لجريدة عمان:
2025-04-01@20:33:42 GMT

إنهاء الموسم السخيف الدائم في المملكة المتحدة

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

إنه موسم المؤتمرات السنوية التي تقيمها الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة. ورغم أن قسما كبيرا من الاهتمام سيكون منصبا على حزب المحافظين الحاكم، فإن كثيرين سيراقبون أيضا عن كثب أداء حزب العمال، الآن وقد أصبح متقدما بشكل كبير في استطلاعات الرأي.

في الأسابيع التي سبقت مؤتمر حزب المحافظين، يبدو أن رئيس الوزراء ريشي سوناك غَـيَّـرَ استراتيجيته الشخصية.

فبدلا من تقديم نفسه باعتباره رجل مهام كفؤا وآمنا وغير طموح، نجده يقدم استعراضًا لوعود جريئة بالتصدي لأكبر التحديات التي تواجه المملكة المتحدة. ولكن أهو جاد حقا، أو أن هذا مجرد مسرح سياسي موقوت للانتخابات؟ في نهاية المطاف، يتولى سوناك رئاسة حزب عامر بالفصائل - عدد كبير من هذه الفصائل ملتزم إيديولوجيا وجميعها تحمل ندوب الاقتتال الداخلي الذي دام طوال السنوات الثلاث عشرة الأخيرة. علاوة على ذلك، انـتُـخِـب أعضاء البرلمان الحاليين في عام 2019 من قِـبَـل خليط غريب من دوائر المحافظين الانتخابية التقليدية وناخبين جُـدد من أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذين أدلوا بأصواتهم في السابق لصالح حزب العمال. وكل من المجموعتين تفضل الإنفاق الحكومي عندما يكون موجها نحوها، شريطة أن تظل فواتير الضرائب المستحقة عليها منخفضة. وعلى هذا، فأثناء فترة التحضير لمؤتمر هذا العام، سارع بعض المحافظين مرة أخرى إلى الدفع بحلم خفض الضرائب، شاجبين الأعباء الضريبية التي تتحملها أسر عديدة، وملقين اللوم عن هذه المشكلة المفترضة على الأداء الاقتصادي الضعيف الذي قدمته المملكة المتحدة في السنوات الأخيرة. حتى أن مايكل جوف، عضو مجلس الوزراء، خرج علينا قائلًا إنه في حين يفضل شخصيا خفض الضرائب على الدخل قبل الانتخابات التالية، فإن سوناك ووزير الخزانة استبعدا ذلك.

في الواقع، على الرغم من ارتفاع العبء الضريبي في المملكة المتحدة بعض الشيء في السنوات الأخيرة، فإنه يظل أقل بشكل ملحوظ مما هو عليه في بلدان أخرى متقدمة.

وفقًا لهيئة المراقبة المالية في المملكة المتحدة، أو مكتب مسؤولية الميزانية، كانت نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة في عام 2021 (33.5%) أقل بنسبة 2.2% من المتوسط في البلدان المتقدمة، وأقل بنحو 3.3% من المتوسط في مجموعة الدول السبع، وأقل بنسبة هائلة تبلغ 6.4% عن المتوسط في 14 دولة أوروبية أخرى نظيرة، وكثير منها تتمتع بمستويات معيشة أعلى كثيرا.

وبين البلدان الأكثر ثراء من المملكة المتحدة قياسا على نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي (تحتل بريطانيا المرتبة الثانية والعشرين على مستوى العالم)، يزيد عدد التي تتحمل عبئًا ضريبيًا أعلى، مقارنة بالمملكة المتحدة، عن تلك التي تتحمل عبئًا ضريبيًا أقل. ولكن ليست البيانات وحدها التي تفشل في دعم الحجج التي تُـساق لإثبات أن الضرائب هي العائق الرئيسي الذي يحول دون تحقيق النمو في المملكة المتحدة؛ فقد أظهرت استطلاعات الرأي في السنوات الأخيرة أن الناخبين البريطانيين يفضلون في عموم الأمر فرض ضرائب أعلى من أجل دعم زيادة الإنفاق (وإن كان كثيرون منهم يفضلون بوضوح أن يتحمل العبء الإضافي شخص غيرهم). يمثل هذا تحولًا واضحًا عن تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحالي، مما يشير إلى أن زيادة الضرائب والإنفاق لا تفرض ذات الخطر السياسي الذي كانت تفرضه ذات يوم على أي حكومة ممسكة بمقاليد السلطة.

