نهاية مرجعية المبادرة العربية للتطبيع مع إسرائيل؟

ليس واضحاً إذا كانت إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية شرطا أساسيا ومسبقا لتطبيع السعودية مع إسرائيل؟

تكثفت مؤخراً خطوات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية خاصة السعودية، على خلفية اتفاقات أبراهام بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.

رغم سعي حكومات عربية والسلطة الفلسطينية وتبني إدارة بايدن توسيع التطبيع العربي مع إسرائيل خاصة بين إسرائيل والسعودية، درة تاج التطبيع، إلا أن التطبيع لم ينجح بإنهاء السلام البارد شعبياً.

هل انتهت مرجعية المبادرة العربية للسلام التي كانت مبادرة سعودية، ويشترط العرب انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وقيام دولة فلسطينية كشرط لتطبيع العرب وخاصة السعودية مع إسرائيل؟!

* * *

تكثفت مؤخراً خطوات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية وخاصة مع المملكة العربية السعودية ـ على خلفية الاتفاق الإبراهيمي بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب بدعم وتأييد إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وفريقه وعلى رأسه جاريد كوشنر.

كل اتفاق كان مقابل مردود ومكاسب لكل طرف، لكن لم يحقق تهافت التطبيع، ويقرب الفلسطينيين من حلم دولتهم ولم يحسن حياتهم، بل زاد تطرف واعتداءات وقمع إسرائيل ومستوطنيها، وتطرف وتوحش ناخبيها، لينتخبوا حكومات أكثر تطرفاً، والتنكيل بالفلسطينيين واستشراء سرطان الاستيطان وتهميش السلطة الفلسطينية والقضاء على فرص حل الدولتين، وإحراج الراعي والحليف الأمريكي والنظام العربي والمطبعين العرب.

لهذا تفرمل التطبيع، خاصة بعد فشل اتفاقات أبراهام والتطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء والزيارات الرسمية والشعبية والسياحة والاستثمار، في تحقيق أي من الأهداف المرجوة.

إلى أن وصل إلى الحكم مطلع العام ائتلاف أقصى اليمين، والفاشية الدينية المتطرفة بقيادة نتنياهو وسعار الاستيطان بقيادة بن غفير وسموتريتش وزيري الأمن الداخلي والمالية والمسؤول عن الأمن الذي وضع خريطة إسرائيل الكبرى وطالب بمحو حوارة عن الوجود!!

برغم زيارات رؤساء وزراء كيان الاحتلال ووزراء إسرائيليين أبوظبي والمنامة ومسقط، إلا أنه لم يزر أي رئيس دولة عربية وخليجية كيان الاحتلال. وبرغم سعي بعض الحكومات العربية وحتى السلطة الفلسطينية للترويج للتطبيع بزيارات القدس والمسجد الأقصى، وتبني إدارة بايدن توسيع التطبيع العربي مع إسرائيل للاستمرار بنهج الرئيس ترامب، وخاصة بين إسرائيل والسعودية، درة التاج في التطبيع العربي مع إسرائيل، إلا أن التطبيع لم ينجح بإنهاء السلام البارد شعبياً.

سطرت عدة مقالات عن الحكومات الإسرائيلية والتطبيع العربي المجاني مع إسرائيل دون مردود وعن عقبات وصعوبات تقف بوجه التطبيع العربي، والسعودية خاصة مع إسرائيل. كتبت مقالاً في 11/9/2023 عن أهمية مردود التطبيع بين السعودية وإسرائيل بعنوان: "عقبات أمام صفقة التطبيع الكبرى بين السعودية وإسرائيل":

«تعلم السعودية أهمية المردود من التطبيع مع إسرائيل. وذلك بعد تدشين الرئيس بايدن خط الملاحة الجوي بين تل أبيب وجدة في زيارته الأولى للسعودية في يوليو 2022. ولكن بعد انتزاع أكبر تنازلات ممكنة للمضي قدماً في التطبيع وأهمه أن يكون هناك انجاز مقبول ومقنع يمكن تسويقه بتقديم إسرائيل تنازلات مجزية ومقنعة للفلسطينيين. وتوفير الأمن والحماية للسعودية، بصفقة كبرى».

وسطرت الأسبوع الماضي مقالاً: «السعودية تعزز دورها القيادي في الشرق الأوسط» عن مساعي التطبيع مع إسرائيل: «تكثفت التسريبات والتعليقات والتصريحات (مؤخراً بتأكيد) الرئيس الأمريكي جو بايدن ومستشار الأمن الوطني الأمريكي جيك سوليفان وحتى نتنياهو في أول اجتماع له مع الرئيس بايدن على هامش الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، «اقتراب إسرائيل التوصل لاتفاق سلام مع السعودية بقيادة الرئيس بايدن».

