جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-20@02:31:25 GMT

شراءُ الضمائر والذّمم

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

شراءُ الضمائر والذّمم

 

د. صالح الفهدي

 

إنّها لمأساة أن يصل مرشّحٌ إلى مجلس الشورى عبر شراء الضمائر والذّمم، ثم يُسائل مسؤولًا عن إجراءاتٍ غير سليمة، أو قوانين عقيمة، أو انتهاكات لمسؤوليات، أو إخلالٍ بواجبات، وهو وحده جاء إلى المجلس عبر الدرهم والدينار!!

كيف يمكنُ تقبُّل أمر الشورى (الديمقراطية) التي يفترضُ أن تكون نزيهةً قائمةً على الكفاءة في الترشيح، والأمانة في الترشُّح؟ كيف سيكون وجهُ هذا العضو الذي جاء برشوةٍ دفعها، وحاجةٍ لفقيرٍ استغلّها؟ ثم يدّعي أنه ينافحُ من أجل حقوق الناس، والمطالبة بمصالحهم، وإضافة صلاحياتٍ للمجلس!

نحنُ في الحقيقة أمام تناقضات تشكّل مؤشرات مُقلقة، فقد ظننا أننا وبعد أكثر من ثلاثين عامًا من إنشاء مجلس الشورى (عام 1991) أن الثقافة المجتمعية قد نضجت، وأن أفراد المجتمع لن يتحيّزوا لا لفلانٍ من القبيلة، ولا لمن يدفعُ أكثر!! وظننا أن الأعضاء المرشحين سيكونون على درجةٍ عاليةٍ من النزاهة والأمانة لكي يصلوا إلى المجلس وضمائرهم نقية كمثل ثيابهم البيضاء.

لكن القصص التي يرويها بعض أعضاء مجلس الشورى أنفسهم في وسائل الإعلام المختلفة تقدّم أدلّة على أن الثقافة العامة لا تزال بحاجةٍ إلى نضج ووعي، وأن الكثير من المرشحين إلى مجلس الشورى لا يعنيهم سوى أن يصلوا بأيّ ثمنٍ كان، إلّا من كان صاحب ضميرٍ حيٍّ، ونفس متجرّدة من المصالح الضيّقة، التي لا يعني صاحبها إن فاز أو لم يفز بعضوية المجلس لكنه لن يشتري ذمةً وضميرًا فينكتُ ذلك نكتةً سوداء في سجلّ سمعته..!

يقول أحد أعضاء المجلس إنّ جماعةً جاؤوا إلى ممثلهم في مجلس الشورى يعاتبونه في عدم متابعة مصلحةٍ من المصالح فقال لهم: لقد أخذتم حقّكم عند ترشيحكم لي وقبضتم مبالغكم وليس لكم من حقٍّ تطالبونني به!! وهذا ردٌّ طبيعي لمن باع ذمّته وأمانته ببضعة ريالات، ولمن وصل بطريق غير مستقيم لعضوية الشورى!

أما أحد الأعضاء المرشحين لمجلس الشورى، فقد أشار إلى أنه تحدث إلى أحد المرشحين السابقين الذين لم يصلوا إلى المجلس بعد أن دفعوا 200 ألف ريال، معترفًا- حسب قول المرشّح- بأنّها كانت رشوة!!

يقفُ المجتمع اليوم أمام مسؤوليته أمام الله والتاريخ والوطن ليقرّر: هل يريدُ مجلس شورى به نسبة من الأعضاء وصلوا عن طريق شراء الذّمم والضمائر، في سبيل وجاهتهم، وقضاء مصالحهم؟ أم أنه يريد مجلسًا نزيهًا بكامله، بعيدًا عن المساومات المعوجّة، والإستغلال غير الأخلاقي لحاجات الناس؟

على المجتمع أن يقف اليوم أمام واجبات دينه الذي يفرضُ عليه أن يكون أمينًا على وطنه، فيترفّعُ عن الإرتشاء، ويربأ بضميره من أن يُشترى ببضعة ريالات من أجل مرشّح لا همّ له سوى أن يحصل على لقب "سعادة" وربما معها لقب "الشيخ" وتبعاتها من الوجاهة، ليدخل بها إلى مصاف "الكبار"..؟! فالأمانة هي لبُّ الإيمان، يقول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" (مسند أحمد).

على المجتمع أن يقف اليوم ليقرر جدوى منح المجلس صلاحيات أوسع، فذلك يعتمدُ على اختياراته للأعضاء الأكفياء ليكونوا هم الأصلح والأجدر للتعامل مع المرحلة الحالية.

على المجتمع أن يقف اليوم ليقرر هل ينحاز إلى ابن قبيلته أو قريبه الذي لا يتمتع بالكفاءة والأهلية لعضو مجلس الشورى، أو ينحاز إلى المرشح الكُفء الذي يمثّله خير تمثيل نظرًا لكفاءته وجدارته؟

أعجبني كلام رجل بسيط، يقوله بعفوية وهو يهذّب عيدان العنب، ودون أي تصنع؛ إذ يتكلم وهو يقطّع الأعواد بقطّاعته، وكان محتوى كلامه واضحًا وصريحًا في أن على المجتمع أن لا ينحاز لا لابن عمٍ ولا لرفيق قبيلة ولا لقريب رحم، وإنما إلى الجدير والكُفء، فقبل أن يطالب المجتمع بتوسيع الصلاحيات عليه أن يبدأ بنفسه في اختيار الأصلح والأفضل من المرشحين.

كلامٌ لا يريدُ تصنعًا ولا ابتداعًا، وإن يريدُ عقلًا نظيفًا، ومنطقًا واضحًا، وضميرًا نقيًا، وحرصًا على الوطن ومستقبله، ونجاح مسيرة الشورى فيه، وفاءً لمن أرسى دعائمه السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه، ودعمًا لقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه لقيادة هذا الوطن العزيز.

على أنه إذا كان هذا واجب المجتمع، فإنّ على الجهات المسؤولة في الحكومة أن لا تسمح لهذه التجاوزات اللاوطنية، التي تمسُّ سمعة الشورى، وتضرُّ مساره؛ بل تفضح المرشّحين الذين سلكوا الطريق المعوجّ لشراء الذمم والضمائر ليرفعوا عقائرهم فيما بعد تحت قبة المجلس منادين بالقيم الوطنية العُليا، وليس الكشفُ عن هؤلاء صعبًا. حينها سيتوقف كل من انتهج هذا المسلك عن الرشوة وحيازة البطاقات الشخصية وغير ذلك مما يخالف مسيرة الشورى؛ بل ومواد القانون، ويعملُ على وصول أعضاء ليسوا أهلًا بعضوية مجلس الشورى، المجلس التشريعي الذي يفترضُ أن يرسم توجهات تتعلق بمستقبل الوطن.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مجلس الشورى يحيي الذكرى السنوية للشهيد 1446هـ

يمانيون../
نظمت الأمانة العامة بمجلس الشورى، الأحد، فعالية خطابية بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد 1446هـ تحت عنوان “شهداؤنا عظماؤنا”.

وخلال الفعالية أكد رئيس مجلس الشورى محمد العيدروس على أهمية الاحتفاء بهذه الذكرى لاستذكار تضحيات من قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الله ودفاعاً عن قيم الحرية والكرامة والاستقلال.

ولفت إلى تزامن هذه الذكرى مع ما يتعرض له الشعبان الفلسطيني واللبناني من حرب إبادة جماعية وعدوان غاشم من قبل الكيان الصهيوني وما يقابله من صمود واستبسال وتضحيات من قبل المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

وأكد العيدروس أن الشهداء الذين سالت دماءهم في اليمن وغزة ولبنان والصامدين في مواجهة الصلف الأمريكي الصهيوني هم من أثبتوا للعالم أن الشعوب المؤمنة بوعد الله قادرة على هزيمة قوى الاستكبار مهما عظمت التضحيات.

ونوه إلى أن قوافل الشهداء التي قدمت ليست مجرد أرقام، أو أسماء بل صنعت معادلات النصر ورسمت مسيرة الكفاح من أجل الحرية والكرامة، لافتاً إلى أن العدوان الذي يستهدف اليمن وغزة ولبنان جزء من مخطط واسع لإخضاع الشعوب الحرة لهيمنة قوى الاستكبار والصهيونية العالمية.

واستنكر رئيس مجلس الشورى الموقف العربي الرسمي المخزي وخروج ما سميت بالقمة العربية والإسلامية ببيانات شجب وإدانة هزيلة، مؤكداً أن مثل تلك المواقف المخزية لن تزيد الشعوب الحرة إلا إصراراً على الكفاح ومواصلة دعم القضية الفلسطينية حتى تحرير الأراضي المحتلة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

من جانبه أشار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء العلامة محمد مفتاح إلى أن أعداء الوطن عمدوا إلى تدمير قدرات الشعب اليمني سيما الدفاع الجوي قبل شن العدوان الغاشم الذي استهدف كل مرافق الحياة بهدف إخضاعه والسيطرة عليه.

وأوضح أن الأوفياء من أبناء الوطن تمكنوا من استعادة وتفعيل جزء من تلك القدرات الدفاعية وقطعوا شوطاً فاعلاً تجلى أثره في اسقاط الطيران التجسسي فخر الصناعة الأمريكية.

واعتبر العلامة مفتاح أن ما كان مخطط لليمن أفشله الله بدماء الشهداء والجرحى والأسرى والمرابطين في الجبهات، وأن الله شرف اليمن في زمن الخنوع بحمل راية مواجهة الطاغوت الأمريكي.

وأكد أن الشعب اليمني كما تمكن بكل إباء وشجاعة من كسر الهيمنة والغطرسة الأمريكية وضرب حاملات طائرتها ومدمراتها فهو قادر بفضل الله أن يضرب وبالوتيرة نفسها غواصاتها في أعماق البحار.

وحيا النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء أسر الشهداء لما قدمته من تضحيات، حاثاً على استشعار المسؤولية أمام تلك التضحيات التي قدمت في سبيل تحقيق الانتصار والعزة والكرامة.

وفي الفعالية التي حضرها نواب رئيس مجلس الشورى محمد الدرة، وعبده الجندي وضيف الله رسام، وعضو رابطة علماء اليمن العلامة عبد الرحمن الوشلي وعدد من أعضاء مجلس النواب وأمين عام مجلس الشورى على عبد المغني ونائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات اللواء عبد القادر الشامي ومستشار وزارة الدفاع اللواء علي الكحلاني، ألقيت كلمات عن أسر الشهداء لعضو المجلس عبد العزيز الرميمة، وعن أمهات الشهداء لعضو المجلس فاطمة محمد، ولمدير مؤسسة الشهداء بالأمانة محمد العفيف، أشارت إلى أهمية مواصلة السير على درب الشهداء في سبيل العزة والكرامة.

ودعت إلى إيلاء أسر الشهداء والجرحى الاهتمام الذي يليق بالتضحيات التي قدموها وما صنعوه من مجد وتاريخ للأمة.

واستعرضت نماذج لعدد من الأمهات اللائي استقبلن أنباء استشهاد أبنائهن بكل عزة وفخر، مبينة أن الله أعز بدماء الشهداء اليمن، وجعله أول من يقصف تل أبيب، ويذل أمريكا، ويطرد بوارجها ومدمراتها من بحار المنطقة المدنسة منذ مئة عام.

مقالات مشابهة

  • "الشورى" يوافق على تعديل عدد من مواد نظام مهنة المحاسبة والمراجعة
  •  رئيس مجلس الشورى ونائبه الدرة وعدد من أعضاء المجلس يزورون ضريح الرئيس الصماد
  • مجلس الشورى يعقد جلسته العادية العاشرة من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة
  • "الشورى" يطالب بالتوسع في استخدام أجهزة التحكم المروري للحد من الحوادث
  • “النويري” يشارك في نقاشات الاجتماع البرلماني الذي ينظمه الاتحاد البرلماني الدولي
  • العيدروس يهنئ رئيس مجلس الشورى العماني بالعيد الوطني للسلطنة
  • مجلس الشورى يحيي الذكرى السنوية للشهيد 1446هـ
  • الهيئة العامة لمجلس الشورى تعقد اجتماعها الرابع من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة
  • «مكتب الشورى» يستعرض الردود الوزارية وتقارير اللجان
  • مجلس الشورى.. مسيرة مضيئة من العمل التشريعي تحقيقا لمتطلبات العمل الوطني وتطلعات المواطنين