مع ذلك، سوف يجد أي زعيم من المحافظين، مهما بلغ من مهارة، صعوبة كبيرة في الإبحار عبر المشهد السياسي الحالي، نظرًا للقرارات التي اتخذها الحزب في الحكم منذ عام 2010 والمشاحنات الداخلية التي لا تنتهي والتي ألهمتها هذه القرارات.

علاوة على ذلك، بعد ثلاثة عشر عاما في البرية السياسية، يركز حزب العمال بشكل مباشر على إثبات كونه أكثر كفاءة في التعامل مع الموارد المالية العامة وتحقيق نمو أقوى.

في وقت سابق من هذا العام، أصدر زعيم حزب العمال كير ستارمر ووزيرة خزانة الظـل راشيل ريفز بيان مهمة تعهدا فيه بتحقيق أسرع نمو في مجموعة السبع. (نأمل أنهما يقصدان نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، وليس الناتج المحلي الإجمالي المطلق، لأن هذا هو ما يهم الأسر وهو أقوى ارتباطا بأداء الإنتاجية). وهما يعتزمان أيضا تعزيز صلاحيات مكتب مسؤولية الميزانية، الذي يعمل بشكل منتظم على تقدير تكاليف البرامج الحكومية والسياسات الضريبية اللازمة لدعمها. هذه النقطة مهمة لأن مكتب مسؤولية الميزانية جرى تهميشه بقرار سيئ السمعة أصدرته رئيسة الوزراء السابقة ليز ترس، التي كادت فترة ولايتها الشديدة الـقِـصَـر في المنصب تؤدي إلى انهيار الاقتصاد بالكامل. علاوة على ذلك، قبل بضعة أسابيع ذهب حزب العمال إلى مسافة أبعد في الوعود عندما تعهد، في حال انتخابه، بعدم تنفيذ أي قرارات كبرى بشأن الضرائب أو الإنفاق دون أن يصدر مكتب مسؤولية الميزانية تحليلًا مستقلًا للعواقب التي قد تخلفها أي سياسة (ربما على النمو والميزانية العمومية للقطاع العام).

ردا على ذلك، اقترح جورج أوزبورن، الذي أنشأ مكتب مسؤولية الميزانية أثناء عمله وزيرًا للخزانة في الحكومة الائتلافية بقيادة المحافظين في عام 2010، أن إدارة سوناك يجب أن تتبنى هذا الاقتراح على الفور. فهو كوسيلة لتعزيز «مصداقية» المملكة المتحدة المالية، يقدم كثيرا من الأسباب التي تجعله مندوبا. ولكن ما لم يسفر هذا عن سياسات ضريبية وسياسات إنفاق أكثر واقعية وطموحا، فإن تأثيره سيكون محدودا.

كما توضح البيانات، فإن المملكة المتحدة تعاني من ضعف مزمن في الاستثمار في القطاعين العام والخاص، مقارنة بنظيراتها من الدول. وما لم يتغير هذا، فسوف يظل تحقيق النمو السريع في نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي حلما بعيد المنال. ينبغي لأي حكومة ذكية أن تكف عن ممارسة اللعبة السياسية المتمثلة في التركيز بشكل مفرط على مستويات تعسفية قصيرة الأمد لنسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي، وأن تلاحق بدلا من ذلك أجندة تعمل على رفع هذه النسبة لغرض واضح يتلخص في تعزيز الإنفاق الاستثماري والإنتاجية. وكلاهما ضروري لدعم النمو الطويل الأجل وتقليل حجم الديون الطويلة الأجل. وإذا قرر التحليل المستقل الصادر عن مكتب مسؤولية الميزانية أن مثل هذا الإنفاق يتطلب زيادة الضرائب، فليكن. الواقع أن هذا سيكون الاختبار النهائي لجدية الحكومة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی فی المملکة المتحدة حزب العمال على ذلک

إقرأ أيضاً:

وكالة ستاندرد آند بورز تؤكد التصنيف الاستثماري لسلطنة عُمان عند BBB-

العُمانية: أكدت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الاستثماري لسلطنة عُمان عند مستوى التصنيف الائتماني "BBB-" مع نظرة مستقبلية مستقرة. وعزَتِ الوكالةُ ذلك إلى استمرار تحسن أداء المالية العامة للدولة وتعزيز مرونة المركز المالي، بجانب الجهود الحكومية المستمرة في خفض الدين العام وحوكمة الشركات الحكومية.

