صراحة نيوز:
2025-01-15@19:38:48 GMT

“دربكة ” داخل الأحزاب: من المستفيدون؟

تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT

‏صراحة نيوز- ‏حسين الرواشده
من المستفيد من حالة الإرتباك داخل الأحزاب ؟ نظريا ، لا أحد ، لسببين، الأول : أن إدارات الدولة ،ومعظم اطياف المجتمع السياسي ، يتفقان على مشروع التحديث الذي تشكل العملية الحزبية أهم روافعه، الثاني: أنه لا خيار أمام الدولة ، وهي تدخل مئويتها الثانية ، وتعمل لتمكين جبهتها الداخلية ، وتعزيز صورتها السياسية ، إلا ضمان نجاح هذا المشروع ، وعدم السماح لأي طرف بعرقلته، أو تعطيله.

‏أما عمليا، فتبدو المسألة مختلفة ، ثمة “دربكة” داخل الأحزاب ، وثمة محاولات لإعاقة المسيرة الحزبية ، بعضها يتحمل مسؤوليته الفاعلون الحزبيون الذين يتصدرون الصفوف، وبعضها تتحمله التشريعات التي صدرت لتنظيم العمل الحزبي ، خاصة فيما يتعلق بالشق المالي ، المجتمع ،أيضا، بمؤسساته وأفراده ، ما زال يتمنع عن الدخول للأحزاب ، ويتشكك بجدواها وجديتها، والأهم أن بعض المسؤولين لم يخرجوا ، بعد ، من دائرة الريبة اتجاه التجربة الحزبية ، ويتعاملون معها بمنطقة الحذر، وربما الوصاية أيضا.

‏حالة ” الدربكة” ستفرز رابحين وخاسرين، أشير -على سبيل المثال فقط- إلى ثلاثة أطراف سيخرجون ، بتقديري، رابحين من المشهد الحزبي، إذا استمر على هذا المسار لما قبل الانتخابات البرلمانية (آب 2024 )، الأول : حزب جبهة العمل الإسلامي (الاخوان المسلمون ) ، الأسباب عديدة ، منها ان كل الأخطاء التي ترتكبها الأحزاب الأخرى ،القديمة والجديدة ستصب في حساباته، كما أن الحزبين اللذين تشكلا لمنافسته على المجال الديني، ثم اندمجا في حزب واحد تخلى عن قاعدته ومشروعه الذي أطلقه ، وحاز على أساسه جزءا من الجمهور الديني، زد على ذلك ما لدى الاخوان من تجربة طويلة بالعمل السياسي ، والتحشيد الانتخابي ، إذا صح هذا التقدير ، فإن عودة الإسلام السياسي ، بزعامة الإخوان المسلمين ، إلى البرلمان بزخم كبير ، ستكون مفاجأة الانتخابات البرلمانية القادمة ، بعد أكثر من 10 سنوات على اشهار ” الطلاق” بينهم وبين الدولة، ثم تراجع رصيدهم الشعبي، وعمق أزمة الداخلية،

‏اما الطرف الثاني الرابح من ” الدربكة” الحزبية الحالية فهو قوى الوضع القائم ، أو الشد العكسي، وهي موجودة داخل بعض إدارات الدولة ( البيروقراطية)، وداخل المجتمع ، كما أن لها امتدادات أخرى في مجالات البزنس ،والمضارب الاجتماعية ، وربما خارج الحدود ، هذه الكتلة تعتقد أن مشروع التحديث ، وتجربة الأحزاب ، تمثل تهديدا لوجودها ومصالحها وامتيازاتها، وتشكل نقلة نوعية بإدارة الدولة ، تتعارض مع مشروعها القائم على إبقاء الوضع على ما هو عليه ، وبالتالي ستحاول أن تستغل هذه ” الدربكة” ، وتنفخ فيها ، لإقناع الجميع أن الحزبية ليست الوصفة المناسبة لبلدنا، أو أن التجربة محكوم عليها بالفشل مسبقا.

‏ثمة طرف ثالث رابح أيضا ، تمثله كتلة كبيرة عنوانها “السواد العام ” ممثلو هذه الكتلة يراهنون( وفق قناعات لديهم ) على عرقلة التجربة الحزبية وفشلها، ومع انهم سيكونون ضحايا لذلك إن حدث ، إلا أن مجرد حصوله سيجعلهم يشعرون أنهم كانوا على حق ، حين عزفوا عن المشاركة السياسية ، وزهدوا بالأحزاب ، هؤلاء لا يعترفون أنهم جزء من المشكلة، ولا يريدون أن يكونوا جزءا من الحل ، وذلك لأن مفهوم الربح لديهم ينحصر في نقطة واحدة ، وهي أن شكوكهم كانت في محلها ، وأنهم يملكون (عيون زرقاء اليمامة).

