لست من المتحمسين للسيد دونالد ترامب. ولا أعتقد أني سأكون ذات يوم. لي نظرة مختلفة إلى رجل الدولة سواء كان رئيساً في كبرى دول العالم، أو وزيراً في أصغرها. وهي نظرة كلاسيكية رجعية عتيقة قوامها القيم والاعتدال واحترام الغير. شروط بسيطة لا صعبة ولا معقدة.
الصفقات كانت عادة تميز رؤساء أمريكا، من روزفلت إلى جيمي كارتر، إلى رونالد ريغان.
العجرفة والغطرسة في سلوك ترامب منفرتان، مع أننا غرباء لا ناقة ولا جمل. لكن أهل هذا الكوكب يرون أنفسهم معنيين عندما يكون السياسي رئيس أمريكا أو روسيا أو الهند. هؤلاء رجال يطلون على حياتنا كل يوم شئنا أم أبينا. ويعكرون أمزجتنا مهما كانوا بعيدين عنا، أو يبعثون الراحة والطمأنينة في نفوس البشرية. وترامب ليس من الفئة الأخيرة. إنه من النوع الذي يسميه الأمريكيون "بولدوزر". جرافة تأخذ في طريقها كل شيء. يحكي لا يصغي. يقرر ولا يستشير. وهذا عيب أساسي في رجل الدولة، أو رجل المسؤولية.هذا كله في كفة. أما في الكفة الأخرى فإن مطاردة دونالد ترامب بهذه الطريقة، من محكمة إلى محكمة، ومن قضاء سياسي إلى قضاء عقاري، إلى قضاء إباحي، مسألة تثير الشكوك في العدالة الأمريكية. إنها تذكرني بمطاردة ريتشارد نيكسون حتى الموت في فضيحة ووترغيت. حوكم وأدين وأرغم على الاستقالة من الرئاسة، وظل الإعلام يطارده في وحدته وعزلته. أخرجه الإعلام من النظام ومن الحياة. ولم يعد أحد يطرق بابه أو يلقي السلام عليه. وتحول، حتى وفاته، إلى موضوع تهكم شرس، ومبتذل.
يستطيع النظام السياسي الأمريكي أن يكون شجاعاً ومجرداً مثل إحالة نجل جو بايدن إلى القضاء. ويستطيع أن يكون فظاً باستخدام القانون في الكره الشخصي أو الحزبي. ربما كانت هذه المطاردة تفيد ترامب في معركته الانتخابية، وتثير التعاطف معه، لكنها تعطي عن أمريكا صورة الثأر والانتقام حتى الموت.
عرفت هذه الحالات في السياسة والسينما والتجارة والحياة الحزبية. تدمير الحياة المعنوية بصرف النظر عما يرافق ذلك من مآس، وأحزان. لا يغيب عنا طبعاً أن دونالد ترامب جزء، أو نموذج، من هذا الطابع العام. لكن ذلك لا يبرر أبدا اللجوء إلى الأسلوب نفسه. واضح أن هناك "دولة عميقة" أو مجموعة قوى تخشى عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وتسعى إلى منعه من الترشح مرة أخرى، خوف وصوله عن طريق الانتخاب.إنها أزمة، أو مأزق، من أزمات الديمقراطية في أمريكا، حيث يقف القانون في لحظة واحدة، في ذروته وفي هزاله.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة ترامب
إقرأ أيضاً:
"لوفيجارو": هل ينصت ترامب إلى ماسك بشأن الرسوم الجمركية؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حذرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أن الصدمة العالمية التي أحدثها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة وشاملة على جميع الواردات "لا تبشر بالخير"؛ موضحة أنه في الاقتصاد المعولم، حيث يمكن للمنتج نفسه أن يعبر خمسة حدود قبل أن يكتمل إنتاجه، تعمل الضرائب على تعطيل سلاسل القيمة، وزيادة التكاليف، وتقويض القدرة التنافسية.
وطرحت "لوفيجارو" -في افتتاحيتها اليوم /الثلاثاء/ - تساؤلًا حول ما إذا كانت دعوة إيلون ماسك، ومستشار ترامب الذي يحظى باحترام كبير، إلى إبرام اتفاقية تجارة حرة شاملة بين أوروبا والولايات المتحدة، كافية لإقناع دونالد ترامب بالعدول عن قراره.
نبهت التصحيفة الفرنسية إلى أنه يمكن استشراف تعثر البورصات، على المدى القصير، في ظل حالة عدم اليقين المنتشرة، كما ستتضاعف القرارات الاقتصادية الانتقامية، بينما توقعت، على المدى المتوسط، تباطؤ التجارة ومعاناة المصانع، مضيفة أن الابتكار سوف يتراجع، وسوف تصبح الاقتصادات أكثر فقرًا.
كما نقلت الصحيفة عن رئيس وزراء فرنسا فرانسوا بايرو توقعاته بانخفاض النمو في فرنسا نصف نقطة مئوية إذا استمرت أمريكا في سياساتها، وكذلك مخاوف البنك المركزي الأوروبي من تراجع الناتج المحلي الإجمالي في أوروبا بما يصل إلى 0.8 نقطة.
وكان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة وشاملة على جميع الواردات قد أشعل حالة من الذعر في البورصات أمس /الإثنين/، حيث انهارت البورصات الآسيوية في الساعات الأولى من صباح أمس، وهبطت البورصات الأوروبية بدورها بشكل حاد، ثم تعثرت وول ستريت بعد ذلك بقليل. وخسرت البورصات آلاف المليارات من اليورو من قيمتها السوقية في يوم واحد.
لكن ترى "لوفيجارو" أن الرئيس الأمريكي قد "أغلق أذنيه"، على الأقل في الوقت الراهن؛ فقد دعا ترامب الأمريكيين أمس - قبل دقائق من افتتاح سوق نيويورك للأسهم الذي تعرض لانخفاضات حادة- إلى "التحلي بالقوة والشجاعة والصبر وألا يكونوا ضعفاء"، فيما يتعلق بالرسوم الجمركية التي فرضها.
وأشارت "لوفيجارو" إلى أن ترامب يستطيع قطعا وقف هجومه الجمركي، لكنه لا يستطيع السيطرة على ردود أفعال الدول التي يهاجمها. على سبيل المثال، دخلت الصين في صراع قوة مع الولايات المتحدة من خلال إقامة حواجز جمركية أمام البضائع الأمريكية.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن القارة الأوروبية تسعى من جانبها إلى تحقيق التوازن بين الحزم والانفتاح: حيث تم التخطيط لاتخاذ تدابير مضادة، لكن بروكسل تقترح أيضًا إلغاء جميع الرسوم الجمركية على المنتجات المصنعة في أوروبا والولايات المتحدة، وهي طريقة معقولة ومربحة لجميع أولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن التجارة الخالية من الحواجز تخلق ثروات أكثر مما تدمر اقتصادات.
وفي ختام افتتاحيتها، تساءلت صحيفة "لوفيجارو" عمّا اذا كانت دعوة إيلون ماسك، ومستشار ترامب الذي يحظى باحترام كبير، إلى إبرام اتفاقية تجارة حرة شاملة بين أوروبا والولايات المتحدة كافية لإقناع دونالد ترامب بالعدول عن قراره.