الجديد برس:

أينما تكون الإمارات تشتعل الحروب ويحل البؤس والدمار، وغالباً لا يكتشف المستهدفون أن الأطماع الإماراتية هي سبب ما يحل بهم إلا وقد بلغوا من البؤس والمعاناة والدمار مبلغاً صعباً ومُكلفاً، لأنها تدخل البلدان العربية بثياب الإنسانية، وآلة إعلامها الكبيرة تتكفل برسم صورة ذهنية لدى البسطاء تجعلها في عيونهم راعية الإحسان والأيادي البيضاء،

وما إن تتمكن مؤسساتها الاستخباراتية- التي تحمل صفة الأعمال الإنسانية والإغاثية- من تحديد الأهداف وتجهيز الأدوات المحلية التي تشتريها بضخ الأموال وجلب أنواع الأسلحة لتشعل بواسطتها الصراع الداخلي، حتى تتحول البلاد إلى ركام من الدمار ورماد من أثر نيران الحرب، ومع ذلك تجدها في مُقَدَّمِ الداعين إلى السلام ووقف الحرب والتصالح بين الإخوة المتناحرين، الذين كانوا بالفعل إخوة إلى ما قبل مجيئها.

تلك ببساطة هي حكاية البلدان العربية التي وقعت فريسة سهلة للإمارات باسم الإخاء العربي ومدّ يد العون لمن يحتاج المساعدة، وهذا الإخاء والعون الإماراتي له مدلولات مختلفة عمّا تعنيه هذه القيم الإنسانية، ففي شرعها وعُرفها لا يعني ذلك سوى أن تشتعل نيران الحرب في بلادك ويُدمَّر اقتصادك وتُنتهك سيادة أرضك، وستجد الأدوات الإماراتية مسيطرة على مناطق ثرواتك السيادية أيّاً كانت، أما العالم المتواطئ فهو يرى مواطنيك على شاشات الفضائيات وهم يتسلمون سلالاً غذائية لا تتعدى الأقوات الضرورية التي تبقيهم على قيد الحياة، ليشهدوا بأعينهم ما يحل ببلادهم وتنزف قلوبهم على ثرواتهم التي تؤخذ رغماً عنهم مقابل القليل من الأغذية البائسة التي تتلفها فلاشات كاميرات وسائل الإعلام الإماراتية وتذل بها شعوباً عزيزة غنية بثرواتها ومواقعها الاستراتيجية، لولا أنهم وقعوا في دائرة الإنسانية الإماراتية الباهظة الثمن.

ذلك هو ما حدث في ليبيا العائمة فوق بحيرات النفط، واليمن ذات المواقع والجزر والممرات المائية الأكثر أهمية على مستوى العالم إضافة إلى النفط والمعادن بأنواعها، والسودان المليئة بالذهب وذات الأرض الزراعية الأخصب على مستوى المنطقة والثروة الحيوانية الأكبر.

صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، كشفت في تحقيق نشرته مؤخراً حقيقة ما يحدث في السودان من حرب أهلية طاحنة، والبصمة الإماراتية الظاهرة على كل الأوجاع والآلام التي يكابدها السودانيون، حيث أشار التحقيق إلى أن أبوظبي تنقل الأسلحة وتقدم الرعاية الطبية لواحد من طرفيّ الصراع المتأجج في السودان من قاعدة بعيدة في تشاد المجاورة.

الصحيفة نقلت عن مسؤولين سودانيين- طلبوا إخفاء هويتهم- قولهم إن الإمارات وتحت ستار إنقاذ اللاجئين الفارّين من الحرب، تدير عملية سرية متقنة لدعم أحد أطراف الصراع، وتقدم العناية الطبية للمقاتلين الجرحى، وتنقل الحالات الخطيرة جواً إلى واحد من مستشفياتها، وتدير تلك العملية من قاعدة عسكرية ومستشفى بعيد عن الحدود السودانية في تشاد، حيث تهبط طائرات شحن تجاري من الإمارات، وبشكل شبه يومي في القاعدة منذ شهر يونيو، حسب صور التقطتها الأقمار الاصطناعية والمسؤولون السودانيون.

وتشير جميع الأدلة إلى أن الإمارات هي التي تدعم قوات الدعم السريع في السودان ضد الجيش النظامي للبلاد، في حرب خلّفت حتى الآن 5 آلاف قتيل، وشردت أكثر من 4 ملايين شخص.

ووصف سودانيون التدخل الإماراتي في بلادهم بـ”الازدواجية الشنيعة”، قائلين إنها تتحدث من جهة عن السلام وتغذّي الحرب، وتدعي من جهة أخرى أنها تساعد اللاجئين، وفي الوقت نفسه تعالج الجنود الذين تدعمهم ليقاتلوا الجيش الوطني السوداني.

ونوّه تقرير الصحيفة الأمريكية بأن الإمارات تستخدم الدعم الإنساني في السودان كستار لمساعدة قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهو زعيم ميليشيا سابق في دارفور يتمتع بسمعة سيئة من القسوة وعلاقاته الطويلة مع الإمارات، وحسب مسئول أمريكي بارز فإن “الإماراتيين ينظرون لحميدتي باعتباره رجلهم”، وهو ما يحدث ويُشَاهد في أماكن أخرى مثل اليمن وليبيا، حيث يختارون رجلاً ويظلون يدعمونه طوال الوقت.

