الاستقطاب السياسي في أمريكا
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
الاستقطاب السياسي في أمريكا
الاستقطاب يؤدي لغياب السياسة، وهو ما يتجلى في محاولات كل حزب إبعاد الآخر عن السلطة عبر طرق ليس بينها صوت الناخب.
انفجر بركان العنصرية من جديد مع وصول باراك أوباما، أول رئيس أسود للرئاسة، وكان انتخاب دونالد ترامب بعده النتيجة الموضوعية.
نجحت أمريكا في احتواء المسألة العرقية، لا علاجها، في الستينيات، بصدور تشريعات تحظر التمييز القانوني وإن بقى التمييز على أرض الواقع.
رفعت معركة عزل كلينتون حدة الاستقطاب حتى أن مسألة عزل الرئيس التي كانت استثناءً طوال التاريخ الأمريكي صارت منذ عهد كلينتون هي القاعدة لا الاستثناء.
فالديمقراطيون يسعون حثيثاً لإبعاد ترامب عن الرئاسة عبر ملاحقته قضائياً. والجمهوريون يريدون طرد الديمقراطيين من البيت الأبيض عبر عزل جو بايدن.
تغير الخطاب السياسي في مفرداته ومضمونه وصار فجًا وحادًا، وكشفت انتخابات 2000 الرئاسية عن أمة منقسمة بالتساوي تقريباً فحسمت نتيجتها المحكمة العليا، لا الناخبين.
حالة غياب السياسة المنظم أهم مؤشرات التراجع فخصائص المجتمع والسياسة بأمريكا مكنت الإمبراطورية من احتواء مواطن الضعف، فحافظت على وجودها وأمدت في عمرها.
كانت مؤشرات التراجع الأولى استقطاباً سياسياً حاداً غيّر وجه واشنطن وجعل ممارسة السياسة صعوبة بالغة. ففي أواخر السبعينيات، انضم للكونغرس جمهوريون لم يختلفوا أيديولوجياً بل اختلفوا في منهج العمل.
* * *
إذا أردت الوقوف على حقيقة الوضع في أمريكا فعليك أن تتابع حالة غياب السياسة المنظم فيها، فهي من أهم مؤشرات التراجع، والحقيقة أن خصائص المجتمع والسياسة بأمريكا مكنت الإمبراطورية من احتواء مواطن الضعف، فحافظت على وجودها وأمدت في عمرها.
فعلى سبيل المثال، نجحت أمريكا في معالجة الكساد الذي حل بالبلاد في ثلاثينيات القرن العشرين، عبر برامج اجتماعية واسعة كانت ولا تزال صمام الأمان الذي يحمى ملايين الأمريكيين.
ورغم أن فرانكلين روزفلت كان يحكم، وقتها، ومعه أغلبية من حزبه بالكونغرس، كادت المحكمة العليا أن تحكم بعدم دستورية تلك البرامج لولا لجوء الرئيس للرأي العام، فتراجعت المحكمة.
ورغم أن المسألة العرقية لا تزال «المعضلة الأمريكية» الكبرى، على حد تعبير عالم السياسة السويدي جانار ميردال، فقد نجحت أمريكا في احتوائها، لا علاجها، في الستينيات، بصدور تشريعات تحظر التمييز القانوني وإن بقى التمييز على أرض الواقع.
ثم جاءت استقالة نيكسون في السبعينيات وكأنها تصحيح للمسار بالكامل، أي ليس فقط داخلياً إزاء تجاوزات الرئاسة وإنما كمُسكّن بعد الكارثة الخارجية التي مثلتها حرب فيتنام.
لكن الانحسار الأمريكي بدأت مؤشراته الأولى بمنتصف التسعينيات، فكانت المفارقة، فقد برزت تلك المؤشرات في لحظة بدت فيها الولايات المتحدة في أفضل حالاتها، فانهيار الاتحاد السوفييتي اعتبرته أمريكا نصراً لها، وهي تحولت بين ليلة وضحاها للقوة العظمى الوحيدة، وبداية ما أطلقت عليه «القرن الأمريكي».
