كسر بعض الفنانين المصريين حالة الإجماع الحالية في الوسط الفني على تأييد رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، للترشح لولاية ثالثة في الرئاسيات المقررة كانون الأول /أغسطس المقبل، وأعلنوا رفضهم للسيسي، وفي المقابل تأييد مرشح منافس له، ما اعتبره البعض بارقة أمل.

وعلى الجانب الآخر، أعلن عدد من الممثلين دعمهم للسيسي بينهم حسين فهمي وأشرف زكي وهاني شاكر، وأحمد فؤاد سليم وإيهاب فهمي وغيرهم.



وأعلن السيسي، عن ترشحه بالانتخابات الرئاسية الاثنين الماضي، وسط حشد كبير من أنصاره أمام مقرات الشهر العقاري لتحرير توكيلات له، وذلك في مقابل وضع قيود وعراقيل أمام أنصار المرشحين المحتملين أحمد الطنطاوي، وجميلة إسماعيل، وهو ما رصدته "عربي21"، في تقرير سابق.

"توكيل تيسير"
وبالرغم من شكاوى العديد من النشطاء والمعارضين من منع بلطجية لهم من تحرير توكيلات للطنطاوي، ووضع قيود إدارية أمامهم، أعلنت الفنانة المصرية تيسير فهمي، عن نجاحها في عمل توكيل للطنطاوي.

وعبر صفحتها بـ"فيسبوك"، أعلنت الفنانة التي شاركت في أعمال فنية عديدة بينها العمل المخابراتي "رأفت الهجان"، دعمها الكامل للطنطاوي، داعية المصريين لتحرير توكيلات رسمية له، ومؤكدة أنه حررت توكيلها في الشهر العقاري بمدينة السادس من أكتوبر.



تيسير فهمي، إحدى الفنانات التي شاركت في ثورة يناير 2011، وأعلنت من ميدان التحرير رفضها حكم الرئيس الراحل حسني مبارك، وطالبته بالرحيل، أطلقت هتافا عبر صفحتها بـ"فيسبوك"، قائلة: مدوا الخطاوي توكيلي لأحمد الطنطاوي، فيما لم ترد الفنانة المصرية على اتصالات "عربي21"، حتى كتابة هذه السطور.

"شريف حمدي"
إعلان تيسير فهمي  تأييد الطنطاوي، ونشرها صورة توكيلها له، يأتي بعد أيام من هجوم شنه الممثل الشاب شريف حمدي، على السيسي، معلنا أيضا، تأييده للطنطاوي.

وفي بث مباشر له عبر "فيسبوك"، قال حمدي: "وسط خضم الأحداث السياسية والاقتصادية يجب أن أدلي بدلوي فيما يحدث"، معلنا مقاطعة الانتخابات الرئاسية، ومؤكدا أنها "تمثيلية"، مضيفا: "هناك قيد شديد على إجراء انتخابات حقيقية نزيهة تعطي فرصة لمشاركة الأطراف بشكل كامل".


وتابع: "وإن حدث تغيير إيجابي يسمح للمرشحين بمزاولة نشاطهم بحرية هنا أدعم ترشيح الطنطاوي كرئيس لمصر، لأن معظم المصريين يرون نظام الحكم الحالي لا يستطيع أن يفيد مصر بشيئ، ولأنها وصلت إلى حالة متردية وكارثية".

وأكد أن "النظام فشل بأن ينهض بالبلاد عبر إدارة رشيدة، لذلك أدعم الطنطاوي، لأني آمل أن يحدث سطوع فجر جديد بوجود نظام حكم مدني ليبرالي يقوم على أهل العلم لا الجهل، أهل الخبرة لا الثقة، على الحرية لا تكميم الأفواه، على الانصياع للشعب لا لقهره، على التعاون الدولي لا الاستكانة الدولية".



وفي مقطع أثار الجدل أطلق شريف حمدي عشرات الأمثلة الشعبية ملمحا بها إلى السيسي، مرددا جمل يقولها المصريون يوميا منها قولهم: "يافاشل يافاشل"، "لك يوم ياظالم"، "أقرع ونزهي"، "أسد علي وفي الحروب نعامة".