وكذلك تأكيد ولي العهد رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان في مقابلته مع شبكة فوكس نيوز (حظيت رسائله باهتمام وتغطية واسعة): «كل يوم نقترب أكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل». «وإذا تحقق ذلك سيكون أكبر اختراق منذ نهاية الحرب الباردة. ويوفر حياة كريمة للفلسطينيين وبما يرضي الفلسطينيين».

وذلك بدعم ومباركة إدارة بايدن لتحقيق اختراق تاريخي بين السعودية صاحبة «المبادرة العربية للقمة العربية في بيروت 2002». لكن دون ذلك تحديات كبيرة ومعقدة.

لكن لم يكن واضحاً إذا كانت إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية شرطا أساسيا ومسبقا للتطبيع مع إسرائيل؟ كما أن الناطقة باسم البيت الأبيض رفضت الأسبوع الماضي التعليق على إذا ما كان التطبيع مع السعودية يشترط قيام دولة فلسطينية؟ وأكدت: «ستتضمن اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والسعودية عناصر أساسية ومهمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين»!

شّكل تطبيع أربع دول عربية بشكل فردي مع إسرائيل عام 2020 خرقاً واضحاً لمبادرة سلام القمة العربية عام 2002 في بيروت بمخالفة الإجماع العربي حول:

«الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية والانسحاب من الضفة الغربية والجولان السوري المحتل ومزارع شبعا اللبنانية، مقابل التطبيع العربي الشامل».

وهو ما أكده وزير الخارجية السعودي الأسبوع الماضي في الأمم المتحدة، بأن أمن منطقة الشرق الأوسط يتطلب الإسراع بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يُبنى على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وعينت السعودية في أغسطس الماضي نايف بن بندر السديري السفير في الأردن ـ سفيراً مفوضاً فوق العادة في فلسطين وقنصلاً عاماً في القدس. وقدم أوراق اعتماده لرئيس السلطة الفلسطينية في أول زيارة له إلى رام الله وبصفته أول سفير سعودي لفلسطين الأسبوع الماضي، وهو ما تعارضه إسرائيل.

لكن السؤال الجوهري اليوم مع تسارع خطى التطبيع هل انتهت مرجعية المبادرة العربية للسلام التي كانت بالأساس مبادرة سعودية قدمها ولي العهد السعودي حينها الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في قمة بيروت العربية عام 2002 ـ عملياً ومرجعاً يشترط العرب انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وقيام دولة فلسطينية كشرط للتطبيع العربي الجماعي وخاصة السعودية مع إسرائيل؟

كيف؟ بوجود حكومة من عتاة اليمين المتطرف والصهيونية الدينية والفاشيين، أم الاكتفاء بالحصول على ضمانات بوقف الأعمال الأحادية وتوسعة الاستيطان والتنازل عن المناطق التي تحت السيطرة الإسرائيلية، وتقديم ضمانات بالالتزام بحل الدولتين كخطوات عملية بموافقة السلطة الفلسطينية وتمهيد الطريق لحل الدولتين؟

وماذا عن موقف اليمين الإسرائيلي الرافض لتقديم أي تنازلات للفلسطينيين؟ أم سيسحبون الثقة ويُسقطون حكومة نتنياهو ويعودون للتصعيد والمزيد من التطرف والمربع الأول؟ الأيام حبلى!

*د. عبد الله خليفة الشايجي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية أمريكا اسرائيل بن سلمان بايدن ترامب اتفاقات أبراهام التطبيع العربي مع إسرائيل السلطة الفلسطینیة التطبیع العربی الأسبوع الماضی القدس الشرقیة دولة فلسطینیة بین إسرائیل التطبیع بین التطبیع مع مع إسرائیل

إقرأ أيضاً:

مكتوم بن محمد: مبادرة «كوادر الإمارات العالمية» تمكن الشباب الإماراتي من التأثير الدولي