‏لا يخطر ببالي ، أبدا ، أن أدين أي طرف من الأطراف السابقة ، أو أقلل من دوره ، وحقه بالدفاع عن نفسه ومصالحه ووجهات نظره، ما أردت أن أقوله هو أن المطلوب أن تنجح التجربة الحزبية عل قاعدة الجميع رابحون، لا على أساس اغلبية تخسر وقلة تربح ، ثم أن تتقاسم القوى السياسية كلها رفع “الحجر الوطني” معا، دون أن يستفرد به طرف ، صحيح ، الإسلاميون جزء من المجتمع ومرحب بحضورهم، لكن هذه” الدربكة” ستفقدنا قوى أخرى وازنة ممثلة للمجتمع ومتصالحة مع الدولة ، زد على ذلك (وهو الأخطر) أن نجاح قوى الوضع القائم ، بتسجيل أهدافها ضد هذه التجربة ، سيعيدنا للوراء الذي نحاول جميعا أن نخرج منه.

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة

إقرأ أيضاً:

القوى السياسية والتحنيط العقلي

أن واحدة من أهم نتائج الحروب في المجتمعات الإنسانية، أنها تكشف السلبيات التي يعيشها المجتمع و تقعده عن النهضة و تهدد استقراره، و تحاول النخب السياسية و علماء الاجتماع و النفس كشفها بهدف البحث عن أنجع الطرق لمعالجتها، حتى لا تصبح أسبابا مرة أخرى لنزاعات في المجتمع.. و حرب السودان قد كشفت عجز و تواضع قدرات النخب السياسية في البلاد الذين حقيقة قد فشلوا في معالجة السلبيات و آثارها، بل أصبحوا هم أنفسهم عقبة في طريق إيجاد الحلول الناجعة.. فإذا أخذنا دخول الجيش عاصمة الجزيرة ود مدني و دحر الميليشيا و مطاردتها في القرى و المدن، كان للحدث وقعا كبيرا عند عامة الشعب الذي خرج في أغلبية ولايات السودان المختلفة يعبر عن فرحته، و حتى في عدد من الدول حيث أحتفلت الجاليات السودانية بهذا النصر.. في اتجاه أخر تجد أن قيادات سياسية و أحزاب يحاولون أن يشوهوا الانتصار، و يبحثون عن أفعال لكي يدينوا بها الجيش، أو الذين يقاتلون تحت قيادته، الأمر الذي يؤكد ما ذهبت إليه تكرارا أن انتصار الجيش و هزيمة الميليشيا سوف يخلق معادلة سياسية جديدة، و سوف تبرز من خلاله قيادات جديدة ذات وعي أكبر و انضج من السابق..
هناك فارق كبير بين عقليتين: عقلية تبحث عن السلطة فقط، و هي عقلية تحنطت لأنها لا تستطيع أن تقرأ الواقع قراءة صحيحة، فهي تقف عند كيفية الوصول للسلطة، و هؤلاء هم الأكثر إصابة بالأمراض الاجتماعية " الانتهازية و الوصولية و غيرها" لأنهم لا يرون المشهد إلا من خلال مسودة مصالحهم الشخصية، و أيضا هؤلاء لا يترددون أن يكونوا أدوات لدول خارجية توعدهم بأنها سوف تجد لهم طريقا للمشاركة في أية سلطة قادمة، في مقابل طاعة أوامرها و تنفيذ ما تمليه عليهم.. العقلية الأخرى هي العقلية التي تبحث عن كيفية الخروج من الأزمة.. و لا تشترط أن تكون هي جزءا من السلطة، مادام الحل يفتح أفاقا جديدة للوطن، و يعزز سبل الاستقرار السياسي و الاجتماعي فيه، و يدفع الكل من أجل العمل للنهضة، و تقديم فرضيات تساعد على التصالح الاجتماي بهدف الوصول لتوافق وطني.. فالعقلية الثانية كل ما انتصر الجيش تعتبرالانتصار تجاوزا لعتبة في صالح الخروج من الأزمة، و تفكر في استغلالها لبناء وعي جديد في المجتمع.. العقلية الأولى لا تنظر إلي انتصار الجيش و المقاتلين معه إلا من خلال مصالحها الشخصية، لآن انتصار الجيش سوف يقلل تحقيق مصالحها الذاتية، و هي تريد أن تكون جزءا من السلطة القادمة.. أن إصدار بيانات و فيديوهات و تصريحات بهدف النيل من الانتصار، و إدانة الجيش و المقاتلين معه يفضحها و يعريها أمام نفسها و أمام الشعب..