و"عواد باع أرضه شوفو طوله وعرضه"، "جواز عتريس من فؤادة باطل"، "اتمسكن لحد ما اتمكن"، "قالوا للفرعون إيه فرعنه قال ملقيتش حد يلمني"، "خربها وقعد على تلها"، "حلوة يابلحة يامقمعة شرفتي اخواتك الأربعة"، "غبي منه فيه".



"شقيق حسن يوسف"
وبشكل مباشر وصريح، أعلن المنتج السينمائي المصري محمد يوسف، شقيق الفنان حسن يوسف، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، رفضه ترشح السيسي، قائلا: "أرفض ترشح السيسي، وأطالب المجلس العسكري بإنقاذ مصر"، موجها رسالة قوية لهم بقوله إن "الصمت عار لا يليق بتاريخكم".

وفي تدوينة أخرى قال يوسف: "منذ إعلان الهيئة العليا للانتخابات عن إجراءات الانتخابات الرئاسية انتابتني حالة من الحماس والأمل في أنه يمكننا أن نجتمع على فكرة التصويت العقابي لإنجاح أي منافس للرئيس الحالي مهما كانت التحديات"، وذلك دون أن يذكر اسم مرشح بعينه.

يوسف، الذي اعتزل العمل السينمائي بعد العام 2011، وتوجه للأدب وكتابة القصة والرواية وصدر له 3 روايات ومجموعة قصصية ويعكف على العمل الخامس له، كتب العديد من التدوينات التي تنتقد نظام السيسي، وأحاديثه، وما يجري بالحالة المصرية.



"وائل الصديقي"
وفي السياق، أعلن المخرج وائل الصديقي رفضه ترشح السيسي أيضا، قائلا عبر بث مباشر بصفحته عبر الإنترنت: "أعطي صوتي للطنطاوي، في حالة واحدة، وأحرر له توكيلا، لو سمح النظام بترشح جمال مبارك، ولم يتم منعه".


الصديقي، صاحب الفيديو كليب الشهير والمثير للجدل قبل سنوات بعنوان "سيب إيدي"، وفي سؤال استنكاري لأطراف العملية السياسية بالبلاد تساءل: "هل يستطيع أحد تحرير توكيل لجمال مبارك".

وأضاف: "عندها سأتيقن بأنها انتخابات حقيقية، وأن ترشح الطنطاوي ليس لعبة من المجلس العسكري"، مخاطبا نجل حسني مبارك بقوله: "لو هي انتخابات حقيقية، أناشد جمال مبارك النزول والمشاركة".



"حنان شومان"
وتواصل الناقدة الفنية المصرية حنان شومان، حملة انتقاداتها للسيسي، بشكل يومي، حيث كتبت عشرات التغريدات عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) تسخر وتنتقد السيسي وما يطلقه من تصريحات وما يتخذه من قرارات.
آخر تلك الانتقادات الساخرة، من شومان، جاءت حول ما أطلقه السيسي، من تصريح مثير للجدل المحلي والعالمي، حين قال الأحد الماضي، إنه يمكنه هدم مصر بإعطاء 100 ألف شخص أو مليون شخص باكتة "بانجو" وشريط "ترامادول" و100 جنيه، للنزول للشارع لعدة أسابيع.

لا بجد وبحق وحقيقي لازم حد ياخد منه الحديدة والمصحف كده غلط انفضحنا قدام الاجانب دول بدأوا يترجموا كلامه بالذكاء الاصطناعي وعاملين علينا ليله سودة pic.twitter.com/SsRSh6H9Ds — hanan shouman (@hananshouman) October 2, 2023
"انتقادات سابقة"
وكان الفنان محمد صبحي قد دعا السيسي، في أيار/ مايو الماضي لعدم الترشح وإفساح الطريق لآخرين، وفي مقطع فيديو أثار جدلا قال: "أريد أن أقول للرئيس (السيسي) تأكد من حب الناس لك، وإذا كنت متأكدا من ذلك أرجوك اسمح لمن هو أحسن منك بالتقدم للانتخابات".

