تفاقم الصراعات الإسرائيلية الداخلية .. هل دنت نهاية الاحتلال؟
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
سرايا - تكشف المعطيات التي تتداعى داخل بنية المجتمع الإسرائيلي، في الأعوام الأخيرة، عن تفاقم حجم الانقسام في داخله ذي التركيبة المعقدة والمتشابكة اجتماعيا وسياسيا وعقائديا، ما يفاقم من حجم الفجوات بين شقوقه، التي يبلورها صراع يتمدد مع كل أزمة تقترب من جدار قلعته الفولاذي.
والمتابع للمشهد، سيرى إلى أي حد يمكن لهذه الشروخ أن تتوسع فجواتها، وهي تلامس الانقسام داخل الحكومات والأحزاب والمجتمع، والقضاء وتشريعاته، والصراع على هوية إسرائيل وطريقها ومستقبلها.
تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود باراك، التي أفصح فيها عن أن قيادة إسرائيل الحالية عمياء، كما كانت عشية حربها مع العرب في العام 1973، أثارت الكثير من ردود الفعل والأسئلة، حول ما تواجهه هذه الدولة من تحديات داخلية وجودية في قلب كيانها، لا تقل عما يتربص بها من الخارج.
ويرى مراقبون، أن إسرائيل وللمرة الأولى في تاريخها، صنفت خلافاتها الداخلية على رأس التهديدات التي تواجهها إذ بينوا أنها تعيش هذه الأيام، انقسامات غير مسبوقة، بحيث يترقب مجتمعها المنقسم على ذاته، ما ستفضي إليه الحوارات التي يقودها الرئيس الإسرائيلي الحالي إسحاق هرتسوغ مع الأطراف المعارضة، وما سينجم عنه مسار هذه الحوارات، وسط تزايد تصريحات لمسؤولين إسرائيليين سابقين، من أن الكيان الاحتلالي قد ينزلق إلى حرب بين مكوناته، بسبب الخلافات حول التشريعات القضائية والصراع على هوية كيانه، وطريقه ومستقبله.
رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد شنيكات، رأى بأن تعليقات باراك تأتي كجزء من تعليقات سابقة له، نشرت العام الماضي، وتصب في الاتجاه ذاته، وهو أنه برغم كثرة التحديات الخارجية، او عظم حجم ما يواجه الاحتلال، الا أن التحدي الأكبر في بينته، داخلي، يتعلق بما قامت عليه أساسات دولته وفق وجهة نظره، التي تتبلور في الدفع جهة احترام القانون وديمقراطية الاحتلال وهويته، وضمان الالتزام بتوزيع وتقاسم السلطات في نظامه السياسي.
واضاف شنيكات، أن الخشية التي تحدث عنها باراك، تكمن في التمرد على هذه، يغذيها التعصب الديني الأعمى، ما ينذر بكارثة تهدد المجتمع، الى جانب تعزيز الانقسامات بين علمانييه ومتدينيه، وتصاعد حالات الإقصاء بين سياسييه.
وقال "يستحضر باراك من التاريخ الاحتلالي القديم، أن سبب انهيار كيانه في الخراب الأول والثاني، كان جراء الصراع داخل مجتمعه، فأدى ذلك لتفككه وانهياره".
وأضاف شنيكات، تتبلور تحذيرات باراك وهو يقيم مقارنة وموازنة بين الأجواء التاريخية القديمه والحالية، بأن الصراع بين العلمانيين والدينيين واضح، وغياب الفهم الحقيقي للتحديات التي تواجه الكيان، في ظل حكومة تتمرد على حكم القانون، وتصريحات الدينيين المتعصبين، كلها تسهم بتفاقم التعصب والاستقطاب، مشيرا الى أن التجربة التاريخية وفقا للرواية اليهودية، تفيد بأن خراب الهيكل الأول والثاني، جرى بسبب الصراعات بين اليهود واليهود وانشقاقاتهم، وهذه أزمة داخلية، ما فاقم شروخها الداخلية ورفع منسوب الكراهية بين أفرادها أنفسهم.
واضاف، أنه "وبرغم أن باراك، لا يؤمن بحل الدولتين، لكنه يتحدث عن ضرورة دراسة متأنية للخطوات الاحتلالية تجاه القدس، خوفا من تدهور قطار التطبيع".
