اعتبر الكاتب إدوارد كوزين، المتخصص في الشؤون المصرية أن طموح مصر المستمر منذ سنوات لكي تصبح مركزًا إقليميًا للغاز ومصدرًا رئيسيًا للغاز الطبيعي المسال معرض للخطر مع توقف الشحنات إلى أوروبا في يونيو/ حزيران.

وذكر كوزين في مقال نشره موقع الجزيرة النسخة الإنجليزية، وترجمه الخليج الجديد أن ما زاد الطين بلة أن مصر شهدت انقطاعًا متكررًا للتيار الكهربائي طوال أشهر الصيف بسبب نقص الغاز لتزويد محطات الطاقة الخاصة بها.

ويأتي كل ذلك في الوقت الذي تواجه فيه مصر أزمة ديون حادة، مما يعني أن صادرات الغاز الطبيعي المسال بالعملة الأجنبية أصبحت مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى.

وتساءل كوزين، الذي يقيم في القاهرة، إذا ما توقف صادرات الغاز المصري مجرد عارض أم أنها الدولة المصرية تعاني من مشكلة هيكلية في هذ الصدد؟

زيادة الطلب المحلي   

وقال كوزين إن مصر تمتلك مصنعين وحيدين لتسييل الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط، ما يعني أن دولًا مثل قبرص وإسرائيل - التي تمتلك حقولًا كبيرة ولكنها لا تحتاج إلى الكثير من انتاجها للسوق المحلية - ستحتاج إلى المصنعين المصريين لتحويل انتاجهما من الغاز الطبيعي إلى مسال حتى يمكن شحنه إلى أوروبا.

وأشار إلى أن أكبر حقل للغاز، وهو حقل ظهر الذي تمتلكه مصر، والذي تم اكتشافه في عام 2015 في البحر الأبيض المتوسط ودخل الإنتاج في عام 2017، عزز طموحات القاهرة في مجال الغاز، حيث أنتج ما يكفي للطلب المحلي وكذلك للتصدير.

ويمثل حقل ظهر ما يقرب من 40% من إجمالي إنتاج مصر من الغاز، بما يقدر بنحو 850 مليار متر مكعب من الغاز، أي ما يعادل حوالي 14 عامًا من الاستهلاك المحلي لمصر وفقًا لأرقام 2022.

وأدت أزمة الطاقة في أوروبا نتيجة للحرب الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار الغاز بشكل كبير، مما أتاح فرصة لمصر، لتحقيق مكاسب. وبالفعل بلغت صادرات الغاز الطبيعي المسال ذروتها عند 8.9 مليار متر مكعب في عام 2022، وحققت إيرادات بقيمة 8.4 مليار دولار، مقارنة بـ 3.5 مليار دولار في العام السابق.

ومع ذلك، قال وزير الطاقة طارق الملا، في فبراير/شباط، إن مصر تتوقع انخفاض إيرادات صادرات الغاز بنسبة 50% نتيجة للانخفاض العالمي في أسعار الغاز الطبيعي.

وفي أبريل/نيسان، ارتفع العجز التجاري لمصر بنحو 24% على أساس سنوي، مدفوعا بانخفاض قيمة صادرات الغاز.

 وفي يونيو/حزيران، لم يتم تصدير أي غاز طبيعي مسال على الإطلاق، حيث فشلت الحكومة في توفير الغاز لتصديره؛ بعد أن وجهته لتلبية الطلب المحلي المرتفع على الكهرباء في فصل الصيف، الذي قاد إلى انقطاع التيار الكهربائي في مصر خلال أشهر الصيف.

اقرأ أيضاً

إيني الإيطالية تنفي وجود أي مشاكل في الإنتاج بحقل ظهر المصري

وقال الوزير المصري إن شحنات الغاز الطبيعي المسال ستستأنف عمليات التصدير في أكتوبر/تشرين أول عندما ينخفض الطلب على الكهرباء مع بداية الخريف.

وفيما يتعلق بزيادة الطلب المحلي، أشار كريم الجندي، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط، إلى "زيادة الطلب من قبل الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بسبب قرار الحكومة [السابق] بدعم تلك الصناعات".

وقال أحد محللي السوق، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن مصر توقفت عن استيراد الديزل وزيت الوقود، وبالتالي احتاجت إلى المزيد من الغاز لتزويد محطات الكهرباء الخاصة بها.

ووصف المحلل القرار بأنه "خطأ في التقدير"، حيث تراجعت الحكومة عن القرار في يوليو/ تموز وبدأت في استيراد المزيد من زيت الوقود والديزل مرة أخرى.

وأشارت الحكومة المصرية نفسها إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء خلال فصل الصيف عما كان متوقعا، بسبب الطقس الحار غير المعتاد، كسبب لارتفاع الطلب على الغاز.

وبصرف النظر عن ذلك، فإن الطلب على الكهرباء في مصر ينمو بشكل طبيعي كل عام بسبب النمو السكاني وربط المزيد من الأسر بالشبكة.

الاعتماد على الواردات

وذكر كوزين أنه من ناحية العرض، تبدو الصورة واضحة إلى حد ما إذ أن انخفاض إنتاج الغاز المحلي في مصر خاصة بسبب انخفاض إنتاج حقل ظهر.

أفادت مجلة "ميس" (Mees) الأمريكية، المتخصصة في تحليل النفط والغاز أن إجمالي إنتاج الغاز انخفض إلى أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات في الربع الثاني من عام 2023.

وكانت هناك تقارير تفيد بأن مشاكل فنية مثل تسرب المياه إلى خزان الغاز تحت البحر تسببت في هذا الانخفاض، لكن الحكومة نفت أي مشاكل من هذا القبيل.

وتشير مصادر الصناعة إلى أن نضوب آبار في حقل ظهر، ونقص الاستثمارات اللازمة للحفاظ على الإنتاج، وقلة الاكتشافات الجديدة، من أسباب تراجع إنتاج الغاز.

وقال بيتر ستيفنسون، المحرر في ميس، لقناة الجزيرة: إن إنتاج الغاز … يعاني من معدلات انخفاض عالية، ويحتاج الأمر إلى شركات النفط لكي تعمل بشكل مستمر لإضافة اكتشافات جديدة”.

وفي أغسطس/آب، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي بالمديرين التنفيذيين لشركتي النفط والغاز العالميتين بي بي وإيني، اللذين أعلنا عن خطط استثمارية بمليارات الدولارات في مصر، بحسب تصريحات الرئاسة المصرية.

وسوف يتم توزيع هذه الاستثمارات على مدى عدة سنوات ويمكن أن تعزز الإنتاج المحلي أو على الأقل تعمل على استقراره.

فوائض ضئيلة للغاية

ووفق كوزين فإن انخفاض إنتاج ظهر ليس جديدًا، فالإنتاج يتناقص منذ عامين.

وقال ستيفنسون إن مصر تمكنت من مواصلة تصدير الغاز الطبيعي المسال بسبب واردات الغاز الإسرائيلي، لكن في صيف 2022 كان الفائض "ضئيلا للغاية".

وأضاف أن "السلطات لم تتوقع أنه سيكون هناك مزيد من الانخفاض في إنتاج ظهر هذا العام".

وترتبط شبكة الغاز الإسرائيلية بخط أنابيب بمصر، مما يجعلها مناسبة للنقل. وفي عام 2022، صدرت إسرائيل 5.81 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر، وهو رقم قياسي.

كما وقعت مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي "اتفاقية تاريخية" في يونيو/ حزيران من العام الماضي لتعزيز صادرات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، وفي أغسطس/آب، وافقت إسرائيل على زيادة أخرى في صادرات الغاز إلى مصر.

ومع ذلك، فإن التعامل مع مثل هذه الزيادة في تدفق الغاز الإسرائيلي يتطلب تحديث البنية التحتية، والتي من المتوقع أن تكتمل بحلول عام 2025 أو 2026.

وبعيدا عن إسرائيل فإن الجار الآخر (لمصر) الغني بالغاز هو قبرص، ولكي تتمكن مصر من إعادة تصدير الغاز القبرصي، فإن ذلك يتطلب بناء خط أنابيب من حقول الغاز في قبرص إلى مصر.

ويخطط كونسورتيوم من شركات النفط العالمية للاستثمار في خط الأنابيب هذا، لكن قبرص تفضل أن يكون لديها محطة عائمة خاصة بها للغاز الطبيعي المسال، والتي ستتجاوز مصر.

وتفضل حكومة الولايات المتحدة مد خط أنابيب إلى مصر بدلا من محطة الغاز الطبيعي المسال العائمة، حيث قال مصدر أمريكي لوكالة رويترز للأنباء في أوائل سبتمبر/أيلول إن إشراك مصر في مخطط الغاز من شأنه أن يساعد "في الوصول إلى ذروة الاستهلاك المحلي في الصيف، وإضافة الاستقرار وتقليل التوترات" في المنطقة، والسماح بالتصدير إلى أوروبا”.

وعلى أية حال، فإن خط الأنابيب هذا سيستغرق سنوات حتى يكتمل. لا يعني أي من هذا أن مصر يجب أن تتخلى عن طموحاتها في مجال الغاز، بحسب الجندي.

وقال: "كان وضع مصر كمركز إقليمي للغاز يتعلق بشرق البحر الأبيض المتوسط وليس الغاز المصري، لذا طالما زاد تدفق الغاز الإسرائيلي والقبرصي إلى منشآت الغاز الطبيعي المسال [في مصر] فإن الطموحات المصرية ستظل مرتفعة".

لكن ستيفنسون أشار إلى أن "أي زيادة في الغاز الإسرائيلي أو حتى القبرصي لن تكون قبل عدة سنوات".

وتوقع أن تتمكن مصر من تصدير "بعض كميات الغاز الطبيعي المسال" في أشهر الشتاء، لكنها تواجه نقصا في أشهر الصيف قد يؤدي مرة أخرى إلى انقطاع التيار الكهربائي، "حتى تتمكن من تحقيق المزيد من الاكتشافات أو استيراد المزيد من الغاز الإقليمي".

اقرأ أيضاً

مصر.. تراجع متوسط إنتاج حقل ظهر وخطة لحفر آبار إضافية

المصدر | إدوارد كوزين/ الجزيرة - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغاز المصري حقل ظهر إنتاج حقل ظهر الغاز الطبیعی المسال الغاز الإسرائیلی على الکهرباء صادرات الغاز إنتاج الغاز الطلب على المزید من من الغاز حقل ظهر إلى مصر فی مصر إن مصر فی عام

إقرأ أيضاً:

اعتراف إقليمي ودولي بصمود السودان وشعبه في مواجهة المحنة الإنسانية

د احمد التيجاني سيد احمد

الحيثيات:
خاطب رئيس حركة “صمود” صباح اليوم، الجمعة 14 فبراير، مؤتمر العون الإنساني رفيع المستوى، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الاتحاد الأفريقي موسى فكي، ورئيس منظمة الإيقاد ورقني قبيهو، إضافة إلى حضور عربي وإقليمي ودولي واسع، من بينهم رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، والرئيس الكيني ويليام روتو، ووزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية شخبوط آل نهيان.

الهدف من المؤتمر:
تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوداني نتيجة الحرب، وحشد الموارد اللازمة لتوفير المساعدات الإنسانية، ومعالجة آثار النزوح والهجرة القسرية التي فرضتها الحرب، في ظل استمرار هيمنة النظام الكيزاني.

أبرز النقاط التي أكدها المؤتمر:
-١- السودان يواجه أكبر كارثة إنسانية في العالم، تستدعي تحركًا عاجلًا من الجميع.
-٢- آن الأوان لإنهاء الحرب، وإيصال الدعم الإنساني لكل المتضررين دون تمييز.

وماذا بعد الخطاب؟

*هل سنشهد مزيدًا من المؤتمرات والخطابات دون نتائج ملموسة؟
*أم سنظل تحت قبضة الكيزان وحكم “دولة المصباح” ووزيرة الخارجية ندى القلعة؟! ????

الحل الأمثل البسيط والواضح كالشمس:
١–التوقيع على الميثاق السياسي:

*ميثاق يدعو إلى إيقاف الحرب فورًا، ووحدة السودان الكاملة بلا جهوية ولا عنصرية.
*يؤكد على حماية المواطنين، والعمل العاجل على إعادتهم واستقرارهم في مناطقهم.

٢- تكوين حكومة السلام والوحدة الوطنية:
*حكومة مبنية على أهداف الميثاق السياسي.
*تضم ممثلين من كل أطياف الشعب السوداني.
*تضع أولوياتها في تحقيق العدالة، وإغاثة المتضررين، واستعادة الأمن والاستقرار.

لماذا هذا هو الحل؟
**لأن الشعب السوداني سيحتضن ويحمي هذه الحكومة، لأنه يرى فيها أمله في الخلاص.
**لأن العالم سيعترف بها ويحميها، لأنها تمثل إرادة الشعب وإجماعه على إنهاء الحرب.

**فلنكفّ عن الدوران في دوائر المؤتمرات والخطابات، ولنتحرك الآن نحو الحل الجذري: الحرية ،السلام، الوحدة، والعدالة.**

نواصل

د. احمد التيجاني سيد احمد
١٤ فبراير ٢٠٢٥ نيروبي كينيا
Sent from my iPhone

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • إشادات دولية: مصر مركز إقليمي للطاقة والقطاع مليء بالفرص الاستثمارية الجاذبة
  • بي بي تبدأ الإنتاج من المرحلة الثانية لمشروع آبار ريفن للغاز في مصر
  • وزيرة البيئة تبحث مع نائب رئيس شركة «BP» تنفيذ مشروعات الغاز الطبيعي المتجدد في مصر
  • وزيرة البيئة تبحث مع الشركة البريطانية للبترول تنفيذ مشروعات الغاز الطبيعي المتجدد
  • بدء إنتاج الغاز من المرحلة الثانية في آبار ريڤن بمصر
  • النائب عيدروس الزبيدي يلتقي المدير العام التنفيذي للشركة اليمنية للغاز
  • خطوات لاعتماد طب طنطا كمركز تدريب من المجلس العربي للاختصاصات الصحية
  • اعتراف إقليمي ودولي بصمود السودان وشعبه في مواجهة المحنة الإنسانية
  • زراعة الأسنان والشعر الأبرز.. مصر مركز إقليمي واعد في السياحة العلاجية
  • ما توقعات أوابك لأسواق الغاز في 2025؟