عشرات الانتهاكات الحقوقية في تونس منذ 2021 .. استهدفت معارضي سعيد
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
كشف تقرير حقوقي بأن حصيلة الانتهاكات في تونس منذ 25 تموز/ يوليو 2021 وإلى غاية نفس الشهر من سنة 2023، في تواتر كبير، وشملت سياسيين ومحاميين وصحفيين وحتى مواطنين.
ورصد التقرير نفسه، الصادر عن جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، عشرات الانتهاكات من محاكمات رأي وخاصة التي كانت على معنى المرسوم عدد 54 الذي وصفته بـ"السالب" للحريات؛ موضحا أن "الانتهاكات طالت أساسا كل الأصوات الناقدة والمعارضة لنظام الرئيـس قيـس سعيد فأصبحت "دولة الرقابة المسبقة على الحريات وانتهاك حقوق الإنسان".
وفي هذا السياق، قال ممثل جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، غيلان الجلاصي، إنه "تم رصد انتهاكات متنوعة طيلة 3 سنوات من إجراءات قيس سعيد الاستثنائية شملت صحفيين وسياسيين وحتى مواطنين؛ فهناك مواطنيين لمجرد نشرهم فيديو ينتقد قيس سعيد وجدوا أنفسهم في السجن لمدة ثمانية أشهر".
وأفاد غيلان الجلاصي، في تصريح لـ"عربي 21"، "سجلنا تراجعا كبيرا في حرية الصحافة وقمع التظاهر وهو ما يؤكد ارتفاع منسوب القمع من سنة لأخرى" مردفا بالقول "نحن نسير نحو منعرج خطير وهو ما يؤشر على إمكانية خسارة أهم مكسب تحقق بعد الثورة وهو الحقوق والحريات"؛ داعيا البرلمان، لـ"مراجعة التشريعات التي تنتهك حرية الرأي والتعبير بما فيها مجلة الاتصالات والمجلة الجزائية".
إلى ذلك، سجلت عدد من الجمعيات الحقوقية، في تقريرها، عشرات الانتهاكات التي بلغ مجموعها 47 حالـة، وتوزعت بيـن محاكمـة 10 صحفيين و7 سياسـيين و11 مــن النشــطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، و6 محامين و11 مواطنا ومواطنة وكلها حالات بسبب التعبير عن الرأي.
إلى ماذا تشير المادة 24 من المرسوم؟
أكد التقرير بأن انتكاسة حقوقية تعرفها الحريات في تونس، خاصة بعد صدور المرسوم عدد 54، حيث أنه بمجرد دخوله حيز التنفيذ أصبـح هذا المرسـوم النـص القانونـي المفضـل لـدى وزيرة العدل، من أجل "التشـفي مــن كل صوت ينتقــد أداء الحكومة أو قرارات الرئيس" بحسب تعبيرهم.
وتنص المادة 24 من المرسوم، عدد 54 لسنة 2022 الصادر في 13 أيلول/ سبتمبر الماضي، على عقوبة "السجن مدة 5 أعوام وبغرامة قدرها 50 ألف دينار (نحو 16 ألف دولار) كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان".
تجدر الإشارة إلى أن المرسوم قد واجه رفضا وتنديدا واسعا داخليا وخارجيا وطالبت مختلف الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية بإلغائه، لما يمثله من خطر معتبرين أنه سيف على رقبة كل معارض للنظام؛ فيما قدّم ممثل "جمعية تقاطع" غيلان الجلاصي، جملة من التوصيات التي وصفها بـ"المهمة للسلطة التشريعية وأولها إلغاء المرسوم عدد 54 والذي يعد "صخرة " تحطم الحقوق والحريات" وفق تعبيره.
وفي سياق متصل، قالت هيئة الدفاع عن رئيسة الحزب " الدستوري الحر" عبير موسي، إن "الاحتفاظ بها واحتجازها غير قانوني"، مشددة على أن "إخلالات إجرائية خطيرة حصلت خلال عملية إيقاف عبير موسي".
وأكد محامي الدفاع، نافع العريبي، في تصريح لـ"عربي21"، أنه "إلى حدود اللحظة لم يصل لفرع المحاميين بتونس، إعلام رسمي من الوكيل العام، بوجود تتبعات ضد عبير موسي وعليه فإن قرار وكيل الجمهورية بإيقافها باطل" على حد قوله.
وكشف الدفاع أنه "بعد قرار الاحتفاظ بعبير موسي تم نقلها لمستشفى شارنيكول بالعاصمة وفق ما علموا به من مصادر خاصة بهم دون معرفة أكثر تفاصيل" فيما تم إيقاف عبير، ومساء الثلاثاء، وتم الاحتفاظ بها 48 ساعة دون محامي، على أن تتم إحالتها على التحقيق إثر انتهاء مدة الاحتفاظ.
وخلال ندوة صحفية، الأربعاء، أوضح محامي الدفاع، علي البجاوي، إن "قوة أمنية لم تعرف بنفسها قامت باختطاف موسى من أمام مكتب الضبط بقصر قرطاج ودفعتها بشدة داخل السيارة الأمنية وقامت باقتيادها إلى جهة غير معلومة، ولم يتمكن المحامين من مقابلتها بإستثناء ممثل فرع هيئة المحامين بتونس".
أما بخصوص أسباب الإيقاف، أضاف المحامي أن "موسى تحولت مساء الثلاثاء، إلى مكتب الضبط التابع لمؤسسة رئاسة الجمهورية لإيداع طعن في الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين بتقسيم البلاد إلى أقاليم، لكن القائمين على مكتب الضبط رفضوا تسلم الوثيقة".
وتابع: "تمسكت موسي بحقها في الإيداع ولكن لم تتمكن فقامت بفتح هاتفها للبث المباشر ولكن مباشرة تم إيقافها"؛ فيما قال رئيس فرع المحامين بتونس، العروسي زقير، إنه "تم توجيه ثلاث تهم لعبير موسي وهي الاعتداء المقصود منه إثارة الهرج بالتراب التونسي ومعالجة معطيات شخصية دون إذن صاحبها وتعطيل حرية العمل".
وكشف المحامي زقير في حديثه لـ"عربي 21" أن "التهم خطيرة وخاصة تهمة إثارة الهرج وعقوبتها كبيرة" مشيرا إلى أن "تهمة الاعتداء المقصود بها بث الهرج بالتراب التونسي جنائية وتصل عقوبتها إلى الإعدام وفق الفصل 72 من المجلة الجزائية".
إلى ذلك، سوف يتم الاستماع إلى عبير موسي أمام قاضي التحقيق بإنتهاء 48 ساعة طبقا للقانون باعتبارها محامية مباشرة للمهنة؛ في حين يطالب الدفاع بإطلاق سراحها فورا مؤكدين أنهم سيتقدمون بذلك طلبا للوكيل العام.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية تونس حقوق الإنسان تونس حقوق الإنسان عبير موسى سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحقوق والحریات عبیر موسی
إقرأ أيضاً:
الترقيات المبكرة.. مفتاح الاحتفاظ بالمواهب في سوق العمل المتغير
مؤخرًا، قرأت مقالًا مثيرًا للاهتمام بعنوان: “Research, to retain employees, promote them before the job market heats up”،( قم بترقية الموظفين، قبل أن تشتدّ حرارة سوق العمل)، والذي تناول بعمق قضية إدارة المواهب داخل المؤسسات، خاصة في ظل التقلبات الاقتصادية التي تؤثر على سوق العمل. المقال يسلِّط الضوء على أهمية الترقية الداخلية كأداة فعالة لتعزيز استقرار الموظفين وولاءهم للشركة، ويوضح كيف يمكن للمؤسسات الاستفادة من هذه الاستراتيجية لضمان استمرارية قوتها العاملة في مواجهة التغيرات الاقتصادية.
