لجريدة عمان:
2025-01-16@16:19:47 GMT

إنهاء الموسم السخيف الدائم في المملكة المتحدة

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

إنه موسم المؤتمرات السنوية التي تقيمها الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة. ورغم أن قسما كبيرا من الاهتمام سيكون منصبا على حزب المحافظين الحاكم، فإن كثيرين سيراقبون أيضا عن كثب أداء حزب العمال، الآن وقد أصبح متقدما بشكل كبير في استطلاعات الرأي.

في الأسابيع التي سبقت مؤتمر حزب المحافظين، يبدو أن رئيس الوزراء ريشي سوناك غَـيَّـرَ استراتيجيته الشخصية.

فبدلا من تقديم نفسه باعتباره رجل مهام كفؤا وآمنا وغير طموح، نجده يقدم استعراضًا لوعود جريئة بالتصدي لأكبر التحديات التي تواجه المملكة المتحدة. ولكن أهو جاد حقا، أو أن هذا مجرد مسرح سياسي موقوت للانتخابات؟ في نهاية المطاف، يتولى سوناك رئاسة حزب عامر بالفصائل - عدد كبير من هذه الفصائل ملتزم إيديولوجيا وجميعها تحمل ندوب الاقتتال الداخلي الذي دام طوال السنوات الثلاث عشرة الأخيرة. علاوة على ذلك، انـتُـخِـب أعضاء البرلمان الحاليين في عام 2019 من قِـبَـل خليط غريب من دوائر المحافظين الانتخابية التقليدية وناخبين جُـدد من أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذين أدلوا بأصواتهم في السابق لصالح حزب العمال. وكل من المجموعتين تفضل الإنفاق الحكومي عندما يكون موجها نحوها، شريطة أن تظل فواتير الضرائب المستحقة عليها منخفضة. وعلى هذا، فأثناء فترة التحضير لمؤتمر هذا العام، سارع بعض المحافظين مرة أخرى إلى الدفع بحلم خفض الضرائب، شاجبين الأعباء الضريبية التي تتحملها أسر عديدة، وملقين اللوم عن هذه المشكلة المفترضة على الأداء الاقتصادي الضعيف الذي قدمته المملكة المتحدة في السنوات الأخيرة. حتى أن مايكل جوف، عضو مجلس الوزراء، خرج علينا قائلًا إنه في حين يفضل شخصيا خفض الضرائب على الدخل قبل الانتخابات التالية، فإن سوناك ووزير الخزانة استبعدا ذلك.

في الواقع، على الرغم من ارتفاع العبء الضريبي في المملكة المتحدة بعض الشيء في السنوات الأخيرة، فإنه يظل أقل بشكل ملحوظ مما هو عليه في بلدان أخرى متقدمة.

وفقًا لهيئة المراقبة المالية في المملكة المتحدة، أو مكتب مسؤولية الميزانية، كانت نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة في عام 2021 (33.5%) أقل بنسبة 2.2% من المتوسط في البلدان المتقدمة، وأقل بنحو 3.3% من المتوسط في مجموعة الدول السبع، وأقل بنسبة هائلة تبلغ 6.4% عن المتوسط في 14 دولة أوروبية أخرى نظيرة، وكثير منها تتمتع بمستويات معيشة أعلى كثيرا.

وبين البلدان الأكثر ثراء من المملكة المتحدة قياسا على نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي (تحتل بريطانيا المرتبة الثانية والعشرين على مستوى العالم)، يزيد عدد التي تتحمل عبئًا ضريبيًا أعلى، مقارنة بالمملكة المتحدة، عن تلك التي تتحمل عبئًا ضريبيًا أقل. ولكن ليست البيانات وحدها التي تفشل في دعم الحجج التي تُـساق لإثبات أن الضرائب هي العائق الرئيسي الذي يحول دون تحقيق النمو في المملكة المتحدة؛ فقد أظهرت استطلاعات الرأي في السنوات الأخيرة أن الناخبين البريطانيين يفضلون في عموم الأمر فرض ضرائب أعلى من أجل دعم زيادة الإنفاق (وإن كان كثيرون منهم يفضلون بوضوح أن يتحمل العبء الإضافي شخص غيرهم). يمثل هذا تحولًا واضحًا عن تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحالي، مما يشير إلى أن زيادة الضرائب والإنفاق لا تفرض ذات الخطر السياسي الذي كانت تفرضه ذات يوم على أي حكومة ممسكة بمقاليد السلطة.

