لجريدة عمان:
2024-09-19@19:12:34 GMT

المشاريع الخالدة

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

حبا الله دول الخليج خيرات كثيرة، جعلتها مطمعا لكثير من الدول في التجارة والعلاقات السياسية والمصالح المشتركة، وحبا الله عُمان خيرات عميمة ميزتها عن بقية دول الخليج الأخرى، فخيرات هذا البلد العظيم لم تقتصر على المواد الخام والطبيعة المتنوعة من بر وبحر وسهل وجبل، وغاز ونفط ورخام وصخور نادرة ثمينة، بل امتدت لتشمل التاريخ التليد والمتفرد لهذه البقعة المميزة من هذا العالم الفسيح.

قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

بِالعِلمِ وَالمالِ يَبني الناسُ مُلكَهُمُ

لمَ يُبنَ مُلكٌ عَلى جَهلٍ وإقلالٍ

المتأمل في هذا البيت يجد فيه حقائق يمكن إسقاطها على الأمة، كما على الفرد الواحد فيها، وكلما نظرت فيه وتفكرت، طاف بي الخيال والحلم الذي لا يندرج تحت الأوهام السرابية التي لا يمكن تحقيقها، بل مما هو مأمول مرجو حصوله لبلدنا العظيم. والمتأمل في الواقع التاريخي للأمم التي سبقتنا، قديمها وحديثها؛ يجد مآثر وأسبابا جعلت منها نجوما مضيئة في فلك التاريخ ودارسيه. كما يجد لكل أمة من الأمم السابقة واللاحقة نقاطا اشتركت فيها جعلتها باقية مذكورة ننتفع بما خلَّفته من إنجازات شاملة تمتد من الثقافة إلى الاقتصاد.

وكلما قرأت عن تاريخ حضارة عظيمة أو بارزة، أجد لها من الآثار ما أتمناه لموطني لخلوده ورفعته. نقف اليوم على قمة هرم عال، وفي مضمار لا منافسة فيه رغم ما له من أثر يتجاوز الحاضر ليشمل المستقبل نفسه، أعني بذلك المشاريع التي يمكن أن تكون ولا منافسة فيها بعد من قبل الدول الناطقة بالعربية جميعها. تتمثل إحدى هذه المشاريع التي أؤمن أنها لو تحققت ستظل خالدة تُذكر في الصفحات المضيئة للتاريخ، وسيشمل نفعها كل ناطق باللغة العربية. وهو مشروع ليس بجديد في العالم، ولكنه جديد وجدير بأن يكون لأمتنا العربية الكبيرة. يعرف هذا المشروع باسم «The Great Books» أي الكتب العظيمة، وعنوانها الكامل «Great Books of the Western World». وللتعريف بها وكي لا أنحت تعريفا من عندي، أقتبس بتصرف من الصحيفة الإخبارية الإلكترونية اليومية «اليوم السابع» في معرض حديثها عن موسوعة الكتب العظيمة للعالم الغربي، هي سلسلة من الكتب التي نشرت في الولايات المتحدة عام 1952، لتقديم كتب تحتوي على أفكار رائعة في مختلف مجالات الحياة، في مجموعة مكونة من 54 مجلدا، وكانت تغطي العديد من الفئات بما في ذلك «الخيال، والتاريخ، والشعر، وعلم الطبيعة، والرياضيات، والفلسفة، والدراما، والسياسة، والدين، والاقتصاد، والأخلاق. وكان لدى المحررين الأصليين ثلاثة معايير لإدراج كتاب في السلسلة: يجب أن يكون الكتاب ذا صلة بالمسائل المعاصرة، وليس فقط مهمًا في سياقه التاريخي، ويجب أن تكون الكتب مجزية لإعادة القراءة، ويجب أن تكون جزءا من «المحادثة حول الأفكار الرائعة»، ذات الصلة بـ25 فكرة على الأقل من بين 102 فكرة رائعة حددها المحررون، ولم يتم اختيار الكتب على أساس الشمولية العرقية والثقافية، أو التأثير التاريخي، أو اتفاق المحررين مع الآراء التي عبر عنها المؤلفون.

حسنا، ما علاقتنا بهذا كله؟ بنظرة خاطفة سريعة إلى تراثنا العربي وتاريخنا الضارب في العراقة والقدم، لن نستطيع الإلمام بكل شيء يجمع هذا الإبداع المتراكم على العصور. وفي الوقت عينه، سيكون لأي دولة تتبنى مشروع «الكتب العظيمة للعالم العربي» قصب السبق والريادة الحضارية في التَّوِّ والمستقبل. فالقارئ البسيط يدرك بنظرة سريعة إلى أسباب ازدهار الأمم، يجد للثقافة دورا بارزا فيها وماثلا بصورة واضحة. والمشروع الذي أدعو إليه، هو مشروع ضخم يستدعي جلب الخبرات العربية من المحيط إلى الخليج، ويتمثل في إعادة تحقيق الكتب التراثية العظيمة التي ظل تأثيرها باقيا حتى اليوم بنفس المعايير الموضوعة لسلسة «الكتب العظيمة للعالم الغربي». فيتم إعادة تحقيق الكتب التي لم تحظ بتحقيق جيد من قبل، ويتم إعادة نشر الكتب التي لا تستدعي مزيدا من التحقيق وذلك بشراء الحقوق من دور النشر التي طبعتها سابقا.

سيمتد تأثير هذا المشروع على الأجيال الحالية واللاحقة لوطننا الحبيب، وسيسهم في ازدهار ورفعة هذا الوطن والوطن العربي الكبير. وستظل هذه الموسوعة -إن تمت- مرجعا لا غنى عنه لأجيال طويلة. فلم تقم لأمة أو لدولة حضارة حقيقية بالمال وحده، بل كان العلم القدم الثانية والموازية للمال في قيام كل الحضارات السابقة، وسيظل الأمر على ما هو عليه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فهل سنغتنم الفرصة اليوم وقبل أي دولة أخرى لنكون في طليعة العرب ثقافيا وحضاريا؟ أم سنكون في موضع المشاركة فحسب إن تحقق هذا المشروع؟ أعتقد بأن لدينا من الموارد البشرية والمالية ما يمكِّننا من نيل قصب السبق والريادة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

محمد بن راشد لحمد الشرقي: نبارك لكم 50 عاماً في خدمة الوطن كنت فيها لشعبك نعم الحاكم

قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في تغريدة عبر منصة 'إكس': الأخ والصديق حمد بن محمد الشرقي .. نبارك لكم خمسون عاماً في خدمة الوطن .. كنت فيها رفيقاً لزايد وخليفة ومحمد بن زايد داعماً ومرسخاً ومخلصاً لوحدة واتحاد هذا الوطن ..
وأضاف سموه: خمسون عاماً كنت فيها لشعبك نعم الحاكم .. ونعم الأب والأخ الحريص على شؤونهم..
وأكد سموه: خمسون عاماً تحولت فيها إمارة الفجيرة لأحد أجمل وجهات الوطن ..
وأصبحت فيها يا أبو محمد أحد رموز وأعلام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة ..
وتابع سموه: نسأل الله لك التوفيق والسداد .. ولأبنائك الهمة والعزيمة في دعم المسيرة وخدمة الاتحاد وأبناء الاتحاد.

مقالات مشابهة

  • قائد الحرس الثوري الإيراني يبعث برسالة لحسن نصرالله.. هذا ما جاء فيها
  • رسالة من قائد الحرس الثوري الإيراني إلى نصر الله.. هذا ما جاء فيها
  • أسعار خدمة ‘‘ستارلينك’’ والاشتراك الشهري بالريال اليمنية.. والكشف عن المناطق التي تتوفر فيها الخدمة
  • في حدث نادر.. غالانت يشيد بالإنجازات "العظيمة" للموساد
  • في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلّم.. لا قُدّسَت أمةٌ لا يأخذُ الضّعيف فيها حقّه غير مُتعْتَع
  • اليوم.. تدشين "إمكان 2" لتطوير العاملين في المشاريع والعقود الحكومية
  • محمد بن راشد لحمد الشرقي: نبارك لكم 50 عاماً في خدمة الوطن كنت فيها لشعبك نعم الحاكم
  • بعد أن أثارت ضجة واسعة بتصريحاتها الأخيرة بشأن الشقة التي كانت تسكن فيها وتمت زيادة الإيجار لها.. الممثلة المصرية مروة عبد المنعم: “ما قولتش أنه هيأجرها للسودانيين”
  • مقال بنيويورك تايمز: القضية التي أصبح فيها أقصى اليمين الإسرائيلي تيارا سائدا
  • النهج النبوي حارب الأنانية والرأسمالية التي يتغول فيها الأغنياء على حساب الفقراء