ففي شرق ليبيا، سلحت الإمارات أمير الحرب خليفة حفتر، في خرق واضح لحظر تصدير السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة، كما قدمت الطائرات الحربية المسيّرة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في مرحلة حرجة من حربه مع ثوار التيغراي، عام 2020، ما حرف ميزان الحرب لمصلحته.

الجنود التابعون لقوات الدعم السريع الذين يقاتلون الجيش النظامي حصلوا على صواريخ كورنيت المضادة للدبابات من الإمارات، واستخدموها خلال الأسابيع الماضية، لاستهداف قاعدة محّصنة لسلاح المدرعات في العاصمة الخرطوم، حسب مسؤولين سودانيين وأمريكيين، ولا تزال الإمارات تنكر تقديمها الدعم لطرف في الحرب السودانية، وترفض وزارة خارجيتها الرد على أي أسئلة في هذا الشأن، وفق “نيويورك تايمز”.

وفيما قال محلل سابق في الاستخبارات الأمريكية “سي آي إيه”، إن الإماراتيين يعملون أكثر من أي طرف آخر على مساعدة قوات الدعم السريع وإطالة أمد الصراع، والدعم يتم بسرية تامة وبدون بصمات، أكد حسام محجوب، مؤسس “بكرة”، وهي شركة إعلامية سودانية مستقلة، إن “هذا يجعلني غاضباً ومحبطاً.. قد شاهدنا هذا من قبل في دول مثل ليبيا واليمن، حيث تقول الإمارات إنها تريد السلام والاستقرار، لكنها تعمل كل شيء ضده”.

وبدأت العلاقة الإماراتية مع حميدتي خلال حرب التحالف في اليمن، التي تعد الإمارات الشريك الأبرز للسعودية التي تقود الحرب، حيث أغدقت أبوظبي الأموال عليه في عام 2018، لإرسال مقاتليه إلى اليمن، وساعدته هذه الحملة على إثراء نفسه وتعزيز قوة “الدعم السريع” داخل السودان، مع بنائه إمبراطورية مالية ومناجم ذهب ينقل عائداتها إلى دبي، حيث يدير شقيقه الأصغر القوني حمدان دقلو شركات لإدارة مصالح العائلة.

ومثل بقية دول الخليج، ترى الإمارات في السودان مصدراً للغذاء، ومركزاً لتعزيز مصالحها في البحر الأحمر، حيث وقعت على اتفاقية بـ6 مليارات دولار لبناء ميناء جديد على البحر الأحمر، حسب الصحيفة.

*YNP / إبراهيم القانص

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

السودان.. (القوة المشتركة) تحبط عملية تهريب أسلحة وعتاد لـ(الدعم السريع) من تشاد

الخرطوم - أفادت وسائل إعلام محلية، أمس الخميس، بأن القوة المشتركة في دارفور السودانية نجحت في إحباط محاولة تهريب أسلحة وعتاد إلى قوات "الدعم السريع" قادمة من دولة تشاد، بحسب سبوتنيك.

ونقلت صحيفة "سودان تريبيون"، أمس الخميس، عن حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، أن "القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح" في دارفور تمكنت من إحباط عملية تهريب أسلحة إلى قوات الدعم السريع من تشاد.

وأكدت الحركة أن "قوات الدعم السريع تستغل المنطقة الصحراوية الواسعة التي تربط السودان بتشاد وليبيا لنقل العتاد الحربي إلى إقليم دارفور، حيث يجري توزيعه إلى بقية مناطق العمليات المختلفة".

وأوضحت حركة تحرير السودان، أنه "في إطار جهود القوة المشتركة المستمرة لتأمين حدود السودان وحماية أراضيه من محاولات التهريب والإرهاب، تمكنت قواتكم المشتركة في محور الصحراء، على الحدود السودانية الليبية التشادية، من إحباط محاولة تهريب أسلحة كبيرة كانت في طريقها إلى مليشيا الدعم السريع الإرهابية".

وأظهرت الحركات المسلحة في تسجيلات مصورة عددا من المركبات القتالية، وصناديق ذخيرة ومدافع من نوع "كورنيت"، وهو سلاح مضاد للدروع تستخدمه قوات "الدعم السريع" في المعارك.

ويذكر أن "القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح"، هي قوة تشكلت من الحركات المسلحة في إقليم دارفور عقب اندلاع الصراع بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع"، حيث تقف إلى جانب الجيش، ومعنية بحماية المدنيين في الإقليم نفسه.

واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.

وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.

وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني - قائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، للعلن بعد توقيع "الاتفاق الإطاري" المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة ويلاحق عناصر الدعم السريع
  • إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
  • الجيش يعلن استعادة مقر الفرقة 17 من الدعم السريع وسط السودان
  • لماذا توقفت أميركا عن تأييد الدعم السريع؟
  • الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من الدعم السريع
  • مصادر تكشف عن زيارة حميدتي لليمن وتقول إن الإمارات دربت الدعم السريع بذريعة القتال في اليمن
  • السودان.. (القوة المشتركة) تحبط عملية تهريب أسلحة وعتاد لـ(الدعم السريع) من تشاد
  • القوة المشتركة: استولينا على إمدادات عسكرية كانت في طريقها إلى الدعم السريع
  • مشروع قرار في مجلس النواب الأمريكي لحظر بيع الأسلحة للإمارات بسبب الدعم السريع
  • الإمارات دربت الدعم السريع بذريعة القتال في اليمن.. هذه تفاصيل زيارة حميدتي