الكبد الدهني.. مرض كبار السن يهدد الأطفال
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
مرض الكبد الدهني، مرض مزمن قد يؤدي في النهاية إلى عملية زراعة كبد، كان من الشائع طبيا إصابة كبار السن به بسبب عوامل الزمن وخيارات نمط الحياة السيئة، وعادة كان الرجال الذين يشربون الخمر بشكل مفرط، هم الأكثر إصابة به، لكن هذا الأمر تغير في الفترة الأخيرة مع زيادة تشخيص إصابة الأطفال به.
ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست"، لم يكن من الشائع في الأجيال السابقة أن نشهد إصابة أطفال بمرض الكبد الدهني، لكن شيئًا ما لا يزال العلماء يحاولون معرفة ما هو قد تغير في الفترة الحالية.
ووفقا لمركز إيرفينغ الطبي بجامعة كولومبيا، يحدث مرض الكبد الدهني عندما تتراكم كمية كبيرة من الدهون في الكبد وتؤدي إلى عملية التهابية تؤدي إلى إصابة خلايا الكبد. ولا تظهر أعراض بشكل عام، لكن مع تقدمه، يمكن أن يتداخل مرض الكبد الدهني مع وظائف الكبد الحيوية.
وأوضح المركز أنه يتم تشخيص المرض عن طريق قياس مستويات إنزيم يسمى ALT في الدم، وهو علامة على تلف الكبد. لكن من الصعب تشخيص المكون الالتهابي دون إجراء خزعة الكبد، لذا فإن تقديرات الانتشار غير دقيقة.
ويعد المرض سببا متزايدا لزراعة الكبد، وفي بعض الحالات، سرطان الكبد.
وأهمية الكبد تتمثل في أنه يصنع عددا لا يحصى من البروتينات، ويحافظ على عملية التمثيل الغذائي في الجسم، ويصفي السموم من دمنا. وإذا توقف عن العمل، فإن زراعة الكبد هي العلاج الوحيد.
ما سبب انتشار المرض بين الأطفال في الولايات المتحدة؟وبدأ أطباء الأطفال في جميع أنحاء الولايات المتحدة في الإبلاغ عن حالات لأطفال لا تتجاوز أعمارهم عامين وخلال فترة المراهقة لديهم كتل من الخلايا الدهنية في الكبد بتركيزات لا ينبغي أن تكون موجودة عادة. وكانت بعض هذه الحالات متأخرة للغاية، بحسب الصحيفة.
وأوضحت أنه في العقود الماضية لم يكن هناك سوى عدد قليل من الحالات الموثقة لمرض الكبد الدهني لدى الأطفال في الأدبيات الطبية. لكن اليوم، يصيب هذا المرض الملايين، ويقدر الباحثون في مجلة Clinical Liver Disease أن 5 إلى 10 بالمائة من جميع الأطفال في الولايات المتحدة يعانون من مرض الكبد الدهني غير الكحولي، ما يجعله شائعًا مثل الربو.
زيادة تشخيص إصابة الأطفال بالكبد الدهنيونقلت الصحيفة عن طبيب الجهاز الهضمي لدى الأطفال في مستشفى كنتاكي للأطفال والمتخصص في أمراض الكبد الدهنية، سمير سوفتيك، قوله "إنه هذا أسوأ مرض ولم نكن نسمع عنه من قبل".
ويعتبر الارتفاع في عدد إصابات الأطفال بالكبد الدهني سريعا في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع، وفقا لتحليل صحيفة "واشنطن بوست".
وتظهر البيانات من عام 2017 إلى عام 2021 قفزات كبيرة في حالات الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي في جميع الأعمار في الولايات المتحدة، لكن الزيادة الأكثر حدة حتى الآن كانت بين الأطفال.
وبالنسبة للأطفال حتى سن 17 عاما، تضاعف معدل التشخيص، وفقا لبيانات التأمين التي حللتها الصحيفة.
وارتفعت حالات الاستشفاء أيضا، إذ تم علاج أكثر من مليون مريض، معظمهم من البالغين، في غرف الطوارئ أو تم قبولهم في عام 2020، وفقا لتحليل الصحيفة للحالات المتعلقة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي من قبل الوكالة الفيدرالية لأبحاث الرعاية الصحية والجودة. ويمثل ذلك زيادة بمقدار الثلثين عما كانت عليه قبل أربع سنوات فقط.
وبالمثل، زادت عمليات زرع الكبد بين المراهقين والشباب، مع زيادة بنسبة 25 في المئة خلال العقد الماضي لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاما، وفقا لبيانات من الشبكة المتحدة لمشاركة الأعضاء. لقد تضاعفت عمليات زرع الأعضاء للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا في الماضي.
