قصص مؤثرة يرويها معتقلون أضربوا عن الطعام بعهدي بورقيبة وبن علي (شاهد)
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
يخوض معتقلون سياسيون إضرابا عن الطعام، احتجاجا على استمرار احتجازهم دون محاكمات، على وقع القضايا التي اتهموا بها عقب الانقلاب الذي نفذه الرئيس التونسي قيس سعيد، على الحكومة والبرلمان، في خطوة تذكر بإضرابات جرت في عهدي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
وعاش المعتقلون السياسيون التونسيون، محطات سابقة مع الإضرابات عن الطعام، في عهدي بورقيبة وبن علي، وتحدثوا عن إجرائها عشرات المرات، وخاضها في حينه مئات المعتقلين، للحصول على حقوق إنسانية وحياتية داخل السجن وخارجه في بعض الأحيان.
وتسببت بعض الإضرابات التي نفذها المعتقلون والسياسيون التونسيون، في ضجة عالمية، وتسليط الضوء على ملف الاعتقال السياسي والحريات العامة في تونس، وخلقت حرجا للنظام، اضطر في بعضها إلى خوض مفاوضات مع المضربين من أجل إنهائه والوصول إلى حل للأزمة.
ويعد إضراب عام 2005 في تونس، أحد أشهر تلك الإضرابات عن الطعام، واختارت شخصيات معارضة ومنظمات مجتمع مدني، تنفيذه بالتزامن مع استضافة تونس، لمؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات، والذي كان من المقرر أن يشارك فيه رؤساء دول وشخصيات سياسية كبيرة.
وتسبب الإضراب عن الطعام في حينه، في حرج كبير لنظام زين العابدين بن علي، وبسببه قاطع رؤساء الدول والحكومات الأوروبية المؤتمر، كما ألغت وزيرة الخارجية الأمريكية في حينه كونداليزا رايس زيارتها لتونس، فضلا عن بيانات خرجت من الخارجية الأمريكية، وغيرها من الدول، تعبر عن خيبة الأمل مما يقوم به النظام التونسي، تجاه المعتقلين السياسيين، ومنظمات المجتمع المدني وتضييقه على الحريات.
ونجح الإضراب بعد دعوات من نظام بن علي للمعارضة، للتفاوض، بسبب الضغوط التي مارستها المستشاريات الأوروبية عليه، بفعل حركة الاحتجاج الواسعة التي وقعت في حينه.
وروى عدد من المعتقلين السياسيين السابقين في تونس، لـ"عربي21" شهادات عن إضرابات خاضوها، والظروف التي رافقتها، والإنجازات التي تمكنوا من تحقيقها، بعد الضغط على النظام، بواسطة حرمان أنفسهم من الطعام، رغم الأعراض الصحية التي تعرضوا لها ورافقت عددا كبيرا منهم حتى الآن.
إضراب لاستعادة الزواج
واستعرض المعارض التونسي والسجين السياسي السابق، علي النفاتي، جانبا من الإضرابات بسجون بن علي، وقال، إنها بالمجمل وقعت لتحسين الظروف الحياتية داخل السجن، ووقف الاضطهاد الممنهج ضد المعتقلين.
وأوضح لـ"عربي21" أن الإضرابات تنوعت بين تلك التي خاضها أفراد، أو مجموعات من المعتقلين، وفي بعض الأحيان لم تقتصر على سجن واحد بل شملت كل السجون.
وقال النفاتي، إن أحد أشد الإضرابات عن الطعام، التي شهدها، كان تحت شعار الصلاة، جراء قرار من الإدارة العامة للسجون، بمنع صلاة الفجر في وقتها، مشيرا إلى أن الرد كان جماعيا، وفي كافة السجون، بإضراب قاس عن الطعام، انتهى برضوخ الإدارة، بعد نحو أسبوع من صدور القرار، وعودة الوضع إلى طبيعته.
