مزارعون سوريون يلجؤون "مجبرين" للطاقة الشمسية
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
مزارعون في الحسكة السورية يستخدمون ألواح الطاقة الشمسية
تكتظ حقول محافظة الحسكة التي لطالما شكّلت السلة الغذائية لسوريا، بألواح الطاقة الشمسية التي وجد فيها المزارعون خياراً ناجعاً لريّ مزروعاتهم وإعادة إحياء أراضيهم، في مواجهة شحّ الوقود وموجات الجفاف.
في أرض تغطيها زهور القطن في قرية الحدادية في ريف الحسكة الشرقي، يقول عبدالله المحمّد (38 عاماً) لوكالة فرانس برس "أنقذت الطاقة الشمسية الزراعة والمزارعين من الزوال".
قبل ثلاث سنوات، وعلى وقع جفاف هدّد محاصيل القمح والقطن والشعير في منطقة تعتمد بغالبيتها على الزراعة البعلية وهطول الأمطار، نصب المحمّد العشرات من ألواح الطاقة الشمسية "بسبب انخفاض كلفتها وعدم توفر المازوت والكهرباء"، لتشغيل مضخات استخراج المياه الجوفية من أجل الريّ.
انقطاع الكهرباء يسرّع استخدام الطاقة الشمسية
اعتاد المزارعون ريّ أراضيهم عبر تشغيل مضخّات تستخدم الكهرباء أو مولدات تعتمد على المازوت المدعوم. لكن سنوات الحرب الطويلة وانقطاع التغذية بالتيار على وقع شحّ المحروقات ورفع الدعم عنه تدريجياً، دفع المزارعين الى التفتيش عن خيارات بديلة.
وعبر الطاقة التي توفّرها الألواح في منطقة تُعرف بشمسها الساطعة خلال فصلي الربيع والصيف، بات المحمّد قادراً على تشغيل مضخات سحب المياه لري حقول القطن.
في منطقة تُعرف بشمسها الساطعة خلال فصلي الربيع والصيف، باتت الطاقة التي توفّرها الألواح الشمسية الحل الأفضل للمزراعين - الصورة من قرية كللي في محافظة إدلب
ويروي كيف وفّر ذلك عليه تكبّد كلفة المحروقات التي بات سعرها باهظاً إن توفّرت، في حين بالكاد تلامس ساعات التغذية بالتيار عتبة الأربع ساعات يومياً.
مختارات ألواح الطاقة الشمسية المثبتة بالشرفات: هل هي ذات جدوى؟ لديه إمكانيات هائلة - كيف سيساهم الشرق الأوسط في ثورة الهيدروجين؟يعمل الاتحاد الأوروبي على وضع لمساته الأخيرة لقواعد سوق الهيدروجين في التكتل، فيما تتحرك دول أسيوية للبدء في عمليات التسليم. أما الولايات المتحدة فقد خصصت الأموال لإنشاء سلاسل توريد خاصة بهذه الصناعة.
تحت "شمس المغرب" ـ مشاريع طموحة تتوهج رغم التحديات!حقق المغرب نتائج مبهرة بمونديال قطر، لكنه يحقق أيضا نتائج كبيرة في مشاريع الطاقة المتجددة. فلديه أكبر مزرعة للطاقة الشمسية المركزة بالعالم وواحدة من أكبر مزارع الرياح. DW تلقي نظرة على كيفية وصوله لهذه المكانة المتقدمة.
هل شارفت المياه الجوفية في الشرق الأوسط على النفاد؟على وقع تعرض بلدان الشرق الأوسط للجفاف وضعف منسوب الأنهار وقلة الأمطار، تزايدت أهمية المياه الجوفية وتوسع الاعتماد عليها. لكن مع تفاقم ظاهرة تغير المناخ، هل يشكل ذلك خطرا على هذه الثروة؟
بين عامي 2011 و2021، تراجعت قدرة السلطات على تأمين التيار الكهربائي في سوريا بنسبة 57 في المئة، وفق تقرير للأمم المتحدة. ودفع ذلك سوريين في مختلف المناطق إلى الاعتماد، مجبرين، على الطاقة الشمسية، لا بوصفها خياراً صديقاً للبيئة.
