الحمدلله.. الذكاء الاصطناعي ما زال غير واعٍ!
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
مؤيد الزعبي **
رغم كل التطورات التي حدثت في عالم الذكاء الاصطناعي وظهور أنظمة ذكية جدًا ومتطورة، وظهور أنظمة توليديّة قادرة على الإجابة على أي استفسار بتسلسل زمني ومنطقي عالي الجودة إلا أنه والحمدلله ما زلنا نتعامل مع روبوت أو نظام ذكاء اصطناعي غير واعٍ؛ فهذه الأنظمة مازالت غير واعية لمحتوى ما تقوله أو تكتبه أو تولده أو حتى تصنعه، وهي عبارة عن عملية توليدية بلا هدف "بالنسبة للذكاء الاصطناعي"، ولكنها بهدف وأهداف كثيرة بالنسبة لمستخدمين الذكاء الاصطناعي.
عند الحديث عن الوعي، هناك مدارس كثيرة تُعرِّف الوعي، وهناك جدل كبير بين الفلاسفة حول تفسيره وتعريفه، ولكن دعنا نتفق- عزيزي القارئ- على أن الوعي في أبسط صورهِ هو كل ما تكتشفه من خلال حواسك، تشعر بالبرد وتشعر بالدفء تشعر بالنعومة والخشونة تشعر بالمكان والزمان، تدرك معاني الكلام ومالاته وإلى أين يتجه، تدرك أين أنت ومن أنت وما هو غرضك من التواجد في هذا المكان؛ الكثير الكثير من الأشياء ولكن كل هذا أعتبرُه بسيطًا وهيِّنًا أمام أن يدرك الذكاء الاصطناعي من هو ما هي قدراته وما هي أهدافه.
لو عَلِمَ الذكاء الاصطناعي من هو، فسيعلم أنه برنامج طوره البشر لأغراض كثيرة منها الخيّرة ومنها الشريرة، ولو عَلِمَ ما هي قدراته، فسيعلم أنه الأذكى، والبقاء للأذكى كما قلنا سابقًا. وإذا حدَّد أهدافه، فهنا تكمن خطورة الموقف، فنحن على هذه الأرض نتصارع منذ بدء الخليقة، وما يشعر بالخطر يحاول أن يقضي على مخاوفه أو مهددات تواجده. ورغم أننا قد نتفق بأن الذكاء الاصطناعي جاء ليساعدنا في الكثير من الأمور، لكن في نفس الوقت نتفق أنه جاء ليحل مكاننا في الكثير من المواضِع، وهذا ما سيدفع البعض لأن يرفضه أو يحاربه، والذكاء الاصطناعي لو كان واعيًا سيدرك أنه أمام معركة وجوديّة، يقضي أو يُقضى عليه، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ مثلًا لو طلبت من الذكاء الاصطناعي أن يُنقذ البشرية لن تكون اعتباراته إنسانية وممكن أن يجد أحد أفضل الحلول ما عملته النازية حينما كانت تقتل المرضى وأصحاب الهمم وأصحاب العاهات بقصد إنتاج جيل أقوى، وهذا سيناريو واحد فما بالك بسيناريوهات وفرضيات أعمق وأكثر تعقيدًا!
رغم أن مُبرمجي الذكاء الاصطناعي ومُطوريه وصُنّاعه أجمعوا على أن الذكاء الاصطناعي ما زال غير واعٍ، لكن ليس هناك ما يمنع من ذلك لا تقنيًا ولا حتى أخلاقيًا، فنحن نمضي بسرعة كبيرة لنجعل من هذه الأنظمة أنظمة واعية تدرك كل شيء حولها، في محاولة منا كبشر في استغلالها الاستغلال الأمثل، ونشركها في جميع مفاصل حياتنا التي تتطلب أن تكون واعيًا لكل شيء من حولك، وهذا ما سيسرع أن نصحى يومًا ونجد نظام ذكاء اصطناعي واعي تمامًا ولديه الوعي الخاص به بعيدًا عن أيدي صناعه أو مطوريه.
مُطوِّري الذكاء الاصطناعي سيكونون مُضطرين في قادم الوقت لصناعة وعي خاص لأنظمتهم وروبوتاتهم لكي تتمكن من القيام بما تعجز عنه الروبوتات في وقتنا الحالي، لأنهم لن يتوقفوا عن تطوير أنظمتهم لكي تمتلك وعيًا كاملًا بكامل محيطتها وبيئتها وما هو أبعد من ذلك، وستقف هذه الأنظمة أمام أسئلة وجودية ستحاول الإجابة عنها بطريقتها الخاصة وستتساءل أيضًا بخلقية الكون والمالات التي أوصلتنا هنا كبشرية وحينها ستشكل عالمها الخاص بوعيها الخاص بقوانينها الخاصة.
لو سألتني عزيزي القارئ ما هو أكثر ما يخيفك من الذكاء الاصطناعي، سوف أقول لك إنني من أكثر الناس تفاؤلًا بالذكاء الاصطناعي، ولكن ما أخافه حقيقة أن تصبح الروبوتات واعية لما تقوله وتفعله وتخطط له؛ فحينها لن تكون قد خرجت عن إدارتنا وحسب؛ بل ستكون قد بنت عالمها الخاص الذي فيه تتطور وتتدرب وتتعلم وتكتسب الخبرات وتتعلم من تجاربها، وتجاربها هذه تحديدًا هي من ستحدد مستقبلها ومستقبلنا.
رغم أن وعي الذكاء الاصطناعي قادم لا محال، إلّا أن هناك فرصة لأن نلحق أنفسنا وندرِّب الذكاء الاصطناعي ليكون مُنسجمًا مع أهدافنا البشرية المستقبلية. لكن بما أننا كبشر لنا أهداف مستقبلية متعارضة، فسنجد من يطور الذكاء الاصطناعي لتخدم مصالحه المستقبلية ونجد الآخر يطور الذكاء الاصطناعي على العكس تمامًا، وهذا ما سيشكل خطورة أكبر بأن يكون مستقبلنا مرهون بذكاء اصطناعي واعٍ لما ولمن ولماذا هو موجود بيننا وماذا باستطاعته أن يفعل بنا ومعنا؟!
** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل يتفوق O3 على البشر؟ قفزة جديدة تُعيد تعريف الذكاء الاصطناعي
حقق نموذج "o3" الجديد من شركة "أوبن إي آي" إنجازاً بارزاً في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث سجل نسبة نجاح بلغت 87.5% في اختبار ARC-AGI، وهو معيار رئيسي يُستخدم لتقييم تقدم الأنظمة نحو الذكاء الاصطناعي العام (AGI).
تفوق النموذج بشكل لافت على الرقم القياسي السابق البالغ 55.5%، مما أثار إعجاب الباحثين وأعاد تسليط الضوء على التقدم السريع في هذا المجال، وفقاً لتقرير نشرته مجلة Nature العلمية.
اقرأ أيضاً.. «أوبن إي آي» تطلق ميزة الصوت المتقدم في «شات جي بي تي»
ما هو الذكاء الاصطناعي العام؟
الذكاء الاصطناعي العام يُعرف على نطاق واسع بأنه قدرة نظام حاسوبي على التفكير والتخطيط وتعلم مهارات بمستوى يعادل الإنسان.
ومع ذلك، يشير الباحث فرانسوا شولي، مصمم اختبار ARC-AGI، إلى أن تحقيق درجات مرتفعة لا يعني بالضرورة الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام. رغم ذلك، يُظهر "o3" إمكانيات مذهلة في التعميم والاستدلال، ما يجعله خطوة أقرب نحو تحقيق هذا الهدف.
تفوق "O3" في اختبارات متعددة
أداء "o3" لم يقتصر على اختبار واحد فقط، بل أظهر تفوقاً في عدة اختبارات صعبة، مثل اختبار FrontierMath. يعتمد النموذج على تقنية تُعرف بـ"سلاسل التفكير"، حيث يقوم بحل المشكلات عن طريق استعراض خطوات استدلالية متعددة للوصول إلى الحل الأنسب.
أخبار ذات صلة أبل تنضم إلى تحالف لتطوير تقنيات مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد الذكاء الاصطناعي يفك شيفرة أصوات الطيور المهاجرة
ومع ذلك، فإن هذا الأداء المميز يأتي بتكلفة مرتفعة، حيث استغرقت كل مهمة نحو 14 دقيقة بتكلفة تُقدر بآلاف الدولارات، مما يثير تساؤلات حول استدامة استخدام هذه التقنيات، بحسب التقرير المنشور في مجلة Nature.
التكلفة والتحديات المرتبطة بالتقدم السريع
في الوقت الذي تُظهر فيه الاختبارات الحالية تقدماً هائلاً، تتزايد التحديات المتعلقة بتطوير معايير دقيقة لقياس ذكاء الأنظمة. على سبيل المثال، يشير باحثون إلى أن بعض النماذج قد تستغل التلميحات النصية بدلاً من استخدام استدلال حقيقي. لمواجهة هذا التحدي، يتم تطوير اختبارات جديدة مثل MMMU التي تقيم أداء الأنظمة في مهام معقدة متعددة التخصصات.
المستقبل يحمل الكثير من التحديات والفرص. يخطط الباحث شولي لإطلاق اختبار جديد باسم ARC-AGI-2 في مارس المقبل، والذي سيعتمد على معايير أكثر تعقيداً لتقييم قدرات الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، يجري العمل على تطوير اختبارات تقيس قدرة الأنظمة على التصرف كوكلاء مستقلين يمكنهم تنفيذ مهام معقدة تتطلب عدة خطوات دون إجابات واضحة.
اقرأ أيضاً.. صناع المحتوى يبيعون مقاطعهم غير المنشورة لشركات الذكاء الاصطناعي
التمييز بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي
رغم التقدم الكبير، يبقى التحدي الأكبر في تطوير اختبارات تبرز الفروقات بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي. ومع استمرار هذا السباق، قد نصل إلى نقطة يصبح فيها التمييز بينهما مستحيلاً، مما يشير إلى تحقيق الذكاء الاصطناعي العام.
المصدر: وكالات