ولفت إلى أن المعتقلين كذلك خاضوا إضرابا حمل شعار "التصنيف"، كان يتعلق بتفريق المعتقلين السياسيين، وبعد الشروع في الإضراب، رضخت إدارات السجون، وقامت بتجميع السياسيين في غرف خاصة بهم، دون الجنائيين، وكان أغلب المعتقلين من حركة النهضة آنذاك.
كما أشار إلى حدوث إضرابات لوقف التنكيل بالمعتقلين وعائلاتهم، الذين ينقلون إلى سجون خارج ولاياتهم، من أجل جعل فكرة زيارتهم مشقة للأهالي، مضيفا أنه وبعد أسبوع من التوقف عن الطعام والشراب من كافة المعتقلين، عادت إدارة السجون عن قرارها من أجل وقف الإضراب.
وروى النفاتي، قصة خوضه العديد من الإضرابات عن الطعام، من أجل إعادة كتابة عقد زواجه على زوجته، والتي سلمها الأمن وثيقة تقول إنني قمت بتطليقها، ليحرمها من زيارتي مدة 7 سنوات متواصلة.
وتابع: "كانت تحضر إلى السجن مع أولادي، فيقوم الأمن بإدخالهم وتبقى هي في الخارج بحجة أنها ليست على صلة بي"، مضيفا: "لم أفلح في كتابة عقد الزواج مجددا، إلا بعد مغادرتي السجن عام 2006".
وحول وسائل إدارات السجون في محاولة كسر الإضراب، قال النفاتي، إن السجانين كانوا يلجأون للضرب، والتهديد والنقل من سجن لآخر بعيد، والعزل الانفرادي، واللجوء للإطعام بالقوة، ومنع العائلات من الزيارة، مشددا على أن الإضرابات الشاملة كان تجبر إدارة السجن على الرضوخ.
نزيف في الأمعاء
من جانبه يروي وزير الصحة التونسي السابق عبد اللطيف مكي، جانبا من الإضرابات عن الطعام التي خاضها في عهد بن علي، للحصول على حقوق حياتية وإنسانية.
وقال مكي لـ"عربي21" إنه خاض 5 إضرابات، انتهى 4 منها، إلى دخوله المستشفى، بعد إصابته بنزيف في الأمعاء.
وأوضح أن أحد الإضرابات شاركت فيه عشرات الشخصيات المعارضة، واضطر بن علي للتراجع وإجراء مفاوضات مع المضربين، وانتهى بانتصارهم.
ولفت إلى حدوث إضرابات لأجل العزل الانفرادي، وإضرابات تتعلق بالمحاكمات العسكرية، وبعض الإضرابات لأجل الحصول على كتب، وقال إنه خاض إضرابات عن الطعام من أجل السماح له بتقديم أطروحات الدكتوراه، والتي نجح فيها.
وأشار إلى أن هذه الوسائل القاسية في الاحتجاج، رغم ما تخلفه من آثار صحية على أجساد المعتقلين، إلا أن الكثير منها انتهى بإنجازات ومن إحداها، رفع الحظر الأمني المفروض ضد توظيف المعتقلين السياسيين السابقين، وهو ما أنهاه أحد الإضرابات.
قطعة شوكولاتة
بدوره قدم الناشط السياسي المعارض، عز الدين بن مبارك، وهو والد الناشط المعتقل جوهر بن مبارك، شهادته عن الإضرابات عن الطعام في السجون التونسية، إبان حقبة الحبيب بورقيبة.
وقال بن مبارك لـ"عربي21" إنه خاض ما يقارب من 33 إضرابا عن الطعام، مع مجموعة كبيرة من المعتقلين، في الفترة ما بين 1973- 1979 في سجن برج الرومي، وكانت الإضرابات متفاوتة في المدد، فبعضها لمدة يوم، وبعضها أسبوع وأحيانا نصف شهري وأكثر من ذلك.
وأشار إلى أن بعضها نجح في إدخال الأسرة إلى السجون، ويومها حاولت إدارة السجون خلخلة الإضراب عبر إدخال الأسرة لبعض المعتقلين، من أجل إحداث فتنة، لكن رفض المعتقلين لها، أجبرهم على إدخالها للجميع.
وأضاف بن مبارك، أن بعض الإضرابات اشترطنا فيها دخول وسائل الإعلام إلى السجون، في عام 1976، وقال: "كانت فرحة عارمة للمعتقلين، حين كشفنا أمام الرأي العام عن أوضاعنا وشاهدنا الجميع حينها".
وروى قصة مع ابنه جوهر المضرب حاليا، حين كان صغيرا وزاره في إحدى المرات خلال اعتقاله، وقال، "قدم لي يومها الشوكولاتة خلال الزيارة، فأخبرته أنني صائم فاستهجن صيامي طيلة اليوم، لكنه لاحقا فهم معنى الإضراب عن الطعام، لذلك هو يعرف معنى الاحتجاج الذي يخوضه اليوم".
وحول إضراب المعتقلين الحالي، والذي يتواجد فيه ابنه، قال المعتقل التونسي السابق، إنه نجح بنسبة 75 بالمئة، مشددا على أن الإضراب ليس حربا أو معركة طاحنة، لكنه وسيلة تحريك للقضية داخليا وخارجيا، أمام ما يعانيه السياسيون من جور القضاء التونسي.
وتابع: "الإضراب اليوم وحد القوى التونسية، ضد الانقلاب، وخلق حدثا رغم أنف المنقلب وزبانيته، وها هو يتوسع عالميا، ويجمع حوله العديد من الشخصيات، الوطنية، وهو مكسب حقيقي لتونس وحرياتهم، ضد القمع الذي يمارسه المنقلب".
وكان معتقلو ما يعرف بقضية التآمر في تونس، بدأوا في الإضراب عن الطعام، اعتبارا من الاثنين الماضي، لينضموا إلى الناشط جوهر بن مبارك ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذين سبقوهم في الإضراب عن الطعام، احتجاجا على القمع واستمرار الاعتقال.
وقالت "هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين بتونس"، إن "خمسة من القادة السياسيين المعتقلين دخلوا في إضراب عن الطعام بداية من صبيحة الاثنين لينضموا إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي أعلن بدء إضراب الجمعة".
وأضاف محامي الدفاع لـ"عربي21" أن الإضراب يأتي "احتجاجا على المظلمة القضائية المستمرة بعد إيقافهم في السجن منذ أكثر من 7 أشهر في الملف المفبرك ضدهم على خلفية نشاطهم السياسي المعارض للسلطة".
وتوجه المعتقلون وفق بيان لهيئة الدفاع عنهم بنداء إلى "كل الديمقراطيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والحرية داخل تونس وخارجها، ليعبّروا عن رفضهم استمرار احتجازهم التّعسّفيّ ويطالبوا بوقف توظيف القضاء في الخصومات السّياسيّة".
وأعلنت عائلات المعتقلين المضربين عن الطعام، البدء في اعتصام مفتوح، في مقر الحزب الجمهوري، تضامنا مع أبنائهم، داعين إلى خوض إضراب عن الطعام غدا الخميس، لتفعيل قضيتهم والإفراج عنهم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية التونسي السجون تونس إضراب عن الطعام سجون سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعتقلین السیاسیین الإضراب عن الطعام إضراب عن الطعام بن مبارک فی تونس بن علی من أجل إلى أن
إقرأ أيضاً:
وفاة أسيرين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية
أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، اليوم الجمعة، عن وفاة أسيرين في السجون الإسرائيلية هما سميح سليمان محمد عليوي (61 عاما) من نابلس وأنور شعبان محمد اسليم (44 عاما) من غزة.
