«الإسلاموفوبيا» أحدث تجليات الاستشراق الغربي
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
«الإسلاموفوبيا» أحدث تجليات الاستشراق الغربي
لا نريد أن نناصب الغرب العداء، كما لم يكن إدوارد سعيد أبدًا معاديًا للغرب.
نقطة البدء هى الثقة بذاتنا الحضارية أي الاعتزاز بلغتنا العربية والإصرار على الإنتاج الفكرى بها، لا إهمالها واحتقارها.
«الإسلاموفوبيا» ليست إلا أحدث تجليات ظاهرة تضرب بجذورها فى عمق الثقافة الغربية، ولا يمكن فهمها بمعزل عن تاريخها.
جريمة حرق المصحف الشريف لم تكن جريمة فقط لأنها موجهة ضد المسلمين بل هي ضد المجتمع الإنسانى وخروج عن الفطرة السليمة.
نحتاج لثورة في العلوم الاجتماعية تراجع دراسة تاريخنا وحضارتنا وحاضرنا دراسة نقدية مبنية على أسس علمية سليمة بلا تمجيد ولا تطبيق للمناهج الغربية حرفيًا.
حين تسعى لإثبات عدم تعارض الإسلام والحداثة فإنك تقع فى الفخ، لأن النقاش يتم على أرضية تنطلق من فرضية غربية مقطوعة الصلة بالتاريخ والمجتمعات العربية.
* * *
لم أُفاجأ بتكرار تكرار حلقات تدنيس وحرق المصحف الشريف بالسويد والدنمارك وكان آخرها بهولندا الأسبوع الماضى، لكن أريد التركيز على كون «الإسلاموفوبيا» ليست إلا أحدث تجليات ظاهرة تضرب بجذورها فى عمق الثقافة الغربية، ولا يمكن فهمها بمعزل عن تاريخها.
لذلك اصطحبت القارئ فى رحلة قصيرة لكتاب إدوارد سعيد «الاستشراق»، إذ يمثل دراسة نقدية بالغة الأهمية للكيفية التى يدرس بها الغربيون عالمنا، والنفوذ الواسع للاستشراق وتأثيره المباشر على صناع القرار والمواطن العادى. ونفوذ الاستشراق امتد لخارج الغرب، فاتسع نطاق منهجه وتعميماته المخلة.
لكن كتاب إدوارد سعيد لم يقتصر على تقديم رؤية نقدية للاستشراق. فقد نالنا نحن أيضًا نقدًا بالغ الأهمية، وأعتبره جوهريًا لتحليل وقائع مثل حرق المصحف الشريف وردود أفعالنا.
فما كان يؤرق إدوارد سعيد أكثر من أى شىء آخر هو النفوذ الواسع الذى بات الاستشراق يتمتع به لدينا نحن! فالاستشراق بعد هيمنته على العلوم الاجتماعية فى الغرب، قمنا نحن للأسف بنقله حرفيًا! فدون تحليل نقدى للمناهج وللمفردات، نقلنا العلوم الاجتماعية الغربية نقلًا حرفيًا بمفرداتها ونظرياتها ومناهجها وكأنها «الحقيقة» المطلقة.
وبالتالى بات الكثير من باحثينا، حين يدرسون عالمنا العربى والإسلامى، يكتبون بمناهج الاستشراق ويستخدمون مفرداته نفسها ويطبقونها بكل خفة وبساطة على مجتمعاتنا. وهم بذلك يعيدون إنتاج المنظومة الفكرية ذاتها، المنحازة ضدنا أصلًا!
وهكذا نُضفى بأنفسنا الشرعية على منظومة بائسة ونعيد إنتاجها وتصديرها ليس فقط للغرب وإنما لمن هم خارجه بل ولأنفسنا أيضًا!
بعبارة أخرى، رغم أن الاستشراق لعب دورًا فى تشكيل الوعى العام الغربى المنحاز، وغذت الحركة الصهيونية طبعًا صوره النمطية السلبية، فإن الأكثر خطورة هو أننا نعيد بأنفسنا إنتاج المنظومة ذاتها.
