لجريدة عمان:
2025-02-03@20:24:11 GMT

الدماغ باعتباره حاسوبا معقدا!

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

يصعب علينا اليوم التفكير ووصف ما يعنيه الدماغ دون استخدام استعارات قادمة من علوم الحاسوب. نقول مثلا: إن الشيء محفوظ في الذاكرة، ونقول أن علينا أن نعالج المعلومات، أو نستعيد المعارف.

هذه الاستعارة لها -بالطبع- جذور تاريخية تعود لاختراع الكمبيوتر، وتزداد شعبيتها بازدياد شعبية مجال الذكاء الاصطناعي. علماء الوعي، الأعصاب، النفس، وكل من لهم علاقة بالسلوك البشري يستخدمون هذه اللغة للتعبير عن الدماغ، بل ويؤمنون بعمل الدماغ مثل حاسوب.

في كتابه (In Our Own Image - 2015) الذي يُمكن أن يترجم إلى «صورتنا الخاصة» يتتبع جورج زركاداكيس (George Zarkadakis) ست استعارات تاريخية حول العقل أو الدماغ مرتبطة بالتقنيات والأفكار السائدة في العصر الذي تنتمي له. الأولى تعود للنصوص الدينية وتُشير إلى خلق الإنسان من طين أو تراب، قبل نفخ الروح فيه. وحسب هذه الرؤية فالذكاء قادم من الروح. لاحقا، أدى شيوع الهندسة الهيدروليكية (وهو فرع الهندسة المدنية المعني بنقل السوائل مثل مياه السقي والشرب والصرف الصحي بالاستفادة من الجاذبية الأرضية)، إلى اعتماد توصيف هيدروليكي للوظائف البدنية والذهنية. هذا قبل أن يتم استبدالها باستعارة الآلات: الجسم مجرد آلة. وبالتالي فالأفكار تنبع من حركة آلية معقدة في الدماغ. ومع شيوع أدوات التواصل الحديثة شُبه الدماغ بأنه تلجرام. قبل أن تسود فكرة الدماغ الحاسوب في وقتنا الحالي، وتبدأ استعارة الذكاء البشري باعتباره معالجة للمعلومات. وأيا كان محل النقاش -سواء الشارع، أو المؤتمرات العلمية- لا يخلو مكان من هذه الاستعارة. وقليلا (حتى وقت قريب) ما تم التشكيك بمصداقيتها.

واليوم -مع تقدم تكنولوجيا الحاسوب وأبحاث الدماغ- يتم تمويل مئات الأبحاث التي تنطلق من فكرة أن الدماغ البشري -مثله مثل الحاسوب- معالج للمعلومات.

يُنظر إلى الدماغ -وفق هذا المنظور- باعتباره العتاد (hardware) الذي يقوم بعمليات في مقدمتها معالجة البيانات. وتؤكد على أننا إذا ما ملكنا القوة الحاسوبية للتعامل مع المدخلات التي تأتي من تفاعل الكائن مع بيئته، فإننا سنكون قادرين على محاكاة الدماغ البشري. موقف أقل حدة من هذا، يعترف بأن خلق دماغ من السيليكون أمر غير وارد على الأغلب. مع هذا فإن العمل وفق هذا الإطار يُساهم في فهمنا لأدمغتنا، وإن على نحو محدود. ولكن آخرين يرون أن هذا لا يسهم على نحو جاد في زيادة معرفتنا بالسلوك البشري أو بآليات عمل الدماغ، بل وأنه نشاط غير قائم على أساس علمي متين (كما نرى بنهاية المقال).

في مقال بعنوان «الدماغ الفارغ (The empty brain)» منشور على مجلة (aeon) يُدرج لنا روبرت ابستين (Robert Epstein) مثالا للتدليل على الطريقة التي يختلف بها عمل أدمغتنا مقارنة بالحواسيب.

يطلب ابستين من طلبته أن يرسموا دولارا على لوحة الصف. ورغم أنهم شاهدوا دولارات عديدة في حياتهم، إلا أن الرسومات تأتي مفرغة من التفاصيل على نحو مدهش. يقوم بعدها ابستين بإلصاق ورقة نقدية حقيقية ويطلب منهم رسمها ثانية، تأتي الرسمة الثانية بطبيعة الحال أكثر تفصيلا. ما يدعو ابستين للتساؤل: «ما المشكلة؟ أليس لدينا «تمثيل» لورقة الدولار «مخزن» في «سجل الذاكرة» داخل أدمغتنا؟ ألا يمكننا «استرجاعها» ببساطة، من أجل أن نعيد رسمها؟» ويُعلق بأن علماء الأعصاب لن يتمكنوا أبدا من وضع أصابعهم على تمثيل ورقة الدولار داخل أدمغتنا؛ لأن هذا لا وجود له. يقول: «نحن لا نخزن الكلمات أو القواعد التي تخبرنا كيف نستخدمها. نحن لا ننشئ تمثيلات للمحفزات البصرية، ونحن لا نخزنها مؤقتا في الذاكرة قصيرة المدى، ثم ننقلها إلى الذاكرة طويل المدى. لا نقوم باسترجاع المعلومات أو الصور أو الكلمات من سجلات الذاكرة. أجهزة الحاسوب تفعل كل هذه الأشياء، ولكن الكائنات الحية لا تفعل ذلك».

يدعو ابستين إلى صياغة نظرية حول الدماغ متحررة من استعارات الكمبيوتر. فالذكاء باعتباره معالجة للمعلومات ما هي إلا قصة نحاول عبرها أن نُقرب إلى فهمنا شيئا عصيا على الفهم (حتى الآن على الأقل). الإسراف في التركيز على هذه الاستعارة يشتت انتباهنا عن الجوانب الأخرى التي لا تنجح الاستعارة في اكتنافها.

وبالحديث عما تُقدمه وما تعجز عن تقديمه هذه المقاربة، وفي ظل التمويل المتواصل لأبحاث قائمة عليها، والاهتمام الإعلامي والعلمي بها، وقّع الشهر الفائت 124 شخصا -منخرطا في أبحاث الوعي- عريضة وصفت فيها «نظرية المعلومات المتكاملة (integrated information theory)» بالعلم الزائف. ونظرية المعلومات المتكاملة تقترح وجود نموذج رياضي للأنظمة الواعية، وتسعى للتحقيق في الكيفية التي تحوز بها بعض الأنظمة (البشر مثلا) وعيا، وإيجاد طريقة لمعرفة ما إذا كان نظام ما واعٍ أو لا.

ورغم أن وصف النظرية بالعلم الزائف قد لا يكون دقيقا (أعني أن النظرية قائمة على فكرة أن للوعي أساسا ماديا، ويمكن قياسه رياضيا، وحتى إعادة إنتاجه، وهي ادعاءات يُمكن تأكيدها أو نفيها تجريبيا)، لكنها (أي العريضة) تبقى دلالة على زيادة الوعي بعجز هذه المقاربة عن تقريبنا مما يعنيه الوعي، العقل، وكيف يعمل الدماغ.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

فوائد الشوكولاتة الداكنة للصحة| تحسن المزاج

الشوكولاتة الداكنة، التي تحتوي على نسبة عالية من الكاكاو، تُعد من الأطعمة التي تحظى بشعبية كبيرة حول العالم، وذلك ليس فقط بسبب طعمها الرائع، بل أيضًا بفضل فوائدها الصحية العديدة، إذا تم تناولها باعتدال، يمكن أن تقدم الشوكولاتة الداكنة العديد من الفوائد للجسم والعقل.

 

فوائد الشوكولاتة الداكنة


1.تحسين صحة القلب
تحتوي الشوكولاتة الداكنة على مركبات تسمى الفلافونويدات التي تساهم في تحسين صحة القلب من خلال تحسين تدفق الدم وخفض ضغط الدم، وبالتالي تقليل خطر الإصابة بالأمراض القلبية.

 

2.زيادة مستويات مضادات الأكسدة
الشوكولاتة الداكنة غنية بمضادات الأكسدة التي تساهم في حماية الجسم من الأضرار الناتجة عن الجذور الحرة، وبالتالي تحسين صحة الخلايا والأنسجة.

 

3.تحسين المزاج
تحتوي الشوكولاتة الداكنة على مركبات تعمل على تعزيز إنتاج السيروتونين والدوبامين في الدماغ، وهما من المواد الكيميائية التي تساهم في تحسين المزاج والشعور بالسعادة.

 

4.تعزيز وظائف الدماغ
يمكن أن يساعد تناول الشوكولاتة الداكنة في تحسين وظائف الدماغ، حيث أظهرت بعض الدراسات أنها قد تزيد من التركيز والانتباه، بفضل قدرتها على زيادة تدفق الدم إلى الدماغ.

 

على الرغم من الفوائد الصحية التي توفرها الشوكولاتة الداكنة، إلا أنه من المهم تناولها باعتدال، استهلاك الشوكولاتة الداكنة بشكل مفرط قد يؤدي إلى زيادة الوزن، لذا يفضل تناول كميات صغيرة يوميًا للاستفادة من فوائدها دون المخاطرة بالصحة.

 

حفل Grammy 2025.. فوز ساحق وتألق لافت| قائمة الجوائز خاص| نصائح خبيرة التجميل السعودية ميريام للعناية بالبشرة والحصول علي مكياج ثابت خبيرة التجميل ميريام تكشف سر نجاحها وتوجه نصيحة للميكب أرتست| خاص (خاص) فستان زفاف بألوان فلسطين يتلألأ في دورة القرن|رسالة فخر وجائزة تقديرية أضرار الجلوس لفترات طويلة وتأثيرها على صحة الجسم وطرق الوقاية محمد صبحي يوضح موقفه من مشاهد الصلاة في الأعمال الفنية إلهام الفضالة تروي تفاصيل سرقتها الغريبة في لندن| كيف وقع الحادث؟ عمرو دياب يفاجيء جمهوره برده على لقب "الوجه الجديد" من تركي آل الشيخ روبي تتألق بالريش الأسود في حفل غنائي ساحر| صور أروى جودة تدخل القفص الذهبي بإطلالة بسيطة وتخطيط لحفل زفاف عالمي

مقالات مشابهة

  • فوائد الشوكولاتة الداكنة للصحة| تحسن المزاج
  • محافظ سوهاج يتفقد سير العمل بمصنع سكر جرجا
  • محافظ سوهاج يتفقد سير العمل بمصنع سكر جرجا ويطلق إشارة البدء لموسم عصير القصب
  • خلال تفقده مصنع سكر جرجا.. محافظ سوهاج يطلق إشارة البدء لموسم عصير القصب
  • التمارين الرياضية تجدد شباب الدماغ
  • استشاري: الصداع كعرض لورم الدماغ لا يتجاوز 1% ..فيديو
  • الإعيسر: زيارة البرهان لأم روابة تجسيدا لروح الانتماء للوطن في الذاكرة الجمعية، وتساهم في تعزيز الهوية السودانية المتكاملة
  • تأثير تناول السكريات على الذاكرة والأداء العقلي
  • عبدالله مليطان: «موسوعة الذاكرة الليبية» مشروع العمر.. ومعرض القاهرة للكتاب رافد مكتبتي الأول (حوار)
  • أستاذ علوم سياسية: اجتماع القاهرة خطوة جيدة لتعزيز الدور العربي في دعم القضية الفلسطينية