(عدن الغد)خاص:

الحقوق العمالية والوظيفية.. بين تسيس العمل النقابي والعجز الحكومي لمواجهتها..

ما الأضرار التي تلحقها الإضرابات على التعليم العام والجامعي؟

ما دور النقابات العمالية للوصول إلى تسوية بشأن هذه المطالب؟

هل هذه المطالب واقعية أم مجرد مكايدات سياسية.. ولماذا تعجز الحكومة عن مواجهتها؟

هل تثمر الإصلاحات الحكومية وفق شروط المنحة السعودية في وضع حلول لهذه المطالب؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

تتصاعد المطالب العمالية والحقوقية هذه الأيام في المحافظات الجنوبية ومن بينها العاصمة المؤقتة عدن.

ومنذ دحر مليشيا الحوثي في يوليو 2015م، والنقابات العمالية التي تأسست من بعد هذا التاريخ هي التي تتبنى هذه المطالب العمالية في المحافظات الجنوبية.

وترتفع أصوات موظفي الدولة في المكاتب التنفيذية والهيئات والمصالح الحكومية الخدمية والجامعات في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات الجنوبية، مطالبة بالدرجات الوظيفية والأكاديمية وصرف العلاوات والتسويات والترقيات والاستحقاقات الوظيفية الأخرى المتراكمة منذ سنوات مضت.

ومؤخرا اتسعت دائرة الإضرابات في العاصمة المؤقتة عدن، لتشمل نقابة هيئة التدريس بجامعة عدن، بالإضافة إلى احتجاجات التربويين الذين قاموا بإغلاق المدارس الحكومية في مدينة عدن، كما أن هذه الاحتجاجات شملت المحاكم، وبشكل جزئي القطاع الصحي.

وعلى الرغم أن هذه الإضرابات مستمرة في بعض المرافق الحكومية حتى اليوم، إلا أنها تواجه بالتجاهل والصمت من قبل حكومة معين عبد الملك، ولأسباب عدة أهمها الضائقة المالية التي تعاني منها الحكومة، جراء استهداف مليشيا الحوثي لموانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة، فضلا عن تأخر الإصلاحات الاقتصادية والإدارية والمالية والنقدية في الجهاز الحكومي للدولة.

> إضراب المحاكم

تكررت الإضرابات للسلطة القضائية في العاصمة المؤقتة عدن، مما أثر ذلك سلبا على سير العمل الأمني بالمحافظة، نتيجة لتراكم قضايا المواطنين وتحول أقسام الشرط بالمديريات إلى ما يشبه بالسجون المركزية.

وتتعالى المطالب من قبل رجال الأمن إلى أعضاء نادي القضاء الجنوبي والمجلس الأعلى للقضاء، بإعادة النظر في الإضرابات والنظر في قضايا المواطنين، لافتين إلى أن طول فترة الاحتجاز وتزايد أعداد المحتجزين في أقسام الشرط يتحول إلى عبئ كبير أمام الأجهزة الأمنية بالمحافظات.

وفي العاشر من شهر سبتمبر الماضي، أصدر نزلاء سجن المنصورة المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن، بلاغا أعلنوا فيه بدء الإضراب عن الطعام جراء تعطيل المحاكم، الأمر الذي يسبب لهم معاناة فوق معاناة السجن.

وجاء في بلاغ مقتضب صادر عن السجناء، أنه بسبب إضراب القضاء وتعطل المحاكم، فإن ذلك يتسبب ذلك بزيادة المعاناة للمسجونين وإطالة أمد بقائهم في السجن دون النظر في قضاياهم.

وحسب البيان المقتضب أعلنوا عن بدء إضراب مفتوح عن الطعام، وتحميل السلطة القضائية تبعات أي شيء يحدث لهم، نظرا لتعطيل أعمال المحاكم.

ويتصدر رفع ميزانية السلطة القضائية قائمة المطالب التي تقف أمام الإضراب في المحاكم، بالإضافة إلى رفع رواتب وحوافز الكادر الإداري العامل في المحاكم.

> إضراب في التعليم العام والجامعي

دخل إضراب الجامعات الحكومية في العاصمة المؤقتة عدن، وبقية الجامعات في محافظات لحج وأبين وشبوة، أسبوعه الثالث دون استجابة من جانب حكومة معين عبد الملك.