رسالة هامة جدا ومفاجئة من الفنان محمد صبحي وأرجو ألا يتم القبض عليه
وأرجو من العقلاء داخل مصر التوقف عن الكبر والعناد وادراك التفاعلات التي تحدث في الشارع المصري ولن تزيدها القسوة الأمنية إلا ازديادا#محمد_صبحي_خط_احمر #محمد_صبحي #صبحي pic.twitter.com/C6F9omUAJH — حسين (@husseinanam1) May 18, 2023
وفي تشرين الأول/ أكتوبر  2017، وقبل الانتخابات الرئاسية لعام 2018، انتقد الممثل أحمد السعدني نجل الفنان الراحل صلاح السعدني حملة "عشان نبنيها" لدعم ترشح السيسي لولاية رئاسية ثانية، معلنا رفضه ما أسماه بالتطبيل مذكرا إياه السيسي بجملة "اخترناه وبايعناه" الشهيرة في عهد حسني مبارك.



"أصوات مكتومة"
وفي أحاديث خاصة سابقة، بين مراسل "عربي21"، و3 من الفنانين المصريين أحدهم ذو توجه ناصري وكان أحد نجوم الصف الأول، وأجمع ثلاثتهم على الرفض الكامل لسياسات السيسي، وعلى رفضهم ترشحه لولاية جديدة، بل ورفضهم للحكم العسكري، والرغبة في أن يقود البلاد شخص مدني.

وفي حديث سابق، لم يتم نشره، ذكر  الفنان المعارض من الخارج هشام عبدالله، لمراسل "عربي21"، أسماء بعينها من الفنانين ترفض جرائم السيسي، وتنتقده في أحاديثها الخاصة ولا تعلن ذلك لحاجتهم للعمل، ولظروفهم الصحية، وبينهم ممثلين شاركوا في ثورة 25 يناير 2011.


وتعرضت الممثلة منة شلبي، عند عودتها من زيارة إلى أمريكا للتوقيف بمطار القاهرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، لإحرازها مخدر "الحشيش" بقصد التعاطي، في قضية قيل إنها قرصة أذن من النظام بعد لقاء شلبي، بالممثل المعارض خالد أبوالنجا بأمريكا، ليتم غلق الملف في كانون الثاني/ يناير، بالحكم على الممثلة بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ.

وأدت الضغوط الأمنية والملاحقات القضائية من قبل نظام السيسي، للمعارضين المصريين إلى هروب عشرات الفنانين للخارج، بينهم عمرو واكد، وخالد أبوالنجا، وهشام عبدالله، ومحمد شومان، وجيهان فاضل، وغيرهم، فيما يشكو ممثلون من التهميش وسيطرة الشللية ومنح المقربين من النظام الأدوار بالأعمال الفنية.

"مواقف حرة"
وحول دلالات إعلان فنانين مصريين رفضهم للسيسي، واحتمالات أن تتسع دائرة الرفض في الوسط الفني، قال الناشط كريم الشاعر: "حينما تلقيت خبر عمل توكيل الفنانة تيسير فهمي لم تكن مفاجئة بالنسبة لي".

الشاعر، أضاف لـ"عربي21": "فليس جديدا علينا مشاركة الفنانين في العملية السياسية، وليس جديدا على الفنانة تيسير فهمي مواقفها الحرة فهي منذ العهد البائد (حكم حسني مبارك) لها مواقف سياسية يشهد لها الجميع بالنزاهة والمصداقية".

الشاعر الذي تعرض هو والناشطتين رانيا الشيخ، وعزة فريد، للضرب 26 أيلول/ سبتمبر الماضي، من قبل بلطجية بمكتب الشهر العقاري بمنطقة روض الفرج بالقاهرة، لمنعهم من تحرير توكيلات للطنطاوي، أكد أن "مشاركة الفنانين هامة بالنسبة لنا لأن الفن هو الذي يشكل وجدان الشعوب".