وينتشر المرض بين جميع المجموعات العرقية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية، لكن الصحيفة نقلت عن بعض الأطباء قولهم إن الأطفال من أصل مكسيكي وبعض المجموعات الفرعية الآسيوية وأولئك الذين يعيشون في فقر يتأثرون بشكل أعلى.
لماذا يصيب الكبد الدهني الأطفال؟والكبد الدهني ليس المرض الوحيد الذي بدأ يهاجم، إذ ظهرت أمراض عدة كان يُنظر إليها في السابق على أنها أمراض للبالغين على وجه الحصر تقريبا، ومنها ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكوليسترول، والسكري، وحتى حصوات المرارة.
وتعكس هذه الاتجاهات بيئة يواجه فيها المزيد من الأميركيين الموت المبكر. وانخفض متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، ليصل إلى 76.4 سنة في عام 2021، وهي أدنى نقطة منذ ما يقرب من عقدين، وفقا للبيانات الحكومية، بحسب الصحيفة.
وتتفاقم الأزمة بشكل خاص في مناطق جنوب شرق البلاد، حيث تبلغ معدلات السمنة لدى الأطفال أعلى مستوياتها، لكن الصحيفة أوضحت أن السمنة ليست سوى جزء من اللغز.
زيادة تشخيص إصابة الأطفال بالكبد الدهنيوأشارت إلى أن العلماء تفاجأوا عندما وجدوا أنه ليس كل الأطفال الذين يعانون من السمنة يعانون من الكبد الدهني، وليس كل الأطفال الذين يعانون من مرض الكبد الدهني يعانون من الوزن الزائد.
ومن المفارقات كذلك، بحسب الصحيفة، أن العديد من الدراسات وجدت أن عددا كبيرا من الأطفال الذين يعانون من أخطر حالات مرض الكبد الدهني لديهم مؤشر كتلة جسم منخفض، أي أنهم يعانون من انخفاض الوزن.
وجاءت موجة مرض الكبد الدهني لدى الأطفال بسرعة كبيرة لدرجة أن المجتمع الطبي يسعى جاهداً لفهم أسباب الإصابة بالمرض وعوامل الخطر والفحص والتشخيص والإدارة.
ما العلاجات الممكنة؟وأعرب الأطباء في الولايات المتحدة عن قلقهم من عدم وجود علاجات معتمدة من إدارة الغذاء والدواء، وأن بعض التدخلات الواعدة، مثل الجيل الجديد من أدوية إنقاص الوزن، باهظة الثمن بشكل مستحيل وعادة لا يغطيها التأمين الصحي للكبد الدهني، وفقا للصحيفة.
ومع قيام بلدان في أوروبا وأمريكا اللاتينية وخارجها بزيادة تنظيم المواد المضافة إلى الأغذية وتركيبها وتسويقها، أوضحت الصحيفة أنه توجد ضغوط متزايدة على الولايات المتحدة للقيام بالشيء نفسه بعد سنوات من تعثر هذه الجهود.
زيادة تشخيص إصابة الأطفال بالكبد الدهنيويرى مركز إيرفينغ الطبي أن الحفاظ على وزن صحي عن طريق تناول كميات أقل من الأطعمة المصنعة وممارسة الرياضة بانتظام هو الطريقة الرئيسية للأطفال والبالغين للوقاية من مرض الكبد الدهني غير الكحولي.
وأوضح الموقع أنه قد يكون هناك أيضا دور لفيتامين "إي" E، مشيرة إلى أنه توجد دراسات على نوع معين من فيتامين E، وهو D-alpha tocopherol، والذي يستخدم لتقليل التهاب الكبد وإصابته لدى الأطفال والبالغين المصابين بمرض الكبد الدهني، وأثبت نتائج إيجابية.
وهذا يشير إلى أن تناول الكميات الموصى بها من فيتامين E وهو مضاد للأكسدة قد يمنع التهاب الكبد.
وتشمل الأطعمة الغنية بفيتامين E السبانخ والطماطم والأفوكادو وبعض أنواع الأسماك والمكسرات والبذور.
وأوضح المركز أنه يتم امتصاص فيتامين E من المكملات الغذائية بشكل مختلف عن النوع الغذائي، لذلك ليس من الواضح ما إذا كانت المكملات الغذائية يمكن أن تمنع التهاب الكبد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة بمرض الکبد الدهنی الأطفال الذین لدى الأطفال الأطفال فی یعانون من
إقرأ أيضاً:
المحاربون الصغار
بسبب صعوبات الحياة وتحدياتها الكثيرة والقسوة في كل مناحيها لم تعرف المجتمعات القديمة أي شيء عن حقوق الطفل بل كانت تعاملهم مثل الكبار ويتم الاستعانة بهم لمواجهة متطلبات الحياة والغارة على القبائل وحصد الغنائم.