المحلل السياسي د. صدام الحجاحجة قال، إن رئيس وزراء الاحتلال الحالي بنيامين نتنياهو، عاجز عن ضبط حكومته، فكل وزير فيها يتصرف من دون ضبط أو رقابة، ولا أحد يعده ممثلا لمكونات هذه الحكومة، فضلا عن أن الكيان، بات يفتقد أيضا كفاءة قادته المؤسسين، فساسته الحاليون فاسدون وانتهازيون، وحريصون على مصالحهم بالدرجة الأساسية، ومستعدون لفعل اي شي للفوز بالحكم، وهو ما جعل حال الإسرائيليين كأن الأرض تهتز تحتهم غاضبة وقلقة، وهم واقفون يشاهدون أمة ممزقة ومجتمعا منقسما، ينتظرون منقذا ومعجزة تنتشلهم مما هم فيه من كراهية تحرق كل جزء من كيانهم.
ورأى الحجاحجة، أن ما يعيشه الاحتلال، ينطوي على أزمة تدمير ذاتي حادة، أفرزها ما يسمى بالنظام القضائي الجديد الذي سيصادر احكام السلطة القضائية، وتوسيع دائرة صلاحيات الحكومة الحالية، وهو ما ترفضه المعارضة، بخاصة ان واشنطن تنظر لحكومة نتنياهو على أنها غير مقبولة لناحية تكوينها المؤلف من أحزاب يمينية متطرفة، تختلف في أهدافها ورؤيتها عن أهداف الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر إسرائيل حاجة لها في المنطقة العربية، ومن شأن التطرف لوزرائها، تقويض مساعيها ووضعها في دائرة الاتهام.
وبحسب د. هاني السرحان، تكشف هذه التصريحات المتشائمة، بأن ما شهدته الساحة السياسية والحزبية في الأسابيع الأخيرة، من انتشار لمفردات غير معهودة في النقاشات والسجالات السياسية، مثل: العصيان، الحرب الأهلية، الفوضى، انهيار الدولة، التدمير الذاتي، بالتزامن مع استمرار الأزمة السياسية المستفحلة في تل أبيب، وعدم وجود بصيص أمل لإيجاد حل لها، وفور تشكيل الحكومة اليمينية الحالية، فقد زادت حدة الاستقطابات السياسية والحزبية، وسط انتشار لافت لمفردات واتهامات بين الإسرائيليين، لم تكن سائدة في أعوام وعقود سابقة.
وأضاف، يظهر أن هذه الاستقطابات، شملت الزعماء السياسيين والعسكريين والكتاب والمعلقين، وليس هناك في الأفق، ما قد يشير الى تراجع وتدهور في هذا الخطاب المتداول، بل إن المعطيات السائدة، تحفز على مزيد من انحدار النقاشات السياسية، ما يكشف عن حجم المزاودات السياسية بين الأحزاب المتنافسة، وبالتالي يؤثر على نظرتهم لكيانهم، ورؤية العالم السلبية لهم.
إقرأ أيضاً : إصابات خلال اقتحام الاحتلال المنطقة الشرقية من مدينة نابلسإقرأ أيضاً : ليبيا .. نصف سكان درنة معرضون لخطر الفيضان إقرأ أيضاً : بريطانيا تعلن حظر بيع السجائر للمولودين بعد 2009
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: رئيس الاحتلال قيادة الدولة قلب الرئيس الاحتلال رئيس الاحتلال الحكومة المنطقة الحكومة العالم العالم قيادة بريطانيا المنطقة مدينة إصابات الحكومة الدولة القدس الاحتلال قلب رئيس الرئيس
إقرأ أيضاً:
محادثات القاهرة تتعثر.. ولا ضوء في نهاية النفق.. الاحتلال يصعد في غزة ويطارد حماس عبر «مناطق عازلة»
البلاد – رام الله
في كل مرة تتعثر فيها مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس”، يدفع أهل غزة الثمن، قصفًا وتجويعًا وحصارًا. والآن، بعد فشل جولة التفاوض الأخيرة في القاهرة، يتجه الاحتلال الإسرائيلي لتوسيع عملياته العسكرية وإقامة منطقة عازلة قرب الحدود المصرية، يحشد فيها السكان لفصلهم عن مقاتلي “حماس”، التي بدورها تكاد لا تجد مخرجًا من تداعيات مغامرة السابع من أكتوبر 2023، بعدما رهنت القطاع لمعادلات عسكرية وسياسية خاطئة.