"ابنة يناير"
من جانبه أشاد منسق حملة الطنطاوي الانتخابية الناشط والصحفي سيد صابر، بخطوة تيسير فهمي، وظهور حالات رفض للسيسي، من قبل فنانين ودعم بعضهم للطنطاوي، رغم تأييد أغلب الفنانين للسيسي، قائلا: "قولا واحدا، تيسير فهمي ابنة ثورة 25 يناير 2011، وابنة شعاراتها (العيش والحرية والعدالة الاجتماعية)".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف إن "الموضوع لا يخص الفنانين فقط، بل إن قطاعات واسعة من الشعب تئن وترزح تحت الفقر بفعل قرارات وقوانين الرئيس السيسي، بينهم فنانين وأطباء ومهندسين وعمال وفلاحين، فقراء ومهمشين فالكل يعاني والكل يطلب التغيير إلا فئة المستفيدين".

وأكد أن "قرارات الرئيس، قسمت المجتمع وساهمت في خلق هوة واسعة بين فئاته، حتى أولئك الذين يتم حشدهم والتلويح بعصى الفصل من العمل وجزرة معاش تكافل وكرامة معظمهم بكوا، وقالوا: (عند الستارة والصندوق سيكون لهم رأي آخر)".

"تكتم وخوف"
من جانبه قال المنتج السينمائي والروائي محمد يوسف، في حديثه لـ"عربي21"، إن "الفنانة تيسير فهمي مواطنة مصرية مهتمة بالشأن العام، ومن حقها تأييد من تراه يصلح لحكم مصر".

وعن دور الفنان المصري في مثل هذه الظروف، يرى يوسف، أنه "دور محفوف بمخاطر كبيرة، لأنه لو عارض سيبقى في بيته بدون عمل، ولو دعم النظام الحالي سيتعرض لانتقادات من أبناء الشعب المعارضين للسيسي".

وأوضح أنه "لذلك لا أستطيع أن أبدي برأي به تعميم لدور الفنان، وعلى كل فنان أن يختار الدور الذي يراه مناسبا له".

وعن توقعه لاحتمالات اتساع دائرة الرفض للسيسي، في محيط الفنانين، يعتقد أن "الدائرة واسعة بما يكفي، رغم تكتم الكثيرين منهم على أرائهم خوفا من البطش بهم".

"شجاعة الانحياز"
الكاتب الصحفي و"مدير المرصد العربي لحرية الإعلام" قطب العربي، وفي رؤيته قال إن "الفنانين جزء من الشعب المصري، وينتمون إلى تياراته المختلفة، وقد شهدنا حضورا كثيفا لبعضهم في ثورة 25 يناير وحضورا كثيفا داعما لمبارك أيضا".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن "غالبيتهم تعاونت في الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، والذي حرص على استقبالهم في أول أسبوع له في القصر الرئاسي".


ولفت العربي، إلى أنه "في هذه الانتخابات هناك بعض الفنانين امتلكوا شجاعة الانحياز لبعض المرشحين المعارضين أو نقد السيسي، وإن كانت الغالبية منهم حتى الآن منحازة للحاكم الحالي".

ويرى أن "الذين امتلكوا شجاعة الانحياز لمرشح معارض ضحوا بمصالحهم الشخصية، فهم يعرفون أن هذا الموقف سيكلفهم الكثير، ولن يتم الاستعانة بهم في أية أعمال فنية خاصة وأن (الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية)، تهيمن على مجال الدراما، ولا تستعين إلا بالداعمين للنظام فقط".

ويعتقد الكاتب المصري أن "إعلان بعض الفنانين موقفهم الناقد هو موقف شجاع يستحق التحية، وهو تأكيد على اتساع دائرة المعارضة للنظام بحيث طالت هذه النخبة الفنية التي كانت في طليعة المطالبين للسيسي، بالتحرك ضد الرئيس مرسي في 2013".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصريين السيسي أحمد الطنطاوي مصر السيسي الانتخابات المصرية أحمد الطنطاوي سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة ترشح السیسی حسنی مبارک محمد صبحی

إقرأ أيضاً:

بعد موجة من العنف.. تداعيات سلبية على السوريين في تركيا والشمال السوري

أثرت التوترات التي شهدتها بعض المدن التركية والشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، التي أشعلت فتيلها حادثة الاعتداءات على منازل وممتلكات اللاجئين السوريين في ولاية قيصري التركية، بشكل سلبي على حياة السوريين على الجانبين.

