التضامن العربي الأفريقي: العرب سطروا ملحمة غيرت وجه التاريخ
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
كانت حرب أكتوبر نقطة التغير للشعوب والحكومات العربية، فبعد نكسة وضياع الأراضي العربية، كان أكتوبر هي الزلزال الذي امتد توابعه لكل شبرًا في المنطقة العربية، بعدما كانت النكسة في 1967 بداية لمشروع دولة الاحتلال في التمدد في المنطقة العربية بعد هزيمة 1948، ولكن الوحدة العربية أوقفت هذا الطوفان بعدما حمل الجيش المصري لواء الحرب وبدأت العمليات العسكرية على الجبهتين المصرية والسورية، وجمع التشتت العربي.
قبل الحرب بأعوام، كان الرئيس عبدالناصر يمهد الطريق من أجل تكاتف إفريقي وداعم للموقف المصري ضد الكيان المحتل في مؤتمر القمة الإفريقي الأول بالقاهرة، وقارن وقتها عبدالناصر ما فعلته بريطانيا في كينيا، موضحًا دور إسرائيل في خدمة الدول الاستعمارية في المنطقة، كما ذكر السفير محمود رياض، وزير الخارجية المصرية الأسبق في كتابه أمريكا والعرب، بدأت مصر بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر في لعب دور حيوي في أفريقيا، ورأى الجميع ذلك في مساندة الدول الإفريقية لمصر في حرب السادس من أكتوبر، فقامت 16 دولة بالإعلان عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وكانت إثيوبيا من الدول الإفريقية التي أخذت وقتًا لتصدر قرارا بقطع العلاقات مع إسرائيل بعد ضغوطات من الرئيس السادات على امبراطورها في ذلك الوقت "هيلاسلاسي" والذي أعلن قطع العلاقات مع قوات الاحتلال في 23 أكتوبر 1973، مثلما جاء في كتاب " مصر والصراع حول القرن الأفريقى 1945- 1981".
للدكتور محمد عبدالمؤمن، وواصلت الدول الإفريقية في قطع علاقتها مع الكيان الصهيوني حتى بلغ عددها 31 دولة، حسبما ذكرت جامعة الدول العربية في ذلك الوقت من أصل 54 دولة.
حرب أكتوبر وترميم العلاقات المصرية العربية:
كان الطريق إلى أكتوبر محاطًا بالأشواك، وعلى الجميع أن يدرك خطورة الأيام القادمة، فالتهديدات الإسرائيلية تزيد يومًا تلو الأخر، والاحتلال يتمدد في المنطقة بطريقة مباشرة في مصر وسوريا والأدرن، أو غير مباشرة في بعض الدول، فباتت في هذه الفترة الأنظمة العربية أمام شعوبها على المحك، وعلى الجميع إنقاذ الموقف، كانت وقتها قمة الخرطوم بعد النكسة هي الشرارة للعرب بعد الركوع أمام العدو، وعٌرفت هذه القمة بقمة اللاءات الثلاثة: لا سلام.. لا مفاوضات لا اعتراف بإسرائيل، فعادت الروح للدول العربية قبل سنوات من الحرب، وبدأت وجهات النظر تتقارب بين النُظم الجمهورية والملكية من أجل المصلحة العربية.
الوفاق المصري السعودي درع الأمة:
مثلت حالة الوفاق بين مصر والمملكة العربية السعودية درع الأمة العربية، فكانت معادلة النجاح للتضامن العربي المصري، ومزج المنظومة العربية في المجهود الحربي لمواجهة العدو.
