جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-23@02:39:15 GMT

التوعية قبل التغليظ

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

التوعية قبل التغليظ

 

محمد بن رامس الرواس

"أم" تتجه نحو مركبتها بمواقف السيارات، فجأة جاء من خلفها طليقها وغرس بجسدها عشرات الطعنات بوحشية وهو في حالة هيستيرية ولاذ بعدها بالفرار من مسرح الجريمة تاركًا ضحيته غارقة في دمائها".. هذا ليس مشهدا من تمثيلية أو مسرحية تلفزيونية، إنما جزء من قصة واقعية جميعنا قرأ مقتل هذه السيدة العُمانية نتيجة خلافات أسرية في بداية شهر ديسمبر 2022.

مجتمعنا العُماني الآمن يلفظ مثل هذه الأفعال ولا يُقرها، وما قد تحتاجه مع العقوبة المناسبة مزيد من التحصين القانوني والوعي المجتمعي لأجل غرس وتبيان مآلات مرتكبي الجريمة بشتى أنواعها، فالأصل في مجتمعنا عدم الانحراف عن الطريق المستقيم، وما حدث من تداعيات خاصة في جرائم القتل وإن كانت قليلة جدًا يجب أن تواجه بحملات إعلامية لدرء هذه المفسدة قبل أن تستشري بدوافع الانتقام أو السرقة أو الحقد أو الطمع.

تشّكل الجرائم بشتى أنواعها وأصنافها أحد أهم المشاهد العامة في الحياة اليومية بالمجتمعات البشرية بحسب البيئات والسلوكيات المختلفة لأنها بحق مشكلة معقدة من شأنها تدمير بنية المجتمعات الأخلاقية، والإحصائيات العالمية تشير إلى أرقام مخيفة من الجرائم ترتكب يوميًا، والأكثر رعبًا في الأمر هو تزايدها بشكل ملفت حتى بالمجتمعات الآمنة التي لا تعرف للجريمة سبيلًا، خاصة جرائم القتل.

والجريمة لها عدة وجوهٍ؛ منها: الاجتماعي والاقتصادي والنفسي والسياسي وهي تنقسم إلى جنايات وجنح ومخالفات، وجميع أنواع هذه الجرائم تتعارض بلا شك مع القواعد والأعراف والتقاليد والقوانين السائدة بالمجتمعات البشرية. وإمعانًا في التشخيص، فإن الجرائم الاجتماعية تتعلق غالبًا بالمال، والجرائم النفسية بالغرائز غير السويّة؛ لأنها تهدف إلى إشباع غرائز شاذة وجميعها ما تكون أفعال خارجة عن نطاق المحرمات الدينية والقانون والقيم وما أنزلت به الشرائع السماوية واتفق عليه المجتمع من محرمات.

وجميع أنواع الجرائم تصدت لها التشريعات الإلهية وأكدت السنة النبوية لسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، تحريمها ودعت الى تجنبها ونبذها. وأوصت القوانين الدولية بعدم الاقتراب منها؛ لذلك شرعت للجرائم الجزاءات والعقوبات الرادعة لمرتكبيها، وخلاصة الأمر أن الجريمة هي كل فعل أو قول يكون خارجا عن قيم القانون والأخلاق ويتسم بالانحراف الذي يكون هدفه التعدي على حقوق الآخرين سواء أفرادا أو مجتمعا أو ممتلكات الغير، وللجريمة أسباب عديدة منها غياب الوازع الديني والتربوي وغياب دور الأسرة بلا شك هو نتيجة أكيدة لحدوث الجريمة التي لا بُد وأن تجابه بعقوبات رادعة.

خلال العقود الثلاث الأخيرة أصاب المجتمعات العربية والخليجية خاصة متغيرات اجتماعية وثقافية تم استيرادها من الغرب والشرق وبسبب انفتاح وسائل التواصل الاجتماعي على مصراعيه دون رقابة كافية، فملأت اذهان الشباب خاصة بهجمات فكرية مُمنهجة كانت ولا تزال تدفهم دفعًا لارتكاب أنواع مُستحدثة من الجرائم؛ منها الإلكترونية بهدف المكاسب المادية.

ومعالجة الأمر يجب أن يتم من خلال رفع مستوى التحصين الديني والأسري والتوعية القانونية لدى النشء بالمدارس وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما بات اليوم من الضروريات، خاصة إذا صاحب هذه التوعية تبيان عاقبة الجريمة. وتوعية الشباب للتفكير الرشيد والسلوك الحسن يُبنى أولًا في الأسرة لأنها تشكل الخط الأول والأساس القوي؛ مما يسهل الأمر لزيادة جرعة التوعية بالمدارس عندها تترسخ قيم الخير.

إن الثقافة القانونية المجتمعية في السن المبكرة يُناط بها الدور المُهم والفعّال بعد الأسرة والمدرسة في توجيه الرأي العام من خلال نشر مفاهيم القيم التي من شأنها أن ينتج عنها تبيان مسببات الجريمة والظروف المصاحبة لها وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة سواء كانت برامج تلفزيونية، أو إذاعية، أو مقاطع توعوية تنتجها الجهات المختصة، أو إقامة ندوات ومؤتمرات وملتقيات لتكون حائط صد أمام الجريمة لكي يعيش المجتمع بأمان واطمئنان.

لقد أثلج صدري ما طالعته من منشور خدمة مجتمعية للدكتور محسن سليمان العامري عبر إقامته لدورة مجانية بعنوان "أهمية الوعي العام في الوقاية والكشف عن الجريمة والمخدرات" بارك الله له وبجهوده التوعوية.

والثقافة القانونية متى ما قام بها المجتمع المدني ورجال القانون والخبراء والإعلاميون والمحامون من الشباب ووضعوها في قالب ومحتوى جذاب يكون القبول والتأثير الإيجابي حليفهم خاصة عندما يسردون حالات من واقع الحياة، لأن من يحاورون هم أقرانهم وفي نفس أعمارهم فيسهل إيصال المعلومة القانونية الرادعة للجريمة، هذا بجانب قيام المؤسسات المجتمعية والتربوية والتعليمية والدينية (الوعظ والإرشاد) والجهات المختصة بنشر الثقافة القانونية بتواصل مستمر وممنهج بشكل يعزز تشخيص الحالات التي تحدث بالمجتمع من جرائم المخدرات وغيرها.

ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، فلا بُد من إجراء مسوحات بحثية للكشف عن أسباب الجرائم بالمجتمع لتحديد حجم هذه الظاهرة خاصة جرائم المخدرات وتعاطيها التي تنتشر اليوم بين الشباب.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير العدل: 12 مليون شخص توبعوا بجرائم في المغرب خلال 20 سنة

أعلن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، عن أرقام مثيرة تتعلق بالوضع الجنائي داخل محاكم البلاد، كاشفا أن حجم الجرائم تضاعف خلال عشرين سنة الماضية ثلاث مرات ليصل إلى 700 ألف قضية، وأن إجمالي عشرة ملايين قضية أسفرت عن متابعة أكثر من 12 مليون شخص.

وأوضح وهبي خلال استضافته في ندوة علمية نظمها حزب التقدم والاشتراكية مساء أمس الخميس، حول: « مشروع قانون المسطرة الجنائية: المضامين، الرهانات والآفاق »، أن عدد القضايا المطروحة في المحاكم في مجال الجرائم سنة 2002 كانت 324 ألف قضية. وفي 2022،  يتضاعف هذا العدد ثلاث مرات، ويصل إلى 700 ألف قضية.

وكشف وهبي، أن إجمالي عشرة ملايين قضية أسفرت عن متابعة أكثر من 12 مليون شخص، بمعدل سنوي يزيد عن 480 ألف قضية، وتشكل الجرائم المنظمة وفق القوانين الخاصة 84.4  في المائة، في حين بلغت نسبة الجنايات والجنح ضد الأشخاص 22.2 في المائة، وضد الأموال 15.7 في المائة، وضد الأسرة والأخلاق العامة 6.8 في المائة، وضد الأمن العام 2.5 في المائة، فيما بلغ عدد السجناء 105 آلاف سجين، فيهم  31.33 في المائة، كلهم معتقلين احتياطيين، وأكثر من 68 في المائة مدانين.

وأكد وزير العدل أيضا، أن نسبة الاعتقال الاحتياطي ارتفعت منذ سنوات بما يفوق 40 في المائة، من عدد الساكنة السجنية رغم انخفاضها الآن بـ 32 في المائة، متمنيا أن تنخفض أكثر مع  تفعيل تدابير العقوبات البديلة المتمثلة في القيد الإلكتروني.

كما كشف وهبي، أن عدد الأشخاص المدانين المقدمين للمحاكم سنة 2024 بلغ  600 ألف مواطن، فيما بلغ عدد الأشخاص الموضوعين في الحراسة النظرية، 400 ألف مواطن، وهذا يعبر حسب الوزير، على « أننا لا نثق في المواطن بأنه سيعود للمحكمة إذا خرج منها، لهذا نعتقله احتياطيا ».

 

 

كلمات دلالية ارتفاع الاعتقال الاحتياطي الجرائم عبد اللطيف وهبي متابعات وزير العدل

مقالات مشابهة

  • مسلسل عايشة الدور في رمضان.. حكاية مطلقة وأم لطفلين تنقلب حياتها بسبب ابنة شقيقتها
  • صور خاصة تدفع شابة لطلب الطلاق.. بعد 3 أسابيع زواج: «صورني صور خاصة بهاتفه وأرسلها لأهله»
  • القوى السياسية والمدنية السودانية خلال اجتماع أديس أبابا: ندين الجرائم التي ارتكبتها ميلشيا الدعم السريع
  • جرائم تحت تأثير المخدرات| أب ينهي حياة رضيعة بطريقة وحشية.. سائق توك توك يتسبب في وفاة فتاة بالمنوفية.. خبراء: المخدرات تغيّر سلوك مدمنيها وتدفعهم إلى الجريمة ومكافحتها تتطلب التوعية والرقابة المشددة
  • وزير العدل: 12 مليون شخص توبعوا بجرائم في المغرب خلال 20 سنة
  • عاجل| حماس عن جثة شيري بيباس: نتعجب من الضجة التي يثيرها الاحتلال ونطالبهم بفعل هذا الأمر
  • انطلاق مناقشات مشروع قانون العمل.. وحماية العمال بإجراءات خاصة
  • أسرة الضحية الثالثة لسفاح الإسكندرية تكشف تفاصيل جديدة بعد القبض مالك معرض سيارات متورط في الجريمة
  • الخارجية الفلسطينية تطالب الجهات القانونية الدولية تحمل مسؤولياتها تجاه جرائم الاحتلال
  • كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي