لجريدة عمان:
2025-04-26@04:53:15 GMT

المشاريع الخالدة

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

حبا الله دول الخليج خيرات كثيرة، جعلتها مطمعا لكثير من الدول في التجارة والعلاقات السياسية والمصالح المشتركة، وحبا الله عُمان خيرات عميمة ميزتها عن بقية دول الخليج الأخرى، فخيرات هذا البلد العظيم لم تقتصر على المواد الخام والطبيعة المتنوعة من بر وبحر وسهل وجبل، وغاز ونفط ورخام وصخور نادرة ثمينة، بل امتدت لتشمل التاريخ التليد والمتفرد لهذه البقعة المميزة من هذا العالم الفسيح.

قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

بِالعِلمِ وَالمالِ يَبني الناسُ مُلكَهُمُ

لمَ يُبنَ مُلكٌ عَلى جَهلٍ وإقلالٍ

المتأمل في هذا البيت يجد فيه حقائق يمكن إسقاطها على الأمة، كما على الفرد الواحد فيها، وكلما نظرت فيه وتفكرت، طاف بي الخيال والحلم الذي لا يندرج تحت الأوهام السرابية التي لا يمكن تحقيقها، بل مما هو مأمول مرجو حصوله لبلدنا العظيم. والمتأمل في الواقع التاريخي للأمم التي سبقتنا، قديمها وحديثها؛ يجد مآثر وأسبابا جعلت منها نجوما مضيئة في فلك التاريخ ودارسيه. كما يجد لكل أمة من الأمم السابقة واللاحقة نقاطا اشتركت فيها جعلتها باقية مذكورة ننتفع بما خلَّفته من إنجازات شاملة تمتد من الثقافة إلى الاقتصاد.

وكلما قرأت عن تاريخ حضارة عظيمة أو بارزة، أجد لها من الآثار ما أتمناه لموطني لخلوده ورفعته. نقف اليوم على قمة هرم عال، وفي مضمار لا منافسة فيه رغم ما له من أثر يتجاوز الحاضر ليشمل المستقبل نفسه، أعني بذلك المشاريع التي يمكن أن تكون ولا منافسة فيها بعد من قبل الدول الناطقة بالعربية جميعها. تتمثل إحدى هذه المشاريع التي أؤمن أنها لو تحققت ستظل خالدة تُذكر في الصفحات المضيئة للتاريخ، وسيشمل نفعها كل ناطق باللغة العربية. وهو مشروع ليس بجديد في العالم، ولكنه جديد وجدير بأن يكون لأمتنا العربية الكبيرة. يعرف هذا المشروع باسم «The Great Books» أي الكتب العظيمة، وعنوانها الكامل «Great Books of the Western World». وللتعريف بها وكي لا أنحت تعريفا من عندي، أقتبس بتصرف من الصحيفة الإخبارية الإلكترونية اليومية «اليوم السابع» في معرض حديثها عن موسوعة الكتب العظيمة للعالم الغربي، هي سلسلة من الكتب التي نشرت في الولايات المتحدة عام 1952، لتقديم كتب تحتوي على أفكار رائعة في مختلف مجالات الحياة، في مجموعة مكونة من 54 مجلدا، وكانت تغطي العديد من الفئات بما في ذلك «الخيال، والتاريخ، والشعر، وعلم الطبيعة، والرياضيات، والفلسفة، والدراما، والسياسة، والدين، والاقتصاد، والأخلاق. وكان لدى المحررين الأصليين ثلاثة معايير لإدراج كتاب في السلسلة: يجب أن يكون الكتاب ذا صلة بالمسائل المعاصرة، وليس فقط مهمًا في سياقه التاريخي، ويجب أن تكون الكتب مجزية لإعادة القراءة، ويجب أن تكون جزءا من «المحادثة حول الأفكار الرائعة»، ذات الصلة بـ25 فكرة على الأقل من بين 102 فكرة رائعة حددها المحررون، ولم يتم اختيار الكتب على أساس الشمولية العرقية والثقافية، أو التأثير التاريخي، أو اتفاق المحررين مع الآراء التي عبر عنها المؤلفون.

حسنا، ما علاقتنا بهذا كله؟ بنظرة خاطفة سريعة إلى تراثنا العربي وتاريخنا الضارب في العراقة والقدم، لن نستطيع الإلمام بكل شيء يجمع هذا الإبداع المتراكم على العصور. وفي الوقت عينه، سيكون لأي دولة تتبنى مشروع «الكتب العظيمة للعالم العربي» قصب السبق والريادة الحضارية في التَّوِّ والمستقبل. فالقارئ البسيط يدرك بنظرة سريعة إلى أسباب ازدهار الأمم، يجد للثقافة دورا بارزا فيها وماثلا بصورة واضحة. والمشروع الذي أدعو إليه، هو مشروع ضخم يستدعي جلب الخبرات العربية من المحيط إلى الخليج، ويتمثل في إعادة تحقيق الكتب التراثية العظيمة التي ظل تأثيرها باقيا حتى اليوم بنفس المعايير الموضوعة لسلسة «الكتب العظيمة للعالم الغربي». فيتم إعادة تحقيق الكتب التي لم تحظ بتحقيق جيد من قبل، ويتم إعادة نشر الكتب التي لا تستدعي مزيدا من التحقيق وذلك بشراء الحقوق من دور النشر التي طبعتها سابقا.

سيمتد تأثير هذا المشروع على الأجيال الحالية واللاحقة لوطننا الحبيب، وسيسهم في ازدهار ورفعة هذا الوطن والوطن العربي الكبير. وستظل هذه الموسوعة -إن تمت- مرجعا لا غنى عنه لأجيال طويلة. فلم تقم لأمة أو لدولة حضارة حقيقية بالمال وحده، بل كان العلم القدم الثانية والموازية للمال في قيام كل الحضارات السابقة، وسيظل الأمر على ما هو عليه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فهل سنغتنم الفرصة اليوم وقبل أي دولة أخرى لنكون في طليعة العرب ثقافيا وحضاريا؟ أم سنكون في موضع المشاركة فحسب إن تحقق هذا المشروع؟ أعتقد بأن لدينا من الموارد البشرية والمالية ما يمكِّننا من نيل قصب السبق والريادة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

دار الكتب بطنطا تُحيي ذكرى تحرير سيناء بندوات تثقيفية

نظمت اليوم الأربعاء الموافق 23 إبريل، مكتبة دار الكتب بطنطا، ندوة تثقيفية تحت عنوان "عيد تحرير سيناء"، في إطار الندوات التثقيفية التي تنظمها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، وذلك تحت إشراف نيفين زايد، مدير دار الكتب.

وخلال كلمته، أوضح الكاتب الصحفي علاء شبل، أن عيد تحرير سيناء يُحتفل به في 25 أبريل من كل عام، إحياءً لذكرى انسحاب آخر جندي إسرائيلي من أرض سيناء، وفقاً لبنود معاهدة كامب ديفيد، التي أعادت لمصر كامل أرضها باستثناء مدينة طابا، التي استُعيدت لاحقاً عبر التحكيم الدولي في مارس عام 1989، ليكتمل بذلك التحرير الكامل للأراضي المصرية ويرتفع العلم المصري على طابا.

وأشار شبل إلى أن انسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء تم على خمس مراحل منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد في عام 1979 وحتى عام 1982، بينما استغرقت استعادة طابا سبع سنوات إضافية حتى عام 1989، مما جعل تحرير سيناء رمزاً لـالصبر والنضال السياسي والدبلوماسي المصري.

وأكد شبل في كلمته أن أرض سيناء هي أرض بطولات ورمز للوحدة الوطنية، حيث اختلط فيها الدم المسلم والمسيحي دفاعاً عن الوطن، كما أنها أرض مباركة، شهدت أحداثاً روحية عظيمة مثل مناجاة الله للنبي موسى في طور سيناء، وهي الأرض التي صلى فيها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج.

واختُتمت الندوة بالتأكيد على أن عيد تحرير سيناء أصبح عطلة رسمية بقرار من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تخليداً لهذا الإنجاز الوطني العظيم.

مقالات مشابهة

  • الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة النجاحات والمنجزات التي حققتها رؤية المملكة 2030 في عامها التاسع
  • خطيب الجامع الأزهر: الأمانة قيمة عظيمة يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها
  • في ذكرى تحرير سيناء .. «أرض الفيروز» تجلى فيها نور المولى وعبر منها الأنبياء
  • غرب كردفان.. الأضرار التي لحقت بالمشروعات والبنى التحتية
  • سفيرة الجامعة العربية أمام جثمان البابا فرانسيس: «تأثرت بشدة وذكرت اللحظة التي تحدثت فيها عن معاناة الفلسطينيين»
  • الكشف عن الأهداف التي طالها القصف الأمريكي في صنعاء اليوم
  • موقع عسكري: ما أنواع أهداف الضربات الأمريكية في اليمن التي تستخدم فيها صواريخ مضادة للإشعاع الثمينة؟
  • معارض الكتب.. الكلمة التي تبني وطنا
  • دار الكتب بطنطا تُحيي ذكرى تحرير سيناء بندوات تثقيفية
  • ليلة إفريقية تُحبس فيها الأنفاس.. عصام الشوالي يعلق علي مواجهة الأهلي و صن دوانز