وجددت نقابتا أعضاء هيئة تدريس وموظفي جامعات (عدن- لحج- أبين- شبوة) في بيانهم أمس الأول الثلاثاء المطالبة بإعادة الراتب إلى قيمته قبل عام 2015، وتعيين المتعاقدين الذين مرت عليهم سنوات وهم يعملون مقابل 9 آلاف ريال شهرياً، علاوة على المطالبة بإطلاق العلاوات السنوية والتسويات المتوقفة منذ سنوات.

ووفق باحثين أكاديميين، فإن للإضرابات والاحتجاجات آثارا سلبية على العملية التعليمية وتسهم إلى حد كبير في تعطيل النشاط التعليمي والأكاديمي.

ويرى مختصون في الشؤون الأكاديمية والتعليم الجامعي أن التأثير الذي تخلفه الإضرابات والاحتجاجات، تمتد إلى البرامج والأنشطة الأكاديمية، وأن التوقف عن الدراسة يؤدي إلى التأخير في الجدول الزمني للبرامج الأكاديمية، وقد يعاني الطلاب من تأثير ذلك على مساراتهم التعليمية وموعد تخرجهم المتوقع.

ووفق هذا الرأي، فإن التأثير يطال البحث العلمي أيضا في الجامعات اليمنية، وقد يتسبب بانقطاع الدعم والتمويل وتعطيل الأنشطة البحثية المختلفة حسب الخطط المقررة لها، مما يلقي بظلاله سلبا على تقدم البحث العلمي والابتكار في تلك الجامعات.

أما تأثير الإضرابات على الطلاب والطالبات وفق مختصين، تتمثل في الصعوبات التي يواجها الطلاب والطالبات في متابعة دراستهم والحصول على الدعم الأكاديمي اللازم، علاوة على التأثيرات النفسية المتعلقة برضا الطلاب وتحفيزهم، بالإضافة إلى مشاعر القلق التي تنتابهم بشأن مستقبلهم التعليمي.

ووفق باحثين في الشؤون الأكاديمية، فإنه من الآثار المحتملة للإضرابات العمالية أنها تقود العملية التعليمية للتوقف عن الدراسة، مما يؤثر على سمعة الجامعات اليمنية، علاوة على فقدان الثقة بالمؤسسة الأكاديمية وتأثير سمعتها في المجتمع المحلي والمجتمع الأكاديمي العالمي.

ويوصي المختصون أنه يجب مراعاة هذه التأثيرات المحتملة عند التعامل مع الإضرابات في مجال التعليم الجامعي، وينبغي أن تعمل الحكومة والنقابات في الجامعات الحكومية على إيجاد حلول وسط تلبي مطالب أعضاء هيئة التدريس وفق الإمكانات المتاحة للحكومة.

وفي سياق آخر يطالب أولياء الطلاب في مدارس التعليم العام الحكومي، بتفادي التصعيد الاحتجاجي الذي من شأنه أن يؤدي إلى تأثير سلبي على العملية التعليمية ومستقبل أبنائهم.

ويتواصل إضراب المعلمين في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المجاورة لها، منذ أكثر من أربعة أسابيع، وهو ما قد يترتب عليه من أضرار كبيرة على العملية التعليمية في البلاد.

ويأتي إضراب المعلمين في المدارس الحكومية استجابة لدعوة أطلقتها رابطة المعلمين الأحرار الشهر الماضي، التي أعلنت من خلالها رفضها تحويل مرتبات المعلمين إلى البنوك الخاصة، ومنذ شهر لم يتلقَّ المعلمون أية استجابة من قبل الحكومة الشرعية.

وفي الوقت الذي تغلق المدارس الحكومية أبوابها أمام تعليم الطلاب، تستمر المدارس الخاصة بفتح أبوابها وتواصل العملية التعليمية بانتظام، تاركة التساؤلات لأولياء الأمور عن المستفيد من إغلاق المدارس الحكومية ومن تدني مستوى تعليم أبنائهم؟

> تصاعد المطالب.. وعجز حكومي

للنقابات العمالية دور كبير في الحفاظ على حقوق العاملين والقيام بدور إيجابي في رفع مستويات الأجور وتحسين ظروف العمال، وفي السابق كان لها دور فاعل ومؤثر في صياغة التشريعات العمالية.

ويرى نقابيون يمنيون أن النقابات أصبحت اليوم تنطلق من دوافع وأجندات سياسية وممارسة بعض الضغوط أكثر منها حقوقية، لذلك أصبح دورها ضعيفا وغير مؤثر على الجانب الحكومي وصناعة القرار فيها.

ومنذ أن تم إعادة هيكلة النقابات الجنوبية في إطار الاتحاد العام لعمال الجنوب، ومهمة هذه النقابات تمثل في رفع "العلم الجنوبي" في الدوائر الحكومية، علاوة على تمكين الجنوبين من إدارة مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد فيها، والمطالبة بحقوق العمال والموظفين المتراكمة منذ سنوات سابقة.

وردا على هذه المطالب العمالية، تسعى الحكومة المعترف بها دوليا وفق اشتراطات المنحة السعودية القيام بالإصلاحات في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية على مستوى قطاعات الدولة المختلفة، مع بذل الجهود للتغلب على التحديات الكبيرة التي أفرزتها الحرب الاقتصادية الحوثية، فضلا عن الحد من زيادة تدهور الأوضاع الخدمية وتفاقم الأوضاع المعيشية والمعاناة الإنسانية.

وتعد الحكومة المواطنين أنها بصدد تنفيذ حزمة من الإصلاحات عبر ووزارة المالية، يتمثل في تنفيذ برنامج الإصلاحات الشاملة في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية ومكافحة الفساد في مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى متابعة الإجراءات التصحيحية بصرف مرتبات موظفي الدولة عبر البنوك، للتخلص من الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية التي أثقلت كاهل الموازنة الحكومية.

ومع هذه الوعود الحكومية، ماتزال تتصاعد الإضرابات في الجامعات والمدارس الحكومية التي تزامنت مع بدء العام الدراسي الحالي 2023م، دون الالتفات لها من قبل حكومة معين عبد الملك، ولم تصل كما يبدو النقابات العمالية التي تمثل هذه الجهات حتى اليوم إلى تسوية أو اتفاق لحل هذه المطالب مع الحكومة.

ووفق مختصين في الشأن الاقتصادي، فإن هذه الإضرابات تشكل عقبات والتزامات مالية كبيرة تجاه حكومة معين عبد الملك التي تعاني أصلا من شحة الموارد المالية والكفاءة في تحصيلها، وتعمل في نفس الوقت على تعطيل عمل المرافق الحكومية وتؤثر على تقديم الخدمات الحكومية المتدنية أصلا التي تعمل في الوقت الحالي بحدها الأدنى.

كما أن الإضرابات المتواصلة وفق مراقبين، تتسبب بتأزيم الحالة السياسية في المحافظات الجنوبية المتأزمة أصلا وتعبر عن نفسها بأكثر من طريقة ووسيلة، ولعل إحداها هذه الاحتجاجات التي تتخذ الطابع المطلبي.

وعلى الرغم من أن واجب هذه الحكومة تنفيذ مطالب النقابات العمالية وتحسين أوضاع العاملين في الجهاز الإداري للدولة بزيادة الأجور بشكل عادل ومستدام، غير أن الحكومة تتعلل بالظروف الاقتصادية والمالية الاستثنائية التي يمر بها البلد، وما تسبب به مليشيا الحوثي من دمار وحرب اقتصادية على مختلف قطاعات الدولة المختلفة.

ختاما.. تأتي هذه الإضرابات التي دعت إليها النقابات العمالية في المكاتب التنفيذية والمصالح الحكومية في ظل ازدياد تكاليف المعيشة وتدني قيمة العملة المحلية وتحويل الرواتب عبر البنوك الحكومية والتجارية، وأصبح من الضروري مراجعة أجور العاملين وزيادتها؛ للإسهام بتحسين جودة حياتهم وتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية المناسبة لأسرهم.

كما أن هذه المطالب الحقوقية تتزامن مع تحديات ماثلة تقف أمام الحكومة المعترف بها دوليا، وتزايد مخاوفها من أنها ربما قد لا تستطيع المحافظة على دفع الرواتب في مطلع العام القادم.

وطبقا لتصريحات حكومية، فإن الحكومة تبذل الجهود الكبيرة في سبيل الحفاظ على استقرار العملة وتقديم الحد الأدنى من الخدمات الضرورية للمواطنين، وتتخوف في نفس الوقت أن يستمر الحال على حاله بعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها في حالة عدم تصدريها للنفط والغاز من موانئها الرئيسة.

