أحمد الريسوني يجيب.. هل الزلازل والفيضانات عقاب من الله للناس؟
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
مع وقوع الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وفيضانات، تصدر تأويلات من بعض الناس، تفيد بأن ما حدث هو عقاب من الله عز وجل لأهل المنطقة المتضررة.. فما نظرة الإسلام إلى هذه الكوارث؟ وما واجب المسلمين إزاء إخوانهم المتضررين؟
وفي هذا السياق، يرى الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني أن من يصفون الكوارث الطبيعية بأنها عقاب من الله عز وجل للناس، لديهم اعتقاد خاطئ، وهذه الكوارث ليست غضبا من الله ولا من الطبيعة، موضحا أن "من يزعم أن هذا غضب الله فمعناه أن الله أوحى إليه أنني قد غضبت على هؤلاء وعلى هذا الشعب وعلى هذه المنطقة وعلى هذه المدينة.
ويورد الريسوني- في حديثه لحلقة (2023/10/4) من برنامج " موازين" – نظرة الشريعة الإسلامية للكوارث والنوازل الطبيعية، ويؤكد أنها جزء من سنن الله سبحانه وتعالى في الكون، وعلى سبيل المثال أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر الناس الذين اعتقدوا أن الكسوف الذي وقع في عهده كان بسبب وفاة ابنه إبراهيم، قائلا لهم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد من الناس".
ومن المنظور الإسلامي، تعد الكوارث الطبيعية من الابتلاءات التي يمتحن بها الله عز وجل عباده، حيث يبتليهم بالخير وبالشر. كما أن الكوارث هي أيضا -كما يوضح الريسوني- تذكير بآيات الله عز وجل وتذكير بيوم القيامة، وجاء في حديث صحيح أنه قبل قيام الساعة تكثر الزلازل.
ورغم ما تخلفه من خسائر بشرية ومادية، فإن هناك بعض الفوائد من الزلازل والفياضانات والبراكين التي تحدث من فترة إلى أخرى، فهي من وجهة نظر الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد تؤدي إلى الارتقاء بالناس وإيقاظهم من غفلتهم، وقد تكون فرصة للمسؤولين ليكتشفوا مواطن تقصيرهم.
كما أن الذين يموتون في الكوارث والنوازل الطبيعية هم شهداء عند الله عز وجل، كما أورد الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، والذين تضرروا وتعرضوا للأذى وصبروا على ذلك ينالون أجرا عظيما.
ويركز ضيف برنامج " موازين" على أهمية التكافل الاجتماعي في حالات الكوارث الطبيعية، ويدعو الناس إلى ضرورة التكتل والتجند بكل إمكانياتهم لمساعدة إخوانهم المتضررين، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة موجودة والحمد لله في المجتمعات الإسلامية، حيث يوجد تعاطف كبير وهبات لمساعدة من تعرضوا للكوارث.
ومن واجب العلماء والفقهاء أيضا أن يوضحوا البيان للناس ويصصحوا المفاهيم الخاطئة، بالتركيز في خطبهم على النظرة الإسلامية للكوارث، فضلا على ضرورة أن تعطى الأولوية في الزكاة للمتضررين في حالات الكوارث.
وفي نفس السياق، يوضح الرئيس التنفيذي لجمعية نماء الخيرية بالكويت، سعد العتيبي -في مداخلته لبرنامج "موازين" أن الكوارث تسبب مآسي وآلاما كثيرة، لكنها تشكل فرصة حقيقية لتلاحم المسلمين وتحقيق معاني الأخوة التي حرص عليها الرسول الكريم.
دور المنظمات الإغاثيةوبخصوص دور المنظمات الإغاثية في حالات الكوارث الطبيعية، يكشف مؤسس منظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم، هاني البنّا أن منظمته وكثيرا من المؤسسات في الغرب هبت هبة قوية جدا لمساعدة المتضررين من زلزال المغرب وفيضانات ليبيا.
وحصر العتيبي حاجيات المتضررين في زلزال المغرب في توفير الإيواء والمسكن وتوفير الغذاء والعلاج، بالإضافة إلى الدعم الفني لتخفيف معاناة الناس.
وفي سياق آخر، يشير البنّا إلى المضايقات التي تتعرض لها منظمات الإغاثة الإنسانية خلال عملها، ويقول إن المؤسسات العربية والإسلامية تعمل في شفافية واضحة، ولكن بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولاليات المتحدة الأميركية وانتشار مناخ الإسلاموفوبيا والحرب على الإرهاب باتت هذه المؤسسات تتعرض لعوائق خلال عملها.
ويذكر أن بلاد المسلمين شهدت عبر عقود مئات الكوارث الطبيعية أبرزها، الزلزال العظيم الذي وقع في نهاية القرن السادس الهجري وضرب بلاد الشام وامتد للجزيرة والعراق، وخلف آلاف الضحايا حتى إن الذين توفوا تحت الأنقاض في نابلس -وحدها- بلغوا 30 ألف قتيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الکوارث الطبیعیة الله عز وجل من الله
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان سيدنا رسول الله ﷺ أمرنا بالصدق، وسأله أحد الصحابة : أيزني المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: أيسرق المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: أيكذب المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «لا». قد يشتهي الإنسان، فتدفعه شهوته للوقوع في المعصية، أو يحتاج، فيعتدي بنسيان أو جهل. أما الكذب، فهو أمر مستبعد ومستهجن.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه عندما التزم الناس بهذه النصيحة، وهذا الحكم النبوي الشريف، عرفوا أنهم لا يقعون في الزنا ولا في السرقة. سبحان الله! لأن الإنسان إذا واجهته أسباب المعصية، وكان صادقًا مع نفسه، مع ربه، ومع الناس، فإنه يستحي أن يرتكب المعصية.
وجاء رجلٌ يُسْلِمُ على يدي رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، أريد أن أدخل الإسلام، ولكني لا أقدر على ترك الفواحش والزنا. فقال له النبي ﷺ: «عاهدني ألا تكذب».
فدخل الإسلام بهذا الشرط، رغم كونه شرطًا فاسدًا في الأصل. وقد وضع الفقهاء بابًا في كتبهم بعنوان: الإسلام مع الشرط الفاسد.
دخل الرجل الإسلام، وتغاضى النبي ﷺ عن معصيته، لكنه طالبه بعدم الكذب. ثم عاد الرجل إلى النبي ﷺ بعد أن تعافى من هذا الذنب، وقال: والله، يا رسول الله، كلما هممت أن أفعل تلك الفاحشة، تذكرت أنك ستسألني: هل فعلت؟ فأتركها استحياءً من أن أصرح بذلك، فالصدق كان سبب نجاته.
الصدق الذي نستهين به، هو أمر عظيم؛ الصدق يمنعنا من شهادة الزور، ومن كتمان الشهادة. وهو الذي ينجينا من المهالك. وقد ورد في الزهد : »الصدق منجاة؛ ولو ظننت فيه هلاكك، والكذب مهلكة؛ ولو ظننت فيه نجاتك».
وفي إحياء علوم الدين للإمام الغزالي، رضي الله عنه: كان خطيبٌ يخطب في الناس عن الصدق بخطبة بليغة. ثم عاد في الجمعة التالية، وألقى نفس الخطبة عن الصدق، وكررها في كل جمعة، حتى ملَّ الناس، وقالوا له: ألا تحفظ غير هذه الخطبة؟ فقال لهم: وهل تركتم الكذب والدعوة إليه، حتى أترك أنا الدعوة إلى الصدق؟! نعم، الصدق موضوع قديم، ولكنه موضوع يَهُزُّ الإنسان، يغير حياته، ويدخله في البرنامج النبوي المستقيم. به يعيش الإنسان مع الله.
الصدق الذي نسيناه، هو ما قال فيه النبي ﷺ : »كفى بالمرء كذبًا أن يُحَدِّث بكل ما سمع ».
ونحن اليوم نحدث بكل ما نسمع، نزيد على الكلام، ونكمل من أذهاننا بدون بينة.
ماذا سنقول أمام الله يوم القيامة؟
اغتبنا هذا، وافتَرَينا على ذاك، من غير قصدٍ، ولا التفات. لأننا سمعنا، فتكلمنا، وزدنا.
قال النبي ﷺ: «إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».
وأخذ بلسانه وقال: «عليك بهذا».
فسأله الصحابي: وهل نؤاخذ بما نقول؟ فقال النبي ﷺ : وهل يَكُبُّ الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم؟ لقد استهنا بعظيمٍ علمنا إياه النبي ﷺ. يجب علينا أن نعود إلى الله قبل فوات الأوان.
علق قلبك بالله، ولا تنشغل بالدنيا الفانية، واذكر قول النبي ﷺ: «كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل».
راجع نفسك، ليس لأمرٍ من أمور الدنيا، ولكن لموقف عظيم ستقف فيه بين يدي رب العالمين. فلنعد إلى الله، ولا نعصي أبا القاسم ﷺ.