من الهزيمة إلى النصر العظيم.. حناجر وأغاني خلدت بطولات الجبهة.. أبرزها «حلوة بلادي السمرا بلادي الحرة بلادي».. «والبندقية اتكلمت» و«رايحين شايلين في أدينا سلاح».. و«سمينا وعدينا»
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
من منا ينسى تلك الكلمات التي دبت في نفوس المقاتلين المصريين خلال العبور وبعد الهزيمة، فالكلمات لها سحرها الخاص يجعلنا نشق البحار ونكسر القيود، تلك الكلمات التي كتبها مجموعة من الشعراء المحبين لوطنهم الغالي سواء في النصر أو الهزيمة فحب مصر راسخ في الوجدان ويملأ القلوب، فهي الوطن والأرض والعرض، خرج من أجلها الجنود ليحرروها من العدوان والطغاة.
بعد الهزيمة خرج المصريون للشوارع منادين “هنحارب هنحارب”، وسجل الشعراء بحروف من ذهب ألمهم وحزنهم وخرج الأبنودي بكلماته الخالدة في قصيدته "عدى النهار" ليعلن أننا لا نزال في انتظار فجر جديد تغتسل الصبية من الهزيمة تنتظر فارسها الجندي النبيل ليحررها من قيدها ويقول «عدّى النهار والمغربية جايّة / تتخفّى ورا ضهر الشجر/ وعشان نتوه فى السكة/ شالِت من ليالينا القمر / وبلدنا ع الترعة بتغسل شعرها/ جانا نهار مقدرش يدفع مهرها/ يا هل ترى الليل الحزين / أبو النجوم الدبلانين/ أبو الغناوي المجروحين» ولحد ما قال عمنا صلاح جاهين «وقف الشريط في وضع ثابت دلوقتي نقدر نفحص المنظر»، وكأن المشهد قد توقف هنا، في هذا اليوم الحزين، وكأنها لحظة من لحظات العمر التي لا نريد لها أن تحدث مطلقًا، فما أشد مرار الهزيمة وألمها، فهو يوم قد شعر الجميع أن القمر لم يظهر وتوقف نبض الجميع عن الخفقان إنه يوم 5 يونيو 1967، الذي مر ثقيلًا على الشعب المصري والعربي أيضًا، «يوم النكسة» خرجت فيه الألحان حزينة باكية والكلمات تشعل النيران بقلوبنا، ولم يخمد هذا الحزن مطلقًا، إلا حينما دقت ساعات العبور، حتى سنوات حرب الاستنزاف كانت الأغاني وكلماتها تشعل طبول الحرب.
أغاني النكسة تعيد النهار
ويقول عبدالرحمن الأبنودي: «أبدًا بلدنا ليل نهار/بتحب موّال النهار/ لما يعدّي فى الدروب/ ويغنّي قدّام كل دار/ والليل يلف ورا السواقي/ زي ما يلف الزمان وعلى النغم» نعم نحن نسمو ونتطلع لهذا النهار الذي يأتي بعد ظلام الهزيمة والألم فلن يطول مهما كان، ولا بد وأن يأتي نهار يحمل معه الأمل ليمحي آثار الألم، ولنخرج من حالة الانكسار، ويكمل الأبنودي ويقول:«تحلم بلدنا بالسنابل والكيزان/تحلم ببكرة واللى حيجيبه معاه/تنده عليه فى الظلمة وبتسمع نداه/ تصحى له من قبل الأدان/ تروح تقابله فى الغيطان/ طالعة له صحبة جنود/ طالعة له رجال اطفال بنات/ كل الدروب واخدة بلدنا للنهار» ويؤكد أننا سنذهب لهذا النهار الذي ستنجلي فيه آثار الظلام، كما أنه وحتى لو أبينا الذهاب إليه لكنه حتمًا سيأتي حاملا معه النصر، ولأننا نعشق مواويل النهار حتى لو كانت تقال في الليل.
