«أكتوبر في عيون العالم»| اعترافات وشهادات حصرية من واشنطن وباريس.. رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا: بناء الجيش المصري بعد الهزيمة معجزة حقيقية
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
أعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، عن تقديم الفيلم الوثائقي «أكتوبر في عيون العالم» باعترافات من تل أبيب، وشهادات حصرية من واشنطن وباريس، على القناة «الوثائقية »، خلال عدة حلقات متنوعة والتي يقدمها الإعلامي أحمد الدريني، رئيس قطاع الإنتاج الوثائقي بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وذلك تزامناً مع مرور 50 عامًا على انتصارات حرب أكتوبر، حيث تضمنت أولي حلقات سلسلة الفيلم الوثائقي لقاء خاصا مع الجنرال جورجيو باتيستي، رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا، والذي قضى 44 عاماً في الخدمة العسكرية، والتي شغل خلالها عدة مناصب مهمة، منها رئيس قسم الشئون العامة في هيئة الأركان الإيطالية، والمتحدث الرسمي باسم الجيش الإيطالي في روما، كما عُين قائدًا للتدريب والعقيدة في الجيش الإيطالي، وهي آخر مهمة عسكرية تقلدها قبل تقاعده من الخدمة عام 2016.
قال الفريق جورجيو باتيستي، رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا، إن حرب 67 جعلت الوضع في الجيوش العربية سيء للغاية، من حيث القدرة المتبقية للقوات المسلحة المصرية، وخصوصاً بعد خسارة نحو 85 % من قواتها الجوية والطائرات بالإضافة الي 80 % من المعدات العسكرية البرية، وكان المصريون بلا جيش حقيقي بسبب تلك الهزيمة ولكن في أقل من 7 سنوات تمكن المصريون بأسلوب مبتكر وبطريقة جديدة من إعادة بناء القوات المسلحة، وهذا بمثابة معجزة لأنهم بمقاييس الدراسات العسكرية الغربية بعد هزيمة واحدة لأي جيش يحتاج الجيش إلي فترة من 10 لـ 20 عاماً لإعادة بناء جيشها، مستدلاً بالنتيجة السيئة التي وصل اليها الجيش الأفغاني في الأعوام الأخيرة، حيث لم تفلح 10 سنوات من الدعم الغربي في بناء جيش أفغاني حقيقي.
وقال رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا، إن المصريين نجحوا خلال 7 أعوام في إعادة بناء جيش مصري جديد، واصفاً ذلك بالمعجزة، قائلاً: أنا أومن بأنها معجزة بسبب القيادة الذكية علي المستوي السياسي، وأعني بها الرئيس السادات وأيضاً القيادة الاستراتيجية والعسكرية متمثلة في وزير الدفاع ورئيس الأركان في ذلك الوقت بعد دراسة الخطأ السابق في حرب 1967، من أجل العثور علي ما يمكن التغلب به علي تلك المشكلة التي وقعوا فيها بعدما دُمر الجيش جراء الهزيمة وتلك من ناحية، أما من ناحية أخري هو دراسة القوات المسلحة لجيش العدو الإسرائيلي، ودراسة عبقرية أدائهم في حرب 1967، وحاولوا الوصول إلي حل يبعدهم ويجنبهم الوصول إلي نفس النتيجة.
وعن الاستنتاجات الرئيسية والمهمة التي توصل إليها الرئيس السادات ووزير الدفاع ورئيس الأركان وما وجدوه حينما قرروا إعادة النظر فيما حدث في حرب الأيام الستة، قال رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا، إنه طبقا لبعض المصادر كانت هناك ثغرة في التنسيق والتعاون بين الأسلحة المختلفة داخل الجيش المصري، وأعني بذلك التنسيق بين قوات المشاة والمدرعات والمدفعية والجوية، وفي حرب 1967 افتقد الجيش المصري التنسيق والتعاون بين منظومة القوات المسلحة وهو ما أفقده تنظيم المعركة، قائلاً "حرب 1967 كانت مجرد لحظة سيئة".
