د. هيثم حميد مطلك المنصور 
على الرغم من جدل الاقتصاديين حول موضوع الدين العام الداخلي، ومع تزايد الضغط الاجتماعي والسياسي على سياسات الإنفاق العام للحكومة العراقية لسد الفجوات المهمة في الواقع الخدمي ومزاولة النشاط الاقتصادي، وفي ظل الانخفاض الحاد في مرونة الناتج غير النفطي مع عدم كفاية الإيرادات النفطية على الرغم من ضخامتها لتمويل عجز الموازنة العامة، يأتي الدين العام الداخلي البديل الواقعي الذي  تمارسه السلطة النقدية عبر تنقيدها لهذا النوع من التمويل، ومنه توسيع نطاق عرض النقود بآلياتها وأدواتها ذات العلاقة، وبناءً على الواقع الاقتصادي فقد أصبح حجم هذا الدين كبيراً قياساً إلى الانخفاض الحاد في كفاءة السوق المالية.

لذا لا غرابة أن يشهد الاقتصاد العراقي ارتفاعاً في نمو حجم الدين العام الداخلي لكونه ممثلاً للرصيد الكمي للعجوزات المالية المتراكمة منذ 2004 وإلى الآن بمبلغ يقدر بحوالي 70 ترليون دينار طبقاً للإحصاءات الرسمية الأخيرة للبنك المركزي، ليرافقه رفع سعر فائدة السياسة النقدية من 4 - 7.5%، ورفع سعر الفائدة على أدوات البنك المركزي العراقي من 3 - 4 إلى أن بلغت 7.5%، فضلًا عن رفع نسبة الاحتياطي القانوني من 15 - 18%.

وعلى الرغم مما يفصح عنه مؤشر الاستدامة المالية للدين العام الداخلي من أن نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي في العراق تتراوح بين 30-35% وهي نسبة مقبولة إلى حد ما اقتصادياً مقارنة بالنسبة المعيارية أو القياسية الدولية البالغة 60%، فإن شبح المخاطر المتوقعة من عدم استدامة الدين العام الداخلي ليست ببعيدة في حال عدم تهيئة وتمكين السياسات المتخصصة ذات العلاقة عبر الإشارات الآتية:

1.    مخاطر تتعلق باستقرار القيمة النسبية للدين بعد أن يكون معدل نمو القيمة الحقيقية للدين قريباً أو أكبر من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ومنه ستنخفض القيمة الحقيقية للأصول المالية الحكومية أداة الدين ومعها ستنخفض قدرة الحكومة على السداد.
2. تعميق ريعية الاقتصاد بسب عدم اتباع السياسات الاقتصادية الكلية الجاذبة للاستثمارات الاستراتيجية المعززة لنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، مما يعني عدم اعتماد الاقتصاد الكلي على التوازن العام التقليدي الذي يستبطن وجود قطاع استثمار حقيقي للسلع والخدمات خارج قطاع النفط ومنه تعويض قيم الريع النفطي من خلال توليد قيم حقيقية مصدراً أصيلاً لتمويل العجز.

3. إضعاف قدرة الأدوات النقدية على إحداث التوازن الكلي وتعويض قيم العجز الحكومي من خلال استقطاب الأموال واستثمارها، بدلاً عن أموال البنك المركزي، لذلك فإن استمرار ارتفاع حجم الدين العام مع انعدام فاعلية أداة سعر الفائدة، انما يؤشر خطراً حقيقياً على كفاءة السوق المالية.

4. إن العراق يتبع نظام استهداف سعر صرف مستقر وتضخم متدن وعليه فإن التوسع النقدي عبر تنقيد الدين العام من قبل البنك المركزي ينبغي أن يكون مصحوباً بتنسيق بين السياستين المالية والنقدية للحد من التضخم.

5. إن من مخاطر نمو الدين العام أنه يعد مؤشراً سالباً على أداء النشاط الاقتصادي وذلك لاتباع الحكومة سياسة ضريبية تستهدف رفع حجم الإيراد الضريبي لتمويل العجز مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات أسعار الفائدة، ومنه ظهور اثر المزاحمة.

6. عدم ضخ القروض في مشاريع استثمار حقيقية بالشكل الذي يجعل سرعة نمو الناتج أكبر من سرعة نمو الدين العام.

7. مخاطر ارتفاع معدلات الإنفاق الحكومي التشغيلي الذي يتمثل أغلبه في رواتب الموظفين وارتفاع مستويات التعيينات الحكومية مما يثقل من كاهل الموازنة العامة ويزيد من نسبة العجز، ومنه الدين الحكومي.

8. تأثير ضعف إدارة الدين العام على استقلالية السلطة النقدية، إذ كلما زاد حجم الدين العام وتوسعت دائرته كلما أثر ذلك في أدوات السلطة النقدي وفاعليتها.

لذا فإن على السياستين المالية والنقدية رسم استراتيجية تنسيقية لاستدامة الدين العام تجاه تطويق كل أعبائه وآثاره السلبية على مزاولة النشاط الاقتصادي والتمكين من السداد، عبر إجراءات كلية لتشخيص محددات وعوامل استقطاب الاستثمار المعزز للقيم الحقيقية ولتكون إنتاجية الدين العام الداخلي عاملاً مهماً لزيادة معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الدين العام

إقرأ أيضاً:

ضياء رشوان: التطرف بعيد كل البعد عن الدين الإسلامي

أكد الكاتب الصحفي ضياء رشوان، وعضو اللجنة التأسيسية لحزب الجبهة الوطنية والمنسق العام للحوار الوطني، أن التنظيمات الارهابية لا يمكن أن تقوم بفعل ارهابي الا باستنادها على الفكرة التي ترجع لمنظور ديني.

وقال ضياء رشوان، خلال لقاء له عبر فضائية “اكسترا نيوز”، أن الرئيس السيسي حذر من التطرف لأنه يقود إلى الإرهاب، مؤكدا أن الرئيس يعلم أن التطرف بعيد كل البعد عن الدين الإسلامي، خاصة أن الإسلام قائم على السماحة والوسطية.

وتابع الكاتب الصحفي ضياء رشوان، وعضو اللجنة التأسيسية لحزب الجبهة الوطنية والمنسق العام للحوار الوطني، ان الفرق المتطرفة بدأت وظهرت مع فرق الخوارج، وأفكارهم هي التي أدت للتطرف.

مقالات مشابهة

  • ضياء رشوان: التطرف بعيد كل البعد عن الدين الإسلامي
  • عاجل | وزير المالية: مصر تعتمد على اقتصاد متنوع.. وتنفيذ صفقات كبرى الفترة المقبلة
  • وكيل وزارة المالية: استمرار صرف نصف راتب والتوسُّع فيه ينعش الاقتصاد ويحسّن مستويات المعيشة
  • انخفاض التصنيف الائتماني للاقتصاد الإسرائيلي.. وارتفاع نسبة الدين إلى 69 بالمئة
  • ضد حماس وحزب الله..حروب إسرائيل ترفع عبء ديونها إلى 69 %
  • المشهداني يُهنئ الشعب العراقي بإقرار التعديل على قانون العفو العام
  • دعاء قضاء الدين والهم.. طريقك للتخلص من الأعباء المالية
  • المالية: تبني مسارات محفزة ومتوازنة لتعزيز ثقة المستثمرين فى قدرة الاقتصاد
  • تحالف العزم: الاقتصاد العراقي ينزف بسبب إيقاف تصدير نفط الإقليم
  • المشرق يدخل سوق سلطنة عُمان ليقدم الحلول المالية ويدعم الاقتصاد الوطني