وعلى الرغم من كثرة الإضرابات والاحتجاجات التي تشهدها غالبية المحافظات الجنوبية، لكن يبقى أبرزها هي الإضرابات التي طالت المحاكم وتعطيل التقاضي بين الناس، وكذا إضرابات الجامعات والمدارس الحكومية والمرافق الخدمية، لما لذلك من آثار مباشرة على تعطيل المرافق الخدمية، ومعها حياة المواطنين في ظل تدني أو انعدام تقديم الخدمات حتى قبل حدوث الإضرابات هذه.
 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: فی العاصمة المؤقتة عدن المحافظات الجنوبیة النقابات العمالیة العملیة التعلیمیة المدارس الحکومیة بالإضافة إلى علاوة على من قبل أن هذه

إقرأ أيضاً:

تحليل لـCNN: لماذا قد تكون الجولة المقبلة من المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية أكثر صعوبة؟

تحليل بقلم نادين إبراهيم من شبكة CNN

(CNN) --   من المقرر أن تبدأ الولايات المتحدة وإيران جولة ثالثة من المحادثات النووية، السبت، لتدخلا ما يصفه الخبراء بمرحلة أكثر صعوبة من المفاوضات الفنية، في الوقت الذي تضع فيه واشنطن شروطها.

وصرح وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الأربعاء، بأن الولايات المتحدة لا تتصور أن تقوم إيران بتخصيب موادها النووية بنفسها، بل استيراد الوقود النووي (اليورانيوم) اللازم لبرنامج طاقة مدني. 

وأكدت إيران مرارًا وتكرارًا أن حقها في تخصيب اليورانيوم غير قابل للتفاوض.

ووصفت كل من الولايات المتحدة وإيران المحادثات السابقة بأنها "إيجابية"، على الرغم من تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن ضربات عسكرية أمريكية وإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في حال عدم قبول طهران بالاتفاق.

لكن محادثات السبت قد تكون أكثر تعقيدًا، إذ من المقرر أن تشمل مفاوضات حول تفاصيل البرنامج النووي الإيراني، وهو مجال لا يزال الخلاف فيه حادًا بين طهران وواشنطن.

إليكم ما نعرف، وكيف وصل الجانبان إلى هذه المرحلة؟

تم التوصل إلى اتفاق نووي عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، بما فيها الولايات المتحدة، وافقت بموجبه إيران على الحد من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات التي شلت اقتصادها.

وسمح الاتفاق، المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، لإيران بتخصيب اليورانيوم بمستوى يضمن أن يكون برنامجها النووي سلميًا بحتًا.

وانسحب ترامب من هذا الاتفاق عام 2018 خلال ولايته الرئاسية الأولى. وردت إيران بزيادة تخصيب اليورانيوم إلى نسبة نقاء 60٪، وهي نسبة أقرب إلى نسبة 90٪ تقريبًا اللازمة لصنع قنبلة نووية.

وتصر إيران على أن برنامجها النووي لا يزال سلميًا.

في الشهر الماضي، أرسل ترامب رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي يقترح فيها إجراء مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد، موضحًا أن إيران لديها مهلة شهرين للموافقة على اتفاق جديد، وفقًا لما ذكره مصدر مطلع على محتوى الرسالة لشبكة CNN.

ماذا يريد ترامب.. وما هي القضايا الرئيسية؟

صرح ترامب بأنه يريد اتفاقًا "أقوى" مع إيران من الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 2015 في عهد إدارة باراك أوباما، لكن المسؤولين الأمريكيين تباينت مواقفهم بشأن مطالبهم خلال الشهر الماضي.

في محاولتها لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة تطالب بتفكيك برنامجها النووي بالكامل - بما في ذلك برنامج الطاقة المدنية - أو ما إذا كانت ستسمح بمثل هذا البرنامج إذا تخلت إيران عن تخصيب اليورانيوم محليًا.

وهذا الشهر، صرّح ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى المحادثات الإيرانية، بأنه لا حاجة لإيران لتخصيب اليورانيوم بما يتجاوز ما هو مطلوب لبرنامج للطاقة النووية، ولم يطالب إيران بوقف تخصيب اليورانيوم كليًا أو تفكيك برنامجها النووي.

وتراجع عن موقفه في اليوم التالي في بيان عبر منصة “إكس” (تويتر سابقا) قال فيه إن أي اتفاق نهائي مع إيران سيتطلب منها "وقف برنامجها للتخصيب والتسليح النووي والقضاء عليه".

في غضون ذلك، دعا وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث طهران إلى تفكيك برنامجها النووي بالكامل.

ثم، في مقابلة يوم الأربعاء، قال روبيو إن بإمكان إيران امتلاك برنامج نووي مدني، لكن سيتعين عليها استيراد الوقود النووي اللازم بدلًا من إنتاجه محليًا.

وقال روبيو لموقع "فري برس": "هناك طريق لبرنامج نووي مدني وسلمي إذا أرادوا ذلك لكن إذا أصرّوا على تخصيب اليورانيوم، فسيكونون الدولة الوحيدة في العالم التي لا تمتلك برنامج أسلحة، بل تقوم بالتخصيب لذا، أعتقد أن هذا يُمثل مشكلة".

في حين أن معظم الدول التي تُخصّب اليورانيوم محليًا لديها أيضًا برنامج أسلحة نووية، فإن دولًا أخرى لا تمتلكه.

 وعلى سبيل المثال، تُخصب البرازيل بعض اليورانيوم محليًا لبرنامجها النووي، وفقًا للجمعية النووية العالمية.

 في غضون ذلك، يُشغّل اتحاد الوقود النووي البريطاني الألماني الهولندي "يورينكو" محطات تخصيب في ألمانيا وهولندا، وكلاهما لا يمتلك أسلحة نووية، وهذه الدول، مثل إيران، طرف في معاهدة الأمم المتحدة لمنع انتشار الأسلحة النووية، التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية.

في الأسبوع الماضي، صرّح وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت لصحيفة نيويورك تايمز في السعودية بأن الرياض وواشنطن تسيران على "مسار" للتوصل إلى اتفاق قد يسمح للمملكة بتخصيب اليورانيوم.

وقال: "المسألة هي السيطرة على التكنولوجيا الحساسة. هل هناك حلول لذلك تتضمن التخصيب هنا في المملكة العربية السعودية؟ نعم".

ماذا تقول إيران؟

عززت إيران حقها في تخصيب اليورانيوم، واتهمت إدارة ترامب بإرسال إشارات متضاربة.

ونقلت قناة برس تي في الرسمية عن وزير الخارجية عباس عراقجي الذي يمثل إيران في المحادثات النووية قوله "إن برنامج التخصيب الإيراني هو مسألة حقيقية وصادقة، ونحن مستعدون لبناء الثقة فيما يتعلق بالمخاوف المحتملة، ولكن قضية التخصيب غير قابلة للتفاوض".

وحددت طهران "خطوطها الحمراء" في المحادثات، بما في ذلك "لغة التهديد" من جانب إدارة ترامب و"المطالب المبالغ فيها بشأن البرنامج النووي الإيراني".

 وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن على الولايات المتحدة أيضًا الامتناع عن إثارة قضايا تتعلق بصناعة الدفاع الإيرانية، في إشارة على الأرجح إلى برنامجها الصاروخي الباليستي، الذي يعتبره حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تهديدًا لأمنهم.

وفي غضون ذلك، تعاملت القيادة الإيرانية العليا مع المحادثات بحذر شديد.

 وفي أول تعليق له على هذه القضية، قال خامنئي إن طهران "ليست مفرطة في التفاؤل ولا مفرطة في التشاؤم" بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة.

كما حاولت الجمهورية الإسلامية تصوير أي اتفاق نووي محتمل على أنه مفيد للولايات المتحدة. هذا الأسبوع، أشاد عراقجي بإمكانية اضطلاع شركات أمريكية بدور في برنامج الطاقة النووية الإيراني، واعدًا بـ"عقود محتملة بعشرات المليارات من الدولارات".

ما العقبات الأخرى المحتملة؟

إلى جانب المحادثات رفيعة المستوى بين عراقجي وويتكوف، السبت، ستبدأ الفرق الفنية بصياغة تفاصيل اتفاق محتمل.

وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، يوم الخميس، بأن مايكل أنطون، رئيس تخطيط السياسات في الوزارة، سيرأس الفريق الفني من الجانب الأمريكي.

وقال مصدر مطلع لشبكة CNN إن الفريق سيتألف من حوالي 12 خبيرًا على مستوى العمل من مختلف الوكالات الحكومية الأمريكية، وسيناقش تفاصيل أكثر تفصيلًا حول مسار اتفاق نووي جديد، مثل تخفيف العقوبات المحتمل والقيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني.

وقالت تريتا بارسي، نائبة الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي في واشنطن، إن المحادثات الفنية "صعبة" لأنها ستحاول معالجة القضايا التي لم تُناقش في اتفاق عام 2015، وأضافت أن "هذا يتطلب خبرة فنية لضمان إمكانية تطبيق هذه الأفكار المختلفة".

وإلى جانب مسألة التخصيب، قد تظهر تعقيدات بما في ذلك المطالبة بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل "على غرار ليبيا"، كما سعت إسرائيل، على حد قولها.

فككت ليبيا برنامجها النووي 2003 أملاً في بدء عهد جديد من العلاقات مع الولايات المتحدة بعد حظرها النفطي الذي استمر عقدين على نظام معمر القذافي.

وبعد تخلّيها عن برنامجها النووي، انزلقت ليبيا في حرب أهلية عقب انتفاضة في 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتي أطاحت بنظام القذافي وأدت إلى مقتله ولطالما حذّر المسؤولون الإيرانيون من رفض أي اتفاق مماثل منذ البداية.

وقالت بارسي إن عقبة أخرى قد تظهر إذا طالبت الولايات المتحدة بأن تكون القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني "مستمرة".

 وأضافت: "أي أن هذا لن يكون مثل اتفاقيات الحد من الأسلحة العادية، حيث تكون القيود محدودة زمنياً وتنتهي بمرور الوقت".

كان لاتفاق عام 2015 تاريخ انتهاء صلاحية، ينتهي في أكتوبر/ تشرين الأول 2025 ما لم يُقرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلاف ذلك.

عندما انسحب ترامب من الاتفاق عام 2018، انتقد بشدة مهلة العشر سنوات المحددة في الاتفاق، قائلاً إنه حتى "إذا امتثلت إيران بالكامل، فسيظل النظام على وشك تحقيق اختراق نووي في غضون فترة قصيرة".

وقالت بارسي إنه قد تكون هناك فرصة لتمديد الجدول الزمني "لكن أي شيء يدفع نحو قيود نهائية ودائمة من المرجح جدًا أن يفشل، وربما يكون ذلك عن عمد".

أين تقف إسرائيل؟

لطالما كانت إسرائيل من أشد المؤيدين لتفكيك إيران لبرنامجها النووي بالكامل حتى لا تتمكن أبدًا من امتلاك قنبلة نووية.

وكانت مصادر مطلعة على الأمر قد صرحت لشبكة CNN سابقًا بأن أنباء المحادثات النووية الأمريكية الإيرانية "بالتأكيد لا تروق" لإسرائيل، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان نتنياهو قد أُبلغ مسبقًا بالمفاوضات أو ما إذا كان قد تم التشاور معه.

والصفقة الوحيدة التي قد يعتبرها نتنياهو مقبولة هي صفقة نووية على غرار ليبيا.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي أن ترامب منع إسرائيل من ضرب المواقع النووية الإيرانية في موعد أقصاه الشهر المقبل لإتاحة الفرصة للمحادثات مع طهران للاستمرار.

ولم ينفِ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي صحة التقرير، بل أكد أن تصرفات إسرائيل أعاقت البرنامج النووي الإيراني.

وردًا على التقرير، قال ترامب: "لن أقول إنني منعتها"، لكنني "لست مستعجلًا للقيام بذلك لأنني أعتقد أن لدى إيران فرصة لبناء دولة عظيمة والعيش بسعادة دون موت".

أمريكاإسرائيلإيرانليبياالاتفاق النووي الإيرانيالبرنامج النووي الإيرانيالحكومة الإسرائيليةالناتوبنيامين نتنياهودونالد ترامبعلي خامنئيمعمر القذافينشر السبت، 26 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • تحليل لـCNN: لماذا قد تكون الجولة المقبلة من المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية أكثر صعوبة؟
  • «الشيباني»: ما قاله محمد الرعيض تحليل خاطئ للوضع الراهن
  • جبران: زمن التقاضي في المحاكم العمالية بقانون العمل الجديد لن يزيد عن 3 أشهر
  • تحليل غربي: لماذا يجب على واشنطن الحفاظ على وحدة اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • تحليل: الحوثيون يستغلون الضربات الأمريكية لتعزيز الدعاية والتجنيد
  • تحليل :هل ستكون رئاسة ترامب الثانية ودية تجاه كوريا الشمالية؟
  • تجمع العسكريين المتقاعدين: الاعتصام شكّل صرخة وجع وجرس إنذار أخير
  • أمراض القلب والتسمم.. مخاطر المواد الكيميائية على الصحة وكيفية تجنب آثارها السلبية؟
  • تحليل إسرائيلي حول سر توجه الجيش المصري نحو روسيا والصين
  • المطالب الاميركية في لبنان: استعجال غير محسوب قد يؤدي إلى نتائج عكسية