وقال رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا، إن قوات الصاعقة بالجيش المصري استطاعت العبور للجانب الآخر من القناة خلال حرب أكتوبر في غضون 20 دقيقة، ورفع العلم المصري بغرض إعلام الجنود في الجانب الغربي من القناة أنهم وصلوا إلي قمة خط برليف، وبمجرد وصول قوات الصاعقة إلي الضفة ركضت أطقم الأسلحة المضادة للدبابات لمسافة 2 كيلو متر خلف خط برليف لإيقاف الهجوم المضاد.
وأضاف رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا، أن الخطوة الثانية نفذها المهندسون العسكريون المصريون بدءًا من مضخة المياه لفتح ثغرة في الساتر الرملي (خط برليف) الذي بلغ طوله من 30 لـ 40 متراً فوق سطح الأرض وبعمق 10 أمتار علي الأقل، مضيفاً أن المهندسين قاموا بعمل جيد بفتح ثغرات من 4 لـ 5 أمتار في هذا الجدار لمرور الدبابات والوحدات الثقيلة.
وأوضح باتيستي، أن الخطوة الثالثة، هي الجسور والكباري المتنقلة وهي سوفيتية الصنع وعمل علي تركيب تلك الجسور 70 فريقاً من المهندسين العسكريين خلال الليل، وفي صباح الـ 7 من أكتوبر تم الانتهاء من إنشاء وتركيب 10 كباري صالحة لاستخدام الأسلحة والوحدات الثقيلة وهي عملية منسقة جداً من حيث المراحل أو التوقيتات.
وأردف باتيستي، أن الجندي المصري هو جندي من نوعية جيدة جداً، وله كفاءة يشُهد له بها، وهو ما ظهر جلياً واعترف به الجنود الإسرائيليون بعد حرب 1973، معللاً ذلك بقدرتهم علي القتال بنفس مستوي الجنود الإسرائيليين في حرب أكتوبر، مردفاً، علي المستوي الشخصي عندما كنت في الصومال عام 1993 كان مع بعض الضباط المصريين في إحدى الوحدات المصرية وكان أداؤهم جيداً للغاية وبطريقة احترافية مثل الجنود الإيطاليين والفرنسيين والأمريكيين.
وأشار باتيستي، الي أن الرئيس السادات والقيادة العسكرية كانوا يحتاجون لنوع من الانتقام من أجل إظهار وبيان القوات المسلحة المصرية ليس هي نفسها جيش عام 1967، ولكنه الجيش الباسل الذي يقاتل بشجاعة، لأن مصر وراءها تاريخ عريق يصل الي 7000 ألف عام، وأن الجنود المصريين الحاليين مرتبطون بالمحارب المصري الذي عاش قبلهم منذ الآلاف السنين بنوع من الارتباط المعنوي المقترن بالفخر ما بين الجندي المصري الحالي والقديم.
وأكد رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا، السوفييت بالطبع لم يوفر أفضل الأسلحة بين كل الأسلحة الحديثة المتقدمة تكنولوجيا، ولكنهم وفروا أسلحة جيدة بقدرات جيدة ولكنها ليست الأحدث، إلا أن المصريين الذين حاربوا في 1967 كانت لديهم مشكلة في قدرات الدفاع الجوي والأسلحة المضادة للدبابات، حيث وفر السوفييت أسلحة دفاع جوي تستطيع الاشتباك مع العدو في مدي من 20 لـ 30 كيلو مترا وصواريخ دفاع جوي محمولة مضادة للطائرات شديدة القوة وتتميز بسهولة الحركة وخفة الوزن وتعمل خلف قوات المشاة، وبالإضافة الي الصواريخ المحمولة أرسلوا صواريخ تشتبك مع الطائرات في مدي من 3 أو 4 كيلو مترات حتي 7 كيلو مترات، وأيضاً أسلحة جيدة مضادة للدبابات، مثل الصاروخ الموجه الشهير من طراز سجر وهذا هو اسمه في مصطلح حلف شمال الأطلنطي "ناتو"، هو أفضل صاروخ موجه مضاد للدبابات في الترسانة السوفيتية، وله مثيل في الترسانة الأمريكية هو الصاروخ "تو" ثم قام السوفييت بتوفير كباري متنقلة استطاع المهندسون المصريون استخدامها بطريقة شديدة الاحترافية، وتلك الكباري المتنقلة هي أحد الأمثلة الإيجابية المهمة علي الأعمال الجيدة التي قام بها الجيش المصري، والتي استطاعوا بواسطتها العبور إلي الضفة الأخرى لقناة السويس في ساعات قليلة، وأن تنقل في أقل من 24 ساعة أكثر من 50 ألف مقاتل مصري، و300 أو 400 دبابة روسية، وهذا يتسق بشأن التعاون والتنسيق بين الجبهات المختلفة في المجهود القتالي، وأقصد بذلك المدفعية والدفاع الجوي والطائرات، قائلاً المهندسون المصريون كانوا قادرين علي صنع الفارق لأنهم عملوا وتدربوا جيداً بشكل مسبق.