وكأن صوت العندليب صوت لكل المصريين، فمن أغنيته «الفجر لاح» من كلمات مرسي جميل عزيز وألحان بليغ حمدي، وحتى رائعته «النجمة مالت عالقمر» من كلمات محسن خياط، وألحان محمد الموجي، يعلن «العندليب» أننا ولا بد أن نأتي بالنهار حتى رفض المجيء، سيحمل جنودنا الأسلحة ويأتون به.. ستخرج مصرنا إلى نهار يُحيي بداخلنا الخلود، لن تقسمنا الهزيمة ولن تميتنا، وحتى لو متنا سيكون ثمنًا بخثا من أجل الحرية والنصر.. وسيظل سلاحنا مستيقظًا وزي ما قال العندليب «خلى السلاح صاحي.. صاحي، صاحي/ لو نامت الدنيا صاحي مع سلاحي/ سلاحي في إيديّ نهار وليل صاحي/ ينادي يا ثوار، عدونا غدار/ خلي السلاح، السلاح صاحي، صاحي، صاحي».
ليأتي مشهد آخر شعر فيه المصريون بمرار الفراق والحنين حينما رحل الزعيم جمال عبدالناصر ليشدو عبدالرحمن عرنوس -رحمة الله عليه- في جنازته مودعًا إياه مع الجموع الغفيرة التي خرجت لوداعه ويقول «الوداع ياجمال ياحبيب الملايين..الوداع/ الوداع يا جمال يا حبيب الملايين....الوداع / ثورتك ثورة كفاح عشتها طول السنين...الوداع/ أنت عايش فى قلوبنا يا جمال الملايين....الوداع / أنت نوارة بلدنا واحنا لوعنا الحنين....الوداع/ أنت ريحانة ذكية لأجل كل الشقيانين...الوداع/ الوداع يا جمال يا حبيب الملايين....الوداع»، هذا النشيد الذي نشر كاملا يوم 10 أكتوبر عام 1970 في مجلة الإذاعة والتليفزيون، وهو الأشهر من بين القصائد التي كتبت في رحيل الزعيم جمال عبد الناصر.
ولم يكن هذا الوداع هزيمة بل دافعًا أكبر للانتصار والسعي والتدريب لجنودنا، فبرغم الحزن استمرت قواتنا الباسلة في حرب الاستنزاف ضد العدو المغتصب، وتستمر الأصوات تتعالي بأشعار الكبار، ويتغني بها عبد الحليم وثومة ووردة وعبد الوهاب لتبث روح القتال في الشعب المصري وجنوده، وإصرار على رفع رايات النصر.
أغاني النصر بين الفرحة والإصرار
وحين دقت الساعة الثانية في يوم السادس من أكتوبر عام 1973، كان الموعد مع العملية «بدر» حيث قام الجيش المصري بتحرير الضفة الشرقية لقناة السويس وقام بالاستيلاء على خط بارليف بما في ذلك التحصينات الإسرائيلية، وبدأ الهجوم بالتزامن مع الهجوم السوري في الجولان، لتعلن أن ساعة التحرير قد بدأت وبدأ معها عصر جديد على صوت النداء لجنودنا البواسل «الله أكبر.. الله أكبر».
ويعلو مع نداء الجنود وهتافهم وهم ممسكين بالأسلحة لتحرير الوطن كان للفن ميدان آخر وسلاح من كلمات وألحان لتعلوا أصواتهم مع صوت البنادق وتعلوا معهم صوت الآلات الموسيقية من داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون ليخرج منها أعذب الألحان وأكثرها حماسًا لتعلن عن نصر عظيم ويتغنى بمصرنا السمراء وردة والمجموعة ومع أصوات البنادق والمدافع والرشاشات تعلوا معها أصوات الكمان والربابة والعود وكل الآلات الموسيقية وتشدو وردة «حلوة بلادي السمرا بلادي الحرة بلادي السمرة بلادي».
وليست وردة وبليغ فقط من ذهبا إلى مبنى «ماسبيرو» حتى يصل صوتهم للجميع فالكل تغني بالنصر وفرح به وفرح معه الشعب وكل الوطن العربي، فهذا الانتصار يحمل معه دماء الجنود وشهداء الوطن.
ومن بين الأغاني التي واكبت الانتصار والاحتفاء بتمكن الجنود من العبور، ونجاحها في الاستيلاء على منطقة من الساحل الشرقي للقناة وفرض حصار بحري ناجح ضد إسرائيل في البحر الأحمر، كانت الأغاني تشعل الشارع المصري والوطن العربي والتي من بينها، أغنية «البندقية اتكلمت» لعبد الحليم وألحان بليغ حمدي وكلمات محسن الخياط والتي قال فيها «جيش الظلام فى يوم ما هاجم فجرنا/ جرح السلام زرع الآلام فى أرضنا/ وقلبنا داست على الجراح وحلفنا ما نسيب السلاح/ إلا أن رجعنا بشمسنا وضحك لينا تانى الصباح/ جتلك وأنا ضامم جراح الأمس/ حالف لرجعلك عيون الشمس/ يا يا يا بلدي».
ويكمل «سكت الكلام والبندقية اتكلمت/ والنار وطلقات البارود/ شدت على ايدين الجنود واتبسمت/ احنا جنودك يا بلدنا وحبنا/ ماشين على طول الطريق اللى رسمناه كلنا/ جتلك وأنا ضامم جراح الأمس/ حالف لرجعلك عيون الشمس/ يا يا يا بلدي».
وهنا يذكرنا الشاعر بالمرار الذي ذقناه عقب الهزيمة وأنه مع دقات طبول النصر ستتحدث البندقية وسيعلوا صوتها لتعود بلادنا وأرضنا حتى لو ضحينا بحياتنا فداءً لها، وأن وقت الكلام قد انتهى والآن هو صوت البنادق والمدافع لتعود لنا عزتنا وكرامتنا مع النصر.
ولأن عبد الحليم هو كان صوت الثورة فكان لديه الحظ الأوفر من الأغاني الوطنية التي صاحبت ثورة الـ23 من يوليو وحتى نصر أكتوبر، ومن بين الأغاني التي أنشدها بعد النصر أغنية «لفي البلاد يا صبية» غناء عبد الحليم حافظ، والتي تم إذاعتها في السابع من أكتوبر، كما خرجت أيضًا أغنية «بالأحضان يا سينا» من غناء المجموعة والتي خرجت أيضًا في نفس اليوم السابع من أكتوبر عام 1973، من كلمات محمد كمال بدر وتلحين أحمد صدقي.
حلوة بلادي السمرة بلادي
ويستمر هذا اليوم الذي أعلن فيه نصر الجيش المصري على العدو الإسرائيلي ويسترد معه جزءا من أراضيه المسلوبة فقد شهد يوم السابع من أكتوبر خروج العديد من الأغاني والتي سهر عليها الكبار من مطربين ومؤلفين وملحنين طوال يوم 6 أكتوبر لتكون غنوة تخلد تلك اللحظات التاريخية في البلاد، فالفن هو تعبير عن المجتمع وكيف لا تخرج أعظم الكلمات لتروي حكاية شعب ناضل وحارب لاسيما وإن كان هذا الوطن الأسمر مصر الحرة، لتغني وردة الجزائرية أغنية «حلوة بلادي السمرا.. وأنا على الربابة بغني» تأليف عبد الرحيم منصور وألحان بليغ.
ورغم كلماتها القصيرة ولحنها العذب إلا أنها تعتبر أيقونة من أيقونات حرب أكتوبر المجيدة وتقول كلماتها «حلوة بلادي السمرا بلادي الحرة بلادي/ وأنا على الربابة بغني ما أملكش غير إنى أغني.. وأقول تعيشي يا مصر.. وأنا على الربابة بغني وأقول / ما أملكش غير غنوة أمل للجنود... أمل للنصر /ليكي يا مصر ليكي يا مصر /حلوة بلادي / وابارك كل خطوة اتعدي عاالطريق الصعب.. يامصر / وانا على الربابة بغني / وبغني غنوة الحرية قول معايا ياشعب / تحيا مصر تحيا مصر».
وقول معايا يا شعب «تحيا مصر» تحيا مصر.. تحيا مصر.. وعلشان مصر تحيا كان لازم نضحى بأروحنا من أجلها.
ويأتي بديع بعد أغنية «حلوة بلادي السمرة بلادي» لوردة وفي نفس ليوم يخرج بأغنية «بسم الله.. الله أكبر بسم الله» من غناء المجموعة والتي خرجت في نفس يوم السابع من أكتوبر.
فأغاني النصر لم تنته، وغنت شهر زاد أغنيتها «سمينا وعدينا» من كلمات علية الجعار، وألحـان عبد العظيم محمد، والتي أبدعت فيها الشاعرة الكبيرة علية الجعار ووصفت فيها الحالة التي كان يعيشها الشعب المصري في وقت الحرب والتي تقول كلماتها «وسمينا وعدينا وشقينا طريق النصر/ وإيد المولى ساعدتنا ورجعنا إبتسامة مصر / وشقينا طريق النصر... ورجعنا إبتسامة مصر/ خيوط الفجر بتنور.. وكل الشعب بيكبر/ وفي رمضان وبالإيمان أراضينا بتتحرر/ وسمينا وعدينا وشقينا طريق النصر/ وإيد المولى ساعدتنا ورجعنا إبتسامة مصر/ وشقينا طريق النصر... ورجعنا ابتسامة مصر» وهنا ذكرت الشاعرة شهر رمضان وصيام الجنود خلال ساعات الحرب والذي كان دفاعًا للنصر وعودة الابتسامة لمصر بعد سنوات من الحزن والحيرة والحنين للأراضي المسلوبة.
«رايحين رايحين شايلين فى أيدينا سلاح»
وتزخر الأغاني التي واكبت فترة النكسة وحتى النصر الكثير والكثير ومنها أغنية «رايحين شايلين في إيدنا سلاح» والتي صدرت في الأول من يناير عام 1972، وكانت مصر وقتها تتساءل عن موعد الحرب ومتى سنحارب ومتى سنسترد الأرض ونطرد منها المعتدين، والأغنية غناء المجموعة، وكلمات نبيلة قنديل، وألحان عبقري الموسيقى علي إسماعيل، والتي تميز لحنها بالروح القتالية وكان لغناء المجموعة لتلك الكلمات إيحاء بأنها صنعت بصوت الجنود البواسل وعلى دقات طبول الحرب التي امتزجت بأصوات أقدامهم التي كانت تهز الأرض من تحتهم وتقول كلماتها التي تنبأت فيها بالنصر رايحين رايحين / شايلين فى ايدنا السلاح /راجعين راجعين / رافعين رايات النصر / سالمين سالمين / حالفين بعهد الله /
نادرين نادرين / واهبين حياتنا لمصر».
باسمك يا بلدي......حلفنا يا بلدى / جيشك وشعبك يرد التحدى / ارضك وزرعك.....شمسك وقمرك / شعرك ونغمك.....نيلك وهرمك / بدمي افادي واصد الاعادى / وافدى بروحى عيونك يا مصر».
استوديو عبدالوهاب يشهد على أغاني الثورة والنصر
على بعد خطوات من كورنيش النيل بمنطقة ماسبيرو يقع مبنى الإذاعة والتليفزيون العريق، والذي خرجت منه أعظم الأعمال الفنية والإبداعية التي سجلت هويتنا المصرية وعبرت عن كل فترات مصر التاريخية في العصر الحديث.
ونصل حتى الدور السابع وبالتحديد في استوديو رقم 46 والذي يحمل اسم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، ففي هذا المكان خرجت أغاني الثورة وأغاني النصر وأغاني الحرب، بل وقف فيه أعظم ما أنجبت مصر من مطربين وملحنين وموسيقيين.
وتنشر «البوابة» صور الاستوديو الذي شهد على يوم النصر وهو يوم السادس من أكتوبر لتخرج منه أعذب الألحان التي عبرت عن نصر أكتوبر ومنها "بسم الله.. الله أكبر بسم الله" وحلوة بلادي السمرا بلادي.
ففي يوم السادس من أكتوبر شهد استوديو "محمد عبدالوهاب" الذى يعد أكبر استوديو فى إذاعة الشرق الأوسط واتخذه موسيقار الأجيال مكانًا ليجرى به بروفات أهم أغانيه ويسجلها به، والذي لا يزال به البيانو الخاص بالموسيقار عبد الوهاب، ليسجل قطعة فنية تزين جدران الأستوديو الذي مازال يحتفظ بعراقته.
وفي تلك المناسبة ذهبت كاميرا «البوابة» للاستوديو رقم 46 والتقطت صورًا للاستوديو وما به من مقتنيات، بيانو عبد الوهاب والذي تشعر حينما تلمسه بأنامل الموسيقار لا تزال عالقة به، بل تشتم روائح وعرق الموسيقيين الذين كانوا يسهرون طوال الليل به ليتدربوا على عزف أعذب الألحان.
تشتم نسائم وردة وأم كلثوم وفايزة أحمد ونجاة وغيرهم الكثير مما لحن لهم موسيقار الأجيال.
ولا يمكن أن ننسى أعظم ما غنت وردة أغنيتها "حلوة بلادي السمرا بلادي الحرة بلادي... وأنا على الربابة بغني ما املكش غير أني أغني، واقول تعيشي يا مصر".
الأغنية التي غنتها المطربة الكبيرة الراحلة وردة ولحنها بليغ حمدي وكتب كلماتها عبد الرحيم منصور لها قصة كبيرة لظهورها إلى النور وإنتاجها، أغنية ولدت مع فرحة النصر والعبور.
============
بليغ قائد مدفعية الألحان
لا يمكن نكران دور بليغ حمدي وقت الحرب والأغاني التي أخرجها وإصراره الكبير على دخول مبنى الإذاعة والتليفزيون ليلة السادس من أكتوبر ليسجل أغانيه الشهيرة والتي خرجت في ثاني أيام الحرب وبالتحديد في السابع من أكتوبر.
وفي لقاء مع الإذاعي الكبير وجدي الحكيم حكي عن هذا اليوم وكيف حارب بليغ ليدخل مبنى الإذاعة ليقوم بتسجيل الأغاني التي لا نزال نستخدمها حتى وقتنا الراهن في كل احتفال بذكرى النصر ويقول: «في مساء 6 أكتوبر عام 1973، وبعد إذاعة بيان العبور، لم يتمالك الملحن بليغ حمدي نفسه من الفرحة، وسريعا طالب صديقه الشاعر عبد الرحيم منصور بكتابة كلمات تعبر عن فرحتهم بالنصر، وبالفعل كتب منصور الكلمات، وسارع حمدي باصطحاب وردة وذهبا معا في العاشرة مساء إلى الإذاعة لتسجيلها، وهناك بدأت الأزمة، حيث منع الأمن دخول بليغ ووردة من دخول الإذاعة".
وهو ما رفضه بليغ ووردة، وقررا الاستعانة بالشرطة وحررا محضرا ضد صديقهما وجدي الحكيم والإذاعة والتليفزيون لمنع مواطنين من التعبير عن فرحتهم بانتصار بلدهم، ولم تنتهي الأزمة إلا بتدخل "بابا شارو" الذي تواصل مع الجهات المسئولة وسمح لهما بالدخول، وكتب بليغ ووردة إقرارا بتحمل كافة التكلفة للفرقة وكل شيء، وفي نفس الوقت كل الفرق الموسيقية والكورال في الإذاعة قرروا تسجيل كافة أغاني المعركة دون أجر، وأمام إصرار بليغ ووردة خرجت الأغنية إلى النور ليسمعها الشعب المصري يوم 7 أكتوبر ويتغنى بها فرحا، ووصل الأمر أيضا إلى الجنود الذين زاد حماسهم بعد سماع الأغاني الجديدة التي تعبر عن فرحة الشعب بالنصر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجنود المصريين الأبتسامة العاشرة مساء بابا شارو جمال عبدالناصر حرب الاستنزاف مصريين محمد كمال الإذاعة والتلیفزیون السادس من أکتوبر الشعب المصری الأغانی التی عبد الوهاب أکتوبر عام عبد الحلیم التی خرجت الله أکبر بلیغ حمدی تحیا مصر من کلمات بسم الله عام 1973 من بین فی نفس حتى لو
إقرأ أيضاً:
روسيا من دنا عذابها الي اخت بلادي!
من أخطر سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي تغبيش الوعي حول اهم المعلومات والحقائق، بصنع الانحيازيات وتوجيه الآراء حيث الانقسامات بحسب التوافق السياسي، اذ بات يعتمد انتشار المعلومة للأعلى والأجهر صوتاً والأكثر انتاجاً بغض النظر عن صحة المعلومات، دقتها، او سطحيتها.. ولقد صنعت هذه الحرب اللعينة سوق معلوماتي اختلف عن بقية أسواق الميديا في خطورته بتوجيه دفة المعارك على الأرض من جهلاء بالحرب والسياسة، والحس الإنساني السليم، في وقوفهم مع استمرار الحرب، التي ساقت أهلهم وارحامهم الي حتفهم، وساهمت من ثم في تشريدهم وذلهم في معارك ليس لها من الكرامة غير اسمها الذي اختاره لها الاخوان المسلمون!
ومن أبرز نماذج انتفاع الحركة الإسلامية في هذا السوق الزخم ما تناقلته تلك الوسائط من شعور بالغبطة والنشوة باستخدام روسيا لحق الفيتو واسقاط اجماع 14 دولة عضو في مجلس الامن على وقف الحرب.. والغريبة أن الاقتراح الذي تم رفضه يشمل فيما يشمل قرارات إدانة وتجريم لقوات الدعم السريع لما ارتكبته في الجزيرة ودارفور، حيث انتهكت حرمات البيوت، والاعراض، وقتلت، ونهبت، واغتصبت النساء، وأذلت الشيوخ والمسنين من النساء والرجال.. ولذلك كان استخدام روسيا لحق نقض القرار عملا محبطاً لدعاة السلام وحقن الدماء.
وبالطبع امتطي البرهان موجة البطولات المضللة متوهماً ان له دبلوماسية محترمة، وسيادة معترف بها قائلا (البارحة شهدنا الموقف الروسي الداعم لسيادتنا... فالسودان يعمل بشكل وثيق مع أصدقائه وأصدقاء شعبه، لمنع صدور القرار المعيب والخادش للسيادة السودانية) فكأنما روسيا استخدمت حق الفيتو (العزيز الاستخدام) من اجل الكيزان! وهي تعلم انهم حكام كرتونيون من بقايا دولة (إعادة صياغة الانسان السوداني) التي كانت تمثل فيها روسيا رمز الشيطان مصدر حربهم (يا حبذا الجنات واقترابها** أمريكا وروسيا قد دنا عذابها** على ان لاقيتها ضرابها) وبالطبع ليس هي بالسذاجة التي تجعلها تقف في وجه أمريكا وأوروبا، مستعطفه رضا حكومة بورتسودان المتصدعة.
روسيا التي كايدت مشروع التصويت على قرارات مجلس الامن من اجل وقف حرب السودان، تهمهما في المقام الاول حربها مع أوكرانيا، وقرارات بايدن والديموقراطيين في البيت الأبيض، والسماح لأوكرانيا باختراق الأراضي الروسية بصواريخ مدمرة طويلة المدي، وهو الشي الذي سوف يعقّد مشهد العلاقة بين ترامب وبوتين في أثناء دورة حكم الجمهوريين المقبلة.
ومن سخرية القدر وخفة عقل الفلول، تصوراتهم ان روسيا هي خارج حلبة صراع موارد السودان، كما انها تجهل ان الجنرال البرهان لا يحكم فيما يملك، بل هو عاجز عن استرداد قيادة الجيش من سطوة الحركة الإسلامية، وحماية المواطنين واسترداد الأراضي المحتلة من قبل صنيعته مليشيا الدعم السريع.. واما عطايا حكومة الحركة الإسلامية لروسيا فهي لم تتوقف منذ ان قام الاسلاموي البشير بمقابلة بوتين في عام 2017 وصرح (انه يحتاج لحماية من الاعمال العدوانية للولايات المتحدة ضد السودان) مقابل (امتيازات التعدين وبناء قاعدة بحرية علي البحر الأحمر في بورتسودان بوابة البلاد للتجارة).. انتهي - الجزيرة - تحت عنوان (مغامرة فاغنر لماذا تتورط روسيا في صراع السودان) 2023/8/5
كما ان روسيا لا تحتاج ان تتخذ قراراتها مراعاة لقائد مليشيات الدعم السريع حميدتي وال دقلو أصحاب "جبل عامر"، أكبر مناجم الذهب في السودان وافريقيا، اذ أن كليهما يبيعان لروسيا الذهب طواعية، من اجل شراء السلاح، لإبادة وتقتيل الشعب الأعزل. اما ترهات الجنرال في (نحن نعرف كل من وقف مع الشعب السوداني، وسنقدر هذا الأمر، وسيستند التعاون والتحالف مع دول الإقليم ودول العالم على مخرجات ومحصلات هذه الحرب)! فهي وعود ليست للإعمار والنهوض بالدولة، كما لن تعود للشعب المشرد اللاجئ بنفع، بعد ان فقد أبناءه وهُجّر من ارضه، وهو المحروم طوال ثلاث عقود من حكم الحركة الإسلامية من خيرات أرضه، التي تقدمها الحكومة رشاوي وضرائب لتلك الدول حتى تضمن استمرار بقائها في السلطة، وتحمي مصلحة افراد التنظيم، وتشتري بها ذمم جنرالات الجيش الفاسدين، واليوم تشتري بتلك الموارد السلاح لاستباحة دماء المواطنين، يقتلهم الجنجويد ارضاً، وتقصفهم قوات الجيش جواً.
فإن كانت تلك الآلات الإعلامية الفرحة باستمرار الحرب، يطرب زامرها حكومة الامر الواقع، فعلى وطن اسمه السودان السلام.. فقد أسفر صراع المطامع الدولية عن فصيح نواياه حول حرب السودان، ولا رادع له غير ان يجتمع السودانيين حول وقف الحرب.. كما ان التعويل علي وحدة الصف السوداني للجنرال المستلب الإرادة البرهان تعني الامتثال لشروط الحركة الإسلامية، التي تستجلب عضويتها للاستوزار في بورتسودان، وهو يعلن (.. يجب أن تنتهي الحرب، وبعدها نجلس في حوار سوداني - سوداني، ليقرر السودانيون كيفية إدارة بلادهم، فإذا قرروا إبعادنا لا نمانع، وسنعيد لهم أمانتهم وبلدهم نظيفاً من هؤلاء المتمردين الخونة، سيكون هذا الأمر قريباً).. كالعادة وعود الجنرال الانقلابي بالتخلي عن السلطة، وإنهاء الحرب (بالتوافق السلمي او بالانتصار)، حبر على ورق، وتفتقد الى النية الصادقة، حيث لم ينجح في الوفاء بأيهما رغم تكرارهما منذ رئاسته لمجلس السيادة المحلول او كقائد للجيش. ولن يكون هنالك حوار سوداني برعاية حكومة الحرب، وجميع الذين ينادون بوقف الحرب مدانون بتهم العمالة والخيانة الوطنية. كما اثبتت الأيام فشل الدعم السريع في ادارة مناطقه وتأمين المواطنين، ولم يفعل سوي تهجيرهم خارجها.
tina.terwis@gmail.com