بعد أن صدر المرسوم رقم 2.23.819 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع وزارة التربية الوطنية،  لاحظت ردود فعل تتسم بملامح الغضب عند بعض الفئات العاملة بالقطاع والتي عبرت عبر بياناتها عن عدم الرضى والضجر الأسود، وذهبت إلى اتخاذ برامج نضالية…

وفي هذا الإطار أذكر من الغاضبين على سبيل المثال لا الحصر لجنة التسيق الوطني لقطاع التعليم(تضم 11 هيئة ) والجامعة الوطنية للتعليم FNE، والجامعة الوطنية لموظفي التعليمUNTM، والتنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي، والجمعية الوطنية للحراس العامين والنظار ورؤساء الأشغال ومديري الدراسات، والجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب وغيرهم …

أقف عند هيئة تستعد هي الأخرى خروج بمواقف نضالية ربما قد تكون هذه الأخيرة غير مسبوقة، ويتعلق الأمر بهيئة المتصرفين العاملين بقطاع التربية الوطنية.

هذه الهيئة تضل مهضومة الحقوق منذ زمن بعيد سواء تعلق الأمر بحقوقها داخل القطاع أو على مستوى حقوقها  المشتركة بينها وبين متصرفي القطاعات الوزارية الأخرى.

فمشروع النظام الأساسي الجديد كرس الكيف والظلم، فعوض أن يستدرك الأمر، ويلتفت إلى هذه الهيئة التي تعتبر من الركائز الثابثة والمهمة داخل القطاع، أعمى لها عينها بل أقل ما يقال عنه (المشروع) هو قيامه بإدلالها وإهانتها.

فقد أقدم المشروع على إقحام الهيئة ضمن النظام الأساسي الجديد من خلال مادة واحدة ووحيدة مشؤومة مليئة بالثغرات القانونية وبعيدة عن التصور الهندسي وما يمليه القانون المنظم للمتصرف كما سأبين ذلك.

 وقبل ذلك، أشير إلى مصطلح “التوحيد” على شكل عنوان جاءت به المذكرة التقديمية للمشروع   كمرتكز بين المرتكزات التي اعتمدت عليها  وعرفته أن “سيران مقتضيات النظام الأساسي الجديد  على جميع موظفي القطاع…”.

لكن، وأنا أتمعن في ما جاءت به هندسة الأطر وفق الهيئات الجديدة وأيضا ما تفضلت به مقتضيات مواد مشروع النظام الأساسي وخاصة مواد الباب الثاني المتعلق بالهيئات والمهام (من المادة 9 إلى المادة 33) لم أجد ولو بإشارة لإسم المتصرف، لذلك تساءلت عن أي توحيد قصده المشروع؟ وهل المتصرف العامل بقطاع التعليم يعتبر “مستعارا” تقضى به الحاجة؟ أم هو ابن الدار دون منحه أي حقوق من الحقوق؟

وبالرجوع إلى عملية إقحام المتصرف ضمن مشروع النظام الأساسي، فقد يمكن أعتباره ليس عيبا لو أن المشروع أعطاه قليلا من القيمة والاعتبار، والتزم بمقتضيات المرسوم رقم 2.06.377 بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة المتصرفين المشتركة بين الوزارات، كما فعلت بعض الوزارات عندما أرادت أن تدمج المتصرف داخل قطاعها، بحيث أنه بالإضافة أنها  أعطته مكانا يتلاءم مع الاختصاصات الموكولة إليه طبقا للقانون المنظم لذلك. وأذكر في هذا الشأن قطاع وزارة العدل التي أنصفت المتصرف وأدمجته في إطار  منتدب قضائي والذي أقل ما يقال عنه أنه يليق بمقامه، وكذلك وزارة الشغل التي سمحت له بولوج جهاز التفتيش…

أما المشروع المُغْضِب (النظام الاساسي)  في رأيي  لم يقتصر  بهضم فحسب لحقوق المتصرف، والذي بالمناسبة يقوم بأدوار  جسيمة وكبيرة بمعية باقي الفئات الأخرى في مجال تدبير المنظومة التربوية، وعدد كبير من المتصرفين موجودون في مناصب المسؤولية، بل أحطّ (المشروع) من كرامته وجعله زنبيلا ومنديلا بعدما كان ممكن أن يجعل منه قنديلا أسوة بفئاة مماثلة استطاعت أن تنزع حقوقها من زمن…

فالمشروع أقحم هيئة المتصرفين دون أي إشارة إلى تحديد مهامهم كما تم ذلك مع الموظفين المنتمين للقطاع في تناقض تام مع ما جاءت به مرتكزات المذكرة التقديمية للمشروع وهذا ما يمكن اعتباره عيبا واضحا لأقل ما يمكن أن يتضمنه  لضمانة صيانة كرامة المتصرف.

 فكان على المشرّع الرجوع  إلى المادة 3 من المرسوم 2.06.377 التي نصت  على:” يقوم المتصرفون بمهام التأطير والإدارة والخبرة والاستشارة والمراقبة في إدارات الدولة ومصالحها اللاممركزة.

وفي هذا الإطار، يمارس المتصرفون تحت سلطة رئيس الإدارة، مهام:

* تصور وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية ؛ * تنشيط وتأطير وتنسيق مصالح الإدارة المعنية وتطوير قدراتها التدبيرية؛ * إعداد البرامج والمخططات التنموية القطاعية ؛* تأطير الموظفين والأعوان الموضوعين تحت سلطتهم وتكوينهم وإعادة تأهيلهم.

تحدد، عند الاقتضاء، المهام ذات الطابع القطاعي وشروط ممارستها، المسندة للأطر المكونة لهيئة المتصرفين، بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية باقتراح من رئيس الإدارة المعني.”

فحيث أن مشروع النظام الأساسي أدخل  هيئة المتصرفين ضمن مقتضياته، فكان الأولى والأنسب تحديد مهامها انطلاقا من المادة 3 المذكورة أعلاه وكان عليه أيضا استثمار فقرتها الأخيرة بإدراج مهام أخرى تخص المتصرف مثل إعطائه الأولوية في إسناد بعض مناصب المسؤولية التي تتطلب مؤهلات تدبيرية في المجال الإداري والقانوني؛ القيام بتأطير الموظفين والأعوان الذين  يوجدون تحت سلطاتهم؛ إنجاز برامج للتكوين في مجال التدبير  الإداري والقانوني وتكليفهم بتنفيذها؛ المشاركة في لجان البحث الإدارية المركزية والجهوية والإقليمية؛ إنجاز الدراسات والمخططات ذات الصبغة الإدارية والعمل على بلورتها؛ القيام بمهام تنسيق التفتيش الجهوي في الشؤون الإدارية؛ المشاركة في مهام الموظفين المحلفين المنتمين للقطاع.

للأسف الشديد، المشروع لم يلتفت إلى هيئة المتصرفين التي لا يتجاوز عدد موظفيها وطنيا الألف، فكان بالإمكان، من بين ما يمكن اقتراح، إدماج المتصرف في إطار مفتش الشؤون الإدارية  مما سيجعله يتناسب مع مقتضيات المادة 3 من النظام الأساسي للمتصرفين، لكن المشروع أخذ اتاجه آخر المتجلي في إمكانية الإدماج في إطار ممون والذي لا تربطه أي صلة تكوينية مع إطار متصرف. فلعل الوزارة الوصية، ونظرا للخصاص المهول في صفوف إطار ممون،  هي من اقترحت هذا النوع من الإدماج وباركته(بكل أسف) النقابات الأكثر تمثيلا للقطاع.

فالإدماج المقترح هو إدماج براكماتي لملإ الخصاص وليس خدمة لمصلحة المتصرف وبالتالي المصلحة العامة، وما يعلل ذلك ما تفضلت به الفقرة الثانية من المادة 77 للمشروع حيث أكدت على أنه يتم الإدماج بطلب من المعني وموافقة الإدارة بناء على حاجياتها…

أشير أيضا أن مشروع النظام الأساسي مليء بالخرقات القانونية ملفتة النظر، فعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر، منها ما يلي:

نصت المادة 19 من مشروع النظام الأساسي على أن إطار ممون يشتمل على ثلاث درجات: الدرجة الثانية (السلم10) والدرجة الأولى (السلم 11) والدرجة الممتازة (خارج السلم)

في حين المادة 4 من المرسوم 2.06.377 بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة المتصرفين المشتركة بين الوزارات تنص على أن هيئة المتصرفين تشتمل على ثلاث درجات: متصرف من الدرجة الثالثة (السلم 10)، والمتصرف من الدرجة  الثانية (السلم 11) والمتصرف من الدرجة الأولى (خارج السلم)؛

فالخرق القانوني الواضح تم وضعه في المادة 77 عندما أراد المشرع دمج المتصرف في إطار ممون، بحيث سيتم دمج إطار المتصرف من الدرجة الثانية (السلم 11) في إطار ممون من الدرجة الثانية (السلم 10)،

وبنفس الخطأ ،واستنادا أيضا إلى جدول المادة 77 من المشروع، سيتم دمج إطار المتصرف من الدرجة  الأولى (خارج السلم) في إطار ممون الدرجة الأولى (السلم11)

كما أن المادة 40 لا تنص على الممون من الدرجة الثانية الوارد ذكرها في المادة 19 من المشروع، ولم تشر  كيف سيتم تعيينها؟

فهل هذه الأخطاء القانونية وغيرها سقطت سهوا أم أنها مقصودة؟  ولماذا لم يتم الاتفات إليها من طرف السادة الخبراء خاصة وأنهم عقدوا أكثر من 20 لقاء؟

أختم وأقول، إن المتصرف له مكانته الاعتبارية داخل القطاع وداخل القطاعات الوزارية الأخرى وله ملفه المطلبي ناضل عليه منذ زمان طويل  وسيضل يناضل عليه ولا يمكن إهانته بهذا الشكل الواضح والبواح ولا يمكن أن يكون “عجلة الاحتياط أو النجدة”. فكان على الجهات الموقعة  على المشروع (وأخص بالذكر النقابات) أن تدافع حتما  عنه وترفع من قيمته وتأخذ بعين الاعتبار مطالبه  تقحمها سواء من خلال هذا المشروع أو برفعها إلى الجهات الإدارية الموقعة أيضا على المشروع وأخص هنا وزارة الاقتصاد والمالية والوزارة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة المعرقلين، منذ زمان، لتحسين وضعية المتصرف  ..

عبد العزيز الطاشي

عضو سابق باللجن المركزية متساوية الأعضاء للمتصرفين عن نقابة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: مشروع النظام الأساسی الدرجة الثانیة داخل القطاع

إقرأ أيضاً:

الثلاثاء .. نقابة الصحفيين تناقش مشروع قانون العمل الجديد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت نقابة الصحفيين عن تنظيم مائدة مستديرة حول "مشروع قانون العمل الجديد" بعنوان "من أجل قانون عمل عادل"، وذلك يوم الثلاثاء المقبل في تمام الساعة السادسة مساءً.

 

المشاركون في المائدة المستديرة يشملون:
- د. أحمد حسن، الذي سيترأس المائدة وهو وزير العمل الأسبق.
- م. إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب.
- كمال عباس، مدير دار الخدمات النقابية والعمالية.
- الخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني.
- النائب أحمد بلال، عضو مجلس النواب.
- عدد من أعضاء مجلس النقابة.
- ممثلين عن الزملاء المفصولين والمؤقتين.
- عدد من الزملاء الصحفيين المهتمين بقانون العمل، من بينهم هشام فؤاد، مصطفى بسيوني، وإيمان عوف.

الدعوة عامة ومفتوحة لجميع الزملاء الصحفيين المهتمين بالموضوع.

تُركز مائدة النقاش التي نظمتها نقابة الصحفيين حول "مشروع قانون العمل الجديد" على عدة نقاط أساسية تتعلق بمصلحة الصحفيين وتأثيرات المشروع المحتملة عليهم. من بين هذه النقاط:

1. تأثير المشروع على الصحفيين: كيف يمكن للقانون أن يؤثر على شروط العمل داخل مؤسسات الصحافة، بما في ذلك الأوقات العمل والأجور وحقوق العمال.

2. رؤية نقابة الصحفيين: كيف يمكن للنقابة أن تساهم في تحسين القانون بما يخدم مصالح الصحفيين، وذلك من خلال اقتراحات للتعديلات والإضافات التي قد تكون ضرورية لحماية حقوق العمل والحريات الصحفية.

3. فلسفة المشروع: تحليل الأسس والأهداف التي يقوم عليها مشروع قانون العمل الجديد، ومدى ملاءمتها للسياق الصحفي وللمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحالية.

4. مراحل التطور والطبعات المختلفة: فهم مراحل تطور المشروع حتى الآن والتعديلات التي تمت عليه، مع التركيز على النسخ الأخيرة من المشروع والتغييرات المقترحة.

5. حق العمل والأجر العادل: مناقشة كيفية ضمان حق الصحفيين في العمل الكريم والحصول على أجور عادلة ومناسبة لجهودهم ومهاراتهم.

6. أوضاع النساء والمرأة العاملة: استعراض التحديات التي تواجه النساء في مجال الصحافة وكيف يمكن للقانون أن يدعم حقوقهن ويحميهن من التمييز والظروف غير العادلة.

7. التنظيم والمفاوضة: دور النقابة في تعزيز التنظيم المهني للصحفيين وفعاليتهم في عمليات المفاوضة مع أصحاب العمل لضمان حقوقهم.

تهدف المائدة إلى تحديد مطالب الصحفيين من القانون الجديد في حال تمت الموافقة عليه، وتحديد التوجهات التي ينبغي أن تتبناها النقابة للتأثير في صياغته بما يعكس مصالح المهنة بشكل فعّال.

مقالات مشابهة

  • التوجيهي العلمي غاضبون من امتحان الرياضيات
  • المشروع 2025.. خطة ترامب لحكم أميركا مجددا
  • أستاذ اقتصاد يكشف جهود الدولة لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة عقب ثورة 30 يونيو (فيديو)
  • أستاذ اقتصاد زراعي: الدولة اتخذت خطوات جادة للتنمية الزراعية المستدامة (فيديو)
  • أستاذ اقتصاد زراعي: الدولة اتخذت خطوات جادة للتنمية الزراعية المستدامة
  • الثلاثاء .. نقابة الصحفيين تناقش مشروع قانون العمل الجديد
  • عمومية القوى تعتمد النظام الأساسي وتناقش شروط عضوية مجلس الإدارة
  • لتذليل المعوقات والصعوبات.. مجلس النواب يقر تعديلات قانون إنشاء هيئة المحطات النووية
  • إطلاق طلب عروض دولي لتنفيذ أشغال الردم العامة في إطار بناء الملعب الكبير للدار البيضاء
  • تفاصيل اجتماع نقل النواب بشأن قانون تمويل الميناء الجاف والمركز اللوجستي