تحليل: ما الآثار السلبية من وراء الإضرابات العمالية والحقوقية في عدن؟
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
الحقوق العمالية والوظيفية.. بين تسيس العمل النقابي والعجز الحكومي لمواجهتها..
ما الأضرار التي تلحقها الإضرابات على التعليم العام والجامعي؟
ما دور النقابات العمالية للوصول إلى تسوية بشأن هذه المطالب؟
هل هذه المطالب واقعية أم مجرد مكايدات سياسية.. ولماذا تعجز الحكومة عن مواجهتها؟
هل تثمر الإصلاحات الحكومية وفق شروط المنحة السعودية في وضع حلول لهذه المطالب؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
تتصاعد المطالب العمالية والحقوقية هذه الأيام في المحافظات الجنوبية ومن بينها العاصمة المؤقتة عدن.
ومنذ دحر مليشيا الحوثي في يوليو 2015م، والنقابات العمالية التي تأسست من بعد هذا التاريخ هي التي تتبنى هذه المطالب العمالية في المحافظات الجنوبية.
وترتفع أصوات موظفي الدولة في المكاتب التنفيذية والهيئات والمصالح الحكومية الخدمية والجامعات في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات الجنوبية، مطالبة بالدرجات الوظيفية والأكاديمية وصرف العلاوات والتسويات والترقيات والاستحقاقات الوظيفية الأخرى المتراكمة منذ سنوات مضت.
ومؤخرا اتسعت دائرة الإضرابات في العاصمة المؤقتة عدن، لتشمل نقابة هيئة التدريس بجامعة عدن، بالإضافة إلى احتجاجات التربويين الذين قاموا بإغلاق المدارس الحكومية في مدينة عدن، كما أن هذه الاحتجاجات شملت المحاكم، وبشكل جزئي القطاع الصحي.
وعلى الرغم أن هذه الإضرابات مستمرة في بعض المرافق الحكومية حتى اليوم، إلا أنها تواجه بالتجاهل والصمت من قبل حكومة معين عبد الملك، ولأسباب عدة أهمها الضائقة المالية التي تعاني منها الحكومة، جراء استهداف مليشيا الحوثي لموانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة، فضلا عن تأخر الإصلاحات الاقتصادية والإدارية والمالية والنقدية في الجهاز الحكومي للدولة.
> إضراب المحاكم
تكررت الإضرابات للسلطة القضائية في العاصمة المؤقتة عدن، مما أثر ذلك سلبا على سير العمل الأمني بالمحافظة، نتيجة لتراكم قضايا المواطنين وتحول أقسام الشرط بالمديريات إلى ما يشبه بالسجون المركزية.
وتتعالى المطالب من قبل رجال الأمن إلى أعضاء نادي القضاء الجنوبي والمجلس الأعلى للقضاء، بإعادة النظر في الإضرابات والنظر في قضايا المواطنين، لافتين إلى أن طول فترة الاحتجاز وتزايد أعداد المحتجزين في أقسام الشرط يتحول إلى عبئ كبير أمام الأجهزة الأمنية بالمحافظات.
وفي العاشر من شهر سبتمبر الماضي، أصدر نزلاء سجن المنصورة المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن، بلاغا أعلنوا فيه بدء الإضراب عن الطعام جراء تعطيل المحاكم، الأمر الذي يسبب لهم معاناة فوق معاناة السجن.
وجاء في بلاغ مقتضب صادر عن السجناء، أنه بسبب إضراب القضاء وتعطل المحاكم، فإن ذلك يتسبب ذلك بزيادة المعاناة للمسجونين وإطالة أمد بقائهم في السجن دون النظر في قضاياهم.
وحسب البيان المقتضب أعلنوا عن بدء إضراب مفتوح عن الطعام، وتحميل السلطة القضائية تبعات أي شيء يحدث لهم، نظرا لتعطيل أعمال المحاكم.
ويتصدر رفع ميزانية السلطة القضائية قائمة المطالب التي تقف أمام الإضراب في المحاكم، بالإضافة إلى رفع رواتب وحوافز الكادر الإداري العامل في المحاكم.