ففي الشمال السوري، ارتفعت أسعار معظم السلع وخاصة التي تدخل المنطقة من المعابر الحدودية مع تركيا، مثل السكر والزيوت وغيرها من المواد الغذائية، جراء إغلاق المعابر أمام الشاحنات التجارية.

وتعتمد المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة على استيراد غالبية المواد من تركيا، كما يؤكد المنسق الإغاثي والطبي في الشمال السوري مأمون سيد عيسى لـ"عربي21"، مشيراً إلى افتقاد المنطقة لبنية اقتصادية محلية، مرجعا ذلك إلى أسباب عديدة أهمها عدم الاعتراف الدولي بالحكومات الحالية (الحكومة المؤقتة، حكومة الإنقاذ) حيث لا تعترف دول العالم إلا بحكومات الدول أعضاء الأمم المتحدة.

ولفت إلى ضعف القطاع الزراعي في الشمال السوري وضعف الحوكمة والتنمية في المنطقة، وقال: "المنطقة تعتمد بشكل شبه كلي على الاستيراد من تركيا أو عن طريق تركيا (ترانزيت) من دول العالم، وإغلاق المعابر مع تركيا لأسباب أمنية أو سياسية يخنق المنطقة، ومن الطبيعي أن يسبب ذلك ارتفاع الأسعار في شمال وشمال غرب سوريا".

بجانب ذلك، تعطلت أعمال مكاتب الحوالات المالية بشكل جزئي في الشمال السوري، نتيجة توقف شبكة الإنترنت، وزاد الطلب على المواد الغذائية والمحروقات، بسبب القلق والخوف من الأهالي من امتداد تداعيات الحوادث الأخيرة.

ويشير الكاتب والباحث السياسي عبد الكريم العمر، إلى جملة أسباب أدت إلى العنف والاحتجاجات في الشمال السوري، منها التصريحات التركية الأخيرة بخصوص التطبيع مع النظام السوري، وافتتاح معبر "أبو الزندين" الذي يصل مناطق المعارضة بالنظام السوري، وجاءت الاعتداءات على اللاجئين في ولاية قيصري، تتويجاً لكل هذه الأسباب.

ويقول لـ"عربي21": إن "كل ما جرى لا بد وأن يدفع بتركيا إلى إعادة حساباتها مع المعارضة السورية، أي عدم استثمارهم ورقة سياسية للضغط على أطراف خارجية مثل الاتحاد الأوروبي".

ودعا العمر، تركيا إلى مراعاة حسابات السكان في الشمال السوري، مختتما: "لا نعرف حتى الآن ما هي الآثار التي ستتركها هذه الفترة إيجابا أو سلبا".


قلق سوري في أوساط اللاجئين
في الجانب التركي، خلفت الاعتداءات "العنصرية" على ممتلكات اللاجئين في ولاية قيصري، وولايات تركية أخرى، حالة من الخوف والتوتر لدى كل أوساط اللاجئين.

وتجلى ذلك، في إغلاق غالبية اللاجئين محالهم وتوقف أعمالهم منذ الأحداث الأخيرة، كما هو الحال في ولايتي غازي عنتاب وكيليس.

ورصد مراسل "عربي21" على وسائل التواصل الاجتماعي زيادة في عروض بيع المحال التجارية والمطاعم المملوكة للسوريين في الولايات الجنوبية التركية.

ويعبر سوري يمتلك محل بقالة في ولاية كيليس في حديثه لـ"عربي21" عن تخوفه البالغ من تعرض محله لاعتداءات، ويقول: "رغم الهدوء الآن، إلا إن التهديدات قائمة، لأن أي حادثة جديدة ممكن أن تشعل العنصرية من جديد".

ويؤكد مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن "من المستحيل مواصلة العمل في بيئة "خطرة" إلى هذه الدرجة"، مستدركاً: "لكن إن سألتني عن الخيارات، لا إجابة عندي".


