أذربيجان.. خليط الحضارات والمتناقضات
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
باكو- في واحد من المطاعم الشهيرة بالعاصمة الأذربيجانية باكو، وقفت المطربة تؤدي بعض الأغاني بلغة بلادها القريبة إلى التركية، لكنها ما لبثت أن تحولت إلى الغناء بالروسية، ما بدا أنه تقليد معتاد في كثير من الأماكن السياحية، حتى إن قوائم الطعام تكتب باللغتين الأذرية والروسية، وأحيانا تضاف الإنجليزية.
ويلاحظ الزائر لأذربيجان، لا سيما إذا كانت زيارته الأولى، ملامح الماضي السوفياتي في هذا البلد الذي كان ضمن جمهوريات الاتحاد السوفياتي لأكثر من 70 عاما، قبل أن يستقل في 1991، بعد انهيار الاتحاد في عهد ميخائيل جورباتشوف.
ورغم أنها حسمت مؤخرا أكبر مشكلات هذا الإرث السوفياتي، بعد ضمها رسميا لإقليم ناغورني قره باغ، الذي تنازعته مع أرمينيا لأكثر من 30 عاما، وخاضت حربين سقط فيهما عشرات الآلاف؛ فإن الماضي السوفياتي يبدو حاضرا بقوة، في الشوارع والمباني، وحتى في المعاملات اليومية.
لم تخرج أذربيجان تماما من عباءة الإرث السوفياتي، وإن كانت تحاول، فالعديد من المباني لا تزال تحتفظ بالطراز السوفياتي، كما أن آثار الوجود الروسي السابق ورموزه وثقافته، ظاهرة بشكل ملحوظ في الشوارع، إلى جانب العمارة التي يغلب عليها الطابع الإسلامي، لا سيما في الجزء الذي يحمل اسم المدينة القديمة في العاصمة.
عدد غير قليل من الأذريين يتحدثون الروسية، في الفنادق والمطاعم والأماكن السياحية، كما أن الروس موجودون في كل مكان، وهناك القليل -أيضا- ممن يتحدثون اللغة العربية، حيث أصبحت هذه الدولة شاهدا على تعاقب وتفاعل العديد من الحضارات والثقافات التي مرّت عليها؛ مثل: الزرادشتية والساسانية والعربية والفارسية والعثمانية، وأخيرا الروسية.
أبراج اللهب أو الشعلة في باكو تتكون من 3 مبان شاهقة يصل ارتفاعها إلى 190 مترا (الجزيرة)تحتوي باكو على مجموعة متنوعة من الأنماط المعمارية، يتقدمها برج "مايدن بن دافيد" الذي يعود تاريخه إلى القرن 12، إلى جانب المباني والقصور التابعة للعصر الإمبراطوري الروسي، كما أن هناك العديد من المباني التي بُنيت في باكو في مطلع القرن العشرين، التي تتميز بالتأثير الفيكتوري والغربي في تصاميمها.
والزائر للمدينة القديمة المسوّرة بحاراتها الضيقة، يلاحظ التشابه الكبير مع مدن عربية وإسلامية، حيث القصور المزخرفة والمزينة بآيات قرآنية مكتوبة بالخط العربي.
الاقتصاد والسياحة
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وإعلان أذربيجان استقلالها، تحولت إلى الاقتصاد النفطي، حيث تعدّ احتياطات النفط والغاز الضخمة عاملا رئيسا لازدهار الاقتصاد.
وحسب بيانات البنك الدولي، بلغ الناتج الإجمالي لأذربيجان في 2022 ما يزيد عن 78 مليار دولار، يبلغ نصيب الفرد منهم نحو 7700 دولار، بنسبة نمو 4.6%، بينما لا تزيد نسبة البطالة عن 5.5%.
طرز العمارة تتنوع في أذربيجان بين العصرية والتاريخية التي تعود إلى حضارات مختلفة (الجزيرة)وتعمل الحكومة منذ سنوات على زيادة العائدات غير النفطية، من خلال تشجيع النهوض بقطاع السياحة، فأذربيجان التي لم تكن قبل سنوات قليلة على خريطة السياحة العالمية، أصبحت اليوم مقصدا للسياح من مناطق عديدة، لا سيما روسيا وتركيا والعالم العربي، بعد أن هيأت بنيتها التحتية لذلك، وشجعت على الاستثمار في هذا القطاع المهم.
وإلى جانب العديد من الأماكن التاريخية التي تمثل حضارات وثقافات عدة، سواء في العاصمة باكو أو في غيرها من المدن، تتمتع أذربيجان بطبيعة خلابة، حيث المساحات الشاسعة من السهول الخضراء في وسط البلاد والجبال الشاهقة في الشمال، فضلا عن العديد من الغابات والبحيرات والأنهار، وهي طبيعة منحها لها موقعها الجغرافي في منطقة جنوب القوقاز بين غرب آسيا وشرق أوروبا.
وتعدّ المناطق التي استعادتها باكو من أرمينيا -خاصة شوشا وكلبجار ولاتشين في إقليم ناغورني قره باغ الغني بالغابات وعيون الماء العلاجي- من أكثر وجهات الجذب السياحي.
لكن يلاحظ أن هذا الوضع الاقتصادي لم ينعكس بشكل كبير على حالة السكان، فرغم ثروتها الهائلة من النفط والغاز، واهتمامها خلال السنوات الأخيرة بجذب السياحة؛ فإنه يمكن رؤية بيوت الصفيح في مناطق عدة من العاصمة، كما أن البنية التحتية لا تعبّر عن هذا الثراء، حتى إن سائق الأجرة ضحك عندما سألته عن سر ذلك قائلا، "لدينا أماكن لو رأيتها لاستغربت أكثر من ذلك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العدید من کما أن
إقرأ أيضاً:
الرئيس الإماراتي يلتقي شيخ الأزهر في باكو
باكو – استقبل الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، حيث أكد الجانبان أهمية دور القادة الدينيين والمؤسسات الدينية في تعزيز وعي خطورة التغير المناخي.
وجاء الاجتماع بين الشيخ محمد بن زايد وشيخ الأزهر، مساء الاثنين، على هامش الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29)، في باكو عاصمة أذربيجان.
وحسب وكالة الأنباء الإماراتية “وام”، تناول اللقاء الذي جرى في مقر إقامة صاحب رئيس الإمارات في مدينة باكو العلاقات بين دولة الإمارات والأزهر الشريف والتعاون بين الجانبين في مجال تعزيز الحوار والتفاهم على المستويين الإقليمي والدولي.
كما تطرق اللقاء إلى مؤتمر “COP29” والدور المهم لرجال الدين والمؤسسات الدينية في تعزيز وعي خطورة التغير المناخي بجانب أهمية الحفاظ على البيئة وضرورة دفع العمل المناخي الدولي إلى الأمام لمصلحة البشرية وحماية لكوكب الأرض من المخاطر التي يتعرض لها.
من جهته، أعرب الشيخ محمد بن زايد عن تقديره للدور الحضاري الذي يقوم به الأزهر الشريف على المستوى العالمي خاصة في مجال نشر الوسطية والتعايش، فيما شكر شيخ الأزهر الرئيس الإماراتي للدعم الذي تقدمه دولة الإمارات إلى الأزهر والدور الذي يقوم به، مشيدا بنهج الإمارات الإنساني في المنطقة والعالم.
وفي بيان له حول هذا اللقاء، قال الأزهر عبر منشور في حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، إن الإمام الأكبر أكد عمق العلاقات التي تربط الأزهر بدولة الإمارات، ودور الشيخ محمد بن زايد في دعم جهود الأزهر العالمية، ودعم العديد من المبادرات المشتركة، وفي مقدمتها مبادرة مجلس حكماء المسلمين، مشيدا بالنهج الإنساني لدولة الإمارات العربية المتحدة ورعايتها للكثير من الفعاليات والمشاريع العالمية في مجالات التسامح والإخاء الإنساني.
المصدر: “وام” + RT