كان الدعم السعودي لمصر متكاملا بداية من قرار العاهل السعودي الذي أمر بقطع البترول العربي عن الغرب، فكان قرار الملك فيصل بن عبدالعزيز ضربة مهدت الطريق نحو الوحدة العربية من ناحية، والضغط على الغرب من ناحية أخرى، ورغم أن بداية التضامن السعودي كانت مبكرة وقبل الحرب بخمس سنوات عندما بادر الملك فيصل بدعوة الدول العربية بالتوحد من أجل مصر، وتقديم كل وسائل الدعم لها بعد نكسة 67، وكان هذا الدعم على كافة الأصعدة الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية، في السابع عشر من أكتوبر من عام 1973، أعلن الملك فيصل خلال اجتماع عاجل لوزراء البترول العرب في الكويت تخفيض الإنتاج العربي كيا لـ 5 بالمائة وتخفيضه كل شهر بنفس النسبة حتى تنسحب إسرائيل تماما بقواتها من الأراضي العربية، كما يتم حظر تصدير البترول إلى الدول التي تعلن التأييد لإسرائيل أو يتم إثبات ذلك، لتضغط الدول العربية على الغرب لانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية، ووقف عدوانها، سارع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر بزيارة سريعة للرياض ولقاء الملك فيصل، للعدول عن قراره ولكن أبى الملك السعودي على استئناف التصدير للنفط حتى تنفيذ ما طلبه الزعماء العرب، كما أرسلت قواتها للدخول في الحرب على الجبهة السورية، في منطقة تل مرعي والجولان، بالإضافة لجسر جوي لإرسال الجنود للجبهة السورية من خلال سلاح المدفعية وفوج مظلات وسرية إشارة هاون، وسرية للصيانة فكان ذلك بمثابة شوكة في ظهر الاحتلال، وقام القادة السعوديين بزيارات ميدانية للقوات المصرية لتقديم الدعم المعنوي لهم، وتفقد الملك فهد مدينة السويس بعد تعرض المدينة الباسلة للقصف من قوات الاحتلال، وبعد الانتصار المصري زار الملك فيصل مصر، واستقبله الشعب المصري بمراسم تفوق الخيال.
إمكانيات الجزائر تحت التصرف المصري:
كانت الجزائر من أوائل الدول التي بادرت بدعم مصر بكل إمكانياتها، فتواصل الرئيس بومدين بالرئيس السادات مع بداية الحرب، وأخبره أن كل إمكانيات الجزائر تحت طوع الشقيقة مصر، كما توجه الرئيس الجزائري للسوفيت بعدما رفض دعم مصر بالأسلحة وهناك قال تصريحه الشهير:"إن رفضتم بيعنا السلاح فسأعود إلى بلدي وسأوجه خطابا للرأي العام العربي أقول فيه بأن السوفييت يرفضون الوقوف إلى جانب الحق العربي وأنهم رفضوا بيعنا السلاح في وقت تخوض فيه الجيوش العربية حربها المصيرية ضد العدوان الإسرائيلي المدعم من طرف الامبريالية الأمريكية"، ورفض مغادرة الأراضي السوفيتية حتى تحركت الشحنات الأولى من الدبابات من موسكو إلى مصر، كما أمدت الجزائر مصر بـ 96 دبابة و32 آلية مجنزرة و16 مدفع مضاد للطيران، و12 مدفع ميدان.
ليبيا
في بداية السبعينات ازداد التعاون المصري الليبي، حتى أنه ظهر وكأنه وحدة غير معلنة، كما وصفها الفريق سعد الدين الشاذلي في مذكراته، حتى أن الشعب الليبي نظم مسيرة شعبية حطمت فيها بوابة الحدود بين البلدين، معللا أن العلاقات بين مصر وليبيا لا تحتاج لحدود وأن العدو هو من بنى هذه الحدود الوهمية بين الدول العربية، وأثناء الحرب كانت القوات الليبية الموجودة في مصر عبارة عن سربي ميراج، يقودهما طيارون مصريون وليبيون، ولواء مدرع، وهو ماجعل ليبيا في المركز الثالث بين الدول العربية التي ليست من دول المواجهة دعما لمصر، وحسب ما ذكره الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه "الطريق إلى رمضان" أن ليبيا قدمت دعمًا ماليا في الأيام الأولى للحرب بلغ 40 مليون دولار.
الشيخ زايد ودوره التاريخي في نصر أكتوبر:
البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي
لم تكن الإمارات الدولة العربية الوحيدة التي قدمت الدعم، ولكن تظل المقولة الخالدة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسسة دولة الإمارات شعاع نور في أوقات الظلام، عندما صدر قرار بمنع البترول عن الغرب فقال جملته الشهيرة:" البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي.
كما وضعت دولة الإمارات إمكانيتها المادية لخدمة جبهات الصراع العربي ضد إسرائيل، كما أمدتها بالمواد الطبية وعربات الإسعاف، وشراء كل المعروض في أوروبا من غرف عمليات جراحية متنقلة وإرسالها لمصر.
.كما عقد الشيخ زايد مؤتمرا في لندن كان له صدى دوليا رافضا الاحتلال الإسرائيلي، وفرضت الإمارات التبرع بشهر كامل من موظفيها لدعم مصر، بالإضافة لتبرعها بمبلغ 100 مليون دولار كما ذُكر في كتاب الطريق إلى رمضان.
الدور العراقي لا يُنسى:
قال الفريق سعد الدين الشاذلي، أن القوات البرية العراقية وصلت لمصر في الحادي عشر من أكتوبر، لدعم القوات المصرية، كما أرسلت طائرات هوكر هنتر، وكان عدد الطائرات العراقية 20 طائرة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حرب أكتوبر الوحدة العربية الدعم العربي التضامن العربي الدول العربیة فی المنطقة الملک فیصل
إقرأ أيضاً:
التضامن الاجتماعي تشارك في ورشة عمل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بإيطاليا
شاركت وزارة التضامن الاجتماعي ضمن وفد الحكومة المصرية بورشة العمل التي نظمتها مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بمقر المعهد الدولي للقانون الإنساني ببلدة سان ريمو بإيطاليا تحت عنوان "حول الحماية الدولية للاجئين والحلول" وبمشاركة وفود عدد من الدول العربية من الأردن، ولبنان، وسوريا، والعراق، بالإضافة إلى ممثلين عن جامعة الدول العربية.
ومثل وزارة التضامن الاجتماعي بالوفد المصري الذى ضم عدد من الوزارات الدكتور أحمد عبد الرحمن رئيس الإدارة المركزية للحماية الاجتماعية، والذى قدم من خلال اللقاءات التي تم عقدها أثناء الزيارة، أهم اختصاصات وزارة التضامن الاجتماعي، والجهات التابعة وجهودها في ملف الهجرة غير الشرعية بجمهورية مصر العربية بالشراكة مع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، متضمنة الإجراءات التي تقوم بها الوزارة بالتعاون مع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، كما تم تسليط الضوء على إقرار البرلمان المصري لقانون اللجوء.
وأشار عبد الرحمن إلى أن الورشة استهدفت معالجة قضايا الحماية وإيجاد الحلول المتعلقة بوضع اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتزويد الجهات الفاعلة الرئيسية في المنطقة بالأدوات المناسبة لضمان الحماية والبحث عن حلول للاجئين والعائدين، كذلك تعزيز الحوار والتفاعل بين الجهات الفاعلة التي قد تواجه تحديات مماثلة وتعزيز تبادل الممارسات.
كما تم تقديم نظرة شاملة حول أوضاع اللاجئين في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ستتناول التحديات التي تواجهها الدول المضيفة، وكذلك اللاجئون أنفسهم، بالإضافة إلى الحلول المقدمة من قبل المجتمع الدولي، والوكالات الإنسانية، والحكومات المحلية.
واستعرضت الورشة تعريف الحماية الدولية ومبادئها وتحديد حقوق اللاجئين، مثل الحق في عدم الرد (مبدأ عدم الإعادة القسرية)، عدم تجريم الدخول غير النظامي وحرية التنقل، والحق في التعليم الابتدائي، وفي العمل، كما ستعكس الجلسة أيضا واجبات اللاجئين تجاه البلدان والمجتمعات المضيفة.
وشهدت الورشة استعراض الميثاق العالمي بشأن اللاجئين، ومبادئه التوجيهية وأهدافه الرئيسية وتم تسليط الضوء أيضًا على الممارسات الجيدة في تنفيذ الميثاق العالمي بشأن اللاجئين والتعهدات المقدمة في إطار المنتديات العالمية للاجئين اعترافا بأن الحماية الدولية مؤقتة، وتحدد الجلسة الحلول المستدامة الثلاثة للاجئين "العودة الطوعية إلى الوطن، وإعادة التوطين، والإدماج المحلي"، كما تعرض أيضا المسارات التكميلية، كتدابير اعتمدت لتوسيع حلول البلدان وتخفيف الضغط على الدول المضيفة، مع تعزيز اعتماد اللاجئين على الذات.