وأشارت الوكالة في تقريرها إلى أن سلطنة عُمان أحرزت تقدمًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية في معالجة التحديات الهيكلية التي واجهتها، بما في ذلك العجز الكبير في الميزانية العامة للدولة وميزان المدفوعات.

وتوقعت الوكالة بأن يتحسّن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ليبلغ في المتوسط نحو 2 بالمائة سنويًّا خلال الفترة 2025-2028م؛ وذلك بعد تحقيق نمو مستقر تراوح بين 1.2 بالمائة و1.3 بالمائة خلال عامي 2023-2024م.

وأوضحت الوكالة أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط الفائض المالي في الميزانية العامة للدولة أقل بقليل من 1.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2025-2028م، مقارنة بنسبة 2.2 بالمائة في عام 2024م.

ويُعزى ذلك - بحسب الوكالة - إلى افتراض أن متوسط سعر خام برنت سيبلغ 70 دولارًا أمريكيًّا للبرميل خلال العامين المقبلين، مقارنة بـ 81 دولارًا أمريكيًا للبرميل في عام 2024م، إلى جانب انخفاض معدل إنتاج النفط؛ نظرًا لالتزام سلطنة عُمان بالخفض الطوعي في إطار اتفاق دول أعضاء أوبك بلس.

كما تتوقع الوكالة أن يسجِّل الحساب الجاري فوائض مالية بمتوسط 1.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2025-2028م، مشيرةً إلى أن سلطنة عُمان تمكّنت من تغطية العجوزات الكبيرة. وتتوقع وكالة ستاندرد آند بورز أن تظل معدلات التضخم في مستويات معتدلة، بمتوسط يبلغ نحو 1.5 بالمائة سنويًّا خلال الفترة 2025-2028م، بعدما بلغ نحو واحد بالمائة في عام 2024م.

وتشير الوكالة إلى نجاح جهود سلطنة عُمان في خفض إجمالي الدين العام من 68 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 إلى 36 بالمائة في عام 2024م، مشيرةً في توقعاتها إلى استمرار انخفاض إجمالي الدين العام بمتوسط 1.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2025-2028م ليبلغ نحو 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028م. كما تتوقع الوكالة أن تظل الأصول ذات السيولة العالية قريبة من 40 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2025-2028م.

وأشادت الوكالة بجهود سلطنة عُمان في إدارة المالية العامة التي اتّسمت بالكفاءة وتشديد الرقابة على المصروفات الرأسمالية والجارية، مشيرةً إلى أن الجهات المعنية أحرزت تقدمًا ملحوظًا في تعزيز الشفافية والإفصاح عن البيانات. كما أشادت بالجهود المبذولة في تطوير قطاع إنتاج الهيدروجين وذلك في ظل عزم سلطنة عُمان تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050م، مما سيمكّن البلاد من أن تصبح واحدة من أبرز الدول المصدرة للهيدروجين بحلول عام 2030م.

وأكدت الوكالة أن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان قد يشهد مزيدًا من التحسن خلال العامين القادمين في حال استمرار الحكومة بإدارة المالية العامة للدولة وفق ما هو مخطط له، بما في ذلك زيادة الإيرادات غير النفطية ورفع كفاءة الإنفاق العام، مشيرةً إلى أنه من المتوقع أن تستمر هذه الإجراءات في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي مدعومًا باستمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، إضافة إلى استمرار التدابير الرامية إلى تعزيز تأسيس ونمو الشركات والمشاريع التي تدعم أنشطة وعمليات التنويع الاقتصادي، بجانب المبادرات الخاصة بتطوير قطاع سوق رأس المال.

مقالات مشابهة

  • “فيتش”: “إسرائيل تعاني من ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي “
  • وكالة ستاندرد آند بورز تؤكد التصنيف الاستثماري لسلطنة عُمان عند BBB-
  • 1.2 تريليون درهم.. أبوظبي تسجل أعلى ناتج محلي في تاريخها
  • رئيسة وزراء إيطاليا: نعمل مع المملكة المتحدة لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة
  • نمو الناتج الصناعي لليابان بنسبة 5ر2 % خلال الشهر الماضي
  • التموين: تعديل مواعيد المخابز البلدية الأساسية بالسويس
  • فقر الأطفال يسجل مستوى قياسيا جديدا في المملكة المتحدة
  • إيران تكشف عن القاعدة العسكرية التي ستضربها في حال تعرضها لهجوم أميركي
  • الأمطار الأخيرة تحسّن الموسم المطري في بعض مناطق المملكة
  • هدية خاصة من نقابة الأطباء لأعضائها بعد عيد الفطر