> إضراب في التعليم العام والجامعي
دخل إضراب الجامعات الحكومية في العاصمة المؤقتة عدن، وبقية الجامعات في محافظات لحج وأبين وشبوة، أسبوعه الثالث دون استجابة من جانب حكومة معين عبد الملك.
وجددت نقابتا أعضاء هيئة تدريس وموظفي جامعات (عدن- لحج- أبين- شبوة) في بيانهم أمس الأول الثلاثاء المطالبة بإعادة الراتب إلى قيمته قبل عام 2015، وتعيين المتعاقدين الذين مرت عليهم سنوات وهم يعملون مقابل 9 آلاف ريال شهرياً، علاوة على المطالبة بإطلاق العلاوات السنوية والتسويات المتوقفة منذ سنوات.
ووفق باحثين أكاديميين، فإن للإضرابات والاحتجاجات آثارا سلبية على العملية التعليمية وتسهم إلى حد كبير في تعطيل النشاط التعليمي والأكاديمي.
ويرى مختصون في الشؤون الأكاديمية والتعليم الجامعي أن التأثير الذي تخلفه الإضرابات والاحتجاجات، تمتد إلى البرامج والأنشطة الأكاديمية، وأن التوقف عن الدراسة يؤدي إلى التأخير في الجدول الزمني للبرامج الأكاديمية، وقد يعاني الطلاب من تأثير ذلك على مساراتهم التعليمية وموعد تخرجهم المتوقع.
ووفق هذا الرأي، فإن التأثير يطال البحث العلمي أيضا في الجامعات اليمنية، وقد يتسبب بانقطاع الدعم والتمويل وتعطيل الأنشطة البحثية المختلفة حسب الخطط المقررة لها، مما يلقي بظلاله سلبا على تقدم البحث العلمي والابتكار في تلك الجامعات.
أما تأثير الإضرابات على الطلاب والطالبات وفق مختصين، تتمثل في الصعوبات التي يواجها الطلاب والطالبات في متابعة دراستهم والحصول على الدعم الأكاديمي اللازم، علاوة على التأثيرات النفسية المتعلقة برضا الطلاب وتحفيزهم، بالإضافة إلى مشاعر القلق التي تنتابهم بشأن مستقبلهم التعليمي.
ووفق باحثين في الشؤون الأكاديمية، فإنه من الآثار المحتملة للإضرابات العمالية أنها تقود العملية التعليمية للتوقف عن الدراسة، مما يؤثر على سمعة الجامعات اليمنية، علاوة على فقدان الثقة بالمؤسسة الأكاديمية وتأثير سمعتها في المجتمع المحلي والمجتمع الأكاديمي العالمي.
ويوصي المختصون أنه يجب مراعاة هذه التأثيرات المحتملة عند التعامل مع الإضرابات في مجال التعليم الجامعي، وينبغي أن تعمل الحكومة والنقابات في الجامعات الحكومية على إيجاد حلول وسط تلبي مطالب أعضاء هيئة التدريس وفق الإمكانات المتاحة للحكومة.
وفي سياق آخر يطالب أولياء الطلاب في مدارس التعليم العام الحكومي، بتفادي التصعيد الاحتجاجي الذي من شأنه أن يؤدي إلى تأثير سلبي على العملية التعليمية ومستقبل أبنائهم.
ويتواصل إضراب المعلمين في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المجاورة لها، منذ أكثر من أربعة أسابيع، وهو ما قد يترتب عليه من أضرار كبيرة على العملية التعليمية في البلاد.
ويأتي إضراب المعلمين في المدارس الحكومية استجابة لدعوة أطلقتها رابطة المعلمين الأحرار الشهر الماضي، التي أعلنت من خلالها رفضها تحويل مرتبات المعلمين إلى البنوك الخاصة، ومنذ شهر لم يتلقَّ المعلمون أية استجابة من قبل الحكومة الشرعية.
وفي الوقت الذي تغلق المدارس الحكومية أبوابها أمام تعليم الطلاب، تستمر المدارس الخاصة بفتح أبوابها وتواصل العملية التعليمية بانتظام، تاركة التساؤلات لأولياء الأمور عن المستفيد من إغلاق المدارس الحكومية ومن تدني مستوى تعليم أبنائهم؟
> تصاعد المطالب.. وعجز حكومي
للنقابات العمالية دور كبير في الحفاظ على حقوق العاملين والقيام بدور إيجابي في رفع مستويات الأجور وتحسين ظروف العمال، وفي السابق كان لها دور فاعل ومؤثر في صياغة التشريعات العمالية.
ويرى نقابيون يمنيون أن النقابات أصبحت اليوم تنطلق من دوافع وأجندات سياسية وممارسة بعض الضغوط أكثر منها حقوقية، لذلك أصبح دورها ضعيفا وغير مؤثر على الجانب الحكومي وصناعة القرار فيها.
ومنذ أن تم إعادة هيكلة النقابات الجنوبية في إطار الاتحاد العام لعمال الجنوب، ومهمة هذه النقابات تمثل في رفع "العلم الجنوبي" في الدوائر الحكومية، علاوة على تمكين الجنوبين من إدارة مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد فيها، والمطالبة بحقوق العمال والموظفين المتراكمة منذ سنوات سابقة.
وردا على هذه المطالب العمالية، تسعى الحكومة المعترف بها دوليا وفق اشتراطات المنحة السعودية القيام بالإصلاحات في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية على مستوى قطاعات الدولة المختلفة، مع بذل الجهود للتغلب على التحديات الكبيرة التي أفرزتها الحرب الاقتصادية الحوثية، فضلا عن الحد من زيادة تدهور الأوضاع الخدمية وتفاقم الأوضاع المعيشية والمعاناة الإنسانية.
وتعد الحكومة المواطنين أنها بصدد تنفيذ حزمة من الإصلاحات عبر ووزارة المالية، يتمثل في تنفيذ برنامج الإصلاحات الشاملة في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية ومكافحة الفساد في مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى متابعة الإجراءات التصحيحية بصرف مرتبات موظفي الدولة عبر البنوك، للتخلص من الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية التي أثقلت كاهل الموازنة الحكومية.
ومع هذه الوعود الحكومية، ماتزال تتصاعد الإضرابات في الجامعات والمدارس الحكومية التي تزامنت مع بدء العام الدراسي الحالي 2023م، دون الالتفات لها من قبل حكومة معين عبد الملك، ولم تصل كما يبدو النقابات العمالية التي تمثل هذه الجهات حتى اليوم إلى تسوية أو اتفاق لحل هذه المطالب مع الحكومة.
ووفق مختصين في الشأن الاقتصادي، فإن هذه الإضرابات تشكل عقبات والتزامات مالية كبيرة تجاه حكومة معين عبد الملك التي تعاني أصلا من شحة الموارد المالية والكفاءة في تحصيلها، وتعمل في نفس الوقت على تعطيل عمل المرافق الحكومية وتؤثر على تقديم الخدمات الحكومية المتدنية أصلا التي تعمل في الوقت الحالي بحدها الأدنى.
كما أن الإضرابات المتواصلة وفق مراقبين، تتسبب بتأزيم الحالة السياسية في المحافظات الجنوبية المتأزمة أصلا وتعبر عن نفسها بأكثر من طريقة ووسيلة، ولعل إحداها هذه الاحتجاجات التي تتخذ الطابع المطلبي.
وعلى الرغم من أن واجب هذه الحكومة تنفيذ مطالب النقابات العمالية وتحسين أوضاع العاملين في الجهاز الإداري للدولة بزيادة الأجور بشكل عادل ومستدام، غير أن الحكومة تتعلل بالظروف الاقتصادية والمالية الاستثنائية التي يمر بها البلد، وما تسبب به مليشيا الحوثي من دمار وحرب اقتصادية على مختلف قطاعات الدولة المختلفة.
ختاما.. تأتي هذه الإضرابات التي دعت إليها النقابات العمالية في المكاتب التنفيذية والمصالح الحكومية في ظل ازدياد تكاليف المعيشة وتدني قيمة العملة المحلية وتحويل الرواتب عبر البنوك الحكومية والتجارية، وأصبح من الضروري مراجعة أجور العاملين وزيادتها؛ للإسهام بتحسين جودة حياتهم وتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية المناسبة لأسرهم.
كما أن هذه المطالب الحقوقية تتزامن مع تحديات ماثلة تقف أمام الحكومة المعترف بها دوليا، وتزايد مخاوفها من أنها ربما قد لا تستطيع المحافظة على دفع الرواتب في مطلع العام القادم.