ونوه باتيستي، أن هناك بعض المبادئ للحروب وهي في غاية الأهمية ومن الرائع أن يتم تطبيقها بشكل جيدة وبمهارة فائقة، وأولها مبدأ المفاجأة وفي حرب السادس من أكتوبر عام 1973 استطاع المصريون تحقيق 3 مفاجآت للعدو وأولها المفاجأة السياسية والثانية هي المفاجأة الاستراتيجية والثالثة هي المفاجأة التكتيكية، ثم مبدأ الخداع، وهو مبدأ مهم للغاية علي الدوام بمعني هل سنهاجم في هذا الاتجاه أم في الاتجاه الآخر، وذلك من أجل خلق بعض الارتباك لدي القيادة العامة لقوات العدو أو جعلهم يسيئون الفهم، ثم مبدأ التنسيق، منوهاً أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية فشلت في معرفة ما كانت ستقوم به مصر من استعدادات وفي نهاية الحرب قامت حكومة تل أبيب بتشكيل لجنة وعمل تحقيقات بغرض الخروج بالدروس المستفادة ومعرفة الأخطاء، وأحد العناصر التي ظهرت من خلال هذا التحقيق يتعلق بالاستخبارات لأن مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية آنذاك كان واثقاً تمام الثقة بأن قدراتهم ستمكنهم من الحصول علي معلومات عن احتمال قيام المصريين بهجوم قبل وقوعه بـ 48 ساعة علي الأقل، من أجل إعطاء الوقت للقيادة العامة الإسرائيلية لاستدعاء عناصر القوات الاحتياطية بالجيش الإسرائيلي ودفعهم بمعداتهم الكاملة إلي الجبهة بغرض إيقاف هجوم المصريين.
وأشار باتيستي، أن الاستخبارات الإسرائيلية فشلت خلال حرب 1973 في توفير التحذير المسبق للقوات قبل 48 ساعة من وقوع الهجوم، حيث قامت الاستخبارات بإبلاغ الحكومة الإسرائيلية في صباح نفس يوم الهجوم يوم 6 أكتوبر، حيث قام المصريون في الجنوب والسوريون في الشمال بعد ساعات قليلة بشن هذا الهجوم علي القوات الإسرائيلية، وكانت تلك هي المشكلة الرئيسية لأنهم كانوا واثقين بصورة زائدة عن الحد في قدراتهم الاستخباراتية للحصول علي معلومات من مصر ومن سوريا علي الرغم من أنهم لم يتمكنوا من تقييم بعض الإشارات التي أرسلتها عناصر الاستخبارات علي الأرض الي تل أبيب، وأن النتيجة الحقيقية هي ما حققته الاستخبارات المصرية والرئيس السادات ورئيس الأركان.
وذكر رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا، أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات والمخابرات المصرية نجحوا في خداع إسرائيل قبل حرب السادس من أكتوبر، حيث إن الجيش المصري أعلن قبل عدة شهور من الهجوم علي إسرائيل عن إجراء مناورة تدريبية بجوار قناة السويس في شهر أكتوبر، وكان ذلك يعد حينها نوعاً من التدريبات العادية.
