سرايا - تكشف المعطيات التي تتداعى داخل بنية المجتمع الإسرائيلي، في الأعوام الأخيرة، عن تفاقم حجم الانقسام في داخله ذي التركيبة المعقدة والمتشابكة اجتماعيا وسياسيا وعقائديا، ما يفاقم من حجم الفجوات بين شقوقه، التي يبلورها صراع يتمدد مع كل أزمة تقترب من جدار قلعته الفولاذي.


والمتابع للمشهد، سيرى إلى أي حد يمكن لهذه الشروخ أن تتوسع فجواتها، وهي تلامس الانقسام داخل الحكومات والأحزاب والمجتمع، والقضاء وتشريعاته، والصراع على هوية إسرائيل وطريقها ومستقبلها.



تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود باراك، التي أفصح فيها عن أن قيادة إسرائيل الحالية عمياء، كما كانت عشية حربها مع العرب في العام 1973، أثارت الكثير من ردود الفعل والأسئلة، حول ما تواجهه هذه الدولة من تحديات داخلية وجودية في قلب كيانها، لا تقل عما يتربص بها من الخارج.


ويرى مراقبون، أن إسرائيل وللمرة الأولى في تاريخها، صنفت خلافاتها الداخلية على رأس التهديدات التي تواجهها إذ بينوا أنها تعيش هذه الأيام، انقسامات غير مسبوقة، بحيث يترقب مجتمعها المنقسم على ذاته، ما ستفضي إليه الحوارات التي يقودها الرئيس الإسرائيلي الحالي إسحاق هرتسوغ مع الأطراف المعارضة، وما سينجم عنه مسار هذه الحوارات، وسط تزايد تصريحات لمسؤولين إسرائيليين سابقين، من أن الكيان الاحتلالي قد ينزلق إلى حرب بين مكوناته، بسبب الخلافات حول التشريعات القضائية والصراع على هوية كيانه، وطريقه ومستقبله.


رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد شنيكات، رأى بأن تعليقات باراك تأتي كجزء من تعليقات سابقة له، نشرت العام الماضي، وتصب في الاتجاه ذاته، وهو أنه برغم كثرة التحديات الخارجية، او عظم حجم ما يواجه الاحتلال، الا أن التحدي الأكبر في بينته، داخلي، يتعلق بما قامت عليه أساسات دولته وفق وجهة نظره، التي تتبلور في الدفع جهة احترام القانون وديمقراطية الاحتلال وهويته، وضمان الالتزام بتوزيع وتقاسم السلطات في نظامه السياسي.
واضاف شنيكات، أن الخشية التي تحدث عنها باراك، تكمن في التمرد على هذه، يغذيها التعصب الديني الأعمى، ما ينذر بكارثة تهدد المجتمع، الى جانب تعزيز الانقسامات بين علمانييه ومتدينيه، وتصاعد حالات الإقصاء بين سياسييه.
وقال "يستحضر باراك من التاريخ الاحتلالي القديم، أن سبب انهيار كيانه في الخراب الأول والثاني، كان جراء الصراع داخل مجتمعه، فأدى ذلك لتفككه وانهياره".



وأضاف شنيكات، تتبلور تحذيرات باراك وهو يقيم مقارنة وموازنة بين الأجواء التاريخية القديمه والحالية، بأن الصراع بين العلمانيين والدينيين واضح، وغياب الفهم الحقيقي للتحديات التي تواجه الكيان، في ظل حكومة تتمرد على حكم القانون، وتصريحات الدينيين المتعصبين، كلها تسهم بتفاقم التعصب والاستقطاب، مشيرا الى أن التجربة التاريخية وفقا للرواية اليهودية، تفيد بأن خراب الهيكل الأول والثاني، جرى بسبب الصراعات بين اليهود واليهود وانشقاقاتهم، وهذه أزمة داخلية، ما فاقم شروخها الداخلية ورفع منسوب الكراهية بين أفرادها أنفسهم.


واضاف، أنه "وبرغم أن باراك، لا يؤمن بحل الدولتين، لكنه يتحدث عن ضرورة دراسة متأنية للخطوات الاحتلالية تجاه القدس، خوفا من تدهور قطار التطبيع".



المحلل السياسي د. صدام الحجاحجة قال، إن رئيس وزراء الاحتلال الحالي بنيامين نتنياهو، عاجز عن ضبط حكومته، فكل وزير فيها يتصرف من دون ضبط أو رقابة، ولا أحد يعده ممثلا لمكونات هذه الحكومة، فضلا عن أن الكيان، بات يفتقد أيضا كفاءة قادته المؤسسين، فساسته الحاليون فاسدون وانتهازيون، وحريصون على مصالحهم بالدرجة الأساسية، ومستعدون لفعل اي شي للفوز بالحكم، وهو ما جعل حال الإسرائيليين كأن الأرض تهتز تحتهم غاضبة وقلقة، وهم واقفون يشاهدون أمة ممزقة ومجتمعا منقسما، ينتظرون منقذا ومعجزة تنتشلهم مما هم فيه من كراهية تحرق كل جزء من كيانهم.


