لجريدة عمان:
2025-04-30@13:49:02 GMT

هوامش ومتون :«هيماء».. رمال من ذهب

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

الوصول إلى ولاية هيماء التابعة لمحافظة الوسطى هو وقوف عند تخوم الربع الخالي، التي تحدّها شرقا، حيث الصحراء المترامية الأطراف تحيط بولاية تعدّ الأكبر في سلطنة عمان من حيث المساحة، حيث تشكّل مساحتها 17% من إجمالي مساحة سلطنة عمان، وإذا كان معجم المعاني الجامع الذي لجأنا إليه لمعرفة سبب تسميتها بهذا الاسم، يقول: إن جملة «تاهَ فِي الْهَيْمَاء» تعني الضياع «فِي الصَّحْرَاءِ الوَاسِعَةِ الَّتِي لا مَاءَ فِيهَا»، رغم أن هناك من يرى أنّ الهيماء هي «المصابة بداء الحب الشديد والولع والهيام، أو من تمشي هائمة على وجهها، ولا تشعر بما حولها، أو من الهجمة التي جرت، كما تقول الحكاية المتداولة، عندما هجم لصوص على ناقة أحد سكّانها، فحمل المكان اسم الواقعة، مع قلب (الجيم) إلى (ياء)، كما هو شائع في بعض اللهجات، لكنّ المعنى الأقرب للتسمية هو الصحراء التي تتّسع كلما توغّلت فيها، وفي الدارجة العراقية يسمّى المكان الخالي (هيمَة)، وهذا ما تراءى لأعيننا حين بدأت الطائرة بالهبوط في مطار المخيزنة، أجلنا النظر في مكان خالٍ إلّا من الرمال، وليست أيّ رمال! فهي من ذهب، إذ تفور تحتها آبار النفط والغاز، وقد أتيحت لنا فرصة زيارتها خلال مشاركتنا في (الملتقى الثقافي لشركة امتياز تنمية نفط عمان) الذي أقامه النادي الثقافي في الولاية التي تبعد عن مسقط حوالي 540 كم، عند الوصول، صعدنا الباص الكبير الذي أقلّنا من المطار مع العاملين في الشركة العائدين من إجازاتهم الدورية للالتحاق بعملهم، وعلى الفور، وجدنا أنفسنا في مدينة تفتح ذراعيها للسيّاح الذين يتوقّفون عندها للاستراحة مثلما تستريح الطيور في محميّتها الواقعة على ممرّات هجرتها من المناطق الباردة، فهي إحدى أهمّ المحطّات الرئيسية للمسافرين عبر وسائل النقل البرّيّة ثم يواصل السيّاح، بعد أن يأخذوا قسطا من الراحة والتزوّد بالوقود ليواصلوا طريق سيرهم إلى (صلالة)، لذا، ففيها يتوفّر ما يحتاج السائح، من وسائل راحة وفنادق ومطاعم، والبعض من هؤلاء السيّاح يقصدونها لزيارة محمية الكائنات الحية والفطرية التي تعدّ أكبر محمية طبيعية لغزلان المها العربيّة (ابن سولع) في سلطنة عمان، وتبلغ مساحة المحميّة نحو 25 ألف كيلومتر مربع، وقد أعلنت محميّة طبيعيّة بموجب المرسوم السلطاني رقم (4/‏‏ 94) الصادر بتاريخ 8/‏‏1/‏‏ 1994، لذا اتّخذت (هيماء) المها العربية شعارا لها، وهي ليست الحيوان النادر الوحيد في المحمية، ففيها الذئب العربي والوشق والضبع المخطّط والقط البري، والزواحف منها الأفعى ذات القلنسوة، والحيّة ذات القرنين، والسحالي ذات الذيل الشائك، والغزال العربي، ويطيب لزائر (هيماء) التجوال بين الكهوف، التي أبرزها كهف «الراكي» وكهف «المسك» وكهف «وادي صراف» و«قطار» ومشاهدة عيون المياه مثل: «بوي الحوجاء» و«الأصلع» و«قرن عانوز» وقد كان المصدر الوحيد للماء بالمحمية قبل عام 1956م هو ماء الضباب.

وقد لفتت هيماء إليها أنظار الشركات العاملة في مجال النفط والغاز بعد اكتشاف عدد من آبار النفط فيها مما أنعش اقتصاد سلطنة عمان، وقد انعكس هذا على الولاية التي يزاول سكّانها مهنا عديدة من بينها: صناعة النسيج وتربية الماشية ورعي الإبل، والأغنام والماعز، ومن أعشاب الصحراء استخلص بعض السكّان أدوية استخدموها في الطب الشعبي.

وفي المعارض المصاحبة للملتقى رأيت مجموعة نساء يتحدّثن بلغة غريبة على مسمعي، وحين استفسرتُ عنها قيل لي أنها اللغة الحرسوسية التي هي «واحدة من اللغات السامية التي تعود أصولها إلى مجموعة اللغات العربية الجنوبية الحديثة بجنوب شبه الجزيرة العربية» كما جاء في كتاب (هيماء فاتنة الصحراء) للباحث أحمد بن علي بن محمد الدرعي مؤكّدا وجود تشابه كبير بينها وبين الشحرية، والمهرية والهبيوت والبطحرية المنتشرة في محافظة ظفار، وفي الجلسة الحوارية التي عقدها الملتقى حول تاريخ المنطقة، فوجئت بأن الذين يتكلّمون باللغة الحرسوسية لا يتجاوز عددهم ثلاثة آلاف نسمة من المواطنين هم مجموع سكّان (هيماء)، وهذا يعني أن هذه اللغة معرّضة للمحو في عصر العولمة، وخطر ذوبان الثقافات المحلية، وانصهارها، وعليه ينبغي مضاعفة الجهود من أجل الحفاظ على هذه اللغة، وحمايتها من الاندثار، فهي تشكّل جزءا من الثقافة المحلية لسكّان (هيماء) التي تحاول الخروج من عزلتها الجغرافية لتندمج بالمحيط الخارجي عبر هذه الأنشطة الثقافية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

الجناح العُماني في معرض سوق السفر العربي بدبي يحصد جائزة أفضل جناح

العُمانية: حصل جناح سلطنة عُمان المشارك في معرض سوق السفر العربي 2025 بدبي على جائزة أفضل جناح ضمن فئة أجنحة الدول المشاركة، نظرًا لتصميمه المبتكر الذي يعكس الهُوية الثقافية العُمانية التي تجمع بين الأصالة والطابع العصري. تسلّم جائزة الجناح العُماني معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة. وأوضح أنور بن سعيد البلوشي مدير دائرة الفعاليات السياحية بوزارة التراث والسياحة أن الجائزة جاءت لما يتميز به الجناح من تقنيات حديثة وتصميم مبتكر يجسد الأصالة العُمانية بطابع عصري.

وأضاف أن جناح سلطنة عُمان شهد إقبالًا واسعًا من الزوار لما تقدمه أركان الجناح من خدمات سياحية ومنتجات تجذب الزوار.

يذكر أن سلطنة عُمان تختتم غدًا الخميس مشاركتها في النسخة الـ32 لمعرض سوق السفر العربي، والذي شاركت فيه بجناح يضم 37 شركة ومؤسسة سياحية وفندقية.

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان تسجل إنجازا طبيا بإجراء أول عملية زراعة قلب
  • الجناح العُماني في معرض سوق السفر العربي بدبي يحصد جائزة أفضل جناح
  • النسخة الثامنة من إلهام ونجاح.. 50 موجّهًا يرافقون 50 رائد عمل نحو التميز الريادي في سلطنة عمان
  • مذكرة تفاهم بين عمان الأهلية والاتحاد العربي لحماية حقوق الملكية الفكرية
  • وزير الخارجية ونظيره الإيراني يستعرضان مستجدات المحادثات التي ترعاها سلطنة عمان
  • “البديوي” يشيد بافتتاح فرع لمكتب الاعتماد الخليجي في سلطنة عمان
  • “البديوي”: افتتاح فرع لمكتب الاعتماد الخليجي في سلطنة عمان يسهم في تعزيز مسيرة البنية التحتية للجودة في دول المجلس
  • "عُمران" تُشارك في معرض سوق السفر العربي 2025
  • اللغويات وتجربة دراسة اللهجات في سلطنة عمان قصة عمرها أكثر ٤ عقود
  • عمان وبريطانيا تؤكدان أهمية الحوار والدبلوماسية لحل القضايا