كل ما تقدم الجيش في طريق الانتصارات يشكل هاجسا سيئا لمجموعات المصالح الذاتية، و يباعد بينهم و بين طموحاتهم، لكنه يخلق واقعا جديدا هو الرباط العضوي بين الشعب و الجيش، و الخروج المستمر للجماهير احتفالا بالانتصارات له انعكاساته النفسية عند النشء، خاصة تواصلهم النفسي مع العسكرية و قيمتها في المجتمع.. الأمر الذي يسهل عملية التفاهم بينهما بذات ثقافة العسكرية التي جعلتهم يقاتلون معها في صف واحد و داخل خندق واحد، ربما ينظر إليها إنها علاقة جديدة بين مقاتلين لعدو واحد، و لكن قيمتها هي تأسيس ثقافة جديدة تتحول لسلوك تلقائي و هو المطلوب لبناء وطن جديد بمعايير مؤسساتية جديدة..
هناك أيضا بعض القوى السياسية التي تعتقد نفسها في حياد، و تريد أن تتوقف الحرب لكي تبدأ مرحلة جديدة من الثورية.. هذا الفهم يبين أن البعض يطلق مصطلحات حتى لا يفهم مضامينها السياسية.. أن " الثورة و الثورية و كل اشتقاقاتها" هي مصطلحات الغرض منها هو الهدم و تعطيل القوانين أو تجاوزها، و هي أفعال سالبة في المجتمع.. كما هي تعد درجة من درجات العنف، و الحرب هي أعلى درجة في العنف و الهدم و تتجاوز أية ثورة.. فكيف لمجتمع يخرج من حالة هدم و عنف و يعود إليه مرة طواعية، إلا إذا كان مجموعات من فاقدي العقل.. هؤلاء الذين يبحثون عن الثورة و الثورية بعد وقف الحرب لقد وصلت عقولهم حالة التكلس و فقدان البوصلة.. هؤلاء سوف يصبحون أكثر سلبية في المجتمع تشكل تحديا لعملية التوافق الوطني و الاستقرار الاجتماعي و السياسي و التنمية في البلاد..
أن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على قائد الدعم السريع و عدد من شركات الميليشيا التي تدار من داخل دولة الأمارات الداعمة للميليشيا، تؤكد أن الإدارة الإمريكية المغادرة و حتى القادمة قد وصلوا لقناعة أن دعمهم للميليشيا و اتباعها سوف يشكل عقبة في المستقبل لتحقيق المصالح الأمريكية في السودان.. و القرار نفسه سوف يقطع طريق التعامل مستقبلا مع الميليشيا .. و أيضا لن يراهنون على فئة قليلة لا تملك أية قاعدة اجتماعية، خاصة أن الحرب قد خلقت متغيرات داخل القواعد الاجتماعية للأحزاب، ألأمر الذي يجعل أن يحدث فيها متغيرات في المستقبل.. لذلك لابد من التفكير العقلاني الذي يجب أن يبحث عن مستقبل العمل السياسي و التنمية في البلاد بعد وقف الحرب، دون وضع المصالح الشخصية في الدرجات العليا في عملية ترتيب الأولويات.. نسأل الله حسن البصيرة..


zainsalih@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • “التجربة التي وثبت بالعطاء ومهدت لولوج ايقونات فنية تخصصت بالإبداع وحده”
  • نائب:قانون الانتخابات “مفصل على قياس” الأحزاب المتنفذة
  • القوى السياسية والتحنيط العقلي
  • الإصلاح والتنمية: الاهتمام بالأحزاب أساس تحسين الحياة السياسية في مصر
  • شرطة أبوظبي تنظم مجلس “درب السلامة.. مسؤولية مجتمعية”
  • “كرنفال شرطة دبي” في سيتي ووك يختتم فعالياته بمسيرة عرض عسكرية
  • " برلمانية" تشيد بجهود القيادة السياسية في مواجهة الأكاذيب والشائعات
  • كيف تزدهر الحياة الحزبية في مصر؟.. الهضيبي يقدم الحل
  • أستاذ علم اجتماع: أغلب التجارب الحزبية منفصلة عن الشعب المصري
  • كيف تزدهر الحياة الحزبية في مصر؟.. سكرتير عام «الوفد» يقدم الحل