ورأى الحجاحجة، أن ما يعيشه الاحتلال، ينطوي على أزمة تدمير ذاتي حادة، أفرزها ما يسمى بالنظام القضائي الجديد الذي سيصادر احكام السلطة القضائية، وتوسيع دائرة صلاحيات الحكومة الحالية، وهو ما ترفضه المعارضة، بخاصة ان واشنطن تنظر لحكومة نتنياهو على أنها غير مقبولة لناحية تكوينها المؤلف من أحزاب يمينية متطرفة، تختلف في أهدافها ورؤيتها عن أهداف الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر إسرائيل حاجة لها في المنطقة العربية، ومن شأن التطرف لوزرائها، تقويض مساعيها ووضعها في دائرة الاتهام.


وبحسب د. هاني السرحان، تكشف هذه التصريحات المتشائمة، بأن ما شهدته الساحة السياسية والحزبية في الأسابيع الأخيرة، من انتشار لمفردات غير معهودة في النقاشات والسجالات السياسية، مثل: العصيان، الحرب الأهلية، الفوضى، انهيار الدولة، التدمير الذاتي، بالتزامن مع استمرار الأزمة السياسية المستفحلة في تل أبيب، وعدم وجود بصيص أمل لإيجاد حل لها، وفور تشكيل الحكومة اليمينية الحالية، فقد زادت حدة الاستقطابات السياسية والحزبية، وسط انتشار لافت لمفردات واتهامات بين الإسرائيليين، لم تكن سائدة في أعوام وعقود سابقة.


وأضاف، يظهر أن هذه الاستقطابات، شملت الزعماء السياسيين والعسكريين والكتاب والمعلقين، وليس هناك في الأفق، ما قد يشير الى تراجع وتدهور في هذا الخطاب المتداول، بل إن المعطيات السائدة، تحفز على مزيد من انحدار النقاشات السياسية، ما يكشف عن حجم المزاودات السياسية بين الأحزاب المتنافسة، وبالتالي يؤثر على نظرتهم لكيانهم، ورؤية العالم السلبية لهم.
إقرأ أيضاً : إصابات خلال اقتحام الاحتلال المنطقة الشرقية من مدينة نابلسإقرأ أيضاً : ليبيا .. نصف سكان درنة معرضون لخطر الفيضان إقرأ أيضاً : بريطانيا تعلن حظر بيع السجائر للمولودين بعد 2009


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: رئيس الاحتلال قيادة الدولة قلب الرئيس الاحتلال رئيس الاحتلال الحكومة المنطقة الحكومة العالم العالم قيادة بريطانيا المنطقة مدينة إصابات الحكومة الدولة القدس الاحتلال قلب رئيس الرئيس

إقرأ أيضاً:

منظمة التعاون الإسلامي تُدين الجرائم الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني

المناطق_واس

أدانت منظمة التعاون الإسلامي استمرار وتصاعد وتيرة جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، التي كان آخرها قصف بلدة طمون في محافظة طوباس، مما أدَّى إلى استشهاد عشرة فلسطينيين، والعدوان المتواصل على مدينة جنين ‏ومخيمها، مما أسفر عن استشهاد 17 فلسطينًا وجرح واعتقال العشرات، إضافة إلى الإرهاب المنظم الذي تمارسه مجموعات المستوطنين المتطرفين، والتدمير الواسع للبنية التحتية, وإقامة مئات الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية على مداخل المدن والبلدات الفلسطينية.

 

أخبار قد تهمك منظمة التعاون الإسلامي ترحب باعتماد الجمعية العامة قرارًا يطلب فتوى من العدل الدولية 20 ديسمبر 2024 - 2:56 مساءً اختتام أعمال الاجتماع الثالث لرؤساء الهيئات الوطنية لتنظيم الأدوية في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي في الرياض 19 ديسمبر 2024 - 11:03 صباحًا

وحذَّرت المنظمة من خطورة استمرار جرائم الحرب والتهجير القسري والضم والاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، التي تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني وقرارات الشرعية الدولية، مجددة دعوتها المجتمع الدولي، وخصوصًا مجلس الأمن الدولي, إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمل إسرائيل، قوة الاحتلال، على وقف سياساتها العدوانية ومساءلتها عنها وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • منظمة التعاون الإسلامي تُدين الجرائم الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني
  • جيش الاحتلال يعلن تسلمه الجندية الإسرائيلية المفرج عنها في جباليا
  • عاجل. الجبهة الداخلية الإسرائيلية: صفارات الإنذار تدوي في الغجر والمطلة على الحدود مع لبنان
  • متى ستنسحب القوات الإسرائيلية من لبنان؟
  • أستاذ في العلوم السياسية: إسرائيل هُزمت أمام صمود الفلسطينيين وتمسكهم بالأرض
  • الخارجية الفلسطينية: سياسة التهجير تعكس محاولات الاحتلال لخلق حالة من الفوضى السياسية
  • إسرائيل تتحدث عن التسوية التي أدت إلى الإفراج المبكر عن ثلاثة أسرى
  • السلطات الإسرائيلية تجبر مواطنا على هدم منزله في وادي عارة
  • البث الإسرائيلية: إسرائيل وحماس بدأتا محادثات أولية بشأن إطار مفاوضات المرحلة الثانية للاتفاق
  • تفاصيل الإفراج عن 110 أسرى فلسطينيين نهاية الأسبوع