ويفاقم التغيّر المناخي الذي تعد سوريا من بين الدول الأكثر تأثراً به، الوضع سوءاً مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الأمطار، ما انعكس تراجعاً في مستوى المياه الجوفية.
ويوضح المحمّد "كانت المياه تخرج من عمق ثلاثين متراً، لكنها تراجعت إلى عمق ستين متراً"، الأمر الذي جعل ري المحاصيل أكثر صعوبة. أما اليوم، ومع الطاقة الشمسية، "نحاول إحياء أرضنا من جديد" بعد سنوات اضطر فيها إلى تقليص المساحات المزروعة في حقول القطن والقمح والشعير التي يملكها.
ونتيجة عوامل عدّة مرتبطة بالتغيّر المناخي، من المحتمل أن تتعرض مناطق شمال شرق سوريا على المدى الطويل للجفاف مرة كل ثلاث سنوات، وأن ينخفض هطول الأمطار بنسبة 11 في المئة خلال العقود الثلاثة المقبلة، وفق تقرير نشرته منظمة أي أم أم إيه بي (IMMAP) الدولية المتخصصة عام 2022.
حل جيد لكنه ليس مثالياً
وعلى بعد عشرة كيلومترات من قرية الحدادية، يقول حميد العودة (60 عاماً) الذي يعتمد على 272 لوحا لتوليد الطاقة الشمسية، "تضرّرت محاصيل المزارعين الذين لا يعتمدون على الطاقة الشمسية، ويبست مزروعاتهم". ويوضح أن "بعضهم بات اليوم يبيع المولدات لشراء الألواح".
جراء اعتماده على الطاقة الشمسية، تمكّن العودة من زرع أربعين دونماً من القطن، ويأمل أن يتمكّن من زراعة حقول شاسعة بالقمح والشعير خلال فصل الشتاء.
مشهد من مدينة بنش السورية حيث تستخدم الطاقة الشمسية بكثرة
وتكاد ألواح الطاقة الشمسية تحجب الرؤية عن أسطح المنازل وفي المزارع وحتى أمام المحال التجارية في محافظة الحسكة، أبرز مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا.
في حقل واسع في ريف الحسكة، يشرح محمّد علي الحسين (22 عاماً) الذي يحاول أن يحافظ على أرض ورثها عن والده، "في السابق، كنا ننتظر ثلاثة أيام أو أكثر للحصول على المحروقات، فتعطش الأراضي". ويضيف "بتنا اليوم نسقي الأراضي منذ شروق الشمس حتى غروبها بالاعتماد على ألواح الطاقة".
إلا أن لارتفاع الطلب خلال السنوات القليلة الماضية على ألواح الطاقة الشمسية، تداعيات بيئية لا تؤخذ في الحسبان، وفق ما يوضح ديار حسن من شركة "ونلان" لبيع ألواح الطاقة الشمسية.
ويقول حسن لفرانس برس "الطاقة الشمسية متجددة وصديقة للبيئة (...) لكن عمر الألواح المستخدمة هنا قصير، ثمّة إقبال عليها لأن كلفتها منخفضة". وحين تهترئ، ستجد المنطقة نفسها أمام ألواح "غير قابلة للاستخدام، وتعد نفايات مضرّة للبيئة خصوصاً مع غياب معامل تدوير".
رغم ذلك، يتوقّع حسن الاعتماد على الطاقة الشمسية لسنوات عديدة مقبلة "لا لأنها طاقة متجددة (...) بل لأن السكان يحتاجون الى الكهرباء ولم يعد هناك من بديل عنها".