بعد معرفة الإنسان للزراعة البدائية كان يشارك فيها كل أفراد الأسرة وكان السعي لولادة عدد كبير من الأطفال للعمل مع أسرهم في الزراعة او الرعي ، تحت سلطة أبوية مطلقة إذ يحق للأب طرد أبنائه أو بيعهم أو قتلهم أو رهنهم أو تأجير خدماتهم للغير بسبب الديون، ومن هنا ظهر الرق، أو إشراكهم في المعارك لجني الغنائم، وهنا ظهر تجنيد الأطفال والدفع بهم في النزاعات المسلحة .. لم تكن تلك الأفعال محل استهجان أو رفض من المجتمع لأنها كانت عادات وأعرافاً سائدة.
تعرضت الطفولة لكثير من الانتهاكات المتفاوتة في العديد من الحقب، إلى أن ظهرت الأديان السماوية لاسيما الإسلام فحدثت طفرة هائلة في حقوق الطفل أحدثت تطوراً حقيقياً وتطبيقاً صادقاُ.
حينما قادت أوروبا الحملات الصليبية ضد الشرق بحملة مشهورة في التاريخ توجهت بها إلى بيت المقدس عرفت ب “حملة الأطفال” في العام 1212م وقتل فيها 30 ألف طفل سقطوا قتلى وجرحى أثناء الحرب. وفي العام 1764م افتتح لويس الخامس عشر ملك فرنسا ، أول مدرسة عسكرية ضم إليها اكثر من 200 طفل أعمارهم بين الثامنة والحادية عشرة خضعوا لتدريبات عسكرية صارمة، منهم من مات أثناء التدريبات.
في القرن التاسع عشر ساد مفهوم عمالة الأطفال في أوروبا لذلك سعت فرنسا بين عام (1841م_وعام 1881م) لوضع قوانين تحمي الأطفال في أماكن عملهم من حيث الأجر ونوعية العمل ، ولم تكن عمالة الأطفال تشكل انتهاكا لحقوق الطفل في ذلك الوقت.
مع بداية القرن العشرين ظهرت مجهودات الحقوقية الناشطة البريطانية اغلاتين لويس جيب ( 1876م _ 1928م) والتي كانت تعمل في جمعيات خيرية لدعم الأطفال وسعت لإنشاء منظمة إنقاذ الطفولة وهي منظمة غير حكومية وأول حركة مستقلة تدافع عن الأطفال ، وصاحبة المقولة الشهيرة (كل جيل من الأطفال يقدم إلى البشرية إمكانية إعادة بناء العالم المدمر) ، كما صاغت إعلان جنيف لحقوق الطفل بنفسها وشاركت في ندوات كثيرة عقدت في لندن وجنيف في العام 1922م ، ثم ذهبت لاجتماع الجمعية العامة وألقت بياناً قصيراً يحمل واجبات المجتمع نحو الطفل وكيفية تقديم المساعدة له ، وتم التصديق بالفعل على إعلان جنيف لحقوق الطفل كوثيقة دولية أعلنتها عصبة الأمم في العام 1924م .
هذا الإعلان كان أول وثيقة دولية خاصة بحقوق الطفل تضمن خمس نقاط هي حماية النمو الروحي والبدني للطفل ، الحماية القانونية والاجتماعية، الإغاثة ، التدريب ، التآخي.
منذ ذلك التأريخ اكتسب الطفل حقوقاً من جهتين الأولى كونه طفلا وأخرى كونه فردا في المجتمع الإنساني.
في العام 1946م أسست الأمم المتحدة صندوق الأمم المتحدة لاغاثة الأطفال (اليونسيف) وكان تركيزها على إنقاذ الأطفال بعد مأساة الحرب العالمية الثانية وما خلفته من دمار واسع ، ووضع استراتيجية شاملة لحماية الطفولة.
في العام 1948م صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونص في المادة 25 منه على حق الأمهات والأطفال للرعاية والمساعدة والحماية الاجتماعية والقانونية.
العام 1959م تبنت الأمم المتحدة إعلان حقوق الطفل الذي يضم مجموعة من الحقوق للطفل منها حق الحياة والتعليم واللعب والرعاية الصحية والبيئة الداعمة .
جاء العام 1966م مع إقرار العالم بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وكانا بمثابة الداعم للحقوق الإنسانية ومنها حقوق الطفل.
العام 1978م قامت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بوضع مسودة اتفاقية دولية للطفل ودعت للمشاركة فيها كل الدول الأعضاء والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية .
في العام 1979م أعلنت الأمم المتحدة العام الدولي للطفل بمناسبة مرور عشرين عاما على تطور حقوق الطفل والاعتراف بها دوليا.
ثم أصدرت الأمم المتحدة القواعد الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث التي تفصل مجموعة المبادئ المعززة لمصالح الطفل والمناسبة للأطفال المحتجزين وطرق معاملتهم وتعليمهم وتقديم الخدمات الاجتماعية لهم ليعودوا مرة أخرى عناصر إيجابية للمجتمع.
ثم وضعت الأمم المتحدة عبر منظمة اليونسيف في 20 نوفمبر 1989م اتفاقية حقوق الطفل ، وكانت حدثا عالميا كبيرا ، لجمع حقوق الطفل في وثيقة دولية واحدة تتفق عليها أغلب دول العالم .
في 25 مايو 2000م تبنت الأمم المتحدة برتوكولين اختياريين لاتفاقية حقوق الطفل ، الأول يلزم الدول الأطراف بمنع مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة، والثاني يمنع بيع الأطفال واستغلالهم في الأعمال الإباحية.
في العام 2011م أقر برتوكول جديد ملحق بالاتفاقية، يسمح للجنةحقوق الطفل برفع شكاوى بشأن انتهاكات حقوق الطفل وفتح التحقيقات عنها.
السودان من أوائل الدول التي وقعت وصادقت على اتفاقية حقوق الطفل وكان ذلك في أغسطس 1990م، بل ونصت على ذلك في دستور 2005م الانتقالي في المادة 32 (5) حيث نص “تحمي الدولة حقوق الطفل كما وردت في الاتفاقيات الدولية والاقليمية التي صادق عليها السودان”.
وصادق السودان أيضا على برتوكولاتها اللاحقة كلها ، وصدر أول قانون للطفل 2004 ثم قانون الطفل 2010 وتم إنشاء المجلس القومي لرعاية للطفولة ، و شرطة ونيابة ومحاكم خاصة للأطفال.
وهنا من المهم الإشارة إلى أن اتفاقية حقوق الطفل صادقت عليها أكثر من 196دولة وهي بذلك تعد أعلى اتفاقية دولية صادقت عليها الدول في التاريخ.
قصدت من إيراد التسلسل التاريخي أن أبين كيف طور العالم تشريعاته ومواثيقه لحماية الأطفال، وكيف صنف أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها. وقد اتفقت دول العالن أن تجنيد الأطفال هو أخطر انتهاك يواجه الطفولة لأنه يهدد حياة الطفل مباشرة لاسيما مع تزايد الحروب والنزاعات المسلحة.
ورغم الاهتمام الدولي والاتفاقيات الدولية الكثيرة التي تمنع مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة إلا أنه لا زال استخدام الأطفال كجنود في الحرب وفي نقل المعدات و الأسلحة و المشاركة في عمليات التخريب والإرهاب مستمراً نظرا لأنهم أقل كلفة من الكبار كما يسهل السيطرة عليهم وعلى عقولهم وتغذيتها بأفكار وآراء أيا كانت، وهم أقل إدراكاً لحجم الخطر الذي يواجهونه، ومن الراجح أنهم ينفذون ما يؤمرون به دون نقاش.
وقد أقرت المحكمة الجنائية الدولية أن تجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشرة أو استخدامهم في الأعمال الحربية يشكل *جريمة حرب*، وكان المؤتمر الدولي السادس للصليب الأحمر والهلال الأحمر في ديسمبر 1995م قد أوصى بعدم إشراك الأطفال دون سن الثامنة عشرة في الأعمال الحربية واعتمدت هذه التوصية في المؤتمر الدولي السابع للصليب الأحمر في العام 1999م.
لقد نصت اتفاقية حقوق الطفل 1989م على أن سن التجنيد يجب ألا تقل عن خمس عشرة سنة إلا أن عدداً من الدول عبرت عن عدم موافقتها على ذلك السن وأنها تفضل سن (18) الثامنة عشرة كما نص عليه في مؤتمر الصليب الأحمر وفي الميثاق الافريقي لحقوق الطفل ورفاهيته وكذلك نص على سن الثامنة عشرة (18) عاما في البرتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلقة بالنزاعات المسلحة.
في الحالة السودانية، وعلى الرغم من أن البلاد شهدت عقوداً من النزاعات المسلحة والحروب الأهلية، إلا أن عدد الأطفال الذين تم تجنيدهم بواسطة المجموعات المسلحة ظل في حدود مفهومة، لكن الوضع اختلف تماماً في الحرب الحالية، لجهة تعدد أنواع الانتهاكات التي تعرض لها الأطفال بواسطة مليشيا الدعم السريع.