ولأن تلك المنظومة منحازة ضدنا أصلًا، فإننا نجد أنفسنا فى موقف دفاعى كلما ارتكب عربى أو مسلم حماقة أو جريمة ما. وهو فخ فى ذاته، لأن الموقف الدفاعى ينطلق بالضرورة من أرضية الهجوم الغربى، لا من أرضيتنا ولا حضارتنا وثقافتنا.
فنقع، بالتالى، فى الثنائيات نفسها التى اخترعها الغرب وصدقناها نحن من نوع «الإسلام مقابل الحداثة». فأنت حين تسعى، مثلًا، لإثبات أن لا تعارض بين الإسلام والحداثة فإنك تقع فى الفخ، لأن النقاش يتم على أرضية تنطلق من فرضية منطقها غربى ومقطوعة الصلة تمامًا بالتاريخ والمجتمعات العربية.
باختصار، لعل نقطة البدء هى الثقة بذاتنا الحضارية. وهو ما يعنى ضمن ما يعنى الاعتزاز بلغتنا العربية والإصرار على الإنتاج الفكرى بها، لا إهمالها واحتقارها. كما نحتاج لثورة فى العلوم الاجتماعية تراجع دراسة تاريخنا وحضارتنا وحاضرنا دراسة نقدية مبنية على أسس علمية سليمة. فلا هى تُمجّد ولا هى تطبق المناهج الغربية حرفيًا. وليس خافيًا أن ذلك كله جهد هائل لابد أن تقوم عليه مؤسسات لا أفراد.
والحقيقة أن أيًا مما تقدم لا يعنى أن نناصب الغرب العداء، بالضبط مثلما لم يكن إدوارد سعيد أبدًا معاديًا للغرب. فجريمة حرق المصحف الشريف لم تكن جريمة فقط لأنها موجهة ضد المسلمين وإنما لأنها، فى تقديرى، جريمة ضد المجتمع الإنسانى على اتساعه، وخروج عن الفطرة البشرية السليمة.
فإهانة المقدسات، لكل الأديان، جريمة تضر بالجماعة البشرية لا بأصحاب المقدسات وحدهم، إذ تقوض فرص التواصل، القائم بالضرورة على الاحترام المتبادل، وتفتح الباب على مصراعيه لشرور لا تُبقى ولا تذر. ورد فعلنا ينبغى أن ينبنى على هذا الطرح، ويعكس اعتزازًا بحضارتنا وبإسهامها فى الحضارة الإنسانية.
*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، خبيرة في الشأن الأمريكي
المصدر | المصري اليومالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الغرب إسلاموفوبيا الشرق الاستشراق الإسلام الحداثة الأديان إدوارد سعيد العلوم الاجتماعیة المصحف الشریف إدوارد سعید حرفی ا
إقرأ أيضاً:
مدبولي يتابع أعمال تطوير الساحل الشمالي الغربي من غرب رأس الحكمة لشرق مطروح
كتب- محمد سامي:
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعا اليوم بشأن متابعة أعمال تطوير الساحل الشمالي الغربي من غرب رأس الحكمة لشرق مطروح بحضور المهندس/ شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، واللواء/ خالد شعيب، محافظ مطروح، والمهندس/ أحمد عبد العظيم، مدير المكتب الاستشاري "دار الهندسة"، والدكتور عبد الخالق إبراهيم، مساعد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية للشئون الفنية، والمهندس/ أحمد إبراهيم، رئيس جهاز العلمين والمشرف على أجهزة الساحل الشمالي الغربي، ورضا جاب الله، رئيس مدينة مطروح.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء، في مُستهل الاجتماع، أن تطوير تلك المنطقة يجب أن يأتي في سياق الهدف الرئيس للدولة؛ والمتمثل في تعزيز أهميتها وتعظيم قيمتها المُضافة للاقتصاد الوطني، من خلال تحقيق التنمية المتكاملة التي تجعلها نقطة جذب عالمي على الصعيد السياحي والسكني واللوجستي وغيرها.
واستعرض المهندس/ أحمد عبدالعظيم، خلال الاجتماع، المخطط الاستراتيجي لمنطقة غرب رأس الحكمة، والذي يستهدف تحقيق رؤية الدولة الخاصة بها، حيث تطرق إلى السياق العام للمنطقة، وتحليل الموقع، والتجارب المماثلة، ورؤية المشروع والفكرة التصميمية له.
وفي إطار تناوله للسياق العام الدولي والإقليمي، أوضح "عبدالعظيم"، أن غرب رأس الحكمة تُعد أهم المدن الساحلية العملاقة على البحر المتوسط، ونقطة جذب كبرى للوجهات العالمية، كما أنها بوابة مصر الشمالية الغربية التي تربط بين إفريقيا وآسيا وأوروبا، وقد ترسخت مكانتها كمركز رئيس ومحوري لكل التطويرات على الواجهة البحرية لتكون الواجهة العالمية الأبرز في مستقبل السياحة والتطوير الساحلي.
وأكد مدير المكتب الاستشاري "دار الهندسة" أن الموقع يتصل إقليميًا عبر شبكة متكاملة من وسائل النقل؛ تشمل الطرق السريعة والقطار السريع والمطارات وميناء رأس الحكمة المُقترح، وهو ما يدعم بقوة الرؤية التنموية للإقليم.
وخلال عرضه، تحدث المهندس/ أحمد عبد العظيم عن تحليل الموقع من حيث البيئة المحلية والعمرانية والطبيعية، منوهًا إلى أن رؤية التنمية المتكاملة للمنطقة تستهدف الحفاظ على النمط البيئي والاجتماعي السائد.
وتطرق مدير المكتب الاستشاري كذلك إلى أبعاد ومساحة المواقع المستلمة، فضلًا عن تحديات الموقع ومقوماته الفريدة، والمُخطط المقترح للعمل وفق تلك المحددات، والذي يشمل التكيف مع طبيعة الأرض، والتخطيط المستدام للظهير الصحراوي لاستغلال الأودية وتعزيز السياحة البيئية والزراعة لدعم الاقتصاد والحفاظ على البيئة، وكذا تعزيز التنوع السياحي والاقتصادي من خلال تطوير قطاعات متعددة، والتكامل مع المحيط المتنوع، واستغلال التضاريس والأودية لإنشاء مساحات زراعية مفتوحة وحلول عمرانية توفر رؤية متميزة للبحر.
وانتقل "عبد العظيم" لاستعراض التجارب المماثلة في عدد من الدول، والتي تم تحديدها وفقًا لبعض المعايير، مشيرًا في هذا الشأن إلى نماذج تطوير المدن المثيلة والاستراتيجيات العمرانية الرئيسة المُتبعة وأوجُه الاستفادة من تلك التجارب في تعزيز التنوع الاقتصادي والخدمات المجتمعية وجودة الحياة، فضلًا عن ممارسات الاستدامة والتكيف مع البيئة الطبيعية، والتعامل مع الخط الساحلي، وإنشاء بنية تحتية قوية تدعم الاتصال.
وبناءً على ما سبق، تحدث مدير المكتب الاستشاري عن الرؤية المُقترحة للمشروع، موضحًا أنها تستهدف تنمية الموقع بما يتوافق مع الخصائص الطبيعية له، بدلًا من التنمية المركزية. كما استعرض الأنشطة الاقتصادية المُقترحة والطابع العمراني، والفكرة التصميمية للمُخطط العام الذي يضمن مختلف القطاعات والأنشطة؛ سياحية، وسكنية، وزراعية، وصناعية لوجستية، وتنمية متكاملة، وطرق، ومناطق مفتوحة، وبحيرات، وغير ذلك.
وفى نهاية الاجتماع وجه رئيس الوزراء بتحديد خطوات التحرك في الفترة المقبلة، بما يسهم في تنمية هذه المنطقة، وفق مستهدفات الدولة.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراءتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة