: درجة الماجستیر إنه کان
إقرأ أيضاً:
وفاء الأهلي المصري
ما إن تخطو أولى خطواتك داخل أسوار النادي الأهلي المصري، في العاصمة المصرية القاهرة، إلا وسيحتضنك تاريخ من العراقة والذهب والإنجازات، ثم ستحتضنك مائة وسبعة عشر عامًا من الوفاء، وستشاهدها بعينيك، متمثلة بحفظ العرفان لشخصيات قدمت الكثير من وقتهم وجهدهم للنادي، وقد حفروا أسماءهم من ذهب، على هيئة صور وتماثيل في جدران ذلك الصرح العظيم، لرجالات لطالما أسسوا كيانًا يفخر به العالم العربي أجمع؛
فالأهلي المصري جعل من إنجازاته العالمية والنجوم المُرصعة على قمصانه وسام شرف لكل عربي، يرتدي القميص الأحمر، الذي كان- وما زال- قدوة في مُسماه للعديد من الأندية في الوطن العربي. في تاريخ 14 مايو لعام 2024، نلت شرف زيارة المقر الرئيس للنادي الأهلي بالقاهرة، في الجزيرة المطل على النيل؛ حيث صالة الأمير عبدالله الفيصل، وتمثال صالح سليم، وملعب مختار التتش، وصالة راتب باشا، وصور لجماهير أحبت الأهلي، وأحبهم؛ حتى خلدهم ورفع صورهم وأسماءهم في لفتة وفاء بأعلى ارتفاع؛ كبرج القاهرة المجاور لابتسامتهم العريضة التي صنعها معشوقهم على مدى التاريخ، ليراهم ويدعو لهم الجميع، عندما لقوا حتفهم غدرًا، مؤازرين مناصرين لمعشوقهم في ميادين المباريات. العديد من المناظر شاهدتها في زيارتي للقلعة الحمراء؛ لأعايش سحر المكان، وكأن الزمن عاد بي حتى 1907؛ حيث تاريخ حجر الأساس، وصولاً إلى يومنا هذا؛ لما لامسته من تفاصيل تُحاكي جميع من مروا في جنبات كيان الأهلي، ثم عليّ أن أشيد أيضًا بمواكبة العصر الحديث على مستوى المباني والمكاتب الإدارية وحمامات السباحة الممزوجة بخضرة الحدائق الغنَّاء. ستجد في النادي الأهلي المعنى الحقيقي لعبارة” هذا النادي رياضي، ثقافي، اجتماعي”. فلكل عبارة منها اسم ينتمي له، ويحمل عضويته أبرز شخصيات العصر الحديث في الثقافة والغناء والتمثيل والرياضة، وكل ما يندرج تحت جمال فنون الحياة. أما في الناحية الاجتماعية، فستجد مالا أستطيع وصفه من الجمال، الذي يوفره النادي ليحتضن أبناءه- أجيالًا وراء أجيال. نعم هُنا كُنت في حضرة التاريخ، الذي لا يمكن اختزاله في سطور، وهُنا تكرمت خلال جولتي من صُناع التاريخ والبطولات، وكما كان الأهلي المصري في قلبي دائمًا، كنت يومها في قلب أعظم نادٍ في الكون، كما تتغنى به جماهيره.