وأضافت الهيئة، أن الشهيد عليوي واستنادا للمعطيات التي توفرت، استشهد في 6/11/2024، وذلك بعد ستة أيام على نقله من عيادة سجن (الرملة) إلى مستشفى "أساف هروفيه" علما أنه كان محتجزا قبل سجن (الرملة) في سجن (النقب)، ولم تعلن إدارة السجون عن استشهاده رغم أنها ملزمة بذلك، أما الشهيد أنور اسليم فقد ارتقى أمس 14/11/2024 خلال عملية نقله من سجن (النقب) إلى مستشفى "سوروكا" بعد تدهور طرأ على وضعه الصحي.
وأوضحت الهيئة والنادي، أن الأسير عليوي معتقل إداريا منذ 21 أكتوبر 2023، واستنادا لزيارة أجراها محامي هيئة الأسرى له في تاريخ 21 أغسطس 2024 في سجن (النقب)، فقد ذكر أنه يعاني قبل اعتقاله من عدة مشاكل صحية نتيجة إصابته بورم حميد في الأمعاء قبل سنوات، أما الأسير أنور اسليم من غزة، فهو معتقل منذ 8/12/2023، ولم يكن يعاني من أية مشاكل صحية قبل اعتقاله.
وفي تفاصيل الزيارة التي تمت للأسير عليوي في شهر أغسطس المنصرم، ذكر للمحامي أنه كان يعاني أوضاعا صحية صعبة قبل اعتقاله، وقد خضع لعدة عمليات جراحية خلالها تم استئصال جزءا من أمعائه جراء إصابته بورم حميد في حينه، وكان من المفترض أن يجري عملية جديدة في شهر ديسمبر 2023، إلا أنها لم تتم بسبب اعتقاله، الأمر الذي فاقم من وضعه الصحي.
وأكد في إفادته للمحامي: "أنه تعرض كما العديد من الأسرى لعمليات تنكيل، واعتداءات متكررة خاصة خلال عملية نقله إلى العيادة، وعلى الرغم من مرضه وحالته الصحية الصّعبة، إلا أنهم كانوا يخرجونه للعيادة مقيد، ويتم التنكيل به، وأضاف أنه فقد من وزنه حتى تاريخ الزيارة أكثر من 40 كغم، ولم يعد قادرا على تناول لقيمات الطعام التي تقدم لهم، كما أنه لم يحصل على أي علاج بالمطلق منذ اعتقاله.
يذكر أن عليوي أسير سابق أمضى ما مجموعه في السجون الإسرائيلية نحو عشر سنوات، وقد بدأت رحلة اعتقالاته منذ عام 1988، وهو متزوج وأب لتسعة من الأبناء، كذلك الأسير اسليم فهو متزوج وأب لأربعة من الأبناء.
وأكد البيان أن الأسيرين عليوي، واسليم تعرضا لجريمة ممنهجة، كما كافة الشهداء الأسرى، من خلال سياسة القتل البطيء والتصفية التي تنتهجها منظومة السجون بحق الأسرى على مدار عقود طويلة.
ولفتت الهيئة والنادي إلى أن استمرار الأوضاع الكارثية التي يواجهها الأسرى ومنهم المرضى والجرحى بشكل خاص، من المؤكد أنه سيؤدي إلى استشهاد المزيد من الأسرى في سجون الاحتلال ومعسكراته.
وأشارت الهيئة والنادي، إلى أنه وباستشهاد الأسيرين عليوي، واسليم فإن أعداد الشهداء الأسرى المعلومة هوياتهم منذ عام 1967، ارتفع إلى (280) وبعد تاريخ السابع من أكتوبر 2023 ارتفع إلى (43)، ممن تم الإعلان عن هوياتهم من قبل المؤسسات المختصة.
وحملت هيئة الأسرى ونادي الأسير، إسرائيل كامل المسؤولية عن وفاة الأسيرين عليوي، واسليم.
وجددت الهيئة والنادي مطالبتهما للمنظومة الحقوقية الدولية بوقف "حالة العجز المرعبة التي تلف دورها أمام جرائم حرب الإبادة، والجرائم التي تنفذ بحق الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي".