الخليج الجديد:
2024-07-07@03:13:38 GMT

السوق الأمريكي.. كي يكون حرًا

تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT

السوق الأمريكي.. كي يكون حرًا

السوق الأمريكي.. كي يكون حراً

استعادة السوق الحرة سيتطلب إزالة كافة المعوقات التي قد تبدو عملية التخلص منها من جنس ما يسمى العلاج بالصدمة!

نفس أفراد القلة الذين يسيطرون على كل شيء في الاقتصاد، يسيطرون أيضاً على وسائل الإعلام الكبرى السائدة؛ فتبحث عن ملكيتها وتجد نفس الملاك.

أمريكا اليوم غير تلك التي عرفها العالم قبل الأزمة المالية العالمية في 2008.

فلم تعد أسطورة ازدهارها بسبب السوق الحرة المفتوحة والحلم الأمريكي، كما في السابق.

كيف يمكن للسوق الأمريكي أن يكون حراً أو يستعيد حريته الرأسمالية، كما يصفها «البيان الرأسمالي الأول» (ثروة الأمم لآدم سميث)، والمادة 5 من الدستور الأمريكي.

حدث التراجع على مراحل: العودة للنقود الورقية بعد فك ارتباط الدولار بالذهب في 1971 ما أدى لركود الأجور الحقيقية للأمريكيين وهجرة الصناعة للخارج وبعثرة الشركات الصغرى بيد الشركات الكبرى.

* * *

إلى جانب تداخل ملكيات بضع من الشركات الكبرى ذات الرسملة التريليونية، وتبادل التمثيل في مجالس إداراتها، هناك «بقع» عديدة أخرى داكنة، عالقة في ثوب سردية «حرية وانفتاح السوق الأمريكية».

منها مثلا، تمتع حفنة من كبار المتداولين في بورصات الأسهم بامتياز حرية وسهولة الوصول الى المعلومات التي تساعدهم على بناء قراراتهم الاستثمارية (شراءً أو بيعاً)، أو كما سماها جوزيف ستغلتز في كتابه «السقوط الحر.. الأسواق الحرة وغرق الاقتصاد العالمي»، بالمعلومات غير المتناظرة أو غير المتماثلة.

وهناك «صنّاع السوق» المعروفون بوتيرة إقبالهم العالية على التداول من دون أن تكون موضع تساؤل من قبل الجهات المنظمة، الى جانب التداول الذي يتم بعد ساعات العمل المعتمدة. ثم إن بنك الاحتياطي الفيدرالي مملوك في العمق للقطاع الخاص متمثلاً في قلة تعمل من وراء حجاب.

ومن الواضح أن نفس أفراد المجموعة (القلة) الذين يسيطرون على كل شيء في الاقتصاد، يسيطرون أيضاً على وسائل الإعلام الكبرى السائدة؛ فتبحث عن ملكيتها وتجد نفس الملاك. تماما ًكما لا يتصور المتابع أن شركات غير متجانسة النشاط، مرتبطة ببعضها البعض.

لكن هذا يحدث، وذلك برسم مصفوفة حيازات الملكية في الشركات التالية: فايزر وكوكاكولا ووالت ديزني وجنرال موتورز و«إتش بي» ومجموعة سيتي ونورثروب وغرومّن وتارغت وآنثم! وهذا ينطبق على كبريات الشركات الدوائية والغذائية، وكبريات شركات الترفيه، وشركات إنتاج السيارات، وشركات إنتاج أجهزة الحاسوب، والبنوك، والشركات الكبرى التي تنتظم المجمع الصناعي العسكري، وشركات المخازن والتجزئة الكبرى، وشركات التأمين الكبرى. وهذا ليس سوى الجزء الصغير «الناتئ» والظاهر من التشبيك الحاصل في تبادل مراكز الملكية.

تبدو أمريكا اليوم غير تلك التي عرفها العالم قبل الأزمة المالية العالمية (2008). فلم تعد أسطورة ازدهارها بسبب سوقها الحرة والمفتوحة وحلمها الأمريكي، كما في السابق.

كثير من مناطق مدن أمريكا الداخلية باتت تنتمي الى «العالم الثالث» بسبب تنامي الفقر ومناظر المشردين والبؤس. كما أن الوضع في المدن الكبرى يبدو قاتماً بعض الشيء بسبب مشاكل ارتفاع تكاليف المعيشة والجريمة والتشرد.

حدث ذلك على مراحل متتابعة: العودة للنقود الورقية بعد فك ارتباط الدولار بالذهب في 1971 ما أدى إلى ركود الأجور الحقيقية لمعظم الأمريكيين وانتقال الصناعة إلى الخارج وتهميش وبعثرة الشركات الصغيرة على أيدي الشركات الكبرى مثل «وولمارت» و«أمازون»، واستبدال القطاعات الإنتاجية بقطاعات نهمة، وتحديداً المصارف وشركات وصناديق الاستثمار الضخمة، وقطاعات المضاربات الكبرى (العقارات وسوق الأوراق المالية).

السؤال الآن، كيف يمكن للسوق الأمريكي أن يكون حراً، أو بالأحرى كيف له أن يستعيد حريته الرأسمالية، كما هي موصوفة في «البيان الرأسمالي الأول» (ثروة الأمم لآدم سميث)، والمادة الخامسة من الدستور الأمريكي التي نصت على وجوب وجود اقتصاد موجه الى جانب الاقتصاد الحر (اقتصاد مختلط، كما ذهبت رغبة واضعي الدستور)؟

من الواضح أن الأمر سوف يتطلب إزالة كافة المعوقات سالفة الذكر، التي قد تبدو عملية التخلص منها من جنس ما يسمى العلاج بالصدمة Shock therapy؛ بما يشمل ذلك إنشاء بنك مركزي تابع للدولة بدلاً من الاحتياطي الفيدرالي الذي يتصرف على نحو خاص أكثر منه عام، واستعادة الآلية السليمة لطباعة النقود القائمة على الأساسيات الاقتصادية ومنها الالتزام بوظائف النقد الحقيقية وبمعايير العرض النقدي، وتمكين السوق من العثور على الأسعار الحقيقية، والتخلص من جميع مجالس إدارات الشركات المتشابكة، ووضع حد لآليات العمل التزويرية لسوق الأوراق المالية، وإيقاف الباب الدوار بين الحكومة والشركات.

بعد هذا سوف تتضح الصورة الحقيقية وليست الاحتيالية لأسطورة «الازدهار المبني على السوق الحرة»، وسيظهر الواقع الحقيقي لكثير من المدن الأمريكية الداخلية، الزاخرة بمشاهد الفقر والبؤس وتهالك بناها التحتية فضلاً عن تفاقم الأوضاع المعيشية في المدن الكبرى، ليس ارتفاع تكاليف المعيشة والجريمة والتشرد، سوى عينة منها.

لكن هذا لن يحدث على الأرجح، لأن السلطات الأمريكية الحاكمة (التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلامية) متضامنة في رفضها لأي دور مناسب للحكومة، ولأي إصلاحات بنيوية رئيسية كما فعل الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بحزمة إصلاحاته المسماة «الصفقة الجديدة» (New Deal) التي نُفذت على مدار الفترة من 1933 الى 1939 لمعالجة صدمة الكساد الكبير.

*د. محمد الصياد كاتب في العلاقات الاقتصادية الدولية

المصدر | الخليج

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: امريكا المعوقات السوق الأمريكي بنك مركزي السوق الحرة الشركات الكبرى الشرکات الکبرى

إقرأ أيضاً:

وزير الري يؤكد أهمية دور هيئة المساحة في المشروعات القومية الكبرى

أكد وزير الموارد المائية والري الدكتور هاني سويلم، أهمية دور هيئة المساحة للمساهمة في المشروعات القومية الكبرى، عن طريق أعمال الرفع المساحي اللازمة لهذه المشروعات، مثل مشروع تنمية جنوب الوادي، ومشروع المسار الناقل لمياه الصرف الزراعي لمحطة الدلتا الجديدة، ومشروع قناة السويس الجديدة، والمدن الجديدة (العاصمة الإدارية - مدينة العلمين الجديدة - مدينة سفنكس)، ومشروع إنشاء محطة إنتاج الكهرباء من الرياح بالزعفرانة، ومحطة الطاقة النووية لتوليد الكهرباء بالضبعة.

كان وزير الموارد المائية والري قد تلقى تقريرا من رئيس الهيئة المصرية العامة للمساحة المهندس خالد أمين، يستعرض أهم أعمال وأنشطة الهيئة.

وقال الدكتور سويلم إن هيئة المساحة أنشأت مؤخرا الثوابت الأفقية والرأسية لمسار القطار السريع من العين السخنة إلى مطروح، وتم التنسيق لبدء إنشاء الثوابت الأفقية والرأسية لمسار القطار السريع من أكتوبر إلى أبوسمبل، وهو ما يشير إلى أهمية استمرار التنسيق بين هيئة المساحة وكافة الوزارات والمحافظات والهيئات المعنية، بما يحقق سرعة تنفيذ المشروعات القومية.

وأضاف أن هيئة المساحة تنفذ أعمال حصر الممتلكات بكل دقة لتحديد التعويضات العادلة للمواطنين والمؤسسات - في حال الاضطرار لنزع الملكيات لتنفيذ مشروعات النفع العام - وذلك بعد تثمين الأراضي والمنشآت المقرر نزع ملكيتها للمنفعة العامة، وهو الأمر الذي أتى بثماره في تنفيذ العديد من المشروعات في جميع أنحاء الجمهورية على مدار السنوات السابقة في تناغم ورضا مع المواطنين.

وأكد الوزير على السعي الدائم لتوظيف كافة الإمكانيات الفنية والإدارية بالهيئة لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتطوير المنتجات التي تقدمها الهيئة للجمهور، مع دراسة التوسع في تقديم خدمات جديدة للمواطنين تتناسب مع القدرات الضخمة التي تتميز بها الهيئة، وبما يتماشى مع توجهات الدولة المستقبلية، مع العمل على توفير أحدث الأجهزة والمعدات التي تٌسهم في تطوير أداء العمل، وتوفير التدريب والتأهيل اللازم لمهندسي وفنيي الهيئة، خاصة في ظل الخصوصية التي تتمتع بها أعمال الهيئة.

وطبقا لقانون التصالح في مخالفات البناء ولائحته التنفيذية فإن هيئة المساحة تصدر شهادة منسوب أعلى نقطة بالعقار، وتيسيرا على المواطنين فقد وحدت الهيئة المواصفات الفنية للأعمال والتكلفة المالية للشهادة على مستوى الجمهورية وتستقبل الهيئة الطلبات من خلال مديريات المساحة بالمحافظات.

كما تطبق الهيئة من خلال بروتوكول مشترك مع هيئة الأوقاف الحجج ورفع التعديات على أراضي الأوقاف وتوقيعها على الخرائط وإنشاء قواعد بيانات مكانية لها، وتقدم الهيئة خدماتها للمواطنين ولجهات الدولة المختلفة من خلال توفير الخرائط الطبوغرافية والتفصيلية (الورقية والرقمية) بمقاييسها المختلفة اللازمة لتخطيط المشروعات القومية وأعمال التخطيط العمراني والتعداد السكاني وتوصيل المرافق، بالإضافة للمشاركة في المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" بتنفيذ الأعمال المساحية الخاصة بمواقع المبادرة لـ 4427 موقعا بمختلف محافظات الجمهورية.

فيما تنفذ الهيئة أعمال الرفع المساحي لمشروع الأحوزة العمرانية للمدن والقرى والكفور والنجوع بالجمهورية لـ 158 مدينة و4200 قرية و18349 من الكفور والعزب والنجوع، وذلك على 4 مراحل تنفيذية، حيث تم الانتهاء من الثلاث مراحل الأولى وجار الإعداد للبدء في تنفيذ المرحلة الرابعة.

واعتمدت الهيئة 13 مكتبا هندسيا للمساعدة في تنفيذ الأعمال المساحية على مستوى المشروعات القومية بالدولة، كما تقوم الهيئة حاليا بالتجهيزات النهائية لتشغيل مشروع المحطات الثابتة والذي يتكون من 44 محطة على مستوى الجمهورية للعمل بنظام RTK (الرصد اللحظي) لمساعدة كافة جهات الدولة على سرعة إنجاز الأعمال المساحية وضمان توحيد نظم الإحداثيات على مستوى الجمهورية، بما يضمن تجانس البيانات المساحية المستخدمة في كافة مشروعات البنية التحتية للدولة.

مقالات مشابهة

  • وزير الري يؤكد أهمية دور هيئة المساحة في المشروعات القومية الكبرى
  • زويا للتطوير العقاري تدخل السوق العقاري في دبي وبقوة
  • حلم الانتخابات
  • الأجازات المتبقية في عام 2024.. وهذا موعد أجازة رأس السنة الهجرية
  • في أول يوم.. وزير الكهرباء في اجتماع مع رئيس الوزراء لحل الأزمة
  • الصراع الجيوسياسي في ليبيا والحراك الأمريكي
  • مستشار مالي: السيولة تتجه للشركات المضاربية وزخم على الإدراجات الحديثة في السوق السعودية
  • قرار رئيس الوزراء بشأن إجازة رأس السنة الهجرية 2024: تفاصيل وتطبيقات
  • نادي الوحدات يؤكد رفضه التام لأن يكون جزءاً من كينونة أي شبهة تطبيعية
  • 65% نسبة الإنجاز في السوق الجديد بولاية وادي المعاول