من يتحمل مسؤولية ما جرى؟
الكاتبة الصحفية عائشة صبري، تحمل الحكومة التركية مسؤولية الاعتداءات الأخيرة على اللاجئين السوريين في تركيا، وتقول لـ"عربي21": "لم تقم الحكومة بردع العنصريين عن انتهاكاتهم ضد اللاجئين السوريين، وهذه الحوادث متكررة منذ سنوات لكنها بدأت تزداد مؤخراً".

وفي الدرجة الثانية، وفق صبري، تقع المسؤولية على منظمات المجتمع المدني التركية والسورية، حيث يقع على عاتقها مهمة تفنيد الشائعات المنتشرة في المجتمع التركي تجاه السوريين، فالمواقف العنصرية في ازدياد، وهناك هوة كبيرة بين المجتمع الضيف التركي واللاجئين.

وترى أنه "حتى يتم ردم هذه الهوة يجب على جميع الأطراف العمل على تفنيد الشائعات ونشر الحقائق"، مضيف: " عندما يدحض الإعلام التركي يدحض الشائعات من جهة، ويتحدث عن حقيقة الأوضاع في سوريا من جهة ثانية، سيُغيّر الأتراك من نظرتهم للسوريين على أنَّهم عالة على المجتمع التركي، لا بد من تسليط الضوء على ما يعيشه الشعب السوري عبر الإعلام التركي، وأنَّ السوريين صمدوا أمام آلة القتل والحصار الجائر لسنوات، ولم يكن خيار اللجوء في تركيا عن رغبة منهم".

كذلك لا بد، من وجهة نظر صبري، توضيح أن سوريا ليست بلداً آمناً للعودة وأن السوريين يعملون بعرق جبينهم والمساعدات إن تلقوها فهي أممية وأوروبية لا غير.

أما الكاتب والمحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو، يقول لـ"عربي21" إن جهود الحكومة التركية حاليا تتركز على إنهاء الأزمة، وبتر بذور الفتنة، وقطع الطريق على التحريض على اللاجئين السوريين والضيوف العرب.


وأضاف أن أطرافا تركية تسعى إلى استثمار ما جرى، لتحقيق أغراض سياسية، مثل دعوة حزب معارض إلى انتخابات مبكرة، مؤكداً أنه: "بالتالي لن تكون هذه الأحداث الأخيرة، في ظل وجود جهات تخطط، وشرائح تقع فيها".

ولفت كاتب أوغلو، إلى الاعتقالات التي تشنها تركيا للمتورطين، مؤكداً اعتقال أكثر من 500 تركي ثبت تورطهم في التحريض على السوريين في الحوادث الأخيرة، وقال: " نحن أما سياسية تحريض العنصري وتأثيرات خارجية تريد إشغال تركيا بالأزمات الداخلية".

وبحسب المحلل السياسي التركي، فإن هناك مسؤولية مشتركة على الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني وراء ما جرى، موضحاً: "لا بد من عدم الانصياع للأخبار الزائفة، وعدم الترويج لها، ولا بد من عقوبات قاسية لكل من يخالف القانون".

ويعيش في تركيا أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري، وتعاني غالبيتهم من تصاعد الخطاب العنصري ضدهم، وموجة الكراهية.

مقالات مشابهة

  • لم نعد نشعر بالأمان.. سوريون في تركيا خائفون من تداعيات تسريب بياناتهم
  • تأييد الحكم على “بيدوفيل الجديدة” بـ 20 سنة سجنا
  • ماذا وراء الخطوة الأجرأ للسيسي في وزارة الدفاع؟
  • خبير: 900 ضابط داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي يرفضون العودة إلى الحرب في غزة
  • السجونُ الإسرائيلية لا تتسعُ ومسلسلُ التعذيب لا ينقطعُ
  • بعد موجة من العنف.. تداعيات سلبية على السوريين في تركيا والشمال السوري
  • تيسير مطر: على الحكومة الاستماع إلى مطالب الشعب وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني
  • فنانون يشاركون في مهرجان العلمين للمرة الأولى.. بينهم كاظم الساهر
  • صبا مبارك تكشف حقيقة وجود جزء جديد من مسلسل «حكايات بنات»
  • رقعة المواجهات في شبوة تتسع واستنفار قبلي لطرد المرتزقة