دبي (الاتحاد)
أعلنت وزارة المالية إطلاق مبادرة «كوادر الإمارات العالمية»، وهي مبادرة تهدف إلى توعية الكوادر المواطنة الإماراتية العاملة في الدولة والطلبة الإماراتيين في مختلف المؤسسات التعليمية الوطنية والدولية، للتعرف على المنظمات المالية الدولية، وتشجيعهم لاكتشاف فرص التدريب والإعارة والتعيين التي تقدمها هذه المنظمات.
وتأتي المبادرة في إطار العلاقات الاستراتيجية الراسخة التي تربط دولة الإمارات بالمنظمات المالية الدولية، كما تعكس حرص وزارة المالية على تحقيق أقصى استفادة، بما يدعم رؤية القيادة، ويعزز حضور دولة الإمارات على الساحة الدولية.
رؤية استراتيجية
أكد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، أن مبادرة «كوادر الإمارات العالمية»، تجسد الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات في تمكين الكفاءات الوطنية، وتعزيز قدراتها للمشاركة في صناعة القرارات العالمية.
 وقال سموه: إن هذه المبادرة ليست مجرد فرصة لتعزيز وعي الكوادر الوطنية فحسب، بل هي استثمار طويل الأمد في تمكين الإماراتيين من التأثير في المؤسسات المالية الدولية، وتقديم رؤى مبتكرة تعكس تفوق الدولة في مختلف المجالات المالية والاقتصادية.
وأضاف سموه: نحن في دولة الإمارات نؤمن بأن قوة الدولة تكمن في قوة أبنائها، وعبر هذه المبادرة نسعى إلى ترسيخ حضورنا في المنظمات المالية الدولية من خلال كوادرنا الوطنية المؤهلة، فالخبرات والمعارف التي يكتسبها المستفيدون من الفرص التي تقدمها المنظمات المالية الدولية تعزز من قدراتهم وترتقي بإسهاماتهم على المستويين الإقليمي والدولي، مما ينعكس على الاقتصاد الوطني، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
واختتم سموه بقوله: إننا ننظر إلى هذه المبادرة على أنها جسر مهم لتعزيز شراكاتنا مع المؤسسات المالية الدولية، مما يدعم مساعينا لإحداث تأثير إيجابي على مستوى السياسات الاقتصادية العالمية، ويسهم في ترسيخ دور دولة الإمارات مركزاً مالياً عالمياً يتمتع بالمصداقية والكفاءة.

أخبار ذات صلة «دبي لصناعات الطيران» تحصل على 282 مليون دولار إضافية من تسوية مطالبات «التمويل واللاشيء».. معرض فردي للصيني «تشينغلو ليو»

اكتساب المهارات 
من جانبه، قال معالي محمد بن هادي الحسيني، وزير دولة للشؤون المالية: تمثل مبادرة «كوادر الإمارات العالمية» نقلة نوعية في جهود الوزارة لبناء جيل من القيادات الوطنية المؤهلة للعمل المالي الدولي، مشيراً إلى أن المبادرة تعزز من السمعة المؤسسية للوزارة وترسخ مكانتها جهة رائدة في تحقيق توجهات الحكومة الاتحادية.
وأضاف معاليه: المبادرة تهدف إلى التوعية بالمنظمات المالية الدولية والفرص المتاحة لتدريب وتأهيل عالي المستوى لاكتساب المهارات والخبرات، والاطلاع على أفضل الممارسات العالمية، بما يسهم في صقل مهاراتهم وشغل المناصب القيادية في المؤسسات المالية الدولية.
شبكة علاقات دولية
تستهدف المبادرة رفع وعي الكوادر المواطنة من المشاركين في ورش العمل التوعوية والجلسات التفاعلية، وتمكينهم من بناء شبكة علاقات دولية تعزز من مسيرتهم المهنية، وتنعكس بشكل إيجابي على مختلف القطاعات الحيوية في دولة الإمارات، مما يعزز من مكانتها على الصعيد الدولي.
وسيتم تنفيذ المبادرة بالشراكة مع منظمات مالية دولية رائدة، حيث إن دولة الإمارات عضو في عدد من المنظمات المالية الدولية، مثل مجموعة البنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وبنك التنمية الجديد، وصندوق النقد العربي، وصندوق الأوبك للتنمية الدولية.

مقالات مشابهة

  • ترامب يتوقع انضمام السعودية لاتفاقيات التطبيع.. سيزورها قريبا
  • شروط الرئيس السوري للتطبيع مع إسرائيل
  • الشرع يرهن التطبيع مع إسرائيل بـالوقت المناسب
  • قائد أنصار الله يهاجم الصمت العربي الرسمي ويحذر من مخططات “إسرائيلية” لاستهداف الأقصى
  • تفاصيل السيطرة على الحرائق في إسرائيل
  • اجتماع تنفيذيّة منظمة التحرير نهاية عبّاس؟ .. الهبّاش: “نتنياهو يستخدم وجود حماس لمنع إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ
  • نصر عبده: الأمن العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري
  • مكتوم بن محمد: مبادرة «كوادر الإمارات العالمية» تمكن الشباب الإماراتي من التأثير الدولي
  • مكتوم بن محمد: تمكين الكفاءات للمشاركة في صناعة القرارات العالمية
  • المبادرة الوطنية الفلسطينية: إسرائيل لديها مشروع استيطاني احتلالي