إ.ع/ أ.ح ( أ ف ب)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الطاقة الشمسية الطاقة المتجددة الزراعة في سوريا سوريا أخبار سوريا الحسكة انقطاع الكهرباء في سوريا بيئة أخبار الطاقة الشمسية الطاقة المتجددة الزراعة في سوريا سوريا أخبار سوريا الحسكة انقطاع الكهرباء في سوريا بيئة أخبار ألواح الطاقة الشمسیة على الطاقة الشمسیة المیاه الجوفیة
إقرأ أيضاً:
توجه عالمي وريادة سعودية.. "اليوم" تفتح ملف الطاقة النظيفة في المملكة
تغير مناخي وفناء لمصادر الطاقة غير المتجددة وصراعات على الموارد المحدودة، أمر واقع يستوجب العمل على الاستثمار في الطاقة النظيفة، وهو ما وضعته المملكة ضمن رؤيتها بعيدة المدى لتصبح مؤهلة لتكون واحة الطاقة النظيفة في العالم.
ومع دخول عصر الطاقة النظيفة والمتجددة، فإن الآمال تتزايد في مستقبل أكثر إشراقًا، هذا الذي استثمرت فيه المملكة بقوة، لتؤسس لها أرضًا صلبة في عالم الاستدامة وتقود العالم نحو أرض خضراء بجهود جبارة ورؤية مستقبلية طموحة
أخبار متعلقة حفظ النعمة ومنع الضوضاء.. أبرز اشتراطات قاعات المناسبات والمعارضخلال أسبوع.. ضبط 22 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدودوتسلط صحيفة "اليوم" الضوء على الطاقة النظيفة في المملكة، في ملف متكامل نرصد من خلاله ما فعلته وما تفعله المملكة في عالم الطاقة المتجددة.صفر انبعاثات.. رؤية المملكةتستفيد المملكة من موقعها الجغرافي والمناخي المتميز لتسرع من خطاها نحو الطاقة المتجددة مدفوعة برؤية قيادة حكيمة عملت على تنويع مصادر الطاقة والتي ترتبط بمنافع اقتصادية وبيئية كبيرة تعود على الوطن والمواطنين.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تستفيد المملكة من موقعها الجغرافي والمناخي المتميز لتسرع من خطاها نحو الطاقة المتجددة
ويعد البرنامج الوطني للطاقة المتجددة مثالًا على مبادرة استراتيجية تحت مبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المتجددة ورؤية المملكة 2030، لزيادة حصة المملكة في إنتاج الطاقة المتجددة إلى الحد الأمثل، وتحقيق التوازن في مزيج مصادر الطاقة المحلية والوفاء بالتزامات المملكة تجاه تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وغير ذلك عشرات من الأمثلة التي تظهر سرعة التحول الأخضر للسعودية، ومنها تعهد المملكة في عام 2021 بالوصول إلى الحياد الصفري في الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2060 ، وزيادة معدل مساهمة الطاقة المتجددة في قطاع الطاقة إلى 50 % بحلول عام 2030 ، مستهدفة تطوير 58.7 جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلـول عام 2030 بترسية نسبة 30 % من المشروع.استثمار في المستقبلتشمل الطاقة المتجددة إنشاء صناعة جديدة لتكنولوجيا الطاقة المتجددة ودعم بناء هذا القطاع الواعد من خلال تسخير استثمارات القطاع الخاص وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وفي حين حققت المملكة السعر الأكثر تنافسية على مستوى العالم في توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية وبتكلفة إنتاج تُعد رقمًا قياسيًا عالميًا، فإنها بمزيد من المشاريع تهدف نحو تسريع الخطى في عالم الطاقة النظيفة.
وما بين مشروع الملك سلمان للطاقة في الشرقية ومشروع وادي الدواسر للطاقة الشمسية في الجنوب ومشروع جدة للطاقة الشمسية في الغرب ومشاريع العاصمة الرياض ودومة الجندل في الشمال، تتوزع مشاريع الطاقة الشمسية في كل ربوع المملكة، شاهدة على عزم سعودي للتحول إلى الطاقة النظيفة، ومنبئة بمستقبل يشرق بشعار الرؤية.