نقلت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأحد، عن وزير البناء والإسكان زئيف إلكين، أن “إسرائيل مستعدة لوقف القتال فورًا شريطة إعادة المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس”، مشددًا على أن وقف إطلاق النار مرهون كذلك بـ”تنحي حماس عن الحكم ونزع سلاحها بالكامل”، مؤكدًا أن الحركة غير مستعدة حاليًا لنزع سلاحها، مما يجعل الاتفاق بعيد المنال.
هذا التصعيد الكلامي رافقته مؤشرات ميدانية واضحة، إذ غادر وفد قيادة “حماس” مساء السبت القاهرة بعد “ساعات” قليلة من وصوله، إثر محادثات وصفت بالمكررة مع المسؤولين المصريين، فيما اكتفت الحركة ببيان عام قالت فيه إنها “استعرضت رؤيتها لصفقة شاملة”، دون أي إعلان عن تقدم ملموس. واكتفى البيان بالحديث عن “بذل المزيد من الجهود واستمرار التواصل”، ما عكس بوضوح مأزق حماس السياسي وعجزها عن انتزاع مخرج للقطاع المنهك.
بالتوازي مع هذا الانسداد السياسي، شرعت إسرائيل في تنفيذ خطوات عملية على الأرض، تمثلت في البدء بإنشاء منطقة وصفتها بـ “إنسانية آمنة” جنوب قطاع غزة بين محوري “موراج وفيلادلفيا” على الحدود المصرية، حسبما أعلنت هيئة البث الإسرائيلية. وأوضحت أن هذه المنطقة ستخصص لاستيعاب المدنيين الفلسطينيين من أنحاء القطاع كافة، بما في ذلك أولئك الذين سيتم ترحيلهم من المنطقة الإنسانية في المواصي، بعد إخضاعهم للفحص الأمني.
الخطة تقضي بإنشاء مدينة خيام كبيرة، تُدار عبر شركات مدنية، يُرجح أن تكون أمريكية، لتوزيع المساعدات الإنسانية بعيدًا عن أيدي حماس. إذ يتهم الاحتلال الحركة باستغلال المعونات لتعزيز سلطتها داخل القطاع، سواء عبر توزيعها على أنصارها أو المتاجرة بها لتحقيق مكاسب مالية. وفي سياق متصل، نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” عن مصدر عسكري إسرائيلي رفيع أن الجيش سيرفع منسوب عملياته خلال أسبوعين إذا استمر الجمود السياسي، ملوحًا بتوسيع نطاق القتال وتعبئة واسعة لقوات الاحتياط.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي، مساء السبت، أنه خلال الـ48 ساعة المنصرمة قتل 400 مقاوم وقصف 120 هدفًا إضافيًا، بينها مستودع أسلحة في حي درج التفاح. وأشار البيان إلى أن الجيش قصف منذ بداية عمليته نحو 1800 هدف في غزة، مؤكدا الاستعداد لمناورات أوسع وتوسيع الانتشار البري وتكثيف الغارات الجوية، وسط توقعات بصدور قرار وشيك بتعبئة إضافية لقوات الاحتياط.
واقع الحال أن المدنيين الفلسطينيين، الذين أنهكتهم الحرب والإبادة والحصار، يدفعون وحدهم ثمن هذا الصراع، بين قبضة الاحتلال الحديدية من جهة، ورهانات “حماس” الخاسرة من جهة أخرى. فمغامرة السابع من أكتوبر، التي أطلقتها الحركة دون حساب دقيق للأهداف أو التداعيات أو لتأمين المدنيين، حولت القطاع إلى ساحة مفتوحة للدمار والمعاناة.
ومع كل فشل في المفاوضات، تزداد غزة اختناقًا. ويبدو أن الأسابيع المقبلة مرشحة لمزيد من القتل والدمار، ما لم تحدث معجزة دبلوماسية توقف نزيف الدم، وتنقذ سكان القطاع من جحيم متفاقم بلا أفق قريب للحل.