من أبرز الأفكار التي استوقفتني في المقال، هو مفهوم “مفارقة القابلية للتوظيف”، والذي يشير إلى أن ترقية الموظف، قد تجعله أكثر ارتباطًا بالمؤسسة، لكنها في الوقت نفسه، تزيد من جاذبيته في سوق العمل، ممّا قد يدفعه إلى البحث عن فرص أخرى. ورغم هذا التناقض الظاهري، فقد أظهرت الدراسة التي استند إليها المقال، إن توقيت الترقية يلعب دورًا محوريًا في تحديد مدى بقاء الموظفين في المؤسسة على المدى البعيد.
فقد أوضح المقال أن الموظفين الذين يحصلون على ترقية خلال الفترات التي يكون فيها سوق العمل مفضّلًا لأصحاب العمل، أي عندما يكون هناك فائض من المواهب المتاحة للتوظيف، يكونون أقل عرضة لمغادرة الشركة لاحقًا، عندما تتحول الظروف لصالح الباحثين عن عمل. بمعنى آخر، الترقية ليست مجرد تحسين في الراتب، أو العنوان الوظيفي، بل هي رسالة واضحة من الشركة لموظفيها، بأنها تقدِّرهم، وتؤمن بقدراتهم، ممَّا يعزّز لديهم الإحساس بالأمان الوظيفي والانتماء للمؤسسة.
أحد الجوانب اللافتة التي أشار إليها المقال، هو أن الموظفين الذين تمت ترقيتهم داخليًا، لم يكونوا فقط أكثر ولاءً للمؤسسة، بل كانوا أيضًا أكثر إنتاجية، وأداءً، مقارنة بمن تم توظيفهم من خارج المنظمة، لشغل نفس المناصب. فالموظفون الذين نشأوا داخل بيئة العمل، يعرفون ثقافة الشركة، ويتأقلمون معها بسرعة، ممّا يجعلهم أكثر قدرة على تحقيق نتائج إيجابية، وقيادة فرق العمل بفعالية.
من الدروس المهمة التي استخلصتها من المقال، هو ضرورة تبنِّي الشركات لنهج استراتيجي طويل الأمد في إدارة المواهب. بدلاً من الاعتماد على قرارات ترقيات متأثرة بالظروف الراهنة لسوق العمل، يجب على المؤسسات الاستثمار المستدام في تطوير موظفيها، ممّا يعزز ولاءهم ويقلل من مخاطر تركهم للشركة، خصوصًا في فترات الازدهار الاقتصادي، حيث تتزايد فرص الهجرة الوظيفية.
إن أهمية توقيت الترقية، لا تقل عن الترقية ذاتها، حيث ينبغي للشركات ترقية موظفيها عندما تكون الظروف الاقتصادية أكثر استقرارًا، وليس فقط عندما يصبح التوظيف الخارجي صعبًا. هذا النهج لا يعزز ثقة الموظفين في مستقبلهم الوظيفي داخل المؤسسة فحسب، بل يجنِّب الشركات التكاليف الباهظة الناتجة عن فقدان المواهب، والاضطرار إلى إعادة التوظيف والتدريب.
كنت قد كتبت سابقًا عن تسرُّب المواهب من الشركات، وكيف تعاني المؤسسات من فقدان موظفيها بعد استثمارها في تطويرهم، وهو تحدٍّ كبير يواجه العديد من القطاعات. من وجهة نظري، إذا بدأت الشركات في تبنِّي هذا النهج المتمثل في إعطاء الأولوية للترقيات الداخلية في الوقت المناسب، فإنها ستتمكن من تقليل معدلات التسرُّب الوظيفي بشكل كبير، ممَّا سيؤدي إلى تحّسين الأداء العام للمؤسسة، ويخلق بيئة عمل أكثر استقرارًا تعزِّز الإنتاجية والنجاح المستدام.
jebadr@