وقال باتيستي، إن القادة الإسرائيليين أنفسهم اعترفوا في عدة بيانات علنية بعد انتهاء الحرب بأن الجنود المصريين ليس هم من حاربوهم عام 1967، وكذلك فوجئوا للغاية بهذه القدرة للجندي المصري علي القتال في حرب السادس من أكتوبر علي نفس مستوي الجنود الإسرائيلية واصفاً إيها بـ"قتال الأنداد".
وأوضح رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا، أن الجيش الإسرائيلي لم يفهم ولم يستوعب نفسياً أن المصريين كانوا قادرين علي هذا النوع من العمليات، والعبور للضفة الأخرى للقناة، موضحاً أن حرب أكتوبر كانت هي المرة الأولي التي كانت يدخل فيها بعض الجوانب الاقتصادية في هذا المجال حيث تم فرض الحظر النفطي الذي فرضته البلاد العربية التي كانت قادرة علي إنتاج 90% من إنتاج النفط العالمي، حيث قامت تلك الدول بقطع إمداد النفط للدول الغربية وتقليل الإنتاج لممارسة الضغط بشكل رئيسي علي أوروبا والولايات المتحدة واليابان وإسرائيل من أجل إيقاف الأعمال الإسرائيلية التي لم تحترم قرار وقف إطلاق النار في المرحلة الأخيرة من الحرب، والذي صدر يوم 22 و25 أكتوبر وفقأ لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 338، موضحاً أن قرارا إيقاف تصدير النفط أدي الي وجود مشكلة كبيرة في الدول الأوروبية وتوقفوا عن دعم الأمريكيين في الجسر الجوي الذي نقل 22 ألف طن من المعدات العسكرية، ماعدا البرتغال هي التي استمرت في دعمهم ووفرت لهم مطارها العسكري في جزيرة أزوري كمحطة ترانزيت للطائرات.
وأشار باتيستي، الي أنه ولأول مرة يدرك فيها القادة الإسرائيليون أن جنودهم عانوا من مشكلة نفسية عقب حرب السادس من أكتوبر، مشيراً الي أن حرب أكتوبر كانت نقطة تحول في تاريخ الحروب التقليدية، فالجانب الإسرائيلي حارب في عام 1948 وعام 1965 وعام 1967 وكانوا هم الجانب المهاجم، أما في الحرب الرابعة عام 1973 كانوا هم من تلقوا الهجوم من المصريين وعانوا منه، ولذلك لم يكونوا قادرين عقيلاً ونفسياً علي القيام بالدفاع أو اتخاذ مواقف دفاعية لأن موقفهم كان تحت تأثير المفاجأة والصدمة لأن موقفهم كان دائماً هو القيام بالمناورة والهجوم، أن القوات الجوية والقوات البحرية والقوات البرية الإسرائيلية كانت تعمل دوماً كقوات مهاجمة وهي من تبدأ بالهجوم علي الطرف الآخر لا هي من تستقبل الهجوم.
وأشاد الفريق جورجيو باتيستي، رئيس غرفة العمليات العسكرية في الجيش الإيطالي سابقًا، بنجاح القوات الخاصة للجيش المصري في تنفيذ الهجمات الدقيقة علي مقار القيادة الإسرائيلية ومستودعات الذخيرة خلف خطوط العدو، وإحداث تأثير نفسي سلبي لجنود القوات الإسرائيلية بعد سلسلة هجمات متنوعة التي كبدتهم خسائر فادحة.