ومع نهاية التسعينيات، صارت الميزانية الأمريكية تحقق فائضاً لأول مرة منذ عقود. باختصار، كانت المفارقة أن المؤشرات الأولى لانحسار الإمبراطورية بزغت في اللحظة التي كانت فيها البلاد في أوج مجدها داخلياً وخارجياً.
أما تلك المؤشرات الأولى فكانت استقطاباً سياسياً حاداً غيّر وجه الحياة في واشنطن وجعل ممارسة السياسة مسألة بالغة الصعوبة. ففي أواخر السبعينيات، كان قد انضم للكونجرس فريق من الجمهوريين لم يختلفوا عن زملائهم الأقدم أيديولوجياً بقدر ما اختلفوا في منهج العمل.
فقد رفضوا أن يظل حزبهم بمقاعد الأقلية وانتهجوا في سبيل الوصول للأغلبية تكتيكات المواجهة والصدام ليس فقط مع الأغلبية الديمقراطية بل مع زملائهم الجمهوريين الأقدم الذين كانوا يرون أن دورهم هو التوصل لحلول وسط توفيقية مع الديمقراطيين من أجل مصلحة المواطن العادي.
وما هو إلا عقد ونصف العقد حتى وصل هذا الفريق بالحزب الجمهوري لمواقع الأغلبية، وإن بثمن باهظ، هو استقطاب سياسي حاد.
فقد تمادى ذلك الفريق فجرّ بيل كلينتون لمعركة لعزله من منصبه. ورغم أن المعركة انتهت لصالح كلينتون، فقد رفعت حدة الاستقطاب حتى أن مسألة عزل الرئيس التي كانت استثناءً طوال التاريخ الأمريكي صارت منذ عهد كلينتون هي القاعدة لا الاستثناء.
وتغير الخطاب السياسي في مفرداته ومضمونه وصار فجاً وأكثر حدة من أي وقت مضى، وكانت النتيجة أن كشفت انتخابات 2000 الرئاسية عن أمة منقسمة بالتساوي تقريباً فحسمت المحكمة العليا، لا الناخبين، النتائج.
ثم حرب العراق وأفغانستان، فتبدد فائض الميزانية، وانتهى حكم بوش الابن بالأزمة المالية الطاحنة التي سببها انهيار سوق العقارات، والتزايد المذهل في الإنفاق العسكري متزامناً مع تفاقم الاستقطاب لم يسمحا بإيجاد حلول ناجعة لتراكم الأزمات الاقتصادية التي غذت الغضب العام وساعدت الصعود المتنامي لتيار الشعبوية اليمنية.
واحتواء المسألة العرقية في الستينيات كان كالمُسكّنات المؤقتة التي لم تعالج المرض، فانفجر بركان العنصرية من جديد مع وصول باراك أوباما، أول رئيس أسود للرئاسة، وكان انتخاب دونالد ترامب بعده النتيجة الموضوعية.
فالرجل استخدم مفردات تتماهى مع خطاب تيار تفوق البيض، ولم يغادر السلطة إلا عشية أزمة كبرى تمثلت في اقتحام الكونغرس بالقوة من جانب أنصاره. فصارت الولايات المتحدة تشهد خطاً بيانياً صاعداً في المستويات غير المسبوقة للاستقطاب السياسي.
والاستقطاب يؤدي لغياب السياسة، وهو ما يتجلى في محاولات كل حزب إبعاد الآخر عن السلطة عبر طرق ليس من بينها صوت الناخب. فالديمقراطيون يسعون حثيثاً لإبعاد ترامب عن الرئاسة عبر ملاحقته قضائياً. والجمهوريون يريدون طرد الديمقراطيين من البيت الأبيض عبر عزل جو بايدن.
*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، خبيرة في الشأن الأمريكي
المصدر | البيانالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا بايدن ترامب العنصرية الاستقطاب الكونغرس الديمقراطيون جمهوريون السیاسی فی
إقرأ أيضاً:
المنتخب الألماني يعيد ضبط البوصلة ويركز على كرة القدم عوضا عن السياسة
يسعى المنتخب الألماني لكرة القدم إلى التركيز على أدائه الرياضي بعيداً عن السياسة وشؤونها، فقد أكد المدرب يوليان ناغلسمان أن على اللاعبين التفرغ للمباريات وترك القضايا السياسية جانباً.