وطبقا لتصريحات حكومية، فإن الحكومة تبذل الجهود الكبيرة في سبيل الحفاظ على استقرار العملة وتقديم الحد الأدنى من الخدمات الضرورية للمواطنين، وتتخوف في نفس الوقت أن يستمر الحال على حاله بعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها في حالة عدم تصدريها للنفط والغاز من موانئها الرئيسة.
وعلى الرغم من كثرة الإضرابات والاحتجاجات التي تشهدها غالبية المحافظات الجنوبية، لكن يبقى أبرزها هي الإضرابات التي طالت المحاكم وتعطيل التقاضي بين الناس، وكذا إضرابات الجامعات والمدارس الحكومية والمرافق الخدمية، لما لذلك من آثار مباشرة على تعطيل المرافق الخدمية، ومعها حياة المواطنين في ظل تدني أو انعدام تقديم الخدمات حتى قبل حدوث الإضرابات هذه.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: فی العاصمة المؤقتة عدن المحافظات الجنوبیة النقابات العمالیة العملیة التعلیمیة المدارس الحکومیة بالإضافة إلى علاوة على من قبل أن هذه
إقرأ أيضاً:
مقترح برلماني لـ"التعليم" بتعديل سن القبول في المدارس الحكومية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وجهت النائبة آمال عبد الحميد، عضو مجلس النواب، اقتراح برغبة، إلى المستشار حنفي جبالي رئيس المجلس، موجه إلى وزير التربية والتعليم، لتعديل سن القبول في المدارس الحكومية، يتم العمل بها ابتداءً من العام الدراسي المُقبل، ليحدد موعد احتساب سن القبول 31 ديسمبر من كل عام دراسي بدلًا مما هو معمول به حاليًا في 1 أكتوبر.
وقالت النائبة: "إن فلسفة تعديل سن القبول في المدارس الحكومية يأتي استجابةً لمطالب وشكاوى أولياء الأمور في مصر الذين يعانون نتيجة التعنت في احتساب سن القبول في الأول من أكتوبر كل عام، وهو ما يحرم على أبنائهم الكثير من الفرص في الالتحاق بالمدارس، نتيجة تأخر قبول أبنائهم".
وأضافت "عبد الحميد":" أن هذا التعديل يتوافق مع أحكام الدستور الذي جعّل من التعليم حق مكفول للجميع دون أي تمييز، والدولة مُلزمة باتخاذ جميع الإجراءات التي تكفل هذا الحق، كما ألزمها الدستور باتخاذ أي قرار أو إجراء يمس مصلحة الطلاب وأولياء الأمور كما يتوافق هذا التعديل مع استراتيجية الارتقاء بالمنظومة التعليمية".
وتابعت "عضو مجلس النواب"، أنه وفقًا للضوابط المعمول به حاليًا لدى وزارة التربية والتعليم يُحتسب السنوات المطلوبة للتقدم من واقع تاريخ الميلاد حتى سن الطفل في 1 أكتوبر، ويظل شرط السن تحديدًا عقبة كبيرة أمام الآلاف من أولياء الأمور والأسر في مصر، مما يدفعهم إلى الحصول على استثناءات من شرط السن أو التحايل بطرق غير ملتوية من أجل قبول أبنائهم في المدارس، ومن يعجز عن ذلك ليس أمامه سوى إلحاق أبنائهم بالمدارس الخاص وهو ما يزيد من معاناتهم نتيجة ارتفاع مصروفات القبول أو الانتظار للعام القادم مما يؤخر عليه فرصة التعليم".
وأكدت أنه حان الوقت لإعادة النظر في المادة 15 من القانون رقم 139 لسنة 1981 الخاص بالتعليم، وتعديل سن القبول، ليصبح من 31 ديسمبر من كل عام بدلًا من الأول من أكتوبر، لاستيعاب أبنائنا الطلاب في المدارس وعدم إهدار فرص التعليم عليهم.
ونوهت بأن هذه التعديلات تغلق الباب أمام التحايل على القانون أو طلب استثناءات وتوفر بيئة تعليمية مناسبة لكل الطلاب في مصر وترفع المعاناة عن عاتق أولياء الأمور كما تتوافق مع المعايير الدولية في التعليم.