كما أشاد باتيستي، بالدور العريق الذي قدمه رجال الصاعقة المصرية، من صد وإيقاف تقدم قوات احتياط العدو باتجاه قناة السويس عدة ساعات، وأشاد كذلك بإطلاق المدفعية المصرية لأكثر من 10 آلاف طلقة مدفعية بواقع 175 طلقة مدفعية الثانية في 53 دقيقة فحسب وهذا عدد هائل، لامتلاكهم 1000 مدفع موزعين ومنتشرين خلف القناة، وهو ما سبب انهيارا في خطوط العدو، فالقدرة الكبيرة في التنسيق والتزامن للعمليات بفضل القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجيش المصري الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الفيلم الوثائقي انتصارات حرب اكتوبر حرب 1973 تل أبيب قوات الصاعقة قناة الوثائقية حرب أكتوبر حرب 1967 الجيش الإيطالي الجيوش العربية حرب السادس من أکتوبر القوات المسلحة الرئیس السادات الجیش المصری حرب أکتوبر حرب 1967 من أجل فی حرب
إقرأ أيضاً:
تحقيق: هكذا فشل الجيش الإسرائيلي في حماية نير عوز بـ7 أكتوبر
القدس المحتلة- صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعند الساعة 5:34، وردت رسالة صوتية على شبكة الاتصالات العسكرية وفرق الحراسة بمستوطنات "غلاف غزة"، بعث بها سماغد كيسوفيم نائب قائد الكتيبة 51 في لواء "غولاني"، يطمئن السكان اليهود في المنطقة، وأعلن أن القوات رفعت حالة التأهب والاستنفار وفقا للأوامر المتبعة وتقييم الوضع.
وعكست الرسالة الفشل الذريع في منع معركة "طوفان الأقصى"، حيث اتضح أن جميع قوات العسكرية وبضمنها "فرقة غزة" كانت غافلة تماما عن خطط حماس للهجوم، وفق صحيفة "هآرتس" التي استعرضت أبرز محاور الفشل والإخفاق في انهيار القيادة العسكرية وسقوط كيبوتس "نير عوز" بأيدي المقاومين الفلسطينيين أكثر من 6 ساعات.
وتشير كلمات كيسوفيم عبر شبكة الاتصالات، حسب يانيف كوبوفيتش مراسل الشؤون العسكرية بـ"هآرتس"، إلى أنه والقوات الأخرى في القطاع لم يكونوا يعلمون أنه في غضون 55 دقيقة سيتسلل آلاف المقاومين الفلسطينيين إلى داخل الأراضي الإسرائيلية.
وعند الساعة 06:49 دخل أوائل المقاومين إلى الكيبوتس من البوابة الشمالية، ومن ثم من بوابة "كيرم" والبوابة الجنوبية، وبداية دخل 100-130 مقاتلا من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفي الذروة 300-500 مقاتل من منظمات مختلفة، وبعد دقائق، بدأ أول اشتباك وتبادل لإطلاق النار، في "نير عوز"، المعزول عن القوات الإسرائيلية.
واستمر تبادل إطلاق النار بين عناصر فرقة الحراسة وقوات النخبة (من المقاومين) أكثر من ساعتين، وبعدها سقط الكيبوتس بأيدي المقاومين، وعند الساعة 09:22، وصلت، لأول مرة، مروحية قتالية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي وهاجمت جنوب المحور المؤدي من قطاع غزة إلى الكيبوتس، حيث تم تجمع عشرات المقاومين.
ووفق "هآرتس" لم يعلم الجيش الإسرائيلي بسقوط "نير عوز"، حيث طُلب من المروحية عبر الاتصال اللاسلكي إطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية، لكنها وبفعل تحليقها المنخفض أصابها المقاومون بنيرانهم عند مشارف الكيبوتس، وهبطت اضطراريا.
إعلانومع استمرار المعارك عند تخوم "نير عوز"، كانت هناك 4 طلعات جوية أخرى لطائرات الهليكوبتر الحربية الإسرائيلية، التي أطلقت النار على المنطقة وأصابت عددا من المقاومين، وقتل أيضا عدد من سكان الكيبوتس المحتجزين.
وتتابع الصحيفة الإسرائيلية أن الأمر لم يقتصر على مهاجمة محور ومنطقة الكيبوتس، فعند 09:45، وردت تقارير عبر شبكة الاتصالات، ومجموعة قادة المجلس الإقليمي "إشكول"، حول إحراق منازل في "نير عوز"، وبعد دقائق، وصلت دبابة إلى بوابة الكيبوتس وأبلغت عن وجود مقاومين عند المدخل، قبل أن يتمكنوا من تفجيرها.
ووصلت قوات الاحتلال إلى المكان عند الساعة 13:10، بعد حوالي 40 دقيقة من آخر تحديد لهوية مقاتلي حماس وحركة الجهاد الإسلامي، لكنها لم تعثر على أي منهم، وفي المساء، انضمت قوات أخرى لعمليات التفتيش والإنقاذ.
وتقول "هآرتس" إن المقاومين الفلسطينيين اشتبكوا أكثر من 6 ساعات مع عناصر فرقة الحراسة وقتلوهم وأسروا نحو ربع السكان، ولم يدخل خلال تلك الساعات أي جندي إلى الكيبوتس، ولم يكن الجيش الإسرائيلي يعلم بما يحدث هناك.
كما لم تقع أي معركة في "نير عوز"، الذي تلقى الضربة الأكثر إيلاما وصدمة، و"كان هذا فشلا، ضمن فشل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)"، حسب اعتراف هرتسي هاليفي رئيس الأركان المنتهية ولايته، خلال عرض نتائج التحقيق العسكري في الهجوم المفاجئ، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وأظهرت نتائج التحقيقات في الهجوم المفاجئ على "نير عوز"، أن جيش الاحتلال فشل بالوصول إلى الكيبوتس، الذي كان يوجد فيه يوم الهجوم 386 شخصا، وقتل خلال الاشتباكات41 من المستوطنين العسكريين والمدنيين، وأُسر 76 آخرين، لا يزال 14 منهم محتجزين لدى حماس.
إعلان
انهيار
ووفق تحقيقات استعرضها يوآف زيتون مراسل الشؤون العسكرية لـ"يديعوت أحرونوت"، فإن القيادة الأمنية الإسرائيلية انهارت بالكامل وفقدت السيطرة، وإن القوات العسكرية في "نير عوز" لم تأت لحماية المستوطنين الذين طلبوا مساعدتها بكل الوسائل المتاحة، لكنهم تركوا وحدهم لمواجهة هجوم قوات النخبة.
ونقل زيتون عن فريق التحقيق، قوله إن "فشل الجيش الإسرائيلي في عدم الوصول إلى نير عوز ليس تكتيكيا أو أخلاقيا، بل هو منهجي، حيث لم تفهم القيادات العسكرية أن الوضع كان صعبا، ولم تعط الأولوية لإرسال القوات إلى هناك على حساب أماكن أخرى".
وذكر الفريق أن "انهيار أنظمة القيادة والسيطرة، وخاصة في لواء وفرقة غزة، عامل رئيسي في فشل بناء صورة وتقييم حقيقي للوضع، وكان متوقعا أن تسعى هيئة الأركان العامة لاستخلاص صورة وضع حقيقية، وعدم الاعتماد فقط على التقارير الاستخباراتية التي اتضح أنها كانت غير صحيحة ومضللة".
وحاول فريق التحقيق الإجابة عن 4 أسئلة رئيسية في التحقيق بالفشل والإخفاق الممنهج خلال الهجوم؛ ما هو تسلسل الأحداث؟ ولماذا وصل هذا العدد الكبير من المقاومين إلى نير عوز؟ ولماذا فشلت الكتيبة في القطاع بإيقاف المسلحين؟ ولماذا لم تصل قوات الاحتياط بالوقت المناسب لتغيير الوضع، وأضاف الفريق "لو وُجِّه تحذير، حتى لو كان قصيرا، كان من الممكن تقليل الأضرار".
ويظهر التحقيق -حسب يديعوت- أن الكتيبة 51 لم تكن مستعدة بشكل صحيح لسيناريو بحجم السابع من أكتوبر/تشرين الأول ولم تتلق أي تحذير، وانهارت سلسلة قيادتها بأقل من ساعة، ولم يتمكن مقاتلوها للتجمع لإجراء تقييم منظم للوضع، وكان عليها أن تتعاون مع فرق الحراسة بمستوطنات الغلاف لفهم حقيقة الوضع.
إعلانوأشار معدو التحقيق إلى أن إخفاق مراكز القيادة العسكرية في فهم الوضع الصعب، وحقيقة أنهم كانوا في حالة هجوم، وانهيار القيادة من مستوى اللواء والكتيبة إلى مستوى الفرقة، وخلصوا إلى أن "التحضيرات التي جرت السبت -قبل الهجوم- روتينية، وليست استعدادات للحرب، ولم تكن هناك وحدات مأهولة لحالات الطوارئ".