اعلانوقد صرح ناغلسمان لإحدى المحطات التلفزيونية بأن تجربتهم في قطر أثبتت أن التدخلات السياسية يمكن أن تضر بأداء الفريق. وقال: "لقد تعلمنا جميعاً من تلك التجربة، وعلينا أن نركز على ما نجيده وهو كرة القدم".
وخلال مونديال قطر، واجه المنتخب الألماني انتقادات واسعة بسبب احتجاجاته السياسية، حيث رفض بعض المشجعين مشاهدة البطولة واعترض اللاعبون على بعض القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
وأضاف قائد المنتخب جوشوا كيميش أن "ليس من مهمتنا التعبير عن مواقف سياسية"، مؤكداً ضرورة التركيز على اللعب والأداء الرياضي.
وبالتزامن مع ذلك، يستعد الاتحاد الدولي لكرة القدم لتأكيد استضافة المملكة العربية السعودية لكأس العالم 2034، رغم انتقادات بعض المنظمات الحقوقية.
اللاعب الألماني فيليكس نميتشا يحتفل بعد تسجيله هدفا ضدّ المجر في ملعب بوشكاش أرينا في بودابست، الثلاثاء 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.Denes Erdos /APيشار إلى أنّ المنتخب الألماني حقق تحولًا نوعيًا خلال العام الجاري، متجاوزًا الإخفاقات السابقة واستعدادًا لاستحقاقات كأس العالم 2026.
وقد سجل 10 انتصارات في 15 مباراة عام 2024، مقارنة بثلاثة انتصارات فقط في 2023.
ورغم الخسارة الوحيدة أمام إسبانيا في ربع نهائي يورو 2024، فإن الفريق أظهر تطورًا ملحوظًا.
فيما برز لاعبان شابان هما فلوريان فيرتز وجمال موسيالا باعتبارهما نجمين مستقبليين للمنتخب، حيث سجل فيرتز 6 أهداف وموسيالا 5 أهداف.
ومع اعتزال أسماء كبيرة مثل نوير وكروس وغوندوغان ومولر، يتطلع المنتخب الألماني للمنافسة بجيل جديد واعد في كأس العالم المقبل.
المصادر الإضافية • أب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية كأس العالم 2022: عودة غوتسه إلى المنتخب الألماني وبلجيكا تستدعي لوكاكو رغم الإصابة كيف تجاوب الألمان مع اعتزال أوزيل المنتخب الألماني؟ انتقادات كبيرة للاعبي المنتخب الألماني أوزيل وغوندوغان بسبب لقائهما بإردوغان السياسة الأوروبيةألمانيارياضةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. الحرب بيومها الـ411: استمرار القتل في غزة ومصرع 36 في قصف إسرائيلي على تدمر ونعيم قاسم يهدد تل أبيب يعرض الآن Next مصادر: الرئيس الروسي منفتح على نقاش وقف إطلاق النار مع ترامب.. ولكنه يصر على مبادئه تجاه كييف يعرض الآن Next "مؤامرة التسميم": الكشف عن تفاصيل خطة اغتيال الرئيس البرازيلي لولا يعرض الآن Next البيتكوين يتخطى حاجز 94 ألف دولار لأول مرة في تاريخه يعرض الآن Next تذكروني كشخص جيد من مايوركا.. الأسطورة رافاييل نادال يودع الملاعب الترابية ويطوي سنينًا من الأمجاد اعلانالاكثر قراءة حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان أسعار زيت الزيتون ستنخفض إلى النصف في الأسواق العالمية هوكستين من بيروت: وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في متناول اليد اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29روسياإسرائيلفولوديمير زيلينسكيفلاديمير بوتينفرنساالحرب في أوكرانيا غزةدونالد ترامبحماية البيئةحركة حماسطوارئالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024