مع ذلك، سوف يجد أي زعيم من المحافظين، مهما بلغ من مهارة، صعوبة كبيرة في الإبحار عبر المشهد السياسي الحالي، نظرًا للقرارات التي اتخذها الحزب في الحكم منذ عام 2010 والمشاحنات الداخلية التي لا تنتهي والتي ألهمتها هذه القرارات.

علاوة على ذلك، بعد ثلاثة عشر عاما في البرية السياسية، يركز حزب العمال بشكل مباشر على إثبات كونه أكثر كفاءة في التعامل مع الموارد المالية العامة وتحقيق نمو أقوى.

في وقت سابق من هذا العام، أصدر زعيم حزب العمال كير ستارمر ووزيرة خزانة الظـل راشيل ريفز بيان مهمة تعهدا فيه بتحقيق أسرع نمو في مجموعة السبع. (نأمل أنهما يقصدان نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، وليس الناتج المحلي الإجمالي المطلق، لأن هذا هو ما يهم الأسر وهو أقوى ارتباطا بأداء الإنتاجية). وهما يعتزمان أيضا تعزيز صلاحيات مكتب مسؤولية الميزانية، الذي يعمل بشكل منتظم على تقدير تكاليف البرامج الحكومية والسياسات الضريبية اللازمة لدعمها. هذه النقطة مهمة لأن مكتب مسؤولية الميزانية جرى تهميشه بقرار سيئ السمعة أصدرته رئيسة الوزراء السابقة ليز ترس، التي كادت فترة ولايتها الشديدة الـقِـصَـر في المنصب تؤدي إلى انهيار الاقتصاد بالكامل. علاوة على ذلك، قبل بضعة أسابيع ذهب حزب العمال إلى مسافة أبعد في الوعود عندما تعهد، في حال انتخابه، بعدم تنفيذ أي قرارات كبرى بشأن الضرائب أو الإنفاق دون أن يصدر مكتب مسؤولية الميزانية تحليلًا مستقلًا للعواقب التي قد تخلفها أي سياسة (ربما على النمو والميزانية العمومية للقطاع العام).

ردا على ذلك، اقترح جورج أوزبورن، الذي أنشأ مكتب مسؤولية الميزانية أثناء عمله وزيرًا للخزانة في الحكومة الائتلافية بقيادة المحافظين في عام 2010، أن إدارة سوناك يجب أن تتبنى هذا الاقتراح على الفور. فهو كوسيلة لتعزيز «مصداقية» المملكة المتحدة المالية، يقدم كثيرا من الأسباب التي تجعله مندوبا. ولكن ما لم يسفر هذا عن سياسات ضريبية وسياسات إنفاق أكثر واقعية وطموحا، فإن تأثيره سيكون محدودا.

كما توضح البيانات، فإن المملكة المتحدة تعاني من ضعف مزمن في الاستثمار في القطاعين العام والخاص، مقارنة بنظيراتها من الدول. وما لم يتغير هذا، فسوف يظل تحقيق النمو السريع في نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي حلما بعيد المنال. ينبغي لأي حكومة ذكية أن تكف عن ممارسة اللعبة السياسية المتمثلة في التركيز بشكل مفرط على مستويات تعسفية قصيرة الأمد لنسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي، وأن تلاحق بدلا من ذلك أجندة تعمل على رفع هذه النسبة لغرض واضح يتلخص في تعزيز الإنفاق الاستثماري والإنتاجية. وكلاهما ضروري لدعم النمو الطويل الأجل وتقليل حجم الديون الطويلة الأجل. وإذا قرر التحليل المستقل الصادر عن مكتب مسؤولية الميزانية أن مثل هذا الإنفاق يتطلب زيادة الضرائب، فليكن. الواقع أن هذا سيكون الاختبار النهائي لجدية الحكومة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی فی المملکة المتحدة حزب العمال على ذلک

إقرأ أيضاً:

المملكة المتحدة تطلق خطة طموحة لتعزيز مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي

في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، أعلنت المملكة المتحدة عن خطة عمل شاملة تهدف إلى تعزيز قطاع الذكاء الاصطناعي وتحفيز النمو الاقتصادي. كشف وزير الخارجية كير ستارمر، يوم الاثنين، عن مبادرة لإنشاء "مناطق نمو الذكاء الاصطناعي" في مختلف أنحاء المملكة، مع التركيز على المناطق غير الصناعية.  

تتضمن المبادرة تسريع عمليات الموافقة على إنشاء مراكز البيانات وتقديم وصول محسّن لشبكة الطاقة الوطنية. وستكون منطقة "كولهام" بأوكسفوردشاير، المعروفة باحتضان هيئة الطاقة الذرية في المملكة المتحدة، الموقع الأول لهذه المناطق. ومن المقرر الإعلان عن مواقع إضافية خلال الصيف المقبل.  

ضمن الجهود الرامية لدعم البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، تخطط حكومة ستارمر لمضاعفة القدرات الحوسبية للدولة بمقدار 20 مرة، بدءًا من إنشاء حاسوب عملاق جديد يتمتع بقدرات هائلة تتيح لعب الشطرنج نصف مليون مرة في الثانية. حاليًا، تمتلك المملكة المتحدة 14 حاسوبًا فائق الأداء ضمن قائمة TOP500، ما يضعها في مرتبة متأخرة عن الولايات المتحدة والصين.  

الخطة تشمل أيضًا إنشاء مكتبة بيانات وطنية تهدف إلى تمكين القطاع الخاص من استغلال البيانات العامة بطريقة آمنة وفعالة، مما يجعل البلاد أكثر جاذبية للمستثمرين. علاوة على ذلك، سيعمل مجلس طاقة الذكاء الاصطناعي الجديد مع شركات الطاقة لضمان تلبية احتياجات الصناعة ضمن استراتيجية المملكة للطاقة النظيفة.  

وقال كير ستارمر: "الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحدث ثورة في حياتنا، بدءًا من تخصيص التعليم وتحسين كفاءة الشركات الصغيرة وصولاً إلى تسريع عمليات التخطيط. نحن بحاجة إلى حكومة تدعم هذه التحولات بدلاً من الوقوف مكتوفة الأيدي بينما تضيع الفرص".  

بحسب التقديرات، قد تسهم هذه الاستراتيجية في إضافة 47 مليار جنيه إسترليني (57 مليار دولار) سنويًا للنمو الاقتصادي على مدار العقد المقبل. وتأتي هذه الجهود في وقت حرج بعد فشل الاقتصاد البريطاني في تحقيق نمو خلال الربع الثالث من العام الماضي، ما يجعل جذب الاستثمارات الأجنبية ضرورة ملحّة.

 ومن المتوقع أن تساهم خطط كبرى الشركات، مثل مايكروسوفت التي تخطط لإنفاق 80 مليار دولار على مراكز بيانات جديدة هذا العام، في تعزيز الجهود الوطنية نحو ريادة الذكاء الاصطناعي عالميًا.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تكشف عدد شاحنات المساعدات التي ستدخلها لغزة
  • أمير قطر: نأمل أن يسهم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بغزة فى إنهاء القتل والتدمير
  • صاحب السمو وملك المملكة المتحدة يتبادلان الإزار الاسكتلندي والبشت
  • المملكة المتحدة تحقق في ممارسات جوجل للبحث
  • «اللافي» يبحث مع سفير المملكة المتحدة تطورات العملية السياسية
  • السوداني يؤكد عزم العراق على توطيد العلاقات مع المملكة المتحدة في مختلف المجالات
  • الحكومة البريطانية: المملكة المتحدة والعراق سيعلنان عن اتفاقات تصل الى 12 مليار جنيه
  • "تلغراف": نظام الطاقة في المملكة المتحدة يواجه خطر الانهيار
  • المملكة المتحدة تطلق خطة طموحة لتعزيز مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي
  • تعرف على جزيرة غرينلاند الغنية التي يريد ترامب الاستيلاء عليها