لقد ارتكبت المليشيا الإرهابية العديد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في حق المدنيين ، منها تجنيد الأطفال حيث وثقت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق التي كونت بموجب القرار A/HRC/RES/54/2.
في ديسمبر 2023م جانباً من ذلك ، وأوردت في تقريرها أن المليشيا تجند أطفالا أقل من الخامسة عشرة وتدفع بهم في العمليات الحربية ويتم تجنيدهم في بعض الأحيان بالإكراه واستغلال حاجة أسرهم للغذاء والماء والدواء ، في حالات أخر يتم خطف الأطفال وإرغامهم علي المشاركة في العمليات العدائية واستخدامهم في نقل المعدات والأسلحة والذخائر ، مما عرضهم للموت تحت نيران الحرب أو متأثرين بالاصابات أو نتيجة الجوع والعطش وعدم وجود الرعاية الصحية ، مما دعا لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة إلى طلب تحقيق عاجل حول تجنيد الأطفال ، كما أن الهزائم المتكررة للمليشيا وقتل عناصرها جعلها تلجأ الى تجنيد مرتزقة على أساس قبلي مما أسهم في مشاركة مئات الأطفال في العمليات العدائية، وأشارت تقارير أولية دولية إلى أن ثمانية وستين (68) ألف طفل تتراوح أعمارهم بين عشر سنوات الي سبع عشرة هم ضمن صفوف المليشيا.
كما أن المليشيا تستخدم الأطفال كدروع بشرية عبر إشراكهم في الصفوف الأمامية للقتال.
كانت اليونسيف قد أعلنت في سبتمبر الماضي عن موت الأطفال في السودان نتيجة الهجمات العدائية وأضافت أن عام 2023 شهد أعلى معدل للانتهاكات الجسيمة التي تم التحقق منها ضد الأطفال منذ أكثر من عقد من الزمان ، وأن 72% من الانتهاكات شملت قتل الأطفال ، وتجنيدهم قسرا والعنف الجنسي ، وبحسب تقارير تلقتها المنظمة الأممية حول تجنيد ما يقارب ثمانية آلاف طفل قسرا في صفوف المليشيا ، أربعة آلاف منهم شاركوا في معارك الخرطوم ودارفور ومنطقة بليلة في ولاية غرب كردفان ، وأفادت التقارير أن السودان تقدم بشكوى بذلك للأمم المتحدة.
كما أصدر المركز الأفريقي للعدالة و دراسات السلام عن نداء عاجل للمليشيا لوقف تجنيد الأطفال في ولاية وسط دارفور للانضمام للمليشيا الإرهابية، وقد نشرت العديد من مقاطع الفيديو عبر الوسائط لعدد من الأطفال المجندين في صفوف المليشيا الذين أصيبوا إصابات بالغة في العمليات الحربية أثناء هجوم المليشيا علي سلاح المدرعات بالخرطوم ، وناشدت منظمات مجتمعية وحقوقية المليشيا وقف تجنيد الأطفال وعدم الزج بهم تحت نيران الحرب .
تجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشرة يعد جريمة حرب وانتهاكا لاتفاقية حقوق الطفل والبرتوكول الاختياري الملحق بها الخاص بمنع تجنيد الأطفال وكذلك يخالف القانون الدولي الانساني.
وبغض النظر عن كيفية تجنيد الأطفال وأدوارهم في المعارك فإنهم في كل الأحوال ضحايا لتحقيق مطامع الارهابيين الذين يستخدمونهم ويجبرونهم على المشاركة في الحرب ومن ثم يقعون فريسة للأمراض النفسية طويلة الأمد ، ومن تكتب له الحياة سيعاني من اضطرابات نفسية جسيمة ، أو إصابات بدنية تسبب لهم إعاقة تلازمهم مدى الحياة .
في سبتمبر 2024م اتهم النائب العام مولانا الفاتح طيفور المليشيا بتجنيد تسعة آلاف طفل قتل منهم في المعارك الحربية أربعة آلاف واربعمائة واربعة وتسعون (4494) طفلا ، هذا العدد يعد كارثة إنسانية حقيقية للطفولة في السودان ، وعلى المجتمع الدولي إدانة المليشيا الإرهابية بتجنيد أطفال دون سن الخامسة عشرة والذي يعد جريمة حرب تضاف إلى سجلها الإجرامي .
د. إيناس محمد أحمد
إنضم لقناة النيلين على واتساب